اكتبوا للتاريخ
عناصر الخطبة :-
1- التاريخ يكتب الأبطال ويكتبه الأبطال .
2- كن بطلا ولا تكن هملا
3- الإيجابية والحركة هي باب العزة
4- من أخلاق الأبطال .
الخطبة :-
ماذا يكتب التاريخ ؟ التاريخ يكتب أحداثا ويذكر أبطالا . أما الصمت فلا يكتبه التاريخ ولا يصوره الزمن ولا تعرفه الكتب . التاريخ فيه صور مشرقة ومشاهد محرقة ،و فيه أبطال كاليواقيت وأناس كالتوابيت .
ومن يكتب التاريخ ؟ يكتبة ابطال بأعمالهم وبدمائهم وبجهادهم وكلماتهم . يكتبه حركة امة وجهاد ائمة . يكتبه مشاركة الرجال ومساندة القضايا وحمل الأمانة والدفاع عن الحقوق والقضايا .هؤلاء يكتبون التاريخ ويكتبهم التاريخ وان كانوا نمل ينقذ قومه أو هدهد يهدي لربه أو كلب يلازم ويرافق صحبه .
أما الكسالي النائمون والعملاء والمنافقون فهم دائما انعام وبهائم . ذكرهم في التاريخ همل . لعنهم من قربات العبادة والعمل . إن ذكروا في التاريخ فهم الأذلة والفاسقون لانهم ( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع علي قلوبهم فهم لا يفقهون) . وبذلك يذكرون مثل فرعون وهامان وقارون ومعهم قومهم الذين رضوا عنهم وكلهم قال فيهم رب العالمين (.......... إنهم كانوا قوما فاسقين )
أيها الأخوة المسلمون.
كتب التارخ أبطال،عملهم الإيجابية والسعي ونضرة الحق ومشاركة الدعاة الي الخير والمسارعة الي الإصلاح . لا يمنعهم من ذلك جبار ولا تقعدهم الأعذار . لا يخافون ولا يجبنون ولا يتخاذلون ولكنهم علي الله يتوكلون . لا يتعللون بالسن ولا يعتذرون بالضعف ولا يستقلون العمل ونماذجهم مشروحة ، واثارهم محفورة .
صفتهم وعنوان حياتهم الإيجابية التي بها كتبوا تاريخهم :-
إذا القوم قالوا: مَنْ فتىً؟ خِلْتُ … أنني عُنيتُ، فلم أَجْبُنْ ولم أتبلَّدِ !!
تحدث القرآن الكريم عنهم في مواضع كثيرة بألفاظ مثل المسارعة والمسابقة والمنافسة ، مثل قوله تعالى : "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ " [الأنبياء:90 ]، وقوله تبارك وتعالى : "وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ " آل عمران:114]، وقوله جل وعلا : " ": وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدِّتْ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران : 133 ]، وقوله : " سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ" [ الحديد 22]، وقوله : " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " [ المطففين :26]، قال تعالى:وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.
إضافة إلى قصصهم أمثال مؤمن آل فرعون – في سورة غافر – الذي وقف ينصر جماعة موسى – عليه السلام – أمام طغيان النظام الفرعوني المستبد،
ومثال الرجل الصالح – في سور يس – الذي جاء من أقصى المدينة يسعى لنصرة أنبياء الله المستضعفين،
ومثال تلك الجماعة التي أنكرت على أصحاب السبت فسادهم – في سورة الأعراف – وكان شعار هذه الجماعة المؤمنة هو الإعذار إلى الله ، حيث لما قال السلبيون " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا" .. قال الإيجابيون : " مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " [الأعراف : 164] .
ومثال قصة هدهد سليمان – في سورة النمل – ذلك الهدهد الذي طار إلى مملكة سبأ في جنوب الجزيرة العربية تاركًا سليمان في الشام، بغير تكليف أو تنفيذ لأمر صادر، ليأتي بخبر عظيم إلى القيادة أدى إلى دخول أمة بأكملها في دين الله ..
زمثال تلك النملة الصغيرة صاحبة المبادرات العظيمة .
وقد بينت السنة النبوية أهمية هذه القيمة الإسلامية العظيمة فيمن يصنعون التاريخ ، فيقول - صلى الله عليه وسلم - : " إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها
فليغرسها " [ صحيح، أحمد، عن أنس ].. فبين أن يكون المسلم إيجابيًا حتى قيام الساعة .. وحتى آخر رمق في حياته .
وقال – - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ ..." الحديث [ مسلم، عن أبي سعيد ] .. فبين أن يكون المسلم إيجابيًا على الفور، حيث الفاء هنا في " فليغيره" للسرعة، حيث الإسراع في تغيير المنكر واجب كما أن تغيير المنكر نفسه واجب آخر .
ويقول أيضًا : " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا، وَهَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجُوا جَمِيعًا " [البخاري، النعمان بن بشير] .فهذا الحديث الكريم رسالة واضحة إلى هؤلاء الذين اتخذوا من كلمة " وانا مالي " شعارًا لهم، حيث ناموا عن الحق، وتركوا الباطل يكبر حتى أوشك على إهلاك الجميع .
أيها الكرام الفضلاء
إن العدل والمساواة والحرية لها عنصران
راعي ورعية
فان كان الراعي عادلا وكانت الرعية ايجابية قائمة تصدع بالحق وتدافع عنه تنعم الجميع بالعدل والحرية والرخاء . فلا نطلب حاكم عادل وحكم بالعدالة من غير ان نساهم في طلبه واقامته .
والنموذج واضح في كل حياة الناس(وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)
أخرج ابن عساكر، وأبو ذر الهَرَوِي في الجامع عن النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب ــــ رضي الله عنه ــــ قال في مجلس وحوله المهاجرين والأنصار: أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ما كنتم فاعلين؟ فسكتوا. فقال ذلك مرتين وثلاثاً، فقال بشير بن سعد: لو فعلت ذلك قوَّمناك تقويم القِدْح. فقال عمر: أنتم إذاً، أنتم إذاً
وقام الفاروق رضي الله عنه يخطب فقال: أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.( بهولاء الأبطال ساد العدل
وجاءه يوماً رجل فقال له على رؤوس الأشهاد: اتق الله يا عمر: فغضب بعض الحاضرين من قوله وأرادوا أن يسكتوه عن الكلام، فقال لهم عمر: لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها( فهيا يا أيها الأبطال قولوها واسمعوهم صوتكم)
ووقف ذات يوم يخطب في الناس فما كاد يقول: (أيها الناس اسمعوا وأطيعوا) حتى قاطعه أحدهم قائلاً: لا سمع ولا طاعة يا عمر، فقال عمر بهدوء: لم يا عبد الله؟ قال: لأن كلاً منا أصابه قميص واحد من القماش لستر عورته. فقال له عمر: مكانك، ثم نادى ولده عبد الله بن عمر، فشرح عبد الله أنه قد أعطى أباه نصيبه من القماش ليكمل به ثوبه، فاقتنع الصحابة وقال الرجل في احترام وخشوع: الآن السمع والطاعة يا أمير المؤمنين.
روي إسحاق بن راهويه أن رجلاً وعظ عمر رضي الله عنه فقال: إنك وليت أمر هذه الأمة، فاتق الله فيما وليت من أمر هذه الأمة في رعيتك، وفي نفسك خاصة، فإنك محاسب ومسؤول عما استرعيت، وإنما أنت أمين، وعليك أن تؤدي ما عليك من الأمانة فتعطى أجرك على قدر عملك، فقال عمر: ما صدقني رجل منذ استخلفت غيرك.
العز بن عبد السلام
المعروف بسلطان العلماء وله عدة مواقف جليلة في كتابة التاريخ ومن ذلك موقفه مع سلطان الديار المصرية فقد خرج ذلك السلطان في يوم العيد في موكب عظيم والشرطة مصطفون على جوانب الطريق وحاشيته يحيطون به والأمراء يقبلون الأرض بين يديه والعز رحمه الله يرى ذلك فنادى السلطان قائلا .... يا أيوب !
ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوأ لك ملك مصر تبيح الخمور ؟ فقال أو يحدث هذا ؟
فقال نعم في مكان كذا وكذا حانة يباع فيها الخمر فقال السلطان يا سيدي هذا أنا ما عملته هذا من عهد أبي فهز العز بن عبد السلام وقال أنت من الذين يقولون ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ؟ !)
فأصدر السلطان أمرا بإبطال الحانة ومنع بيع الخمور وانتشر الخبر بين الناس ورجع العز إلى مجلس درسه فجاءه أحد تلاميذه يقال له الباجي فسأله قائلا يا سيدي كيف الحال ؟ فقال يابني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه فتؤذيه فقال يا سيدي أما خفته ؟
فقال والله يابني لقد استحضرت عظمة الله تعالى فصار السلطان أمامي كالقط !!!!
أخي الكريم ..
زاحم بكتفيك وساعديك قوافل العظماء المجددين والأبطال المصلحين، ولا تؤجل فإن مرور الزمن ليس من صالحك، وإن الطغيان كلما طال أمده، كلما تأصَّلت في نفوس المتميعين معاني الاستخذاء، ولابد من مبادرة تنتشل، ما دام في الذين جرفهم التيار بقية عرق ينبض، وبذرة فطرة كامنة .
أخي الكريم
إن أمتك المسلمة تترقب منك جذبة " عُمَرِيَّة " توقد في قلبها مصباح الهمة في ديجور هذه الغفلة المدلهمة، وتنتظر منك صيحة " أيوبية " تغرس بذرة الأمل، في بيداء اليأس، وعلى قدر المئونة؛ تأتي من الله المعونة، فاستعن بالله ولا تعجز .
أخي الكريمة ان حب الأوطان من الإسلام ولذا فنإن وطنك امانة بموسساته ومنشآته وموارده والحفاظ عليها صفة الأبطال وامر الله لعباده في القرآن (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)الحج
أيها البطل
إصنع تاريخا بأن تشارك في تغيير المنكر الذي تراه أمامك لو بشطر كلمة
إصنع تاريخا بأن تشارك في إصلاح مجتمعك ووطنك ومدينك ، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ..
إصنع تاريخا بأن تدلي برأيك في قضايا الأمة على المستويين العام والخاص، العالمي والمحلي .
إصنع تاريخا بأن تدعم المخلصين من أبناء وطنك ممن حملوا قضية الإصلاح على عاتقهم .
منقول