بوابة الشروق
كتاب "مشاهد" هو أول مجموعة قصصية – على الإطلاق - تحكي الواقع الصومالي لقراء العربية .. بطريقة مختلفة تمامًا عما تتناوله الصحف العربية أو ما تتناقله القنوات الإخبارية، من كوارث كبرى لا يد للإنسان فيها ولا شأن له في تشكيل الوعي الصومالي الحالي، بما يميزه من قائمة أولويات تحوي في أسطرها، غير ما يعرفه بقية العالم العربي، أو الغربي أو حتى الإفريقي.
هذا الوعي الصومالي ذو الطابع الخاص، هو وعيٌ متبلور من استمرارية القضية الأصلية والأهم وهي "الحياة على المحك" .. حيث كل شيء متذبذب، غير محمود العواقب، وكل أمل يعتمد على قوانين معقّدة بالنسبة لهذا الإنسان البسيط، الذي لا يريد من الحياة سوى بعض أمان، وشيءٌ من الاستقرار بعيدًا عن رنة الخوف الكئيب وأقفال السجون التي تمنعه عن معرفة مصدر الإشعاع الذي يغذي هذا الأمل الضئيل.
المجموعة القصصية "مشاهد" توضح لقارئ العربية ما يمكن أن تولده الحياة على خط النار من طرق في التفكير وأشكال متحورة عنها تلقي بظلالها على الحاضر والمستقبل كما حددت من قبلُ شكل الماضي، حياة تجد قراراتها متلونة بألوان تلك النيران التي قد يبتعد عنها الفرد الصومالي جسدًا وروحًا ولكنها تظل تهديدًا دائمًا يواجهه باستمرار ويشكل خلفية ذهنية لكل الأفكار والقرارات المصيرية أو اليومية، تهديدًأ يمس حياته أو خياراته، مشكلاً بذلك حدودًا ضيقة للخطط الزمنية، دافعًا به إلى التهور أحيانًا أو البحث عن طرق مختلفة أسرع وأبسط وأقل تهديدًا في أحايين كثيرة.
هذه اللمحات من الاختلاف الفكري في قضية تحديد الأولويات الحياتية هي طابع صومالي صرف، تبنى على أساسه تعريفات كثيرة وردود أفعال أكثر .. كل هذا لم تعرفه بعد بقية الشعوب العربية عن الشعب الصومالي العربي وعن قضاياه الخاصة غير الواضحة للعيان.
إذن فإن هذه المجموعة القصصية، التي اتخذت من اسم "مشاهد" عنوانًا لها، هي نوع ما جسر صغير، يوضح شيئًا بسيطًا مما وراء الستار في لقطات حاسمة، سريعة لأشكال متعددة من هذه الحياة المستترة عن قراء اللغة العربية .. من كل بقاع العالم تجمعت المشاهد تظهر لنا لحظات تسجيلية واضحة للحياة الصومالية، بدون رتوش أو تزيين، وبدون تهويل ولا تطويل