تنتابه نوبة من التيه في بيداء الهواجس ، وخيطه الأبيض يسابق لعابه الكسير ، وفكرة فتاكة تأكل حشاه كما تأكل الحشرة الخبيثة جوف الثمرة ، ومع ذلك يثبت أمامها كالطود الراسخ يرمقها بعين حديدة نفاذة ، تتأجج في لحظها جمرات الكفاح المتأوه.
أنسجة العنكبوت تراقب سمعه خشية أن يري ، وتراقب كلماته خشية أن يأكل ، ومع ذلك فهو يغذيه الأمل ، ويحركه الرجاء .... تلوح الفكرة وطيفها العنكبوتي مع بروز جسده النحيف المضني الذي يكاد أن يضيع بين طيِّات برده الفضفاض .... وقد أشرأب دمعه أن يسيل مع نظرة متوهجة من موجة حياتية ضغطت على شرايين خياله ... يتململ من الجمر البارد ... وبين أصابعه تتساقط قطرات الماء فكلما تمسك بفكرة نسجت غيرها فكرة تطارده ، وتحتل جزء من تفكيره ، تعكر أعشاب عقله... يقابلها بمثالية رفيعة ، بين خيط الفجر ، وومضة الظلام ترتجف آماله ، وتشتعل مهجه على أمل النسيج العنكبوتي المطيف في وقت الظهيرة البارده ... سكت مع ظهيرة جديدة يضمد جرحه المملح ... يتساءل مع لوعة الأمل الذي يعذبه ؛ لأنه ينتفض كالريشة في مهب الريح التي يكرهها كلما تذكره بنفسها ، يحاول أن يتناسها ولكن دون جدوى فهي مازالت عاكفة .........!!!!!!