فى بداية ثورة يوليو كان جمال عبد الناصر فى جولة بالقطار بمحافظات الصعيد، وكان القطار يقف فى كل محطة ويلوح عبد الناصر بيديه للناس، وفى إحدى المحطات أراد أحد عمال التراحيل أن يقول شيئاً للرئيس ولم ينجح،...
فألقى عليه بمنديله المحلاوى، وتلقف عبدالناصر المنديل بينما أصيب الأمن المرافق له بالهلع خوفاً من أن يكون داخل المنديل قنبلة، وفتح الرئيس المنديل فوجد به ( بصلة ورغيف عيش بتاو )، ولم يفهم أحد من الحضور رغم نمو حاسة حب الاستطلاع ، لماذا رمى الرجل الطيب بهذا المنديل وما داخله؟.. إلا أن جمال عبد الناصر كان الوحيد الذى فهم ماذا تعنى هذه الرسالة وأطل برأسه بسرعة من القطار واخذ يرفع صوته فى اتجاه الرجل الذى ألقى بمنديل قائلا له
: " الرسالة وصلت يا أبويا ، الرسالة وصلت . . "،
وعندما وصل أسوان أصدر قانون عمال التراحيل والحد الأدنى والأقصى للأجور،وفى خطابه مساء ذلك اليوم فى جماهير أسوان قال : " أحب أقول إن الرسالة وصلت وأننا قررنا زيادة أجر عامل التراحيل إلى 25 قرشا فى اليوم بدلا من 12 قرشا فقط ، كما تقرر تطبيق نظام التأمين الاجتماعى والصحى على عمال التراحيل لأول مرة فى مصر"... لقد فهم جمال عبد الناصر الرسالة التى لم يستطع أحد غيره أن يكسر شفرتها ، فالمنديل المحلاوى هو رمز عمال التراحيل وهم العمال الموسميين الذين يتغربون فى البلاد بحثا عن لقمة العيش ولا يجدون ما يأكلونه سوى عيش البتاو وهو نوع من الخبز يعرفه أبناء الصعيد يصنع من الذرة مع مسحوق الحلبة