الإمام محمد عبده
بحار في عصر التنوير
باسم محمد – ماب نيوز :
طالته العديد من الأقاويل تتهمه بالكفر، بالرغم من أنه سبق عصره بعشرات السنين، وساهم في تحرير العقل الإنساني من الجمود الذي أصابه على مر قرون طويلة، ويعد من أهم وأبرز دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي في القرن التاسع عشر، هو علامّة عصره الإمام محمد عبده عالم دين وفقيه ومجدد إسلامي مصري، وهو أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي وساهم مع أستاذه جمال الدين الأفغاني في إنشاء حركة فكرية تجديدية إسلامية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين تهدف إلى القضاء على الجمود الفكري والحضاري و إعادة إحياء الأمة الإسلامية لتواكب متطلبات العصر.
ولد محمد بن عبده بن حسن خير الله سنة 1266هـ الموافق 1849م في قرية محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة لأب تركمانى وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة بني عدي العربية، درس في طنطا إلى أن أتم الثالثة عشرة حيث التحق بالجامع الأحمدي، ثم التحق بالجامع الأزهر في سنة 1866م ، وفي سنة 1877م حصل على الشهادة العالمية وفي سنة 1879م عمل مدرساً للتاريخ في مدرسة دار العلوم وفي سنة 1882م.
يُعدّ “الإمام محمد عبده” واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية. وقد تأثر به العديد من رواد النهضة مثل عبد الحميد بن باديس ومحمد رشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي.
رأيه في التصوف
يقول: “أنه لم يوجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس وأنه بضعف هذه الطبقة فقدنا الدين”، ويقول : “قد اشتبه على بعض الباحثين في تاريخ الإسلام وما حدث فيه من البدع والعادات التي شوَّهت جماله السبب في سقوط المسلمين في الجهل فظنوا أن التصوف من أقوى الأسباب وليس الأمر كما ظنوا”
في 3 يونيو عام 1899م / 24 محرم 1317 هـ عين في منصب المفتي، وتبعاً لذلك أصبح عضواً في مجلس الأوقاف الأعلى، وفي 25 يونيو 1890م عين عضواً في مجلس شورى القوانين. وفي سنة 1900م أسس جمعية إحياء العلوم العربية لنشر المخطوطات، وزار العديد من الدول الأوروبية والعربية.
تتلمذ على بديه ونهجه كوكبة من نجوم العلم والفكر في القرن العشرين منهم محمد رشيد رضا وحافظ إبراهيم المُلقب بـ”شاعر النيل” والشيخ الشهيد عز الدين القسام أول من نادى بالثورة على الإنجليز والإحتلال الصهيوني وتحرير فلسطين من براثنهم، وشيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي وشيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق وشيخ العروبة محمد محيي الدين عبد الحميد والزعيم المصري القومي سعد زغلول والكاتب الصحفي قاسم أمين ومحمد لطفي جمعة وعيد الأدب العربي طه حسين
“كلما زادت الأمة جهلًا زادت تمسكًا بقشور دينها، وكلما زادت نكوصًا واستعمارًا، زاد تجهيلها للغير، وهجومها على كل ما يأتي منه بحكم العداء العام الذي لا انتقاء فيه… كان هذا مركز فتاوي الإمام محمد عبده، التي بنى عليها منهجه، وقامت عليها مؤلفاته، وعلى أساسها بدأ عمله الإصلاحي، ومن منطلقها كان الهجوم عليه، واتهامه بالعمالة والتواطؤ مع الغرب والاستعمار” لخَّصت تلك الكلمات وبشكل وجيز منهج “الأستاذ الإمام” – كما كان يطلق عليه – الذي تأثر بشكل كبير بالشيخ جمال الدين الأفغاني، فقد اشتركا معًا في إصدار مجلة “العروة الوثقي” في باريس، لتكون حركة تجديدية إسلامية تهدف إلى القضاء على الجمود الفكري والحضاري الذي أصاب العالم العربي الهجوم الذي تعرض له الإمام محمد عبده، باعتباره شيخ المجددين، طال كل العلماء في مجالات العلوم والآداب والفنون وبعض العلوم الطبيعية.