السلام عليكم يا أحبتي
أنا الفراشة هل تعرفونني؟
أنا أجمل الحشرات قاطبة، أجنحتي رقيقة وألواني جذابة.
نحن أمة كبيرة وأعدادنا كثيرة!!
لا تعجبوا من كلامي ألم تسمعوا قول الله تعالى :"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" 37 الأنعام
نعم, أعدادنا كبيرة.. ولكن أعمارنا قصيرة لا تزيد في الغالب عن أسبوع إذ أننا نتكاثر بأعداد هائلة فالفراشة تبيض في المرة الواحدة ما يقارب 500 بيضة على أغصان الشجر وأوراقه..
وتختلف الفراشة عن غيرها يا أحبتي في مراحل تكوينها.. فعند فقس بيضة الفراشة تخرج منها دودة زاحفة وتتغذى على بعض أوراق الشجر ثم في مرحلة أخرى تتوقف عن الطعام وتختار لها مكانا آمنا للتشرنق حول نفسها فتلتف حول نفسها آلاف المرات مفرزة سائلا رقيقا سرعان ما يتحول إلى خيط وينتج عن ذلك ما يقرب من 1500 مترا من الخيط مكونة حول جسمها الشرنقة وهي غلاف يكون حول الدودة كي تتحول بداخله إلى فراشة مكتملة وقد تستمر هذه الفترة من أسبوع إلى أسبوعين.
عندما يحين الوقتللخروج تنتفخ الشرنقة لتسهل عملية الخروج وتستمر هذه الحالة لساعات وبعدها تنفتح لتخرج منها فراشة بديعة الألوان رقيقة شفافة لها جناحان منقوشان برسومات رائعة وألوان بديعة و كل جناح يشبه الآخر بدقة متناهية
فليس على وجه الأرض جناح بدون نظام ولا تنسيق جميل لأنه من صنع خالق واحد عظيم لا مثيل لخلقه سبحانه الذي يقول:
" هُوَ اللهُالخَالَقُ البَارِئُ المُصَوِرُ لَهُ الأسماء الحُسنى يُسَبّحُ لَهُ مَا فيالسَّموَاتِ والأرض وَهُوَ العَزيُز الحَكيمُ" (الحشر:24
يتكون جسم الفراشة يا أحبتي من رأس وصدر وبطن وستة أرجل
وعلى الرأس قرنا استشعار وعينان وخرطوم مرن يسمى الأنبوب الماص يتم من خلاله امتصاص الرحيق.
إنني حشرة جميلة ونافعة ومفيدة هل تعرفون أن الحرير الطبيعي ينتج من الشرنقة التي تعيش فيها دودة القز قبل أن تصبح فراشة بالغة وكبيرة, كما أنني أثناء وقوفي على الأزهار لأتغذى برحيقها تلتصق برجلي حبوب اللقاح فأقوم بتوصيلها إلى الزهرة المجاورة وبذلك تتلاقح الأزهار لتعطينا ورودا جميلة رائحتها ذكية وعطرة.
أرأيتم يا أحبتي كم أنا جميلة ونافعة!! هكذا لابد أن تكونوا متعاونين ونافعين لغيركم..
إنني يا أحبتي أخاف من الظلام ولا أحبه مثلكم أحوم دائما حول النور وأرتاح له وهذا سر أن كثيرا من الفراشات تسقط في النار دون أن تدرك خطورتها فتحترق وما فعلت المسكينة هذا إلا بحثا عن النور وتلهفا عليه.
لقد ورد ذكري في القرآن الكريم في قول الله تعالى في سورة القارعة " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث" شبه الله سبحانه وتعالى الناس حينما يبعثون من ظلمة القبور يوم القيامة بالفراش المنتشر أتدرون لماذا يا أحبتي؟ لأننا بطبيعتنا عندما نخرج من الظلام إلى النور يخبط بعضنا بعضا وهكذا يكون الناس يوم القيامة.
وورد ذكري كذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (وما مَثَلي ومَثَل الناس إلا كفراشٍ يحوم حول النار ليقع فيه، فأنتم تريدون أن تقعوا في النار وأنا آخذ بحجزكم عنها) رواه مسلم.
والآن دعوني أحكي لكم هذه الحكاية..
عثر صبي على شرنقة فراشة في حديقة منزله، ففرح بها و أخذها الى بيته واحتفظ بها لبضعة أيام، لاحظ الصبي أن الشرنقة قد ظهرت بها فتحة صغيرة فجلس يراقبها بدهشة, فإذا به يرى جسم فراشة صغيرة بداخل الشرنقة وله ألوان بديعة .وجدها تكافح لتدفع بجسمها من خلال هذه الفتحة الصغيرة, فكان يبدو أمام الصبي أن الفراشة لم تقدر أن تخرج من الشرنقة، فظل يراقبها بكل شوق، متمنيا لو ستطاع مساعدتها, ولما بدا الأمر كما لو أن الفراشة عملت كل ما تستطيع ولم تقدر أن تتقدم عما وصلت إليه.. قرر الصبي أن يساعد تلك الفراشة, فأخذ مقصا وقص الجزء الباقي من الشرنقة, وساعدها لتخرج بمنتهى السهولة, لكنه لاحظ شيئا غريبا . لقد كان للفراشة جسم منتفخ وأجنحة ضامرة صغيرة!!
استمر الصبي يراقب الفراشة لأنه توقع أن تكبر أجنحتها وتتمدد وستكون قادرة في أية لحظة على تدعيم جسمها، الذي سيصغر فى نفس الوقت. لكن لم يحدث أي من الأمرين !!!
و قضت الفراشة بقية عمرها تزحف فى نفس المكان بجسد منتفخ وأجنحة مشوهة, ولم تستطع أبداً أن تطير كباقي الفراشات.
إن الأمر الذى لم يفهمه الصبي الطيب المتعجل، أن الفتحة الضيقة في الشرنقة والكفاح الشديد المطلوب من الفراشة لتخرج خلالها هو إلهام الله وهدايته لهذه الفراشة كي تدفع السوائل من جسمها إلى جناحيها حتى تصير جاهزة للطيران فور تحررها من الشرنقة
وصدق الله العظيم إذ يقول:"سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى"