عضو بـ"الرقابة الإدارية": رئيس الهيئة تستر على فساد مبارك وابنيه جريدة الشعب الجديد - حوار: أحمد شعير
تستر على زكريا عزمى حتى تمكن من حرق أوراق ومستندات إدانته
حجب عن النيابة العامة معلومات عن قضايا فساد رجال أعمال ومسئولين كبار
لم يقدم تحريات دقيقة عن وزير حالى تحوم حوله الشبهات
تستر على مخالفات ورشاوى عدد من المحافظين ولم يبلغ بها النيابة
عضو بالمجلس العسكرى من أكبر مهربى السولار المدعوم.. ورئيس الهيئة لم يتحرك!
قدم ضابط مستقيل من هيئة الرقابة الإدارية، أمس، بلاغًا إلى النائب العام تضمن كشف وقائع رشوة وسرقة مال عام تستر عليها رئيس الهيئة ولم يُحِلْها إلى النيابة العامة.. هذا هو ملخص البلاغ الذى قدمه إلى النيابة المقدم معتصم محمد فتحى العضو المستقيل من هيئة الرقابة الإدارية. وتضمن البلاغ وقائع فساد.
(الشعب) التقت هذا الضابط لتعرف مزيدًا من المعلومات حول ما تضمنه بلاغه من وقائع فساد، فكان هذا الحوار:
ما مضمون البلاغ؟
تقدمت إلى النيابة بالبلاغ رقم 2248 لسنة 2012 الذى يتضمن اتهامات ضد رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أتهمه فيه بالتستر على فساد عدد من كبار المسؤولين فى الدولة والجهات السيادية. وتضمن البلاغ حماية رئيس الهيئة، طوال فترة توليه عمله منذ عام 2008 إلى الآن مسئولين سابقين وبعض رجال الأعمال الموالين للنظام السابق، وأعضاء بالحزب الوطنى، وتقاعس متعمدًا عن تقديم الأدلة والإثباتات ضد عناصر النظام السابق من الفاسدين والمرتشين، بل ساعدهم بخيانته الأمانة وتزويره الحقائق وعدم تقديمها للعدالة واشترك معهم فى تلك الجرائم بإخفاء أدلة الإثبات والتراخى فى تقديمها إلى جهات التحقيق؛ ما أدى إلى هروب الملايين من الجنيهات التى استولى عليها هؤلاء المسئولون، كما تعمد تأخير التحريات التى تطلبها جهات التحقيق فى بعض القضايا والبلاغات الهامة؛ ما أدى إلى ضياع حقوق الدولة وهروب مليارات الجنيهات خارج البلاد.
هل هناك أمثلة لذلك؟
نعم؛ فهو لم يقدم تحريات وأدلة كافية حول ممتلكات الرئيس المخلوع مبارك وابنيه، وعلاقات مبارك المشبوهة برجال أعمال فى مصر وخارجها، ووقائع استغلال النفوذ لصالح نجليه علاء وجمال، واكتفى بالرد على طلبات النيابة وعدم تقديم ما ورد إليه من معلومات، كما تعمد التباطؤ فى ضبط وقائع الفساد والأوراق التى تثبت تورط النظام السابق فى قضايا فساد؛ ما سهل تهريب الأموال إلى الخارج فى وقائع معلومة للكافة.
كما تعمد عدم تقديم الوقائع الخاصة بفساد الوزراء السابقين إلا بعد طلبها فقط من النيابة. وفى حالة عدم طلبها لا يجرى إرسالها إلى جهات التحقيق. والدليل على ذلك أنه ترك زكريا عزمى 40 يومًا يحرق ويفرم كل ما يخص تورط الرئيس وابنيه.
كما تعمد تقديم معلومات مغلوطة إلى الرئيس محمد مرسى ورئيس الوزراء حول وقائع فساد وزراء حاليين وسابقين، ورؤساء هيئات وشركات لا يزالون فى الخدمة، على الرغم من وجود تقارير وتحريات كاملة عن وقائع فساد خاصة بهم، وتعمد التستر وإخفاء وقائع الفساد وخيانة الأمانة فى عرض المعلومات على جهات التحقيق وعلى الدولة فى وقائع فساد خاصة بتورط 14 عضوًا بمجلس الشعب السابق فى قضية العلاج على نفقة الدولة، وأخفى وقعة رشوة محافظ سابق لجنوب سيناء ولم يقدمها إلى النيابة، فضلاً عن التستر على وقعة رشوة لمحافظ سابق لحلوان، ووقعة رشوة لمحافظ سابق للسويس، والتستر على وقعة تسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة لعضو مجلس شعب ووقعة رشوة بوزارة الإنتاج الحربى تخض مدير مكتب الوزير السابق سيد مشعل الذى تقاضى رشوة قيمتها 250 ألف جنيه.
كما تعمد التستر على مسئولين ومستشارين بالمجلس القومى للرياضة، والتستر على وقعة رشوة وفساد وغسل أموال لوزير الإسكان الأسبق، والتستر على وقعة رشوة قدمها رجل الأعمال محمد فريد خميس إلى نائبى رئيس مجلس الدولة؛ أحدهما استقال والثانى أُقيل. وساعد كذلك على التستر على أغلب رموز الفساد الموجودين الآن فى السجون، وكان يجب عليه أن يقدم الوقائع إلى النيابة بدون حذف، لكنه لم يفعل ذلك، وتأخر فى تقديم تلك الوقائع، وكانت الجهات النيابية تستاء من طمس الحقائق؛ لأنه كان يقدم بيانات لا تتضمن سوى اسم الشخص المطلوب التحرى عنه وعنوان سكنه فقط دون أن يقدم أية تحريات عن عمله أو ثروته أو سلوكه.
هل هناك وقائع أخرى؟
فى قضية فريد خميس، طلبت النيابة العامة التحريات حول الوقعة، لكن رئيس الهيئة رفض وانتظر 6 أشهر على الرغم من أن أعضاء الهيئة ضبطوا كل الوثائق فى مقر الشركة، إلا أنه لم يرسل التحريات إلى النيابة.
وهناك كذلك نحوى 40 وقعة فساد ورشوة وغسيل أموال تخص وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان وردت فى أكثر من 40 صفحة. وعندما قدمناها إلى رئيس الهيئة اختصرها فى 3 صفحات فقط. ولما قدمها إلى النيابة طلبت التحريات، لكنه لم يرسل تلك التحريات لمدة جاوزت 8 أشهر فاستدعتنى النيابة بوصفى أنا الذى أجريت هذه التحريات، لكنه ماطل فى الموافقة على مثولى أمام النيابة إلى أن أرسلت النيابة "فاكسًا" إلى مقر الهيئة تطلب حضورى للشهادة فى القضية.
هل هناك نماذج أخرى لتستر رئيس الهيئة على الفساد؟
نعم، هناك تخصيص قطعة أرض بمنطقة مميزة بالتجمع الخامس لزوج ابنة حسين سالم، وهو ضابط شرطة، مؤشر عليها من إبراهيم سليمان بالمخالفة للإجراءات القانونية والعدالة فى التوزيع. وهذا الضابط خُصِّصت 5 قطع له على الرغم من أن القانون لا يسمح سوى بقطعة واحدة، كما أن هناك عقد بيع شقتين من شركة سفنكس المملوكة لعماد ووجدى كرار لإبراهيم سليمان وابنته، وتخصيص 17 قطعة أرض لرجلى الأعمال وجدى كرار وعماد كرار بالتجمع الخامس، بالتخصيص المباشر من وزير الإسكان الأسبق، فضلاً عن بيع فندق ومبنى البولونيج بمارينا بالأمر المباشر وقطعتى أرض 100 فدان بالتجمع مقام عليها شركة باسم رويل مكسيم، والمقابل الذى ورد بالتحريات شقة طابقان سكنيان بالعقار الكائن بشارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة يطل على شارع صلاح سالم، وطابق للمرحوم عمر سليمان، وآخر لعلاء مبارك. وقد ذكر بالعقد أن قيمة الشقة 400 ألف جنيه فى حين أنه فى نفس العام تم بيع الطابق الأرضى بقيمة 7 ملايين جنيه للبنك الأهلى. وهذه المخالفات أنا الذى تحريت عنها وسلمتها إلى النيابة ولم تخرج من رئيس الهيئة.
هل هناك وقائع فساد حالية لم يقدمها رئيس الهيئة للنيابة العامة؟
نعم، يودع حاليًّا مسئولون كبار ملايين الجنيهات فى حسابات سرية، وهذه القضية مستمرة منذ 9 شهور، لكنه لم يأمر بالتحرى حول تلك الوقائع، ولم ينفذ إذن النيابة بضبط الوقعة؛ لأن بعض تلك الشخصيات على ارتباط بالمجلس العسكرى. هناك كذلك وقائع فساد لمديرى بعض الهيئات الكبيرة لم تقدم إلى النيابة حتى الآن.. وهناك وزير حالى ورد اسمه فى قضية المبيدات المسرطنة، وكان يجب أن تكون التحريات عنه صادقة؛ لمنع ترشحه للوزارة، لكن رئيس الهيئة لم يفعل.
ما مسؤولية رئيس الهيئة عن تقديم التحريات إلى النيابة؟
يتحتم على رئيس الهيئة أن يقدم التحريات الصادقة والأمينة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. بعض الوزراء والمحافظين الحاليين عليهم شبهات، وهناك رؤساء هيئات عليهم تحريات.. ومن صلب القانون تقديم التحريات عن شاغلى الوظائف العليا إلى النيابة. ومن الطبيعى عرض التحريات عرضًا أمينًا. وهناك مسئلون تدينهم التحريات ومع ذلك لا يزالون فى مناصبهم.. وهناك وقائع حدثت من مسئولين حاليين فى زمن سابق، وكان يجب التحقيق فيها، لكنها لم تقدم إلى النيابة.
لماذا بادرت بتقديم البلاغ الآن؟
نحن نبدأ عصرًا جديدًا، وينبغى أن تطول عملية التطهير الأجهزة الرقابية. وهناك من كان يحمى رؤساء تلك الهيئات. أما الآن فلا حماية لمقصر أو فاسد.. الآن ستظهر الملفات بعد خروج قيادات عسكرية كانت تحمى بعض رؤساء تلك الهيئات. لا يجب السكوت بتاتًا عن فساد؛ لأنه لا يضر المال العام فقط، بل يتعداه إلى الإضرار بمصالح الناس؛ فمثلاً هناك مشكلات تخص الكهرباء والمياه حاليًّا؛ فعندما يكون رئيس شركة فاسدًا ويحول محطة المياه من التشغيل بالغاز إلى السولار فتتكبد البلاد مبالغ كبيرة وتكون نتائج الأعمال بهذا السوء؛ ينبغى كشف الفساد. وعندما يكون فساد فى المياه، وتكون المياه غير صالحة للشرب؛ لأن هناك مسئولاً فاسدًا، فلا يجب السكوت ولا التستر على فساد هذا المسئول. والأمثلة كثيرة فى المستشفيات وتهريب الأدوية واللحوم الفاسدة وغيرها.
كيف يجرى اختيار رئيس الهيئة؟
جرت العادة أن يختاره رئيس الدولة. ويكون عادة قيادة عسكرية. وهذا أمر غير مقبول؛ فمن المفروض اختيار رئيس الهيئة من أقدم أعضائها ومن أبنائها لا من خارجها، كما لا بد من منح ضباط الرقابة الإدارية الحصانة وعدم عزلهم، وأن تقدم الهيئة تقاريرها مباشرة إلى مجلس الشعب، وأن يكون فى المجلس ممثل للهيئة؛ لأن تلك الهيئة فيها ضباط مدربون وجاهزون ينتظرون لحظة يرحل فيها الفلول ليخرجوا كل ما عندهم من طاقات حتى يمكن استرداد الأموال المهربة.
فى رأيك، من المسؤول عن تهريب تلك الأموال إلى الخارج؟
أتهم جميع من كان يحكم فى النظام السابق وسكت عن معلومة أو تحريات ولم يقدمها إلى النيابة فى حينها، وعلى الخصوص أحمد شفيق؛ لأنه من واقع منصبه كان يعلم كل شىء وسكت ولم يتحرك. هناك مسئولون تضخمت ثرواتهم تضخمًا غير طبيعى من بيع الأراضى والعقارات، مثلاً أحمد شفيق تفيد التحريات بامتلاكه سبع قطع أراض فى منطقة الجولف، وكان يتحتم ألا تزيد عن قطعة واحدة، كذلك عندما تسافر ابنته 45 مرة فى سنة واحدة ومعها خادمتها على نفقة الدولة، رغم أن من حقه تذكرتين فقط فى السنة، يكون إهدارًا للمال العام مفروضًا أن يثبت فى تحريات هيئة الرقابة الإدارية، وهناك وقائع أخرى، ويكفى أن تعرف أن أكبر مهرب للسولار المدعم فى مصر أحد أعضاء المجلس العسكرى ولا يتحرك أحد.
كيف يمكن ضبط ومراقبة الذمة المالية للموظف العام؟
لا بد من قانون يتضمن تحديد سقف مالى للموظف العام يثبت بإقرار يفيد بأن تلك الثروة آلت إليه عن طريق إرث أو تجارة. أما ما عدا ذلك فيرد إلى الدولة، لكن الاستيلاء على أرض الدولة والاتجار فى العقارات والأراضى والشقق، فلا يجب السكوت عنه. ومن يرد إلى الدولة ما زاد عن ذمته المالية يُعْفَ من العقوبة.
هل اتهامك رئيس هيئة الرقابة الإدارية يعنى التشكيك فى ذمته المالية؟
لا أشكك فى الذمة المالية لرئيس هيئة الرقابة الإدارية.. هو "مش حرامى"، لكنه ساكت عن الفساد، ومتواطئ، وعليه أن يثبت أنه عكس ذلك. وهو مشارك أيضًا فى جريمة تزوير بالترك أى بالسكوت عن الفساد؛ لأنه رأى الجريمة ولم يتحرك رغم أنه المختص بمكافحة الفساد ولم يتحرك، ومن ثم يكون مشاركًا فى الجريمة؛ لأنه من المفروض أن يُحيل الوقعة كلها إلى النيابة التى تحدد ما تأخذ به وتقدمه إلى المحكمة وما تتركه، لكن رئيس الهيئة يحتفظ بمعلومات لديه ويختصر الوقائع أو يمنعها عن النيابة، وهناك أعضاء بالهيئة تم البطش بهم لأنهم أجروا تحريات صادقة.