مصر: تحديات اقتصادية في انتظار الرئيس المقبلسيواجه الرئيس المصري الجديد تحدي الازمة الاقتصادية الكبيرعندما خرج المصريون في ثورة شعبية العام الماضي، كان الكثيرون منهم يطالبون بتغيير اقتصادي في ظل ما قاسوه من ارتفاع في الأسعار وفي معدلات البطالة وتدني في الأجور وانتشار للفساد ومعدلات الفقر. لكن لم يتغير الكثير من ذلك على مدار الأشهر الخمسة عشر الماضية، بل يرى الكثيرون أن مواردهم المالية باتت أشد سوءا.
وفي شوارع منطقة المهندسين الصاخبة في العاصمة المصرية ترى الناس يأتون من مختلف المشارب.
يقول محمد عبد الحميد: "كنت أعمل مدير مخزن. لكن بعد الثورة أغلق الكثير من المتاجر وبقيت لثمانية أشهر في المنزل. والآن حصلت على عمل جديد".
وتقول دينا وهي فتاة على قدر واضح من الاناقة : "اعمل موديلا بات من الصعب جدا علي العثور على عمل، فبعد الثورة لم تكن هناك فرص عمل مطلقا، وبشكل خاص لمن يعملون في اعمال حرة".
وتقول سلمى البالغة 21 عاما والمتخرجة في مجال إدارة الاعمال إنها تقدمت لأكثر من 100 وظيفة ولم تتسلم سوى 5 ردود.
وتضيف "قبل الثورة كانت ثمة فرص واعدة في قطاعات المصارف والاتصالات ولكن انكمش سوق العمل الان".
اكشاكوفي ظل عدم القدرة على الحصول على وظيفة، اتجه الكثير من المصريين من المناطق الفقيرة إلى بيع الفاكهة وبعض السلع الأخرى على عربات خشبية أو داخل أكشاك أقيمت على جوانب الطرق.
قال لي الشاب مصطفى محمد: "كنت أعمل بأحد المصانع، قبل ان افقد عملي وأقوم حاليا ببيع السجائر هنا".
وتنتشر على امتداد الشوارع صور المرشحين في انتخابات الرئاسة المصرية، التي ستجري جولتها الاولى في 23 /24 مايو/ايار ، على ان تقام جولة الاعادة في يونيو/حزيران المقبل.
وأيا كان المرشح الفائز، فأنه سيكون تحت ضغط كبير في التعامل مع الازمة الاقتصادية التي ضربت جذورها عميقا في مصر، وسيكون ذلك تحديا ضخما ينتظر الفائز في الانتخابات.
ويرسم سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، صورة قاتمة لما ينتظر الرئيس المقبل اذ يقول : "تراجعت عوائد السياحة التي كانت تدر مليار دولار شهريا. ومع أنها تتحسن حاليا بعض الشيء، إلا أنها لن تعود إلى معدلاتها عام 2010 حينما كان يأتي 13 مليون سائح سنويا".
ويضيف رضوان " ثمة ارتفاع في اسعار الطاقة ومصر مجرد مستورد للطاقة مما سيضع عبئا ثقيلا على الميزانية. والنتيجة هي عجز في الميزانية بات يقترب من 10 في المئة من اجمالي الناتج القومي".
ويشير رضوان الى ان الانتاج المحلي توقف في بعض المناطق المصرية مع توقف المئات من المصانع عن العمل. كما تراجعت معدلات التصدير مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة.
امكانات استثماريةاتجه الكثير من المصريين في المناطق الفقيرة إلى بيع الفاكهة وبعض السلع الأخرى على عربات خشبية أو داخل أكشاك أقيمت على جوانب الطرق.ومع ذلك لم تكن كل الأخبار الأخيرة سيئة بأحد المصانع بالمنطقة الصناعية شمال شرق القاهرة.
اذ قال المدير وليد صبحي إن الطلب على قطاع السيراميك ظل مستقرا. واشار إلى أن القطاع لم يعان نسبيا من إضرابات شهدتها قطاعات أخرى. ومع ذلك فقد تأثر الاستثمار الأجنبي بسبب التقلبات السياسية.
ويرى صبحي أن مستقبل مصر أفضل قائلا "عندما يكون هناك رئيس جيد وأمين وله رؤية جيدة، آمل أن تكون مصر ضمن أعلى عشر دول في العالم خلال 20 عاما".
ويضيف: "لدينا بنية تحتية ومواد خام، ولدينا قوة عاملة كبيرة. هناك الكثير من الفرص في مصر".
وربما يوافق الكثير من الخبراء على هذا التقييم، فمصر فيها إمكانات.
لكن سيتعين على الرئيس الجديد أن يجري إصلاحات هامة، لاسيما فيما يتعلق بنظام الدعم الذي يستهلك 30 في المئة من الموازنة العامة.
وسيكون من الصعب ضمان عدم تردي الأوضاع المعيشية التي يعاني منها الفقراء أكثر.
لقد توقع الكثير من المصريين تحسنا اقتصاديا بعد الثورة، لكن ذلك لم يتحقق. وهم الآن يأملون أن يحقق الرئيس الجديد ما أملوا أن تحققه الثورة.