وللامانة قرأت التالي
- اقتباس :
- قصة طائر خطف طفلاً من أبيه وخدع 10 ملايين في يومين
لندن - كمال قبيسي
موقع "يوتيوب" يرحّب بأي فيديو يسلّي زواره كما تقبل الورقة
البيضاء أي كلام نكتبه عليها، ويوم الثلاثاء الماضي فاجأ الموقع ملايين
المبحرين فيه بفيديو ضرب الرقم القياسي ونزل عليهم كهدية بعيد الميلاد، فهو
مثير أكثر مما ينبغي، وفيه يظهر طائر "العقاب" محلقاً لثوانٍ، ثم انقض
فجأة على طفل كان قرب أبيه في حديقة بمونتريال وانتشله بمخالبه وطار به
كسندويتش على الغداء.
الفيديو أدهش أكثر من 10 ملايين شاهدوه حتى صباح اليوم، وقد يصبحون 20
مليوناً في المساء، لأن الكثيرين وضعوا نسخاً منه في قنوات لهم على
"يوتيوب" أيضاً، وكل نسخة جذبت بدورها مئات الآلاف، لكن المتأمل فيه سيجد
أن واضعه في الموقع مازال في بداية احترافه للتزوير، أو أنتجه لسبب آخر. مع
ذلك، خدع حتى صديق صحافي اتصلت به "العربية.نت" ويقيم في مونتريال نفسها،
ولم ينتبه لأكثر ما يثير الشك فيه.
قال الصديق فجر اليوم الأربعاء - وكان الوقت مازال منتصف الليل هناك - إن
الطقس بالمدينة المقيم فيها منذ 9 سنوات تقريباً، مكفهر منذ أيام "والسماء
ملبدة بالغيوم والحرارة صفر أو تحته والثلوج علينا ومن حولنا منذ أسبوع"،
بحسب ما أكد عبر الهاتف. كذلك لم تكن "العربية.نت" في حاجة لمراجعة طقس
مونتريال، فالشمس في شتائها مقترة كبخلاء الجاحظ.
الشمس ساطعة والسماء زرقاء في عز الشتاء أما في الفيديو فنرى السماء زرقاء والشمس
ساطعة على الحديقة، والوقت صيف بالتأكيد، لذلك فالشريط مزوّر بوضوح، ما
يؤكد أن التصوير تم الصيف الماضي. كما لا نرى الطفل يقوم بأي حركة حين
تقريب لقطة انتشاله، بل ارتطم بأديم الحديقة كدمية من مطاط حين تخلى عنه
العقاب، ولا نراه يهوي كجسد، ثم لماذا لم يسرع ملتقط الفيديو نفسه لمساعدة
الأب بدلاً من التقاط الصور؟
وكتب واضع الفيديو MrNuclearCat في قناته على "يوتيوب" عبارتين بالإنكليزية
والفرنسية كشرح عن الشريط، فذكر أن الحادث كان في مونتريال، والطائر هو
العقاب الذهبي، أو golden eagle كما سمّاه، وهو من أخطر الجوارح، وأحياناً
أخطر من النسر، لذلك لقبه الإغريق القدماء باسم "خريس أتيوس" أو ملك
الطيور، فطوله يصل إلى 85 سنتيمتراً، وجناحاه إذا فردهما يمتدان مترين وربع
المتر كمعدل، وهو غدار، طبقاً لما قرأت عنه "العربية.نت" من معلومات.
وراجعنا صحف كندا ومواقع إخبارية فيها صباح اليوم، فذكر بعضها أن مركز NAD
للأبحاث، وهو أكاديمية لتعليم التصميم والمونتاج بمونتريال، أصدر بياناً
قال فيه إن الفيديو قد يكون من عمل طلاب فيه قاموا بمحاكاة "ديجيتال"
وثلاثية الأبعاد لمشهد عن لعبة شبيهة برضيع وأخرى لطائر جارح جعلوه يحلق
وينقض على الطفل وينتشله كما اللقمة السائغة.
خبيران في التصوير والطيور يشككان وسريعاً قام آلاف المشاهدين للشريط
بالتعليق، معبرين عن إعجابهم بفيديو مدته دقيقة واحدة، ولم يشكك به سوى عدد
قليل، فيما انخدعت به صحف ومحطات تلفزة في 5 قارات وأسرعت إلى بثه في
مواقعها على الإنترنت وعبر شاشاتها، ومنها عالمية مرموقة لم تبذل أي جهد
لتتأكد من حقيقته، برغم تعليقات شككت بشرعيته كشريط أصيل ومن فعل هواة
بالتزوير، فتلقت درساً.
بين المشككين عالم في الطيور، كما يبدو، ذكر أن خاطف الطفل ليس "العقاب
الذهبي" بل قريب من عائلته، وهو Eastern Imperial Eagle أو "العقاب الملكي
الشرقي" الذي اطلعت "العربية.نت" على معلومات عنه توحي بأنه ليس "نشالاً"
للقمة العيش، بل يحصل عليها بالصيد الرشيق، وهو على شيء من التهذيب يجعله
حتى أليفاً، ونادر جداً يكاد ينقرض ويستحيل وجوده في كندا.
أيضاً بين المعلقين خبير في المحاكاة عبر التصوير، فذكر أنه مزوّر، وشرح
تعقيدات أحدها بأن ظل العقاب في بداية الثانية 11 بعيد جداً، وأصبح أسفله
تماماً في نهايتها، ثم تحدى نفسه بعبارة: "إذا لم يكن مزوّراً فأنا لا أفهم
شيئاً بما احترفته منذ 20 سنة، وسأستقيل من عملي"، كما قال.. بالتأكيد
استمر "ماكس هيرم" ولم يستقل، وربما أغدقوا عليه المزيد من الهدايا في شهر
الأعياد