عبد النبي : نعم أقر بذلك ، وهو واضح في القرآن الكريم .
عبد الله : فإذا كنت تقر أن من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في شيء وجحد وجوب الصلاة ، أو اقر بكل شيء إلا البعث ، فهو كافر حلال الدم و المال بإجماع المذاهب كلها ، و قد نطق القرآن به كما سبق ، فاعلم أن التوحيد أعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه و سلم و هو أعظم من الصلاة و الزكاة و الحج ، فكيف إذا جحد الإنسان شيئا من هذه الأمور كفر و لو عمل بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم ، و إذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر ! سبحان الله ! ما أعجب هذا الجهل !
و أيضا تأمل أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم حين قاتلوا بني حنيفة في اليمامة ، و قد أسلموا مع النبي صلى الله عليه و سلم و هم يشهدون أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ، و يصلون و يؤذنون .
عبد النبي : و لكنهم يشهدون أن مسيلمة نبي ، و نحن نقول : لا نبي بعد محمد صلى الله عليه و سلم .
عبد الله : و لكنكم ترفعون عليا رضي الله عنه أو عبد القادر أو غيرهما من الأنبياء أو الملائكة إلى رتبة جبار السماوات و الأرض ، فإذا كان من رفع رجلا إلى رتبة الني صلى الله عليه وسلم كفر ، و حل ماله و دمه ، و لم تنفعه الشهادتان و لا الصلاة ، فمن رفعه إلى رتبة الله جل جلاله من باب أولى ، و كذلك الذين حرقهم علي رضي الله عنه بالنار كلهم يدعون الإسلام ، و هم أصحاب علي رضي الله عنه و تعلموا العلم من الصحابة ، و لكن اعتقدوا في علي مثل اعتقادكم في عبد القادر و غيره ، فكيف أجمع الصحابة على قتلهم و كفرهم ؟ ، أتظن أن الصحابة يكفرون المسلمين ؟ ! ، أم تظن أن الإعتقاد في السيد و أمثاله لا يضر ، و الاعتقاد في علي رضي الله عنه يكفر ؟ .
و يقال أيضا : إذا كان الأولون لم يكفروا إلا لأنهم جمعوا بين الشرك ، و تكذيب الرسول صلى الله عليه و سلم و القرآن ، و إنكار البعث ، و غير ذلك فما معنى الباب الذي ذكره العلماء في كل مذهب " باب حكم المرتد " ، وهو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه ، ثم ذكروا أشياء كثيرة ، كل نوع منها يكفر ، و يحل دم الرجل وماله ، حتى إنهم ذكروا أشياء يسيرة عند من فعلها ، مثل كلمة في سخط الله يذكرها بلسانه دون قلبه ، أو يذكرها على وجه المزاح و اللعب ، و كذلك الذين قال الله تعالى فيهم : " قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " ، فهؤلاء الذين صرح الله أنهم كفروا بعد إيمانهم و هم مع رسوله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزاح .
و يقال أيضا : ما حكى الله عز و جل عن بني إسرائيل مع إسلامهم و علمهم و صلاحهم أنهم قالوا لموسى : (( اجعل لنا إلها )) ، و قول أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " إجعل لنا ذات أنواط ، فحلف النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا مثل قول بني إسرائيل : (( اجعل لها إلها كما لهم آلهة )).
عبد النبي : ولكن بني إسرائيل ، و الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط لم يكفروا بذلك .
عبد الله : و الجواب أن بني إسرائيل و الذين سألوا النبي صلى الله عليه و سلم لم يفعلوا ، و لو فعلوا ذلك لكفروا ، و أن الذين نهاهم النبي صلى الله عليه و سلم لو لم يطيعوه ، و اتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا .
عبد النبي : لكن لدي إشكال آخر ، وهو قصة أسامة بن زيد رضي الله عنهما حين قتل من قال " لا إله إلا الله " و إنكار النبي صلى الله عليه وسلم عليه و قوله : " يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله " ؟ ، و كذا قوله عليه الصلاة و السلام : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " فكيف أجمع بين ما قلت و بين هذين الحديثين ؟ أرشدني أرشدك الله ..
عبد الله : من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل اليهود و سباهم وهم يقولون : لا إله إلا الله ، و أن أصحابه قاتلوا بني حنيفة و هم يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و يصلون و كذلك الذين حرقهم علي رضوان الله عليه .
و أنت اقر أن من نكر البعث كفر و حل قتله و لو قال : لا إله إلا الله ، و أن من جحد شيئا من أركان الإسلام كفر و قتل و لو قالها ، فكيف لا تنفعه إذا جحد شيئا من الفروع ، و تنفعه إذا جحد التوحيد الذي هو أصل دين الرسل و رأسه ؟ ! ، و لعلك لم تفهم معنى هذه الأحاديث :
أما حديث أسامة : فإنه قتل رجلا ادعى الإسلام لأنه ظن أنه ما قالها إلا خوفا على دمه و ماله ، و الرجل المظهر للإسلام يجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك ، قال عز و جل : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " ، أي تثبتوا ، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه و التثبت ، فإن تبين بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل لقوله " فتبينوا " و لو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبت فائدة .
و كذلك الحديث الآخر : معناه ما ذكرناه ، و أن من أطهر التوحيد و الإسلام وجب الكف عنه ، إلا أن تبين منه ما يناقض ذلك ، و الدليل على هذا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم الـذي قال : " أقتلتـه بعـد مـا قـال : لا إله إلا الله ؟ ! " و قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله " هو الذي قال في الخوارج : " أينما لقيتموهم فاقتلوهم " ، مع أنهم أكثر الناس عبادة و تهليلا ، حتى إن الصحابة يحقرون أنفسهم عند رؤية عبادة هؤلاء ، و هم تعلموا العلم من الصحابة ، فلم تمنعهم لا إله إلا الله ، و لا كثرة العبادة ، و لا ادعاء الإسلام من القتل لما ظهر منهم مخالفة الشريعة .
عبد النبي : و ما قولك فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم : أن الناس يستغيثون بآدم ، ثم بإبراهيم ، ثم بموسى ، يم بعيسى ، فيعتذرون ، حتى تنتهي إلى محمد صلى الله عليه و سلم ، فهذا يدل على أن الإستغاثة بغير الله ليست شركا .
عبد الله : هذا خلط منك بحقيقة المسألة ، فالإستغاثة بالمخلوق الحي الحاضر على ما يقدر عليه لا ننكرها ، كما قال جل جلاله : " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " و كما يستغيث إنسان بأصحابه في الحرب و غيرها في أشياء يقدر عليها ، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي تفعلونها عند قبور الأولياء ، أو في غيبتهم ، في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله عز و جل ، و الناس يستغيثون بالأنبياء يوم القيامة ، يريدون منهم أن يدعو الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف ، وهذا جائز في الدنيا و الآخرة أن تأتي لرجل صالح يجالسك و يسمع كلامك وتقوى لله : ادع الله لي ، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يسألونه في حياته ، و أما بعد موته فحاشا و كلا ، فهم ما سألوه ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبر .
عبد النبي : و ما قولك في قصة إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار فاعترضه جبريل عليه السلام في الهواء ، فقال : ألك حاجة ؟ فقال إبراهيم عليه السلام : " أما إليك فلا " ، فلو كانت الإستغاثة بجبريل شركا لم يعرضها على إبراهيم ؟
عبد الله : هذه الشبهة من جنس الشبهة الأولى ، و الأثر غير صحيح ، ولو فرضنا صحته فإن جبريل عليه السلام عرض عليه أن ينفعه بأمر يقدر عليه فهو كما قال عز و جل فيه : (( علمه شديد القوى )) فلو أذن الله له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض و الجبال و يلقيها بالمشرق أو المغرب لما أعجزه ذلك ، و هذا كرجل غني عرض على محتاج أن يقرضه مالا ليقضي حاجته ، فأبى و صبر حتى يأتيه الله برزق لا منة فيه لأحد ، فأين هذا من استغاثة العبادة والشرك التي تفعل الآن ؟ ! .
و اعلم أخي أن الأولين الذين بعث إليهم سيدنا محمدا صلى الله عليه و سلم أخف شركا من أهل زماننا لأمور ثلاثة :
أحدها : أن الأولين لا يشركون مع الله غيره إلا في الرخاء ، أما في الشدة فيخلصون الدين لله ، بدليل قوله عز و جل : (( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون )) ، و قوله جل و علا : (( و إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد و ما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور)) ، فالمشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه و سلم يدعون الله و يدعون غيره الرخاء ، و أما في الشدة فلا يدعون إلا الله وحده ، و ينسون ساداتهم ، و أما مشركو زماننا فإنهم يدعون غير الله في الرخاء و الشدة ، فإذا ضاق أحدهم قال : يا رسول الله يا حسين و غيرهم ، و لكن أين من يفهم ذلك ؟ .
الثاني : أن الأولين يدعون مع الله أناسا مقربين عنده ، إما نبيا ، أو وليا ، أو ملكا ، أوعلى الأقل حجرا أو شجرا يطيع الله و لا يعصيه ، و أهل زماننا يدعون مع الله أناسا من أفسق الناس ، و الذي يعتقد في الصالح و الذي لا يعصي كالحجر و الشجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه و فساده .
الثالث : أن جملة مشركي زمن النبي صلى الله عليه و سلم إنما كان شركهم في توحيد الألوهية و لم يكن في توحيد الربوبية ، خلافا لشرك المتأخرين ، فإن الشرك واقع بكثرة في الربوبية ، كما أنه واقع في الألوهية كذلك ، فهم يجعلون الطبيعة مثلا هي المتصرف في الكون من الإحياء والإماتة .... إلخ .
و لعلي أختم كلامي بذكر مسألة عظيمة تفهم مما تقدم ، وهي أنه لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون باعتقاد القلب ، و قول اللسان ، و فعل الأسباب بعمل الجوارح ، فإن اختل شيء من هذا ، لم يكن الرجل مسلما ، فإن عرف التوحيد و لو يعمل به، فهو كافر معاند ، كفرعون و إبليس .
و هذا يغلط فيه كثير من الناس و يقولون : هذا حق و لكن لا نقدر أن نفعله ، و لا يجوز عند أهل بلدنا و بني قومنا ، و لا بد من موافقتهم و مداهنتهم خوفا من شرهم ، و لم يعرف المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق و لم يتركوه إلا لشيء من الأعذار ، كما قال عز وجل : (( اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله ، إنهم ساء ما كانوا يعملون )) .
و من عمل بالتوحيد عملا ظاهرا و هو لا يفهمه و لا يعتقده بقلبه فهو منافق ، وهو شر من الكافر الخالص ، قوله جل و علا : (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا )) .
و هذه المسألة تتبين لك واضحة إذا تأملتها في ألسنة الناس فترى من يعرف الحق و يترك العمل به لخوف نقص دنياه كقارون ، أو جاهه كهامان ، أو ملكه كفرعون .
و ترى من يعمل به ظاهرا لا باطنا كالمنافقين ، فإذا سألته عما يعتقده بقلبه فإذا هو لا يعرفه .
و لكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله عز و جل :
الآية الأولى : ما تقدم ، وهي قوله عز و جل : (( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) فإذا علمت أن بعض الذين غزوا الروم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه اللعب و المزاح ، تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفا من نقص مال ، أو جاه ، أو مداراة لأحد ، أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها ، لأن المازح في الغالب لا يعتقد في قلبه ما يقوله بلسانه لإضحاك القوم ، أما الذي يتكلم بالكفر ، أو يعمل به خوفا أو طمعا فيما عند المخلوق ، فقد صدق الشيطان بميعاده ((الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشـاء )) ، و خاف من وعيده : (( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه )) ولم يصدق الرحمن بميعاده : " و الله يعدكم مغفرة منه و فضلا " و لم يخف من وعيد الجبار : (( فلا تخافوهم و خافون )) ، فهل يستحق من هذه حاله أن يكون من أولياء الرحمن أم من أولياء الشيطان ؟ ! .
الآية الثانية : قوله تعالى : " من كفر بالله من بعد إيمانه ، إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم " فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئنا بالإيمان ، أما غيره فقد كفر سواء فعله خوفا ، أو طمعا ، أو مداراة لأحد ، أو مشحة بوطنه أو أهله و عشيرته ، أو ماله ، أو فعله على وجه المزاح ، أو لغير ذلك إلا المكره ، فإن الآية تدل على أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام و الفعل ، و أما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد ، وقوله تعالى : ((ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة و أن الله لا يهدي القوم الكافرين )) ، فصرح أن العذاب لم يكن بسبب الإعتقاد ، و الجهل و البغض للدين ، أو محبة الكفر ، إنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا ، فآثره على الدين ، و الله أعلم .
و بعد هذا كله ألم يأن لك ـ هداك الله ـ أن تتوب إلى ربك و تعود إليه و تترك ما أنت عليه ، فإن الأمر كما سمعت جد خطير ، و المسألة عظيمة و الخطب جلل .
عبد النبي : أستغفر الله و أتوب إليه ، و اشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ، و قد كفرت بكل ما كنت أعبده من دون الله ، و أسأل الله أن يعذرني عما سبق ، و أن يصفح عني ، و أن يعاملني بلطفه و مغفرته و رحمته ، و أن يثبتني على التوحيد و العقيدة الصحيحة حتى ألقاه ، و أسأله أن يجزيك ـ يا أخي عبد الله ـ خيرا على هذا النصح ، فإن الدين النصيحة ، و على إنكارك ما أنا عليه ، وهو اسمي عبد النبي ، و أخبرك بأني سأغيره إلى اسم ( عبد الرحمن ) ، و على إنكار المنكر الباطن الذي كنت عليه و هو المعتقد الضال الذي لو لقيت الله و أنا عليه لما أفلحت أبدا .
و لكن أريد أن أطلب منك طلبا أخيرا و هو أن تذكر لي بعض المنكرات التي كثر غلط الناس فيها .
عبد الله : لا بأس ، فأرعني سمعك :
* إياك أن يكون شعارك فيما اختلف فيه من كتاب أو سنة إتباع المختلف فيه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله ، و في الحقيقة لا يعلم تأويله إلا الله ، و ليكن شعارك شعار الراسخين في العلم ، الذين يقولون في المتشابه : آمنا به كل من عند ربنا ، و في المختلف فيه ، قول الرسول صلى الله عليه و سلم : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " رواه احمد و الترمذي ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم : " فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه و عرضه ، و من وقع في الشبهات وقع في الحرام " متفق عليه ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم : " و الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس " رواه مسلم ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم " استفت قلبك و استفت نفسك ـ ثلاث مرات ـ البر ما اطمأنت إليه النفس و الإثم ما حاك في النفس و تردد في الصدر و إن أفتاك الناس و أفتوك " .
* إياك و اتباع الهوى فإن الله قد حذر من ذلك بقوله عز و جل : (( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )) .
* إياك و التعصب للرجال و الآراء ، و ما كان عليه الآباء ، فإنه يحول بين المرء و بين الحق ، فإن الحق ضالة المؤمن أينما وجده فهو أحق به ، قال عز و جل : (( و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون )) .
* إياك و التشبه بالكفار ، فإنه رأس كل بلية ، قال صلى الله عليه و سلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود .
* إياك أن تتوكل على غير الله : فقد قال عز و جل : (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) .
* لا تطع أي مخلوق في معصية الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .
* إياك و سوء الظن بالله ، فإنه عز و جل قال في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي " متفق عليه .
* إياك و لبس الحلقة أو الخيط و نحوهما ، لدفع البلاء قبل أن يقع ، أو رفعه إذا وقع .
* إياك و تعليق التمائم لدفع العين ، فإن شرك قال صلى الله عليه و سلم : " من تعلق شيئا وكل إليه " رواه أحمد و الترمذي .
* إياك و التبرك بالأحجار و الأشجار و الآثار و البنايات ، فإنه شرك .
* إياك و التطير و التشاؤم من أي شيء ، فإنه شرك ، قال صلى الله عليه و سلم " الطيرة شرك ، الطيرة شرك " ثلاثا ، رواه احمد و أبو داود .
* إياك و تصديق السحرة و المنجمين الذين يدعون علم الغيب ، و يظهرون الأبراج في الصحف ، و سعادة أو تعاسة أصحابها ، و تصديقهم في ذلك شرك ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله .
* إياك و نسبة نزول المطر إلى النجوم و الفصول ، فإنه شرك ، و إنما ينسب لله جل و علا .
* إياك و الحلف بغير الله أيا كان المحلوف به فإنه شرك ، و قد جاء في الحديث : " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " رواه أحمد و الترمذي ، كالحلف بالنبي ، أو بالأمانة ، أو بالعرض ، أو بالذمة ، أو بالحياة .
* إياك و سب الدهر ، و سب الريح ، أو الشمس ، أو البرد ، أو الحر ، فإنها مسبة لله الذي خلقها .
* إياك و كلمة ( لو ) إذا أصابك مكروه فإنها تفتح عمل الشيطان ، و فيها اعتراض على قدر الله ، و لكن قل : قدر الله و ما شاء فعل .
* إياك و اتخاذ القبور مساجد ، فإنه لا يصلى في مسجد فيه قبر ، و قد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال وهو في سكرات الموت " لعنة الله على اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا قالت عائشة : و لولا ذلك لأبرزوا قبره " متفق عليه ، و قال صلى الله عليه و سلم : " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم و صالحيهم مساجد ، فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " أخرجه أبو عوانة.
* إياك و تصديق الأحاديث التي ينسبها الكذابون إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحث على التوسل بذاته أو بالصالحين من أمته وهي أحاديث موضوعة مكذوبة عليه ، و منها : " توسلوا بجاهي ، فإن جاهي عند الله عظيم " ، و منها : " إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور " ، و منها : " إن الله يوكل ملكا على قبر كل ولي يقضي حوائج الناس " ، ومنها : " لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه " ، و غيرها كثير .
* إياك و الإحتفال بما يسمى بالمناسبات الدينية مثل المولد النبوي ، و الإسراء و المعراج ، و ليلة النصف من شعبان ، و غيرها ، فهي محدثة لا دليل عليها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا صحابته الذين يحبون الرسول أكثر منا ، و يحرصون على الخيرات أشد منا ، و لو كان ذلك خيرا لسبقونا إليه .
هذا الموضوع نقلته كتابة من كتاب تفسير للقرآن الكريم أخذ من كتاب زبدة التفسير، و قد ضمن هذا الكتاب في آخره أحكام تهم المسلم و هذا الحوار الهادئ ، و لما وجدت في هذا الأخير بعد قراءته من قيمة و فائدة عظمى ليس فقط في ما تضمنه من شرح و تبيان لمعاني التوحيد الحقة ، و لكن أيضا أعجبت بطريقة إيصال المعلومة و ما نستطيع أن نستفيد منه حول طريقة الدعوة إلى الله بإيجاد وسيلة لإقناع كل عنيد متشبث برأيه بالتي هي أحسن بالحجة و الدليل من القرآن و السنة ، و بسعـة الصدر و الصبر و هذا ما يحتاج إلى معرفته كل داعية ، فأرجو أن تستفيدوا منه كما استفدت و بالله التوفيق .
أرجـوك أخي و أرجوكي أختي لا تستعجل و لا تستعجلي الرد : اقرؤوا بروية حتى لو استغرق قراءته اسبوع او اكثر فالأهم الإفـادة و الإستفادة و ليس الردود بارك الله فيكم و جزاكم كل خير