أمراض القلب والصيام - ملف شاملأمراضُ القلب عديدة، أشهرها أربعة: أمراض شرايين القلب وأمراض الصمامات، وهبوط القلب واضطرابات نبضات القلب أو اضطرابات النظم القلبي، وهناك دوما العديد من الاستفسارات حول صيام مرضى القلب في شهر رمضان الكريم، وفي البحث الشامل التالي ستفيدكم وكالة اخبار ليل ونهار بخلاصة الامر، وكذلك اهم النصائح المفيدة لصوم صحي بعيدا عن المتاعب، وللاستفادة من الصيام في تحسين صحة القلب.
بصفة عامة ليس هناك مانع من قبل الأطباء لصيام مرضى القلب، ولكن بالمقابل ليس هناك أيضا ترخيص مطلق لإفطارهم، فالقاعدة هي أن كل مرض قلبي غير مستقر يمنع الصيام. ومع ذلك أثبتت الملاحظة أن أعدادا كبيرة من مرضى القلب يبادرون بالصيام من تلقاء أنفسهم دون تقدير العواقب. لكن الصيام ليس دائما كما يتبادر للدهن مغامرة « كبرى» لمرضى القلب بل هو مفيد في الكثير من الحالات.
لقد أجرى العلماءُ المسلمون عدَّةَ دراسات على هؤلاء المرضى، للتأكُّد من سلامة الصيام عليهم، وقد كان من نتائج هذه الدراسات أنَّ الغالبيةَ العظمى (قريباً من 90٪) من مرضى القلب يمكنهم الصيام بأمان ولله الحمد؛ ومن اشهر هذه الدراسات:
دراسة سعودية اجريت في العام 1996 وشملت 86 مريضا بالقلب في قسم القلب في مستشفى الملك فهد في جدة: كشفت ان مرضى القلب ذوي الوضع الصحي المستقر لا تتاثر صحة القلب والشرايين لديهم بشكل سلبي نتيجة الصيام.
دراسة تركية اجريت في العام 1999: وجدت ان صيام رمضان لا يؤثر سلبا على صحة القلب والشرايين.
دراسة ايرانية اجريت في العام 2000 وشملت 91 متطوعا: وجدت ان صيام رمضان يقلل من خطر الاصابة بامراض القلب والشرايين.
دراسة قطرية في مستشفى حمد: اجريت في العام 2004 وشملت 465 شخصا: بينت نتائجها ان صيام رمضان لا يزيد، على الاغلب، من حالات الذبحة الصدرية الحادة او الخناق الصدري.
دراسة اردنية اجريت في العام 2007 على 70 شخصا: استنتج منها ان صيام رمضان رفع من تركيز مركب الكولسترول الجيد (HDL cholesterol) الذي يحمي الشرايين من التضيق والانسداد وخفض من مستوى الدهنيات الثلاثية والكولسترول السيء (LDL cholesterol) في الدم.
دراسة عراقية اجريت في العام 2010 على 86 شخصا خلال شهر رمضان: وجدت ان مرضى القلب الذين يتمتعون بوضع صحي مستقر لا يصابون باضرار في صحة القلب والشرايين نتيجة الصيام.
وممَّا ساعدَ على ذلك وجودُ الأنواع الجديدة من الأدوية ذات المفعول الطويل، والتي يمكن تناولها مرَّةً واحدة في اليوم فقط.
من لا يناسبهم الصيام من مرضى القلب:
1- مرضى الجُلطة الحديثة.
2- المصابون بهبوط حاد شديد لم يُسيطَر عليه بعد.
3- المصابون بالذبحة القلبية غير المستقرَّة.
4- المرضى الذين هم في حاجة لدخول المستشفى.
5- الذين يحتاجون إلى علاج في أثناء النهار عن طريق الفم أو الحقن.
فوائد الصيام على القلب:
خلال رمضان نلاحظ عموما تحسنا لدى مرضى القلب حيث يقل مجهود القلب وعمله، فعدم حدوث عملية الهضم أثناء النهار تعني جهدا اقل لهذه العضلة وراحة أكبر، ذلك أن 10% من كمية الدم التي يدفع بها القلب الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم.
كذلك يستفيد المصابون بارتفاع معتدل للضغط الدموي من التأثير الإيجابي للصيام عليهم حيث يمكن أن تستقر لديهم أرقام الضغط الدموي في المعدلات الطبيعية خلال رمضان، كما يؤكد الأطباء أن الصيام مفيد لبعض الحالات المرضية خصوصا الذين يعانون من ارتفاع الدهون الثلاثية والكوليسترول الذي يسبب بدوره تصلب الشرايين وكذلك يفيد الصيام من لهم سمنة مفرطة في التخفيف من وزنهم شريطة التقيد بنظام صحي للأكل كما أثبتت الدراسات تحسنا كبيرا في الحالات المرضية التي تعاني من داء النقرس.
اعتقادات خاطئة:
تصحيح بعض الاعتقادات والمخاوف الخاطئة التي تدور في أذهان البعض عن الصيام وتأثيره على القلب والدورة الدموية:
- الصيام يضعف القلب ويسبب نقص السكر في الدم وهو غذاء القلب الرئيسي: هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فنسبة السكر في الدم تبقى في حدود الطبيعي، والجسم لديه مخزون كبير من الغذاء، فهو يختزن السكريات في الكبد، ويختزن الدهنيات تحت الجلد وحول الأحشاء، ويستطيع الجسم ببساطة أن يستخدم من هذا المخزون ما يشاء لتغذية القلب وباقي الأعضاء في ساعات الصيام ويعوضه بعد الإفطار.
- الصيام يسبب زيادة في تركز الدم ولُزُوجته بسبب السوائل، وهذا بالتالي يؤدي إلى حدوث جلطات في القلب: لا يوجد أي أساس علمي لهذا الاعتقاد، ففترة الصيام لا تزيد عن 16 ساعة بأي حال، وما يفقده الجسم من الوسائل في هذه الفترة لا يحدث تركيزًا يذكر في قابلية الدم للتجلط، وقد كان المسلمون الأوائل يصومون رمضان في ظروف بالغة الصعوبة، وفي صحراء شبه الجزيرة العربية، حيث تصل درجة الحرارة في الظل إلى خمسين درجة مئوية، وحيث تعز شربة الماء حتى بعد الإفطار نظرًا لقلة المطر، وندرة الآبار، ولم نسمع بأن أحدًا من هؤلاء أصيب من جراء هذا بأي تجلط!
- الصيام يسبب هبوطًا خطرًا في ضغط الدم خاصة عند أولئك المصابين بمرض ضغط الدم المنخفض: حكاية ضغط الدم المنخفض هذه قد بولغ فيها بدرجة كبيرة وانظر “مريض ضغط الدم في الصيام”.. أما وقد فنّدنا المخاوف والأوهام عن زعم التأثير الضار للصيام، فقد أصبح من الممكن لكل الأصحاء، وغالبية المصابين بالدرجات البسيطة والمتوسطة في كثير من أمراض القلب أن يؤدوا فريضة الصيام. وأصبح خطر الصيام لا يتجاوز نسبة بسيطة من مرض الدرجات الأكثر شدة قبل الجلطة الحديثة والذبحة الصدرية غير المستقرة أو غير المستجيبة للعلاج، وهبوط القلب، والاضطرابات الخطيرة في النبض، والضيق أو الارتجاع الشديد في صمامات القلب، والتهابات الصمامات، والحمى الروماتيزمية النشطة، وكذلك مريض القلب الذي أجريت له جراحة حديثة، وأيضًا المرأة الحامل المريضة بالقلب؛ لأن الحمل عبء على القلب، فيحب عليها الأفكار حرصًا عليها وعلى سلامة جنينها.
- الصيام يؤثر على الأدوية التي يتعاطاها المريض: أما عن استعمال الأدوية في رمضان، فعندما يتطلب العلاج استخدام الأدوية في جرعات متقاربة الزمن (أي كل 6 ساعات أو 4 ساعات) عندئذ يتعذر الصيام، ومثال ذلك غالبية المضادات الحيوية والكثير من الأدوية المنظمة لنبض القلب والموسّعة للشرايين، ولكن بعد التطور في علم الفارماكولوجي والوصول إلى أدوية طويلة المفعول تصل إلى 24 ساعة أمكن للمريض أن يتناول الدواء مرة واحدة في اليوم أثناء فترة الإفطار، مع استمرار مفعول الدواء بالجسم خلال فترة الصيام، وبذلك يمكن لمريض القلب أن يصوم بدون حدوث أي مضاعفات غير أن تقدير ذلك لا بد أن يرجع للطبيب المعالج.
غذاء مريض القلب في شهر رمضان:
ينصح مريض القلب في شهر رمضان المبارك بأن يبدأ إفطاره بتناول شربة دافئة، وعدم المثلجات في البداية، كما ننصحه بعد تناول المخللات والطراشي والأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح، وأن تستبدل بها السلطة الخضراء مع الطعام، حيث نموه بالفيتامينات اللازمة للجسم ولا يكون لها أي أضرار. وننصح أن تكون وجبة الإفطار خفيفة لا تصل به إلى حد الشبع، وأن يتناول بعد ذلك عدة وجبات خفيفة ما بين فترة الفطور والسحور، وأن يتناول كميات متكررة من الماء والسوائل أثناء هذه الفترة، خاصة خلال الأيام التي يكون فيها الجو حارًّا حتى يعوّض ما يفقده الجسم من سوائل. وشهر الصوم يعتبر هو الفرصة الجميلة لكل مرضى القلب المدخنين للامتناع نهائيًّا عن التدخين، باعتباره أحد أهم عوامل الخطورة بالنسبة لأمراض القلب، والابتعاد عن الانفعالات، حيث إن الصيام يدعو إلى التسامح وتهذيب النفس. ويمكن لمريض القلب أن يتناول بعض الحلو ولكن بكميات قليلة، وأن تكون كمية الدهون بها محدودة حتى لا تتسبب في زيادة وزنه أو زيادة نسبة الكوليسترول في الدم. أما إذا كان مريض القلب مصابًا بالسكري فعليه اتباع رجيم السكر حتى لا تحدث له مضاعفات من تناول الحلويات بكميات كبيرة، كما ننصح مريض القلب بالإقلال من تناول الياميش؛ لأنه يحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول الذي يكون له ضرر كبير على القلب والشرايين.
متى يفطر المريض بالقلب؟
هذا موضوع شائك يجب أن يجيب عليه الطبيب المتابع لحالة المريض ولكن بصفة عامة يميز أطباء القلب والشرايين الفئة التي يتعين عليها الإفطار كالمرضى الذين يعانون من مرض قلبي حاد كمريض الجلطة القلبية الحديثة أو مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة أو مرضى التهاب شغاف القلب أو الحمى الروماتيزمية التي وقع تشخيصها حديثا أو النشيطة والمرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية حديثة. في هذه الحالات يكون الإفطار بديهيا لأن هؤلاء المرضى يوجدون في وضع صحي حرج وحاد. يحتاجون معه لعلاج مكثف بالأدوية سواء عبر الفم أو الوريد، ثم هناك عينة أخرى من المرضى التي تعاني من أمراض مزمنة والتي تحتاج للعلاج بصفة منتظمة لمدة طويلة أو مدى الحياة. هذه الفئة من المرضى يمكنها الصيام شريطة أن تتمتع بوضعية صحية مستقرة وأن تخضع لمراقبة طبية منظمة وينتمي لهذه المجموعة مرضى الذبحة الصدرية الذين استقرت حالتهم من خلال الدواء ومرضى ارتفاع ضغط الدم المتحكم فيه ومرضى صمامات القلب الذين لا يشكون من أية أعراض…الخ.
كل هؤلاء المرضى يستطيعون الصيام شريطة أن لا ينعكس صيامهم على استقرار المرض لديهم مع تعديل أوقات تناول الدواء الذي ينبغي تناوله خلال الليل بين الإفطار والسحور إذا كان يتكون من جرعتين فأكثر. أما إذا كان يتناول مرة واحدة، فمن الغالب أن يؤخذ خلال السحور حتى يضمن الطبيب تغطية الجسم بالدواء خلال النهار.
في مقابل هؤلاء المرضى الذين ينبغي لهم إعداد خطة واستراتيجية للصوم والعلاج خلال رمضان. هناك حالات لأمراض القلب المزمنة لا تسمح بالصيام نظرا لعدم استقرارها رغم تناول الدواء لمرضى قصور القلب الاحتقاني، ومرضى التضيق الشديد في صمام القلب ومرضى ارتفاع ضغط الدم الحاد…. إلخ، وكذلك مرضى القلب الذين يشكون من أمراض أخرى إضافية كالسكري أو القصور الكلوي أو ارتفاع ضغط الشريان الرئوي Hypertension pulmonaire. عند هؤلاء المرضى، يخشى أن يتسبب عدم الانتظام في العلاج، بسبب الإمساك عن الطعام والشراب، مما قد يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية وإلى عواقب قد تكون أحيانا جد وخيمة.
يتبع