العمارة الإسلامية في مصر عبر العصور " ج 3 "-
العمارة الإسلامية في مصر في عصر المماليك الجراكسة1-
مدرسة و مسجد الظاهرأبو سعيد برقوق ( 788 هـ - 1389 م)يقع هذا الاثر في شارع المعز و يعتبر أول المنشئات المعمارية في دولة المماليك الجراكسة.
و تخطيط المدرسة علي نظام التخطيط المتقاطع المتعامد و يتكون من صحت مربع في الوسط محاط من جهاته الأربعة بأيونات أكبرها إيوان القبلة و هو مقسم إلي ثلاث بلاطات أكبرها الوسطي علي شكل البازليكا و يفصلها عن الجانبين صفان من الأأعمدة تحمل عقوداً محمولة علي أعمدة برفيرية ضخمة ذات تيجان مذهبة.
أما مدخل المدرسة فبارز عن الواجهة و ينتهي بعقد ذي ثلاث فصوص و طاقيته محمولة علي مقرنصات و يتقدم المدخل سلم حجري.و بنهاية الواجهة بجوار الضريح توجد المئذنة و هي تمثل شكل المئذنة في عصر المماليك الجراسكة و لو أنها أقل رشاقة من مثيلاتها في آثار قايتباي الا إنها تمثل أجمل من مثيلتها في مدرسة السلطان حسن.
ولم تقتصر عنايته على ذلك بل بالغ فى تجميل القبة التى تغطى الضريح فحلى مقرنصات أركانها بنقوش رائعة وفتح برقبتها شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون احاطها بنقوش مذهبة.
أما أبواب المسجد فقد كسا مصراعى الباب الخارجى منها بصفائح من النحاس ذات التقاسيم الهندسية المزخرفة على مثال أبواب مسجد السلطان حسن وقلاون وغيرهما ، وفى الأبواب الداخلية نراه قد استنبط تصميما آخر شاع استعماله فيما جاء بعده من المساجد ، فكسا المصراعين بسرة فى الوسط من النحاس المفرغ بأشكال زخرفية تحيط بها أربعة أركان من النحاس المفرغ أيضا بأعلاها وأسفلها إزاران نحاسيان مكتوب بهما اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء.
أما الوجهة فهى كغيرها مقسمة إلى صفف تنتهى بمقرنصات بداخلها صفان من النوافذ الصف العلوى منهما عبارة عن شبابيك صنعت من الخشب المفرغ بدلا من الجص المفرغ .
2-
ضريح و خانقاه برقوق و فرج بمقابرالمماليك ( 1405 م – 1410 م)بدأ في إنشائها فرج بن برقوق و هي تقع في الجزء البحري من قرافة المماليك بجوار (قبة يونس الدوادار) و التخطيط العام علي شكل مربع يتوسط صحن محاط بعقود مدببة محمولة علي دعائم حجرية،
و يتكون رواق القبلة من ثلاث بلاطات و المقابل له إثنين أما الرواقان الجانبيان فيتكون كل منهما من بلاطة واحدة و في كل حالة تري البائكات تجري في إتجاهين متعامدين مكونة قبابا منخفضة من الطوب محمولة علي مثلثات كروية.
و يكتنف رواق الصلاة غرفتان مربعتان عبارة عن ضريحين، الشرقية منهما بها رفاة كل من برقوق و ابنه فرج و المقابلة لها بها رفاة ثلاث سيدات من الأاسرة المالكة في ذات الوقت، و خلف كل من الرواقين الصغيرين و كذا الركن الغربي توجد غرفة الخانقاه.
و تعتبر المجموعة المعمارية التي تتكون منها هذه الخانقاه من أكبر المجموعات التي أنشئت في قرافات مصر لخدمة أغراض مختلفة فهي تجمع بين بناء مسجد لإقامة الشعائر الدينية في مكان رواق الصلاة، و خانقاه لإقامة الصوفية و مدافن للظاهر برقوق و أفراد أسرته و مدرسة لتلقي العلم و حفظ القرآن و سبيل للشرب، و برواق القبلة يوجد منبر حجري نادر المثال أمر بإنشائه السلطان قايتباي في سنة 1483 م.
3-
مسجد المؤيد شيخ (1415 م – 1420 م)تخطيط المسجد علي نظام الصحن المربع المحاط بأربعة أروقة أكبرها رواق القبلة و بجوار المدخل غرفة الضريح و تعلوها قبة تشبه في شكلها الخارجي شكل القبتين بخانقاه برقوق بصحراء المماليك. وتقابل حجرة الضريح هذه من الجهة الأخرى من رواق القبلة حجرة أخرى مماثلة لها إلا أنها تركت عارية لا تغطيها قبة.
وقد بولغ فى تزيين رواق القبلة وزخرفته واجتمع فيه شتى الصناعات والفنون فتمثل فى منبره الخشبى وأبوابه دقة الصناعة وبراعة التطعيم كما تتمثل فى وزرته ومحرابه الرخامى رقة التصميم وتناسب الألوان ، أما النقوش التى تعلو الوزرة والتى تزين الأسقف وما تخللها من تذهيب فقد جمعت إلى تنوع تصميماتها جمال ألوانها وتجانسها.
وكان فى نهاية جدار رواق القبلة من الناحية القبلية فتحتان معقودتان سدتا بالبناء وكسيتا بالرخام الملون والقاشانى، وقد اختار مهندس الجامع برجى باب زويلة وأقام عليهما منارتى الجامع وهو اختيار طريف وهما من النوع المألوف وتتكون كل منهما من ثلاث طبقات الأولى والثانية مثمنة والثالثة مكونة من ثمانية أعمدة رخامية تحمل الخوذة .
4-
مسجد ومدرسة القاضى عبد الباسط 823 هجرية = 1420م.يقع هذا المسجد بالخرنفش أنشأه فى سنة 823 هجرية =1420م القاضى عبد الباسط الذى كان ناظر الخزانة والكسوة الشريفة فى أيام الملك المؤيد شيخ المحمودى ومن المقربين إليه ، وفى أيام الأشرف برسباى أسندت إليه الوزارة والاستادارية - نظارة الخاصة الملكية.
للمسجد وجهتان يقوم عند تلاقيهما سبيل يعلوه كتاب وله مدخلان يقع أحدهما بالوجهة الشرقية والثانى بالوجهة البحرية ويتكون كل منهما من صفة معقودة بمقرنصات وله باب خشبى حلى بالنحاس المزخرف على شكل سرة مستديرة فى الوسط وأربعة أركان يحصرها من أعلى وأسفل طراز مكتوب , وتقوم المنارة بالوجهة البحرية وهى تكاد تكون صورة طبق الأصل من منارة جامع المؤيد المنشأة فى نفس التاريخ .
وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد إذ يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات يتوسط صدر إيوان القبلة محراب حجرى بسيط يجاوره منبر خشبى دقيق الصنع طعمت حشواته بالسن والزرنشان وهو يعتبر من المنابر التى بلغت فيها دقة الصناعة شأنا عظيما.
أرض إيوان القبلة والصحن مفروشة بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة ، ويدل سقفا السبيل والطرقة الموصلة من الباب الشرقى للصحن وما بهما من نقوش جميلة مذهبة على ما كانت عليه أسقف المسجد من أبهة وجمال.
5-
مسجد ومدرسة الأشرف برسباى بشارع المعز لدين الله 826-827 هجرية = 1423-1424مكان الملك الأشرف أبو النصر برسباى أحد مماليك الظاهر برقوق يقع هذا المسجد بشارع المعز لدين الله عند تلاقيه بشارع جوهر القائد، وقد أنشىء هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد أى صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة ، وهذا الإيوان كمثيله فى المدارس الأخرى أهم الإيوانات وأكثرها زخرفة ، ويسترعى النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة المصنوعة حديثا على نمط نظيراتها القديمة بمدفن الأشرف برسباى بقرافة المماليك ، هذا ومنبره الخشبى حافل بالتطعيم بالسن والزرنشان شأنه فى ذلك شأن منابر المساجد التى أنشئت فى القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادى - ، ولم يبق من أسقف المسجد القديمة سوى سقف الإيوان الغربى المقابل لإيوان القبلة الذى فقد سقفه الأصلى وحل محله سقف آخر , وهذا السقف - سقف الإيوان الغربى - يماثل سقف إيوان القبلة بمسجد برقوق غنى بنقوشة المذهبة الجميلة.
واجهة المسجد الرئيسة تشرف على شارع المعز لدين الله ويقع المدخل فى طرفها القبلى بجواره سبيل وكتاب ويحلى صدر المدخل رخام ملون وتغطيه مقرنصات ويكسو الباب الخشبى نحاس مفرغ تفريغا زخرفيا بديعا على شكل سرة فى الوسط وأربعة أركان وطراز علوى وآخر سفلى مكتوب بهما اسم المنشئ وتاريخ التجديد 1332 هجرية ويعلو السرة مقبضان جميلان من النحاس المفرغ أيضا ، وكسوة الأبواب بالنحاس على هذا التصميم تجدها فى مسجد برقوق ومساجد الأشرف برسباى وغيرها من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن وكانت الأبواب السابقة تكسى أوجهها كلها بالنحاس المزخرف كما شاهدنا فى باب مسجد السلطان حسن المركب على باب مسجد المؤيد وغيره، وتقوم إلى يمين المدخل المنارة الطبقة الأولى منها مربعة والثانية أسطوانية تحليها جفوت متقاطعة والثالثة تتكون من أعمدة رخامية تعلوها الخوذة، وقد جددت هذه الطبقة سنة 1945م.
وبالنهاية البحرية للوجهه تقوم قبة حجرية حليت بخطوط متكسرة على شكل دالات محفورة فى الحجر. أما الوجهة الممتدة بين المدخل والقبة ففيها صفان من الشبابيك تغطيها مقرنصات جميلة وتتوجها شرفات مورقة .
6-
خانقاه الأشرف بارسباي بالقرافة الشرقية ( 835 هـ - 1432 م)المجموعة المعمارية الموجودة بالقرافة تشتمل علي خانقاه لإقامة الصوفية ثم حوش كبير فيه قبور و بقايا قبة و قبة كاملة لأخيه الأمير يشبك و أقاربه و بعض العلماء، و مصلي لإقامة الشعائر الدينية ثم قبة حجرية عظيمة تظهر فيها عظيمة القباب المملوكية الطراز.
و من أعمال الأشرف بارسباي الجليلة حفره خليج الإسكندرية سنة (826 هـ - 1423 م) و قد بقي من آثاره الكثيرة التي أنشأها في مصر : الخانقاه و التربة بالصحراء و المسجد بخانقاه سرياقوس و مدرسة بشارع المعز لدين الله (الأشرفية).
يقع هذا المسجد والمدفن وبقايا الخانقاه الملحقة بهما بقرافة المماليك على الطريق الموصل بين خانقاه برقوق ومسجد قايتباى وكان غرض الأشرف برسباى من اختيار هذا المكان هو إنشاء تربة له يدفن فيها ، ألحق بها مسجدا صغيرا وخانقاه.
وإن الإنسان إذا جال ببصره فى تلك البقعة الصحراوية لراعه منظر تلك القباب الجميلة المبعثرة فيها والتى يزيد فى روعتها اختلاف أشكالها وتباين أوضاعها وتنوع زخارفها وهى من أجل ذلك جديرة بأن تسمى مدينة القباب.
يصعد الإنسان إلى المسجد بسلم ذى قلبتين متقابلتين تؤديان إلى المدخل الذى تعلوه منارة بسيطة الشكل حلت محل المنارة الأصلية ، ويؤدى المدخل إلى دركاة على يسار الداخل منها باب معقود يؤدى إلى المسجد الذى يتكون من رواقين بينهما مجاز ينتهى بباب ينفذ إلى المدفن ، ويغطى المسجد سقف من الخشب محمول على صفين من العقود المرتكزة على أعمدة رخامية ، ويوجد بالسقف آثار نقوش قديمة وبإزراره كتابة متضمنة اسم المنشئ ، ويكسو جدران المسجد والمدفن وزرة من الرخام الملون المطعم بالصدف على أشكال هندسية جميلة بلغت حد الدقة والإتقان ، كذلك الأرضية فإنها مفروشة بالرخام الملون أيضا ويجاور المحراب منبر خشبى دقيق الصنع نقل - بعد إصلاحه - من مسجد العمرى المتخرب إلى هذا المسجد ويرجع تاريخه إلى حوالى سنة 855 هجرية = 1451م.
ويعلو الوزرة الرخامية بالمسجد والمدفن شبابيك جصية مفرغة محلاه بالزجاج الملون تعتبر من أدق ما احتواته مساجد القاهرة الأثرية. أما الوجهة فتشتمل على المدخل المكتوب على جانبيه اسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء سنة 835 هجرية وتتكون من صفف قليلة الغور مفتوح بها شبابيك سفلية وأخرى علوية وتنتهى بمقرنصات وتقوم فى الطرف البحرى من الوجهة القبة وهى مبنية من الحجر يحليها من الخارج زخارف هندسية جميلة محفورة فى الحجر ، وتقع بقايا وجهة الخانقاه على امتداد وجهة المسجد قبلى المدخل ومثبت عليها طرز رخامية يقرأ من كتابة محفورة بها اسم المنشئ وذكر الأعيان التى أوقفت عليها وخصص ريعها لصيانتها ورعايتها.
7-
جامع الأشرف برسباى بالخانكة 841 هجرية = 1437مهذا الجامع هو ثالث المساجد التى أنشأها الأشرف برسباى شيده ببلده الخانكة التى تقع شمال القاهرة وعلى بعد 22 كيلو مترا منها تقريبا وكان الفراغ من بنائه سنة 841 هجرية = 1437م وهو جامع فسيح يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة الذى يشتمل على ثلاثة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية ويتكون كل من الرواقين الجانبيين من صفين كما يتكون رواق المؤخرة من صف واحد ، هذا ويغطى رواق القبلة سقف من الخشب على شكل مربعات وطبال منقوشة ويكسو الجزء السفلى من حوائطه وزرة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامى يقوم إلى جواره منبر من الخشب طعمت حشواته بالسن.
و الوجهة الرئيسة تشرف على الطريق العام وبها المدخل الذى تغطيه مقرنصات جميلة ويحلى صدره أشرطة من الرخام الأبيض والأسود بأعلاها طراز مكتوب به تاريخ الفراغ من عمارة هذا الجامع سنة 841 هجرية وإلى يمين المدخل سبيل يعلوه كتاب وإلى يساره تقوم مئذنة مكونة من ثلاث طبقات مماثلة لمئذنة مسجده بشارع المعز لدين الله ، وللجامع ثلاث وجهات أخرى بمنتصف الوجهة الغربية منها مدخل آخر ، وكان لهذا الجامع دورة مياه منفصلة عنه لازالت محتفظة بمعالم تخطيطها القديم.
8-
مسجد ومدرسة الأمير تغرى بردى بالصليبة 844 هجرية = 1440ميقع هذا المسجد بشارع الصليبة أنشأه فى سنة 844 هجرية = 1440م تغرى بردى بن عبد الله الرومى البكلمشى نسبة إلى أستاذه بكلمش وكان من جملة مماليكه إلى أن صار أمير عشرة فى أيام الناصر فرج بن برقوق ، وظل يتقلب فى مناصب الدولة إلى أن أصبح دوادارا كبيرا - حامل الدواة- فى أيام الملك أبو سعيد جقمق.
ولهذا المسجد وجهتان الوجهة الرئيسة تشرف على شارع الصليبة وبها المدخل المكون من صفة معقودة بمقرنصات بصدرها تلابيس من الرخام الأبيض والأسود ، وأعلى الباب وعلى جانبيه كتابات تشتمل على آيات قرآنية واسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء 844 هجرية ، وعلى يسار المدخل تقوم المنارة وهى مربعة القطاع من أسفل تنتهى بمقرنصات تكون دورتها الأولى ، ثم أسطوانية يحلى سطحها زخارف هندسية وتنتهى بمقرنصات تكون كذلك دورتها الثانية ، ثم مسلة مخروطية الشكل حادثة حلت محل القمة الأصلية. وفى طرف هذه الوجهة تقوم القبة ذات الخطوط الضخمة البارزة المتقاطعة مع بعضها والتى لا تتساوى من حيث التناسب والرشاقة مع القباب المعاصرة لها ، وفى الطرف الآخر حوض لسقى الدواب يعلوه كتاب.
ويؤدى المدخل إلى ردهة مربعة على يمينها باب معقود يؤدى إلى القبة يقابله ويماثله باب آخر يؤدى إلى طرقة توصل إلى الصحن. وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد وهو يتكون من صحن مكشوف كان مسقوفا فى الأصل يحدق به إيوانان كبيران من الجهة الشرقية والجهة الغربية وآخران صغيران من الجهتين البحرية والقبلية جميعها مفتوحة عليه بعقود يعلوها طراز مكتوب به آيات قرآنية وبنهايتها تاريخ الإنشاء 844 هجرية ، وهذه الإيوانات مسقوفة بمربوعات وطبال خشبية مقسمة ومنقوشة بالألوان المختلفة.
وبصدر إيوان القبلة المحراب يقوم إلى جانبه منبر صغير دقيق الصنع وتقع القبة قبلى هذا الإيوان وهى تغطى ضريحا مربعا طول ضلعه أربعة أمتار بأركانه الأربعة مقرنصات كبيرة يتكون كل منها من ثلاث حطات وهى على العموم بسيطة فى مظهرها على خلاف القباب التى أنشئت فى عصر المماليك الجراكسة والتى امتاز أغلبها بوفرة زخارفه.
9-
مسجد القاضى يحيى بن زين 848 هجرية = 1444موهذا المسجد الذى يقع عند تلاقى شارع بين النهدين بشارع الأزهر الجديد أنشأه الأمير المذكور سنة 848 هجرية = 1444م. يتطرق الإنسان من مدخله الواقع فى مواجهة شارع النهدين إلى دركاة صغيرة يسترعى نظر الداخل إليها نقوش سقفها المذهبة ، ثم ينثنى إلى طرقة توصل إلى الصحن .
وهذا المسجد مشيد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو مكون من صحن يغطيه سقف بوسطه شخشيخة ويحدق به أربعة إيوانات متقابلة نقشت أسقفها الخشبية بزخارف مذهبة جميلة أسفلها إزار كتب عليه آيات قرآنية مذهبة ، ويتدلى من كل ركن من أركان هذه الأسقف حليات خشبية مقرنصة تنتهى بشرفات مقلوبة.
فى الواقع تعتبر النقوش فى هذا المسجد سواء فى سقف الصحن أو أسقف الإيوانات من أجمل الأمثلة التى نشاهدها فى المساجد المملوكية, ويجاور المحراب منبر من الخشب المجمع على هيئة أشكال هندسية طعمت حشواته بالسن والعاج وللمسجد وجهة شرقية تنتهى من الجهة البحرية بمدخل المسجد الذى تغطيه طاقية مقرنصة ويحلى صدره تلابيس رخامية ، وكتب على جانبيه أعلى المكسلتين آية قرآنية تنتهى بتاريخ الإنشاء سنة 848 هجرية ، وتقع المنارة على يسار المدخل وقد امتازت برشاقتها وتناسب أجزائها وهى مكونة من ثلاث طبقات حليت الوسطى منها بتلابيس رخامية على شكل رءوس أسهم.
10-
مسجد السلطان إينال وضريحه بقرافة المماليك 855-860 هجرية = 1451-1456موتعتبر هذه المجموعة من المبانى من أهم المنشآت الأثرية التى أنشئت بقرافة المماليك ، فهى تتكون من قبة ومسجد - مدرسة - وخانقاه ، وهى وإن اعتدى عليها الزمان فأضاع بعض أجزائها إلا أنها احتفظت بأغلب معالمها ناطقة بما كانت عليه من روعة وجلال. ويستدل من الكتابات التاريخية على باب القبة ، ومن انفصال هذه القبة عن مبانى المسجد أن الفراغ من إنشائها كان فى سنة 855 هجرية = 1451م، عندما كان إينال أتابك للعساكر فى عهد الملك أبو سعيد جقمق أما الخانقاه والمسجد فقد أنشئا بعد أن ولى الملك ، فأنشئت الخانقاه سنة 858 هجرية = 1454م وأنشى المسجد سنة 860 هجرية = 1456م.
وتشرف وجهة هذه المجموعة الأثرية على شارع السلطان أحمد ، ويقع على امتدادها إلى الجنوب وجهة مسجد وقبة الأمير قرقماس المنشأتين فى سنة 913 هجرية = 1507م.
يقع ضريح إينال فى الطرف الشمالى من الوجهة وهى مربعة من أسفل تعلوها قاعدة هرمية الأركان فتح بكل وجهة بين كل ركنين ثلاثة شبابيك معقودة ومتجاورة يعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة ، وترتكز على هذه القاعدة قبة فتح بدائر رقبتها شبابيك معقودة وحلى سطحها بخطوط متكسرة على هيئة دالات ، ويلى القبة وجهة المسجد وبصرفها الجنوبى المدخل بطاقيه المخوصة وبمقرنصاته الجميلة ، ويلى ذلك المنارة وهى قائمة بذاتها وتبتدئ من أسفل مربعة ثم مثمنة ثم مستديرة وتنتهى بالخوذة الحافلة بالزخارف المنوعة وبالمقرنصات البديعة وتعتبر من أرشق المنارات المملوكية وأجملها.
أنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، وهو مكون من صحن مكشوف تكتنفه أربعة إيوانات متقابلة كانت تغطيها أسقف خشبية فقدت جميعها ، وكان يكسو جدران رواق القبلة ، كما كان يكسو جدران القبة وزرة رخامية لم يبق منها إلا آثارها وبوسط جدار القبلة محراب حلى تجويفه بزخارف محفورة فى الحجر شأنه شأن المحراب الموجود بالقبة ، وبأسفل أرض المسجد خلوات مفتوحة على فضاء يحيط به بقايا مبانى الخانقاه التى زال الكثير من أجزائها وأهم ما بقى منها بابها الواقع بالوجهة الشمالية.
11-
مدرسة و ضريح السلطان قايتباي بالقرافة الشرقية (1472 م – 1474 م)السلطان قايتباي هو السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي الجركسي.
تعتبر مجموعة قايتباي بالقرافة الشرقية من ابدع و أجمل المجموعات المعمارية في مصر الأسلامية و ترجع أهميتها إلي جمال تنسيق المجموعة مع بعضها و هي تتكون من مدرسة و مسجد و سبيل و كتاب و ضريح و مئذنة و قد لعبت دقة الصناعة و كذا جمال النسب دوراً هاماً في إبراز جمال هذا الأاثر المعماري القديم.
و يتكون المسقط الأفقي من صحن مربع محاط بأربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة، و يكتنف المحراب من جهتيه نافذتان شكلهما من الخارج داخل تجويف مستطيل الشكل و من الداخل يظهران معقودان و يعلوهما نوافذ مدببة تملؤها أجزاء من الزجاج الملون، و أسقف الإيوان الرئيسي من الخشب المزخرف بنقوش مذهبة. و بجوار إيوان الصلاة الضريح الذي يبرز قليلاً عن الواجهة الجانبية و مغطي من أعلاه بقبة حجرية محمولة علي مقرنصات مزخرفة من الخارج بزخارف نباتية داخل مناطق هندسية محفورة علي الحجر.
و ينسب لقايتباي آثار أخري من أهمها مسجده المجاور لمسجد سلار و سنجر الجاولي و قد أنشأ قايتباي أيضاً عدة أسبلة و وكالات كما قام بعدة إضافات بجامع الأزهر.
وتعتبر منارته اجمل المآذن المملوكية طرا سواء من حيث تناسب أجزائها أو روعة زخرفها وحسن توزيعها كذلك القبة تعتبر من أجمل القباب المملوكية بزخارفها البديعة المحفورة فى الحجر ، وما يقال عن المنارة والقبة يقال عن باقى أجزاء الوجهة سواء فى ذلك تناسبها ووفرة زخارفها.
أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان القبلة ، وعلى أوجه هذه العقود طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء 877 هجرية. وتزد ان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها ، وبصدر إيوان القبلة محراب حليت طاقيته بتلابيس من الحجر الأحمر على شكل شرفات ويقوم بجواره منبر خشبى جمعت ريشتاه وبابه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات من السن المحفور بزخارف دقيقة ، وقد صنع كرسى السورة الذى بالقبة ودلف الدواليب الحائطية بالمسجد على وتيرة المنبر أى على هيئة أشكال هندسية مجمعة وحشوات من السن المحفور وكلها تنطق برقة الصناعة ودقتها.
تقوم القبة بجانب إيوان القبلة وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الفراغ من بناء القبة 879 هجرية ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون، هذا وقد فرشت أرض القبة والصحن والإيوانات بالرخام الملون.
الواقع أن مهندس هذا المسجد قد إجاد فى هندسة بنائه وأبدع فى زخرفته ونقشه ولم يبخل عليه قايتباى بمال فجاء تحفة تجمعت فيها روائع الفن، ولهذا كان محل عناية لجنة حفظ الآثار العربية فى أواخر القرن التاسع عشر فاهتمت بتدعيم مبانيه وقامت بإصلاحه وتجديده وتناولت أعمالها إصلاح نجارته ورخامه وتجديد نقوشه وشبابيكه الجصية بحيث أصبح بالحالة التى نراه عليها الآن.
12-
مسجد ومدرسة أبو بكر مزهر 884 هجرية = 1479/ 80ميقع هذا المسجد بحارة برجوان بحى الجمالية، أنشأه فى سنة 884 هجرية = 1479/ 80م أبو بكر مزهر الذى تلقى علومه بمصر حتى نبغ فيها وحصل على إجازة التدريس والإفتاء، وصار من أفاضل العلماء، وقد ولى عدة وظائف سامية، كان آخرها ولايته لديوان الإنشاء فى أيام الملك الأشرف قايتباى. يعتبر هذا المسجد من النماذج الرائعة للمساجد التى أنشئت فى عصر الملك الأشرف قايتباى، إذ تتمثل فيه وفى نظرائه من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن - مثل مسجد قجماس الأسحاقى ومسجد أزبك اليوسفى، براعة التخطيط وجمال التناسب، ودقة الصناعات المختلفة ووفرتها وبلوغها شأوا عظيما من الإتقان، كل هذه ناطقة وواضحة فى منبره وشبابيكه وأبوابه، كما فى وزرته الرخامية الجميلة وأرضياته البديعة.
لهذا المسجد وجهتان، يقع المدخل الرئيس بالواجهة الشرقية منهما، ويمتاز بزخارفه الجميلة المحفورة فى الرخام والحجر، وببابه المغشى بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية، ويعلو هذا المدخل المنارة وهى مكونة من ثلاث دورات، وهى كمثيلاتها المعاصرة لها حافلة بالزخارف والمقرنصات وبالواجهة القبلية باب يوصل إلى دورة المياه وإلى السبيل والكتاب الملحقين بالمسجد, ويؤدى المدخل الرئيس إلى ردهة صغيرة على يسارها شباك مفتوح على إيوان القبلة وعلى يمينها طرقة إلى الصحن.
وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، فهو يتكون من صحن مسقوف يحيط به أربعة إيوانات، إيوان القبلة والإيوان المقابل له فتح كل منهما على الصحن بثلاثة عقود محمولة على عمودين من الرخام، والإيوانان الجانبيان فتح كل منهما بعقد واحد، وقد شاهدنا هذا التخطيط فى مسجد أصلم السلحدار المنشأ و فى بعض المساجد الأخرى، وهى قليلة العدد، إذ المألوف فى تخطيط المدارس الأخرى أن إيواناتها جميعا تفتح على الصحن بعقد واحد.
وقد فرشت أرض الصحن وأرضيته الإيوانات بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة ويحيط بجدار إيوان القبلة وزرة مرتفعة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامى جميل يقوم إلى يمينه منبر خشبى دقيق الصنع، تعلوها شبابيك من الجص المفرع المحلى بالزجاج الملون، وقد سجل الصانع الذى قام بأعمال الزخرفة والنقوش فى المسجد اسمه فى وسط عقد الشباك المجاور للمحراب بأن كتب : - عمل عبد القادر النقاش- وهذه ظاهرة نادرة الوجود، إذ أننا نشاهد عادة ضمن الكتابات الموجودة بالمساجد الأثرية اسم المنشئ سواء أكان ملكا أو أميرا، وفى الغالب الأعم نجهل اسم المهندس الذى قام بوضع تصميم المسجد أو الصانع الذى ساهم فى نقشه وزخرفته, ولا تقل أسقف المسجد عن غيرها من أجزائه المختلفة روعة وجمالا، فهى مصنوعة من الخشب على شكل مربعات وطبال منقوشة بزخارف دقيقة مموهة بالذهب.
13-
قبة الفداوية بالعباسية 884/ 86 هجرية = 1479/ 81م.تقع هذه القبة فى منطقة العباسية، أنشأها الأمير يشبك من مهدى أحد أمراء المماليك الجراكسة، وكان فى الأصل أحد مماليك الظاهر أبو سعيد جقمق، وتقلب فى عهده فى عدة وظائف، وعين كاشفا للصعيد فى عهد الظاهر خوشقدم، وفى أيام السلطان قايتباى وصل إلى أرقى المناصب فعين دويدارا وأسندت إليه - علاوة على ذلك - الوزارة والاستادارية - نظام الخاصة الملكية- وصار صاحب الأمر والنهى فى الدولة، وكان يشبك محبا للعلوم والفنون شغوفا بالعمارة والتنظيم، فعمل على إصلاح الطرق وتوسيعها وتجميل الوجهات المطلة عليها، وقد كانت المنطقة الواقعة شمال حى الحسينية الآن مشتملة على كثير من المقابر والدور، فأمر بهدمها وأقام بهذه المنطقة منشآت عديدة لم يبق منها سوى القبة التى نتكلم عنها الآن، وقد أنشأها سنة 884 هجرية = 1479/ 80م، وتوفى الأمير يشبك سنة 885 هجرية = 1480م، ولما تكمل بعض أعمال بداخلها، إذ يقول ابن إياس إن الملك الأشرف قايتباى زارها فى سنة 886 هجرية = 1481م وأمر الأمير تغرى بردى بأن يكمل عمارتها.
ومنظر القبة من الخارج بسيط وقاعدتها المربعة مبنية بالحجر وبوجهتها القبلية المدخل، والقبة مبنية بالطوب وليس بها زخارف سوى صف من الشبابيك المعقودة والمفتوحة برقبتها، ويتوصل إلى المدخل ببعض درجات من الرخام وتغطيه مقرنصات جميلة كتب بأسفلها آية قرآنية ثم اسم قايتباى وأدعية له، كما كتب اسم قايتباى أيضا فى طراز مكتوب على يمين ويسار المدخل وهذا المدخل يؤدى إلى مربع فسيح طول ضلعه 14.30 متر تغطيه القبة، وأهم ما يلفت النظر فيها منطقة الانتقال من المربع إلى استدارة القبة، فهى تتكون - فى كل ركن من أركان المربع- من عقد كبير ينتهى بمقرنصات ويحتضن طاقية مزخرفة أسفلها طاقتان، وهذا النظام يختلف تمام الاختلاف عن نظرائه فى القباب المعاصرة لهذه القبة، إذ نجد فى هذه القباب عموما مقرنصات متعددة الحطات تنقل المربع إلى الاستدارة.
هذا ويعلو منطقة الانتقال فى هذه القبة طراز مكتوب به آيات قرآنية وأدعية للملك الأشرف قايتباى وفى نهايته تاريخ حج قايتباى سنة 884 هجرية كما يغطى القبة ومنطقة الانتقال زخارف من الجص الملون. ويقوم مربع القبة على طابق أرضى مكون من ثلاث قاعات مستطيلة مغطاة بقبوات وبالجهة البحرية منه سلم يؤدى إلى أرضية القبة.
وقد عنيت لجنة حفظ الآثار العربية فى آخر القرن التاسع عشر بإصلاح هذه القبة وأخلت ما حولها، وفى سنة 1907م نقلت إليها منبر مسجد كاتم السر بشارع درب الجماميز بعد أن أصلحته، وهو المنبر الصغير الموجود الآن بالقبة.واشتهرت هذه القبة باسم قبة الفداوية ولم تعرف باسم مؤسسها ولا يوجد نص صريح عن سبب هذه التسمية، وكل ما يمكن قوله هو أن الفداوية طائفة اشتهر رجالها بأعمال البطولة والتضحية، وكانوا محل عناية ملوك مصر وتقديرهم وربما سميت هذه القبة باسمهم لأنهم كانوا يسكنون حولها باعتبارها واقعة فى أطراف القاهرة.
14-
مسجد قجماس الأسحاقى - أبو حريبة 884/ 86 هجرية = 1479/ 81ميقع هذا المسجد بحى الدرب الأحمر أنشأه بين سنتى 884-886 هجرية = 1479-1481م الأمير قجماس الأسحاقى أحد أمراء المماليك الجراكسة، تقلب فى عدة وظائف كبيرة فى النصف الثانى من القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادى - إلى أن صار أميرا خورا كبيرا - المشرف على اصطبلات السلطان - فى عهد الملك الأشرف قايتباى. وهذا المسجد هو أحد المساجد الهامة التى أنشئت فى عصر قايتباى، وتنحصر أهميته فى دقة الصناعات المختلفة الموجودة به فأعمال النجارة الدقيقة وأعمال الرخام وتنوع تقاسيمه وتناسب ألوانه وأعمال الحجر ودقة الحفر فيه، والأسقف الخشبية الجميلة وبراعة نقشها وتذهيبها جميعا ناطقة بما وصلت إليه هذه الصناعات من مكانة رفيعة فى هذه الحقبة من الزمن.
وقد بنى هذا المسجد مرتفعا عن مستوى الطريق، شغل الجزء السفلى من وجهاته بدكاكين، ويتوصل إلى المدخل ببضع درجات، وهو حافل بالرخام الملون الجميل، على يمينه ويساره طراز مكتوب به آية قرآنية وتاريخ الفراغ 886 هجرية، وله باب مكسو بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية وتقوم إلى يمينه منارة ذات ثلاث طبقات : الأولى مثمنة والثانية أسطوانية والعلوية مكونة من أعمدة رخامية تحمل الخوذة، وإلى يسار الصاعد إلى المدخل يقوم السبيل الذى يعلوه كتاب، أما القبة التى تعلو الضريح الواقع خلف المدخل فبسيطة المظهر من الخارج على عكس مثيلاتها المنشأة فى هذا العصر.
ومن أهم ما يسترعى النظر بوجهات هذا المسجد الزخارف المحفورة فى الحجر التى تحلى أعتاب الأبواب والشبابيك وجلساتها وأعمدة النواصى وكذلك المقرنصات التى تعلوها.
ويؤدى المدخل إلى دركاة مربعة يغطيها سقف خشبى منقوش بزخارف جميلة، يحيط به إزار به آيات قرآنية تنتهى بتاريخ شهر شعبان سنة 884 هجرية وعلى يسار الداخل إليها باب ذو مصراعين يفتحان بدخولهما فى سمك الحائط بواسطة مجار على النظام الذى نراه الآن فى الأبنية الحديثة، ويؤدى هذا الباب إلى طرقة معقودة تؤدى إلى الصحن. وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، إذ يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة تحيط به أربعة إيوانات، اثنان منها كبيران وهما إيوان القبلة والإيوان المقابل له وأما الآخران وهما الجانبيان فصغيران.
ويكسو حوائط إيوان القبلة وزرة رخامية مرتفعة يتوسطها محراب من الرخام الملون الدقيق كتب به بشكل زخرفى اسم عبد القادر النقاش السابق الإشارة إليه فى مسجد أبو بكر مزهر، ويجاور المحراب منبر من الخشب جمعت أجزاؤه على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات طعمت بالسن والزرنشان ويعتبر هذا المنبر من النماذج الرائعة التى تتمثل فيها دقة صناعة النجارة العربية وبالجزء العلوى من حوائط المسجد شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون.
أرض المسجد مفروشة بالرخام الملون بتقاسيم على هيئة أشرطة ومراتب ودورانات تتشابه مع نظيراتها بمساجد قايتباى وأبو بكر مزهر وأزبك اليوسفى. وبالجدار القبلى لإيوان القبلة باب يؤدى إلى الضريح الذى تغطيه قبة بسيطة المظهر فرشت أرضياتها بالرخام الملون. وقد شملت لجنة حفظ الآثار العربية هذا المسجد بعنايتها، فقامت فى سنة 1894 ميلادية بإصلاحه إطلاحا شاملا وأكملت قمة منارته بحيث أصبح بالحالة التى نراه عليها الآن.
15-
مسجد الأمير أزبك اليوسفى 900 هجرية = 1494/ 95م.يقع هذا المسجد بحارة أزبك المواجهة للمتنزه الواقع لصق الزيادة البحرية لجامع أحمد بن طولون أنشأه فى سنة 900 هجرية = 1495م، الأمير أزبك اليوسفى الذى كان من أكبر أمراء دولة المماليك الجراكسة ومن أعظم قوادها ومن المبرزين فى عصر السلطان قايتباى، وقد تقلب فى عدة وظائف كبيرة حتى أصبح فى عهد الملك الناصر محمد بن السلطان قايتباى مشيرا للمملكة.
وهذا المسجد - كأمثاله مما أنشئ فى هذه الحقبة من الزمن - حافل بالزخارف والكتابة، فقد اجتمعت فيه شتى الصناعات والفنون الدقيقة، فنجارته الممثلة فى المنبر وكرسى السورة، وأرضيه ووزراته الرخامية وأسقفه الخشبية، جميعها ناطقة بما بلغته هذه الصناعات من منزلة رفيعة من الدقة والإتقان. وله وجهتان إحداهما بحرية والثانية شرقية، وبالأولى المدخل وبالطرف الغربى منها حوض لسقى الدواب وبقايا أبنية أخرى، وبالطرف الشرقى سبيل يعلوه كتاب، وتقوم إلى جانب المدخل منارة لا تختلف كثيرا عن المنارات التى شيدت فى أواخر القرن التاسع الهجرى - أواخر الخامس عشر الميلادى- وهى مكونة من دورتين تتكون كل منهما من مقرنصات جميلة وكانت تنتهى من أعلى بمسلة مخروطية وضعت مكان الجزء الأصلى فى العصر العثمانى أزالتها إدارة حفظ الآثار العربية فى سنة 1947م وأعادت بناء هذا الجزء العلوى كأصله، أى ثمانية أعمدة تحمل الخوذة وهو الشكل المألوف للمآذن المعاصرة.
وقد بنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، إذ يتألف من صحن مسقوف بوسطه شخشيخة تحيط به أربعة إيوانات اثنان منها كبيران وهما إيوان القبلة والإيوان المقابل له، وأما الآخران وهما الجانبيان فصغيران.
أرضية الصحن تعتبر من النماذج الجميلة للأرضيات الرخامية، ويحيط بإيوان القبلة وزرة من الرخام الملون، يتوسطها محراب رخامى بجواره منبر من الخشب دقيق الصنع، وبأعلاها شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون. هذا وجميع الكتابات سواء منها المحفورة فى الحجر أو الخشب تتضمن آيات قرآنية واسم المنشئ وتاريخ الإنشاء سنة 900 هجرية.
16-
مسجد الأمير خاير بك 908 هجرية = 1502 ميقع هذا المسجد بشارع باب الوزير إلى جوار مسجد آق سنقر - إبراهيم أغا مستحفظان- أنشأه فى سنة 908 هجرية = 1502/ 3م الأمير خاير بك أحد أمراء المماليك الجراكسة، وصل فى عهد السلطان الغورى إلى مرتبة حاجب الحجاب - كبير الأمناء- وفى سنة 910 هجرية = 1504/ 5م عينه الغورى نائبا عن حلب وظل فى هذه الوظيفة إلى سنة 922 هجرية = 1516م حيث غزا السلطان سليم الشام، وعندئذ ولاه الغورى قيادة ميسرة الجيش المملوكى، وعندما اشتد هجوم الجيش التركى خان خاير بك سيده وانسحب فأدى انسحابه إلى وقوع الاضطراب فى صفوف الجند وهزيمة المماليك فى موقعة مرج دابق التى قتل فيها السلطان الغورى ولم يعثر له على أثر، وبعد ذلك أخذ فى تمهيد السبيل لدخول الجيش العثمانى مصر ببذر بزور الفتنة فى الجيش المملوكى المرتد من الشام مما أدى إلى انهيار الدولة المملوكية والقبض على آخر ملوكهم طومان باى وقتله، وهكذا بدأ حكم العثمانيين لمصر، وكان خاير بك أول حاكم عليها من قبل الدولة العثمانية، فصار يتصرف فى شئونها تصرف الملوك، وكان عهده عهد قسوة وعنف وساءت أحوال البلاد وتوفى سنة 928 هجرية = 1521م.
ويتكون المنظر الخارجى للمسجد من القبة الجميلة المحلى سطحها بزخارف نباتية، والمنارة التى فقدت قمتها فى وقت غير معروف والمدخل المعقود الذى تغطيه طاقية مقرنصة الأركان، ثم السبيل الواقع فى الطرف الشمالى من الوجهة، وكلها تكون مجموعة متناسقة امتازت بعدم بنائها على خط واحد مما زاد فى جمال تكوينها, ويؤدى المدخل إلى دركاة معقودة على يسار الداخل إليها باب يؤدى إلى ممر يتوصل منه إلى فضاء به مبان ومقابر مبعثرة، وتطل عليه الوجهة الخلفية للمسجد وبقايا وجهة قصر الأمير الناق أحد أمراء المماليك البحرية، ويحده من الشرق سور البلد القديم وإلى يسار الممر آنف الذكر باب السبيل وإلى يمينه باب يؤدى إلى المسجد يتوصل إليه ببعض درجات.
تخطيط المسجد عبارة عن حيز مربع أمام المحراب على جانبيه إيوانان يفصلهما عنه عقدان وبنهاية الإيوان القبلى منهما بابان يؤدى إلى القبة والثانى إلى الغرفة الواقعة أسفل المنارة. ويسترعى النظر فى هذا المسجد طريقة تسقيفه فهو مغطى بقبوات مصلبة من الحجر ولكى يجمع المهندس الذى وضع تصميم المسجد والقبة بين ضرورة مراعاة اتجاه القبلة وبين اتباع خط تنظيم الطريق أدخل المسافة الناتجة من انحراف الوجهة فى سمك حائطها وأنشأ بها صففا عقدها بقبوات حجرية، وشغل الصفة المقابلة للمحراب بأن وضع بها دكة المبلغ, وفى القبة انثنى بالشبابيك لتكون عمودية على كل حوائط المربع من الداخل ووجهاته، وتفنن فى تغطيتها بقبوات حجرية دقيقة الصنع.
17-
مسجد قانباى أميرا خور 908 هجرية = 1503م.يقع هذا المسجد على ربوة عالية تشرف على ميدان صلاح الدين على يسار الطالع إلى القلعة، أنشأه قانباى الرماح، أحد أمراء السلطان قايتباى وأميرا خور ابنه السلطان الناصر محمد - أى الأمير المشرف على اصطبلاته.
أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد إذ يشتمل على صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات معقودة، وقد اختلف عما سبقه من مساجد المماليك الجراكسة فى طريقة تسقيف إيواناته فبينما نرى أسقف المساجد التى أنشئت فى هذا العصر اتخذت من الخشب وحليت بنقوش مذهبة جميلة نرى أسقف هذا المسجد اتخذت جميعها من الحجر على هيئة قبوات مختلفة الأشكال، فإيوان القبلة تغطيه قبة منبسطة من مداميك من الحجر الأبيض والأحمر على التعاقب، ويدور عند مبدئها طراز مكتوب به آيات قرآنية وألقاب المنشئ واسمه، وقد حليت أركانها بزخارف محفورة فى الحجر لازال عليها آثار تذهيب شأنها شأن طراز الكتابة آنف الذكر، والإيوان الغربى يغطيه قبو مصلب من الحجر الأبيض والأحمر على التوالى، أما الإيوانان الجانبيان فصغيران ويغطى كلا منهما قبو حجرى أيضا، هذا وقد حليت وجهات العقود المشرفة على الصحن بزخارف محفورة فى الحجر متتبعة فى ذلك كثيرا من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن - أى فى أواخر العصر المملوكى- وإلى يمين إيوان القبلة تقع حجرة الضريح تغطيها قبة حجرية مرتفعة محمولة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات ويحيط بمربعها أسفل المقرنصات طراز مكتوب به آيات قرآنية تنتهى باسم المنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء - سنة 908 هجرية- ويكسو جدران القبة وزرة من الرخام الملون يتوسط الجدار الشرقى منها محراب حجرى مماثل لمحراب المسجد.
الوجهة الرئيسة للمسجد تشتمل على صفف قليلة الغور تنتهى بمقرنصات وبها صفان من الشبابيك السفلية معتبة بمزررات والعلوية معقودة، ويتوج الوجهة شرفات مورقة ويقع المدخل فى الطرف الغربى منها وإلى يساره تقوم منارة مربعة القطاع، لها دورتان وتنتهى بخوذة ذات رأسين مماثلة لمنارة مسجده الثانى الواقع بحى الناصرية، ويلى المنارة استطراق يجاوره سبيل وكتاب أعيد بناؤهما والمنارة الحالية فى سنة 1358 هجرية = 1939م بالمطابقة للأصل المستمد من صورة فوتوغرافية قديمة للمنارة الأصلية قبل أن هدمت لخللها سنة 1870 هجرية.
هذا وتقوم القبة فى الطرف الشرقى لهذه الوجهة وهى قبة حجرية يحيط برقبتها طراز مكتوب به آية قرآنية واسم المنشئ وألقابه كما يحلى سطحها الخارجى بزخارف نباتية جميلة على مثال كثير من القباب التى أنشئت فى أواخر العصر المملوكى .
18-
مسجد الغوري (1503 م – 1504 م)السلطان الغوري هو السلطان الملك الاشرف أوب النصر الغوري الجركسي الأصل.
يقع هذا المسجد في شارع المعز لدين الله الفاطمي بالغورية وإلى جانب مدخل القبة يقوم سبيل يعلوه كتاب، ويقع خلفها خانقاه ومقعد وإلى جوارها ثلاثة منازل تجتمع كلها فى وجهة واحدة متصلة تشرف على شارع الأزهر. أنشأ هذه المجموعة من المبانى الملك الأشرف قانصوه الغورى فى سنة 909/ 10 هجرية = 1503/ 4 ميلادية- وكان الغورى فى الأصل أحد مماليك الأشرف قايتباى واستمر فى خدمته إلى أن أعتقه وصار يتقلب فى عدة وظائف إلى أن بلغ أسماها فى أيام الملك الأشرف جان بلاط.
وفى سنة 906 هجرية 1501م ولى ملك مصر واستمر حكمه لها إلى سنة 922 هجرية = 1516م حيث قتل فى شهر رجب من هذا العام فى معركة مرج دابق مع السلطان سليم العثمانى.
وكان من أهم صفات الغورى شغفه بالعمارة وحبه لها فأنشأ الكثير من المبانى الدينية والخيرية ولم يكن اهتمامه بالعمارة قاصرا على المنشآت التى أقامها بل تعداها إلى ترميم وإصلاح وتجديد كثير من الآثار التى شيدها أسلافه واقتدى به الأمراء فشيدوا الكثير من المبانى التى لازالت باقية إلى الآن تنطق جميعها بازدهار العمارة والفنون فى عصره ازدهارا عظيما.
وأعظم ما تركه الغورى من منشآت هى تلك المجموعة الأثرية التى نصفها الآن والتى تعتبر بحق من أبدع ما خلفه لنا سلاطين دولة المماليك الجراكسة فقد عنى بها الغورى عناية فائقة وبالغ فى تجميلها وزخرفتها لكى تزهو على مثيلاتها المنشأة فى عصر قايتباى.
لهذا المسجد ثلاث وجهات أهمها الوجهة الشرقية التى تشرف على شارع المعز لدين الله وبوسطها المدخل الرئيس بأسفلها دكاكين وفتح بها ثلاثة صفوف من الشبابيك يعلوها طراز مكتوب به بالخط المملوكى آية قرآنية ثم اسم الغورى وألقابه وأدعية له، وتتوجها شرفات مورقة حليت أوجهها بزخارف محفورة فى الحجر، وصدر المدخل محلى بتلابيس من الرخام الأبيض والأسود وتغطيه طاقية من المقرنص الجميل وكسى مصراعا بابه بالنحاس المزخرف.
وبطرف هذه الوجهة من الجهة القبلية تقوم منارة ضخمة مربعة القطاع لها دورتان تتكون من مقرنصات منوعة وتنتهى من أعلى بحطة مربعة تعلوها خمسة رءوس, ويؤدى الباب الرئيس الذى يتوصل إليه ببضع درجات إلى دركاة مربعة أرضيتها من الرخام الملون الدقيق وسقفها من الخشب المنقوش بزخارف مذهبة ومن هذه الدركاة يسير الإنسان فى طرقة تؤدى إلى الصحن.
وقد شيد هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن يحيط به أربعة إيوانات اثنان منها كبيران وهما إيوان القبلة والإيوان المقابل له، وأما الآخران وهما الجانبيان فصغيران، ويحيط بجدرانها وزرة من الرخام الملون تنتهى من أعلى بطراز رخامى مكتوب به بالخط الكوفى المزهر آيات قرآنية وتاريخ الفراغ -909 هجرية- وفوق عقود الإيوانات الأربعة طراز مكتوب بالخط المملوكى آيات قرآنية يعلوه إزار من المقرنصات الجميلة.
ويتوسط صدر إيوان القبلة محراب من الرخام الملون وبجواره منبر خشبى دقيق الصنع اتخذت حشواته من السن المدقوق بالأويمه تتخللها حشوات صغيرة مطعمة بالزرنشان.
أرض المسجد مفروشة بالرخام الملون بتقاسيم بديعة وأسقفه مقسمة إلى مربوعات وطبال منقوشة ومذهبة وبأسفله إزار مكتوب بالذهب بأركانه مقرنصات. وتقوم دكة المبلغ على كابولين خشبيين فى مؤخرة الإيوان الغربى وفى مواجهة المحراب مكتوب عليها اسم الغورى وألقابه وأدعية له، وللدكة درابزين مقسم من أسفل إلى حشوات بعضها مطعم بالسن والأبنوس وبعضها خرط دقيق.
القبة: تقع وجهة هذه القبة فى مواجهة وجهة المسجد وبها المدخل بزخارفه ومقرنصاته وتلابيسه الرخامية المماثلة لمدخل المسجد، كما وأن بها صفين من الشبابيك داخل صفف السفلية منها معتبة بمزررات من الرخام الأبيض والأسود والعلوية على هيئة شبابيك قندلية - أى شباكين معقودين محمولين على ثلاثة أعمدة رخامية يعلوها شباك مستدير - وتنتهى الوجهة بشرفات مورقة محلاة الأوجه بزخارف محفورة فى الحجر ويبرز من هذه الوجهة بنهايتها البحرية سبيل له ثلاث فتحات كبيرة معتبة بها شبابيك من المصبعات الحديدية وأرضية من أجمل الأرضيات الرخامية وأدقها ويعلوها كتاب مفتوح من كل جانب من جوانبه الثلاثة بعقدين محمولين على عمود فى الوسط ويغطيها رفرف من الخشب محمول على كوابيل خشبية.
ويتوصل إلى المدخل ببضع درجات وهو يؤدى إلى ردهة مربعة سقفها منقوش وأرضيتها من الرخام الملون كنظيرتها بالمسجد وعلى يمينها باب يؤدى إلى القبة التى لم يبق منها سوى حوائط مربعها الحافلة بالزخارف والكتابات المحفورة فى الحجر، وأركانها ذات المقرنصات المتعددة الحطات, أما القبة نفسها فغير موجودة إذ هدمت فى أيام الغورى مرتين لخللها وأعيد بناؤها ثم هدمت مرة أخرى وأقيمت من الخشب حوالى سنة 1881م إلى أن هدمت وحل محلها السقف الخشبى الموجود الآن.
وأرضيتها من الرخام الملون ويحيط بجدرانها الأربعة وزرة رخامية يتوسط الشرقى منها محراب مماثل لمحراب المسجد, وعلى يسار الردهة باب آخر يؤدى إلى قاعة فسيحة بها محراب من الرخام الملون وهى بمثابة مصلى ولها سقف حديث من الخشب المنقوش بزخارف جميلة ملونة ومذهبة.
و بذلك يكون انتهي عصر المماليك و لن