الحمي الروماتيزمية مازالت تشكل خطراً علي صمامات القلبكتب - مصطفي دنقل:تستحوذ أمراض القلب لدي الأطفال علي اهتمام العامة والمتخصصين في أمراض القلب وذلك لأن أطفالنا هم أغلي ما لدينا وهم الفئة العمرية من 2 إلي 17 عاماً،
وقد مر الطب وجراحة قلب الأطفال في العقدين الأخيرين بتطورات مذهلة في مجال الفحوصات والعلاج الدوائي والعلاجي التداخلي «قسطرة القلب وما إلي ذلك» والعلاج الجراحي.
يؤكد الدكتور ياسر محمد حزين دكتوراه واستشاري القلب والأوعية الدموية أن الأمراض التي يصاب بها قلب الأطفال تتنوع ما بين عيوب خلقية، خاصة بالمسارات الكهربية لنبضات القلب وعيوب خلقية بصمامات القلب وعيوب خلقية بجدران حجرات القلب وشرايين القلب، كما أن التهابات صمامات القلب الناتجة عن حمي روماتيزمية مازالت تشكل «رغم انحصارها بعض الشيء» خطراً داهماً علي صمامات القلب حيث تسبب ضيقاً أو ارتجاعاً أو كليهما في صمام أو أكثر ما يؤدي تراكمياً حال عدم الأخذ بالعلاج المثالي إلي ضعف عضلة القلب وحدوث ما يسمي بهبوط وظائف القلب، وقد يعاني أيضاً الأطفال مثل الكبار من ارتفاع ضغط الدم بنوعيه الأول والثاني، ونبدأ حديثنا بتأثر صمامات القلب بتكرار حدوث التهابات متكررة باللوزتين ما يؤثر لدي بعض الأطفال علي هذه الصمامات بمرور الوقت بحدوث ضيق أو ارتجاع، أو كليهما بصمام أو أكثر وينعكس ذلك علي وظيفة عضلة القلب والرئتين ما يؤدي لاحقاً لما يسمي احتشاء القلب وهو لمن لا يعلم مسمي يقصد به ضعف عضلة القلب وعجزها عن القيام بوظائفها، وهنا تجدر الإشارة إلي أهمية التشخيص المبكر لالتهاب اللوزتين ومن ثم العلاج الناجح لاتقاء مغبة تأثير الالتهاب علي صمامات القلب، ويحتاج من يصاب بالالتهاب الروماتيزمي للقلب لعلاج معين أهمه استخدام الإسبرين بجرعات عالية، حيث إنه العلاج الأهم ويحتاج المريض أيضاً لأخذ جرعات منتظمة كل ثلاثة إلي أربعة أسابيع من مادة البنسيلين طويل المفعول عن طريق الحقن العضلي كإجراء وقائي لعدة سنوات حتي لا تعاوده الإصابة ومن ثم تؤذي القلب، وتجدر الإشارة هنا إلي أهمية عمل اختبار لمادة البنسيلين لبيان ما إذا كان الطفل يعاني من حساسية لهذه المادة من عدمه وذلك في كل مرة يتم فيها أخذ الحقن وليس أول مرة فقط.
ويضيف الدكتور ياسر حزين: أما عن العيوب الخلقية لقلب الأطفال فهي كثيرة ومتنوعة ما بين وجود ثقب بين الجانب الأيسر من عضلة القلب والجانب الأيمن كثقب ما بين البطينين وثقب ما بين الأذينين علي سبيل المثال لا الحصر، كما يعاني بعض الأطفال من وجود ضيق خلقي بالصمام الرئوي أو الأورطي وكذلك بالشريان الأورطي نفسه ويتم الآن في مصر علاج هذه العيوب باستخدام البالون عن طريق القسطرة في حالة الصمام الرئوي، أو البالون والدعامات في حالة ضيق الشريان الأورطي، وتتنوع عيوب القلب الخلقية التي ينتج عنها حدوث «زرقة» في لون الطفل الرضيع أو الطفل الكبير نسبياً ولا يتسع المقام هنا لتفصيلها بيد أن أشهرها علي الإطلاق ما اصطلح علي تسميته بـ «رباعي فالوت» وهو عيب خلقي مركب من عدة عيوب خلقية تؤدي لحدوث تسارع في التنفس أو زرقة بالجسم واضطراب في النمو، كذلك قد يحدث تبادل بين موقعي الشريان الرئوي والشريان الأورطي ما يؤدي لاختلاط الدم وحدوث حالة من الزرقة وعدم حدوث تغذية سليمة لخلايا الجسم، ويأتي حدوث اضطرابات في كهربة القلب كأحد أسباب اعتلال القلب لدي الأطفال ويكون ذلك في غالبية الحالات ناتجاً عن اختلال جيني في عمل الأيونات وتوقيت وكثافة دخولها وخروجها من الخلايا وتحتاج لعمل دراسة جينية لبيان نوع ومدي الإصابة لتحديد الطرق المثلي في العلاج مثل استخدام العقاقير أو القسطرة أو ناظمات القلب الصناعية في حالات أخري، وأيضاً يشارك تضخم القلب وبالذات البطين الأيسر في حدوث مشكلات لدي الأطفال ويعتبر هذا التضخم من أهم أسباب الوفاة المفاجئة، خاصة لدي الرياضيين الذين يعانون من هذا المرض ويقومون بممارسة الرياضات التنافسية، ذلك أنه قد تحدث بعض الضربات التي يصطلح أطباء القلب علي تسميتها بالضربات الخبيثة لأنها قد تؤدي إلي حدوث توقف لعضلة القلب ومن ثم الوفاة، بيد أن الأمر ليس بالخطورة التي يتصورها البعض وذلك حال حدوث تشخيص للحالة والتعامل معها سواء بالعلاج الدوائي أو القسطرة أو التدخل الجراحي في بعض الأحيان ويأتي دور التشخيص الصحيح والمتكامل كأهم نقطة في علاج مشكلات القلب لدي الأطفال، فالفحص المتأني والدقيق يمثل علامة فارقة في تقييم الحالة حيث إنه اللبنة الأولي التي يؤسس بناء عليها خطة العمل للتشخيص وانتقاء الفحوصات اللازمة ومن ثم العلاج.
ويري الدكتور ياسر حزين أنه لم ينحصر حتي الآن دور رسم القلب في تشخيص مشكلات القلب لدي الأطفال حتي يومنا هذا رغم ظهور العديد من الفحوصات الأخري المتطورة بل هناك ما يسمي بـ «الهولتر» وهو عمل رسم قلب لمدة 24 ساعة متواصلة وأحياناً لمدة 48 ساعة، وذلك لبيان ماهية بعض الضربات التي لا يتأتي لرسم القلب العادي كشفها، أما الموجات فوق الصوتية للقلب «الإيكو دوبلر» فهو الفحص الذي تستطيع أن تقول إنه قد أحدث الثورة بحق في مجال التشخيص وقد تنوع علي مدار السنوات من عمل الإيكو من خلال الفحص الخارجي علي الصدر إلي فحص الإيكو عن طريق المريء إلي الفحص بالموجات عن طريق استخدام تقنية ثلاثي الأبعاد عن طريق الصدر وعن طريق المريء، وقد تنامي في السنوات الأخيرة دور استخدام النظائر المشعة والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، خاصة في مجال العيوب الخلقية للقلب والعديد من تقنيات الفحص عن طريق القسطرة والتقنيات الأخري التي لا يتسع المقام لشرحها علي أن هذه الفحوصات علي كثرتها ينبغي أن يتعامل معها الطبيب كـ «حكيم» كما كان يطلق عليه قديماً بحيث ينتقي لكل حالة ما يناسبها من أنواع الفحص ويحاول أن يرشد استخدام هذه الفحوصات حتي لا تكون عبئاً علي المريض، حيث لا يكون لها مردود اقتصادي سلبي علي المجتمع حال عمل فحوصات لا مردود من ورائها، خاصة ونحن نعيش في بلد نامٍ يحتاج للحكمة والترشيد، وذلك دون إفراط أو تفريط.