بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة ب 700 كلمة ليس فيها حرف الآلف
-------------------------------------------------------------------------------
جلس جماعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم يتذاكرون فتذاكروا الحروف الهجائية
وأجمعوا على أن (حرف الألف) هو أكثر دخولا في الكلام فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه و
ارتجل هذه الخطبة الخالية من الألف وهي تتكون من 700 كلمة أو 2745 حرفا ما عدا ما ذكره فيها
من القران
حمدت وعظمت من عظمت منته , وسبغت نعمته , وسبقت غضبه رحمته , وتمت كلمته , ونفذت
مشيئته وبلغت قضيته . حمدته حمد مقر بتوحيده , ومؤمن من ربه مغفرة تنجيه , يوم يشغل عن فصيلته
وبنيه ونستعينه ونسترشده ونشهد به , ونؤمن به , ونتوكل عليه , ونشهد له تشهد مخلص موقن ,
وتفريد ممتن ونوحده توحيد عبد مذعن , ليس له شريك في ملكه , ولم يكن له ولي في صنعه , جل عن
وزير ومشير
وعون ومعين ونظير , علم فستر , ونظر فجبر , وملك فقهر , وعصي فغفر, وحكم فعدل , لم يزل ولم
يزول , ليس كمثله شئ , وهو قبل كل شئ , وبعد كل شئ , رب متفرد بعزته , متمكن بقوته , متقدس
بعلوه , متكبر بسموه , ليس يدركه بصر , وليس يحيطه نظر , قوي منيع , رؤوف رحيم , عجز عن
وصفه من يصفه , وصل به من نعمته من يعرفه قرب فبعد , وبعد فقرب , مجيب دعوة من يدعوه
ويرزقه ويحبوه , ذو لطف خفي , وبطش قوي , ورحمته موسعه , وعقوبته موجعة , رحمته جنة
عريضة مونقة , وعقوبته جحيم ممدودة موثقة . وشهدت ببعث محمد عبده ورسوله , وصفيه ونبيه
وحبيبه وخليله , صلة تحظيه , وتزلفه وتعليه , وتقربه وتدنيه , بعثه في خير عصر وحين فترة كفر
رحمة لعبيده , ومنة لمزيده , ختم به نبوته , ووضح به حجته فوعظ ونصح وبلغ وكدح , رؤوف بكل
مؤمن رحيم , رضي ولي زكي عليه رحمة وتسليم , وبركة وتكريم من رب رؤوف رحيم , قريب
مجيب .موصيكم جميع من حضر , بوصية ربكم , ومذكركم بسنة نبيكم , فعليكم برهبة تسكن
قلوبكم ,وخشية تذرف دموعكم وتنجيكم , قبل يوم تذهلكم وتبلدكم , يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ,
وخف وزن سيئته وليكن سؤلكم سؤل ذلة وخضوع , وشكر وخشوع , وتوبة ونزوع وندم ورجوع ,
وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه , وشبيبته قبل هرمه فكبره ومرضه , وسعته وفرغته قبل
شغله وثروته قبل فقره وحضره قبل سفره , من قبل يكبر ويهرم ويمرض ويسقم ويمله طبيبه ويعرض
عنه حبيبه , وينقطع عمره ويتغير عقله . قبل قولهم هو معلوم , وجسمه مكهول , وقبل وجوده في نزع
شديد , وحضور كل قريب وبعيد , وقلب شخوص بصره , وطموح نظره , ورشح جبينه , وخطف
عرينه , وسكون حنينه وحديث نفسه , وحفر رمسه , وبكي عرسه , ويتم منه ولده , وتفرق عنه عدوه
وصديقه وقسم جمعه وذهب بصره وسمعه , ولقي ومدد , ووجه وجرد , وعري وغسل , وجفف وسجى
وبسط له وهيئ ونشر عليه كفنه , وشد منه ذقنه , وقبض وودع وسلم عليه , وحمل فوق سريره
وصلي عليه , ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة , وحجر متحدة , فجعل في طريح ملحود , ضيق
موصود بلبن منضود مسعف بجلمود , وهيل عليه عفره , وحشي عليه مدره , وتخفق صدره , ونسي
خبره ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه , وتبدل به قريبه وحبيبه , فهو حشو قبر , ورهين قفر ,
يسعى في جسمه دود قبره ويسيل صديده على صدره ونحره , يسحق تربه لحمه , وينشف دمه ويرم
عظمه حتى يوم محشرة ونشره , فينشر من قبره وينفخ في صوره , ويدعى لحشره ونشوره , فتلم بعزه
قبور وتحصل سريرة صدور , وجئ بكل صديق , وشهيد ونطيق , وقعد للفصل قدير , بعبده خبير بصير ,
فكم من زفرة تعنيه , وحسرة تقصيه في موقف مهيل ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة
وكبيرة عليم حينئذ يجمعه عرفه ومصيره , قلعة عبرته غير مرحومة , وصرخته غير مسموعة ,
وحجته غير مقبولة تنشر صحيفته , وتبين جريرته , حين نطر في سور عمله , وشهدت عينه بنظره
ويده ببطشه ورجله بخطوه , وفرجه بلمسه , وجلده بمسه , وشهد منكر ونكير , وكشف له من حيث
يصير , وغلل ملكه يده وسيق وسحب وحده , فورد جهنم بكرب وشده , فظل يعذب في جحيم ,ويسقى
شربة من حميم , يشوى وجهه , ويسلخ جلده , ويضربه زبينه بمقمعة من حديد , يعود جلده بعد نضجه
وهو جلد جديد يستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم , ويستصرخ فلم يجده ندم ة, ولم ينفعه حينئذ ندمه .
نعوذ برب قدير من شر كل مضير , ونطلب منه عفو من رضي عنه , ومغفرة من قبل منه , فهو ولي
سؤلي , ومنجح طلبتي , فمن زحزح عن تعذيب ربه , جعل في جنة قربه , خلد في قصور مشيده , وملك
حور عين وعده , وطيف عليه بكؤوس , وسكن في جنة فردوس , وتقلب في نعيم , وسقي من تسنيم ,
وشرب من عين سلسبيل قـد مزج بزنجبيل , ختم بمسك , مستديم للملك , مستشعر بسرور ,يشرب من
خمور , في روض مغدق ليس يبرق , فهذه منزلة من خشي ربه ,وحذر ذنبه ونفسه , قوله قول فصل ,
وحكمه حكم عدل , قص قصص , ووعظ نصبتنزيل من حكيم حميد , نزل به روح قدس متين , مبين من
عند رب كريم , على نبي مهدي رحمة للمؤمنين , وسيد حلت عليه سفره ,مكرمون برره , وعذت برب
عليم حكيم , قدير رحيم , من شر عدو ولعين رجيم , يتضرع متضرع كل منكم ويبتهل مبتهلكم ,
ويستغفر رب كل مذنوب لي ولكم (تمت) والله أعلم . ثم قرأ بعدها قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين .