حتى ننتقل من مرحلة الأقوال إلى الأفعال:
دراسة تكشف روشتة علمية لتنمية سيناءتقدم الدراسة: حنان فهمى الثلاثاء , 17 يناير 2012 20:24
أكدت دراسة حديثة ان مستقبل مصر يعتمد على تنمية منطقة سيناء. كما أكدت الدراسة ضرورة الخروج إلى بيئة جديدة أكثر تنظيما وإنتاجا لمواجهة تحديات تحول مصر الى مجتمع عشوائى. جاء ذلك فى الدراسة التى حملت عنوان «أهمية المكان والموقع فى تنمية سيناء «للدكتور عفيفي عباس عفيفي رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة مركز البحوث الزراعية.
وتعد الدراسة القيمة روشتة علمية لمشروع تنمية سيناء وتوضح الأسس الاستراتيجية لهذه التنمية وضرورتها فى مواجهة الأطماع الصهيونية فى سيناء. وتتولى الدراسة التأصيل التاريخى لسيناء حيث يتضح ان أصل كلمة «سيناء»، في الهيروغليفية القديمة «توشريت» أي أرض الجدب أو الأرض الصفراء لكن المتفق عليه أن اسم سيناء، الذي أطلق علي الجزء الجنوبي من سيناء، مشتق من اسم الإله «سين» إله القمر فى بابل القديمة حيث انتشرت عبادته في غرب آسيا ثم وافقوا بينه وبين الإله «تحوت» إله القمر المصري الذي كان له شأن عظيم في سيناء وكانت عبادته منتشرة فيها وفي المصادر المصرية الأخري من عصر الدولة الحديثة يشار إلي سيناء باسم «خاست مفكات» وأحياناً «دومفكات» أي «مدرجات الفيروز، أما كلمة الطور التي كانت تطلق علي سيناء في المصادر العربية فهي كلمة آرامية تعني «الجبل» وهذا يعني أن طور سيناء تعني «جبل القمر».
ويرى الدكتور عفيفي ان تنمية سيناء هو مشروع وطنى كبير للمستقبل. كما يرى ان «تعمير سيناء كمكان وموقع ضرورة حتمية يجب ان تتأسس على ثقافة وطنية علمية تستند الى قواعد المعلومات ووحدة من المعرفة ترى أنه من الأهمية ان يشغل الانسان فى سيناء مكانه كوطن صغير يستطيع ان يبدع فيه من أجل تطوير ملامحه الديموجرافية ويكون اكثر توافقا فى مكانه وفاعلا فى موقعه داخل مصر والعالم الخارجى ليكون متجانسا مع الرؤى والطموحات التى تتطلع الى تقدم اقتصاد مصر فى ظل مستقبل أكثر استقرارا وامنا». وتشير الدراسة إلى «أهمية تحقيق العدالة الإقليمية بين مناطق الوطن وجهاته الجغرافية وتنمية المناطق المهمشة لبناء التكامل الوطني مع الأخذ في الاعتبار ثقافة أهل سيناء من بدو وحضر ذوي العادات والتقاليد المتباينة وتحفيزهم علي المشاركة في التنمية ليترسخ عندهم قناعة بأن تنمية سيناء ستتحقق بهم وتعود عليهم بالخير فى إقليم يشكل أهمية كبيرة لمصر كمكان وموقع». كما تشير الدراسة إلى أهمية إدراك الشعب ان «تحديات الحاضر والمستقبل تفرض تحويل عملية تنمية سيناء من مجرد مشروع الى التزام وطني وعقائدي لأن إسرائيل لم تتعود أن تنظر إلى الأحداث في كمون ولا يجب ان نعطيها الفرصة لتتحالف مع مؤيديها في حالة انشغال مصر عن سيناء فتعتدي عليها وتربك تفعيل تنميتها كما حدث سابقا فنعود الى تحريرها ولكن الزمن آنذاك ربما لا يكون كما حدث سابقا». أوضحت الدراسة «إن مصر تحتاج إلى مشروع وطني كبير يساهم في إحداث طفرة في الهيكل الاقتصادي والديموجرافى على غرار المشروعات التاريخية التي تم إقامتها على أرض مصر». كما أوضحت الدراسة ان «الزيادة السكانية وانحسار أراضى نهر لنيل أمام الزحف العمراني على أراض خصبة محدودة في دلتا ووادي النيل - 3.7 % تقريبا -وغلق حدود غرب وشرق الدلتا بجدار من المدن الجديدة والمنتجعات الترفيهية على ارض صحراوية صالحة للزراعة ادى الى تناقص نصيب الفرد مقابل المساحة المنزعة حيث كان يقابل نصيب الفرد من الأراضى المنزرعة ما يقرب من فدان من الارض فى عام 1850 أصبح نصيبه فى عام 2006 ما يقرب من 0.1 فدان ومن المتوقع ان يصل نصيبه فى عام 2050 إلى مايقرب من 0,05 فدان أى ما يقرب من قيراط ونصف اعتمادا على حسابات الزيادة السكانية أما إذا ما أخذنا فى الحسبان توقعات تآكل الأراضى الزراعية سوف يتضح بجلاء خطورة الامر.. فلقد صاحب فقدان الأراضى الزراعية انتشار العشوائيات والتلوث البيئي بنفاياتها وارتبطت بسيكولوجية الزحام وتشوه ثقافي لتقاليد الأفراد فى ريف ومدن مصر وكلما انتشرت العشوائيات فإنها تعود لتشكلنا كمجتمع عشوائى مما يستوجب الخروج الى بيئة جديدة اكثر تنظيما وإنتاجا». وقال دكتور عفيفى فى روشتة تنمية سيناء:
ان محدودية الموارد المائية يجعل من الضروري البحث عن موارد مائية جديدة في مناطق تلبى هذا التطلع من خلال الاهتمام بتنمية مجال توليد الطاقة من الوسائل الطبيعية مثل الطاقة الشمسية والرياح وإحداث طفرة في وسائل تحلية مياه البحر فى إقليم تمتد فيه طول سواحله الى اكثر من الف كيلومتر سوف يجعل من سيناء بيئة واعدة من أجل تحلية مياه البحر». وأضاف: «ان تعمير سيناء هو المواجهة الحقيقية لتحديات الفكر العقائدي لإسرائيل لسلب سيناء والذى تأكد تاريخيا وفعليا». وابرزت الدراسة ان المطامع الصهيونية فى سيناء قديمة منذ تأسيس الحركة الصهيونية على يد مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل والذى جاء إلى مصر بعد أن أصدر كتاب الدولة اليهودية عام 1895 وطالب أغنياء اليهود في مصر بمساعدته في الحصول على موافقة الخديو عباس حلمي الثاني (1892-1914) على منح سيناء وطنا قوميا لليهود. وتطور هذا المسعى الصهيونى مع ظهور حركة أرض إسرائيل الكاملة التى ظهرت بعد حرب 1967 مباشرة وتنامي الغطرسة والأوهام العنصرية الإسرائيلية. على رأسها إبراهام يافيه الذي شارك في حرب 1956 وحرب 1967. و حتى بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر واسرائيل يرى أبراهام يافيه ممثل الحركة في الليكود والكنيست أن «سيناء أرض تشكل الوعي لإسرائيل حتى لا تنتكس روحها المعنوية، فسيناء هي الأرض التي تلقى فيها شعب إسرائيل التوراة وانتهى فيها استعباد الشعب اليهودي واستعد فيها الجيل الجديد للاستيلاء على أرض الميعاد وستبقى سيناء في يد الشعب الذي ارتبط بها لتكون رمزاً للأمن والإلهام». واعتبرت حركة أرض إسرائيل الكاملة أن شبه جزيرة سيناء جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل ومستقبل الهجرة إليها وان الشعب اليهودي هو وحده القادر على تنميتها وتعميرها ويجب على الإنسانية أن تقف الى جانب الشعب الإسرائيلى للحصول علي مكان». ويتضح من الدراسة دعم الولايات الأمريكية لمخططات إسرائيل. فقد كشف موقع ويكيليكس عن وثائق خطيرة فحواها أن الولايات الأمريكية أيدت مخططا إسرائيليا، لمساعدة مجموعة من البدو – غرباء عن سيناء- ويدينون باليهودية، للقيام بثورة مسلحة وإشاعة الفوضى بوسط وشمال سيناء لفصل سيناء عن مصر ومن ثم إقامة دويلة صغيرة فيها تكون موالية لإسرائيل وتدور في فلكها السياسي على أن تقوم الأخيرة بحمايتها عسكريا وتوفر لها الغطاء الدولي والدعم المادي والمعنوي كدولة صديقة. ومع مرور الأيام واستمرار عملية تجاهل تنمية سيناء من جانب الحكومات المصرية فإن اطماع إسرائيل في سيناء تتزايد ولا تقل.. فقد كشفت نتائج استطلاع أجراه المعهد الديمقراطي التابع للكنيست الإسرائيلي أن 89% من الإسرائيليين يؤيدون إعادة احتلال سيناء. وبدأ هذا التوجه فور الانسحاب الإسرائيلي عام 1982عندما تأسست حركة تحمل اسم «حركة العودة لسيناء»، وراحت تنشر بيانات موقعة من كوادر حزبية وسياسية وثقافية وعسكرية، تُعلن أن سيناء هي جزء من أرض إسرائيل التاريخية وأن الانسحاب منها بموجب معاهدة السلام مع مصر يمثل خيانة للمبادئ الصهيونية، كما أن هناك صورة أخري من صور الأطماع الإسرائيلية في سيناء تتمثل في اعتبارها وطنا بديلا للفلسطينيين سواء اللاجئين في الخارج أو سكان غزة، ولا تتوقف الأطماع الصهيونية فى سيناء على مجرد إعادة احتلالها وإنما تمتد لتحويل سيناء إلى وطن بديل للشعب الفلسطينى.. ففي السادس من مايو عام 2004 أعلن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي «جيورا آيلاند» ما سمي «خطة التسوية الإسرائيلية الدائمة» التي وضعها بحيث تخصص مصر للفلسطينيين منطقة تبلغ مساحتها 600 كيلو متر مربع بطول 30 كيلو متراً علي طول الحدود المصرية الإسرائيلية وبعرض 20 كيلو مترا مربعا داخل سيناء مما يضاعف مساحة القطاع ثلاث مرات، وفي المقابل تحصل مصر علي أراض بديلة بمساحة 200كيلومتر مربع في النقب، وفي شهر يناير عام 2010 تحدثت إسرائيل علنا عن حصتها في أراضي سيناء وعرضت أن تتخلي مصر لها عن مساحة 720 كم مربعا من أراضي سيناء مقابل مساحة من الأراضي في صحراء النقب ليؤكدوا أقوال قادة الحركة الصهيونية في مارس 1918 أي بعد وعد بلفور بثلاثة شهور أن حدود إسرائيل تبدأ من العريش.
كوارث المشروعات الرئيسية في سيناءتكشف الدراسة إن المشروعات الاقتصادية الكبرى فى سيناء تحولت بفعل فاعل الى كوارث تهدد مصر وعملية التنمية الحتمية لهذه المنطقة الاستراتيجية، وتوضح الدراسة ان الأربعة مشروعات الكبرى فى سيناء – بالطريقة التى تمت بها ومازالت – هى عرقلة لعملية التنمية، وأول هذه المشروعات مشروع ترعة السلام الذى كان من المفترض – عن طريقها - أن تعبر المياه العذبة من وسط سيناء ولكن الحكومة - المسئولة حينذاك - نقلت مسار ترعة السلام من مسارها المرسوم في المشروع إلي الساحل الشمالي لسيناء في سهل الطينة مما حرم وسط سيناء القابلة للزراعة من مياه الترعة!!! وتوقف التعمير فى هذه المنطقة. وصرح عصام راضي وزير الري آنذاك بأن نقل المسار كان بقرار أعلي منه حيث طلب البنك الدولي وصندوق التنمية الكويتي المشارك في تمويل المشروع نقل مسار الترعة وإلا توقف التمويل. و كان المشروع قد خطط لأن يتم زراعة 400 ألف فدان تصل الى منطقة السر والقوارير الا ان المساحات المنزرعة لم تغط كاملا ما تم التخطيط له فى منطقتى سهل الطينة وجنوب القنطرة شرق حيث توقف مسار الترعة عند بئر العبد.!!!
وثانى المشروعات الاقتصادية الكبرى فى عملية تنمية سيناء هى المشاريع السياحية فى شرم الشيخ، فقد تم إقامة القرى السياحية على ما يقرب من 6431 فدانا من أجود الأراضى الصحراوية التى كان من الممكن تنميتها زراعيا بمنطقة مهمة استراتيجيا محاطة بمرتفعات جبلية عالية ويوجد بها ندرة لمثل تلك الاراضى. وأنشئت تلك القرى السياحية محاذية لشاطىء البحر من خلال ثقافة سياحة تتوقف على بناء القرى على الشواطىء ولم تاخذ فى الاعتبار ان السياحة المستقرة فى مثل هذه المناطق يجب ان ترتبط بأنماط اخرى من الاستغلالات البشرية.!!!
أما مشروع قطار سيناء - وهو ثالث مشروع اقتصادى كبير فى مخطط التنمية - فقد تم افتتاحه في 25 أكتوبر 1998 على أن يستكمل إلى العريش ثم رفح ووسط سيناء. وحتى الآن لم يصل إلى العريش رغم مضى 13 عاماً وأهدر على الدولة أكثر من مليار جنيه، والمبلغ الإجمالي الذي أنفق على هذا المشروع مليار و 525 مليون جنيه حيث أصبحت كل المحطات مشيدة لكنه توقف في بئر العبد مما دمر المشروع. ومنذ 2001 حتى الآن سرقت قضبان السكة الحديد وتدهورت أحوال القطار! وآخر المشروعات الكوارثية فهى محميات سيناء الطبيعية التى توجد الكثير من الشبهات بسبب حجمها الكبير جدا خاصة محميتي طابا وسانت كاترين.. فرغم أن الأولى ليس بها سوى قلعة صلاح الدين، إلا ان كل هذه المساحة للمحمية تقع بجوار خط الدفاع الأول فى سيناء وهو خط «الكنتلا - القسيمة - العوجة - العريش»، أما الثانية، فهي محمية سانت كاترين، فهى من الاتساع بما يفوق الوصف وكأننا نحقق مقولة « أن قُطر الدير مسافة مسيرة ثلاثة أيام؛ إذ من المعروف أن مسيرة اليوم عند البدو 40 كيلو متراً؛ وبذلك تشمل المساحة من دهب - شرم الشيخ شرق خليج العقبة إلى أبو زنيمه - الطور غرب خليج السويس، ومن جبال التيه شمالاً إلى رأس محمد جنوبًا.
الاستثمار المستقبلى يتطلب تكثيف الزراعة والاستيطان البشرى فى وسط سيناءهل تنمية سيناء مجرد حلم أم مشروع مستقبلى قابل للتحقيق؟ هذا هو جوهر هذه الرسالة العلمية الخطيرة التى كتبها الدكتور عفيفى عباس عفيفى رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية تحت عنوان «أهمية المكان والموقع فى تنمية سيناء». الإجابة واضحة وهى أن تنمية سيناء بشكل حقيقى ممكن بل وضرورى من أجل مستقبل مصر ومن أجل حماية أمنها الوطنى. توضح هذه الروشتة العلمية إمكانيات تنمية سيناء من خلال مشروعات زراعية حقيقية والاستغلال الأمثل لكنوز المنطقة المعدنية مع عدم إغفال أهمية ربط سيناء بالعالم الخارجى وإعادة النظر فى الفكر السياحى فى سيناء بحيث ترتبط عناصر السياحة والترفيه بتكامل جمال البيئة الإقليمية.
أكد د. عفيفى فى دراسته القيمة أن منطقة وسط سيناء هى مناطق واعدة للاستغلال من أجل التنمية الزراعية. وتمتد هذه المنطقة بين الإسماعيلية وأبو عجيلة. ويعد طريق الخطر الأول الذى مرت منه إسرائيل فى كل عدوان شنته حيث إنه صالح لتحرك الحملات الميكانيكية الثقيلة، ويؤدى إلى قلب الدلتا فى عن طريق وادى الطميلات. ويبدأ المحور على القناة إزاء الإسماعيلية وبعدها يتبع ممر الحتمية المهم الذى يقع بين جبل الحتمية شمالاً، وجبل أم خشيب جنوباً. ثم يستمر المحور شرقاً حتى يصل إلى مضيق الجفجافة الذى يُعد الفتحة الحاسمة بين جبل المغارة فى الشمال، وكتلة جبل يلق الصعبة فى الجنوب. وبعد المضيق يتجه شمال شرق حيث تحدده فتحة أخرى ثانوية تنحصر بين جبل لبنى فى الشمال وجبل الحلال فى الجنوب. وبعد ذلك يستمر المحور حتى يصل إلى أبو عجيلة، حيث يتصل المحور الأوسط بالمحور الشمالى ومن هناك يؤدى إلى قلب إسرائيل. وتضم هذه المنطقة قبائل المنطقة الوسطى المقترح تنميتها فى ممرات سيناء الاستراتيجية وهى قبائل بلاد التيه والتى تضم «التياها - الأحيوات – الحويطات». كما أكدت الدراسة أنه من الضرورى تكثيف الاستيطان البشرى فى وسط سيناء والشريط الحدودى وإيجاد تجمعات سكانية تشمل توطين اهالى سيناء فى نمط سكنى يتناسب مع طبيعة البيئة وثقافة الإنسان بحيث تتصف بالمظاهر الصحراوية الحاكمة لتقاليد الأفراد وليست المظاهر المدنية المزدحمة. ويتم توزيع المشروعات التنموية فى هذه المنطقة أفقيا لتغطية اكبر مساحة ممكنة عن طريق مستوطنات صغيرة بانتشار مكثف. وتتضمن المنطقة الواعدة للتنمية الزراعية داخل منطقة محاور وسط سيناء الاستراتيجية عدة مناطق من بينها:
<< منطقة الصرف الطبيعى لوادى الجرافى الذى يمتد من جبال التيه الجنوبية الشرقية وينحدر فى منطقة الوسط ويضم 30 رافدا واهم فروعه «وادى رحيه», «وادى خميلة النعجة», «وادى الأغيدرة», «وادى سلالم», «وادى الهاشة», «وادى الخضاحص», «وادى الغبي», «وادى أم حلوف ويصل لقرية الكنتلا متجها لإسرائيل فى منخفضات صحراء النقب ويمتد فى مساحة تقدر بـ 77182 فداناً تقريباً.
<< منطقة جنوب شرق سيناء التى تمثل دلتات رسوبية كونتها الوديان المنحدرة من الجبال والمتجهة الى السهل البحرى لخليج العقبة وتقدر مساحاتها بحوالى 33205 أفدنة ويمكن استغلالها عن طريق تعظيم استغلال مياه الصرف الطبيعى لها بدلا من اتجاهها الى مياه البحر وبزراعة نباتات تتحمل الجفاف لفترات طويلة مع تجنب التوسع فى الإنشاءات السياحية على هذه الموارد الارضية. وتضم هذه المنطقة المشاريع السياحية فى شرم الشيخ والمقامة على الشريط الساحلى ومن الأفضل ان تقام هذه القرى فوق المرتفعات الصخرية اتساقا مع تغيير ثقافة السياحة فى مثل هذه المناطق وإعادة النظر فى الفكر السياحى فى سيناء بحيث ترتبط عناصر السياحة والترفيه بتكامل جمال البيئة الإقليمية التى تضم بانوراما تشتمل على العديد من الاستغلالات المتكاملة زراعيا كخضرة فى السهول والوديان وسياحيا متضمنة مرافق الاستشفاء والرياضات وتبايناً فى ارتفاعات الجبال. كما انه من الضرورى توجيه الوعى السياحى فى مصر الى سيناء من اجل ان يتنامى الادراك العام بهيبة وجمال سيناء لكى تكون جزءا مهماً من الوجدان المصرى والثقافة الوطنية.
كنوز زراعيةوتشير الدراسة الى اهمية الاهتمام بالتوافق البيئى للتنمية الزراعية فى سيناء حيث توجد زراعات تاريخية متوافقة مع طبيعة سيناء وعلى رأسها أشجار النخيل القادر على النمو والإثمار التجارى المربح فى أنواع متعددة من الأراضى ما بين الرملية الصرفة والطينية الثقيلة بالإضافة إلى قدرته على تحمل الملوحة والقلوية وزيادة الرطوبة الأرضية التى قد تصل إلى درجة التشبع لفترة طويلة نسبيا. يتحمل النخيل 6000 مج / لتر ويتحمل النخيل التعرض للعطش وظروف الجفاف بالمناطق الصحراوية بالمقارنة بأنواع الفاكهة الأخرى. ويستطيع نخيل البلح أن يتحمل ملوحة ماء الرى بتركيزات تزيد على 5000 جزء فى المليون وقد تصل إلى 20000 جزء فى المليون بشرط خلو الماء من العناصر السامة إلا أن نخيل سيناء بات مهدداً بسبب إقبال إسرائيل على استيراد سعف النخيل السيناوى قبيل الاحتفال بعيد المظال اليهودى وتقدر كمية ما تستورده إسرائيل من سيناء بحوالى 700 ألف سعفة نخيل يتم اقتطاعها من الأشجار المنتشرة فى أنحاء مدينة العريش. وتؤثر عمليات التقليم الجائر على عملية التمثيل الضوئى للنخيل مما يؤدى إلى نقص إنتاج التمر، بينما التقليم الصحيح هو قطع السعف الأصفر والجاف والمصاب والسعف الزائد على حاجة النخلة وإزالة الأشواك والرواكب والليف، كما يجب أن يتم التقليم عقب جمع الثمار مباشرة فى فصل الخريف وفى أوائل فصل الربيع أثناء عملية التلقيح, وليس حسب الأعياد الدينية اليهودية.
ومن اهم الزراعات التاريخية فى سيناء اشجار الزيتون حيث يُزرع فى سيناء قرابة 3 ملايين و440 ألف شجرة زيتون، فى مساحات تصل إلى 39 ألف فدان، منها 18 ألفًا فى الشمال و20942 فى الجنوب، وتنتج قرابة 84 ألف طن زيتون مائدة سنويًّا، و13 ألف طن زيت زيتون سنويًّا يصدَّر إلى أسبانيا تحديدًا. لكن الإمكانيات الحالية لـمَعاصر الزيت بسيناء ضعيفة، تعمل بأساليب يدوية، وهذا يُكثر من هدر الزيت ورغم تمتع سيناء بأفضل الأجواء فى العالم إلا أن أشجار الزيتون ضئيلة للغاية، ويمكن زراعة 10 الى 15 مليون شجرة خلال الفترة المقبلة فى أراضى ترعة السلام وفى الوديان ومثلها فى جنوب سيناء وأشهر المزارع تقع فى وادى العريش ومنطقة الخروبة بالشيخ زويد، ومناطق متفرقة فى بئر العبد ووسط وجنوب سيناء بالطور وكاترين وفيران وأبورديس، وهذا النوع يُستخرج منه زيت الزيتون السيناوى التجاري، أما ما يزرع فى المناطق الوعرة بالجبال، يسمى البعلى ويُرْوىَ بمياه الأمطار، وهو أجود أنواع الزيوت، ليس فى سيناء فقط بل فى العالم كله، وهو بالنسبة للخصائص العلاجية لزيت الزيتون لا يبارَى، خصوصًا إذا استُخرج بالعصر على البارد. وشجرة الزيتون معمِّرة يصل عمرها إلى مئات السنين. وهناك 620 ألف فدان يمكن زراعتها بأشجار الزيتون فى شمال سيناء حيث إن تربتها ومناخها مناسبان لزراعة الزيتون، ويعتبر الرى بالتنقيط من أفضل طرق الرى بالنسبة للزيتون، إذ إن الشجرة تستفيد من المياه القليلة بشكل بطيء وشبه دائم، كما أن نسبة ماء الرى المفقودة بالتبخير شبه معدومة، وتستخدم فى جميع أنواع الأراضى حتى المنحدرة ولا تؤدى إلى انجراف التربة.
وتوضح الدراسة معاناة مزارعى الزيتون من قلة الإنتاجية نتيجة للظروف التى تعانى منها سيناء، والتى منها أن مياه الآبار ازدادت ملوحة، وأن ترعة السلام لم تصل بعد، وأن هناك ندرة كبيرة فى الأمطار، خاصة بالوسط، ورغم أن الشجرة تتحمل العطش والملوحة إلا أن لها طاقة محددة. وتحتاج زراعة الزيتون إلى دعم الحكومة حيث تعتمد فقط على جهود المزارعين الذين يجدون صعوبة فى تسويقه سواء كان ثمارا أو زيتا. وقد احجم البعض عن التوسع فى زراعته. ويطالب اهل سيناء باستغلال مياه ترعة السلام غير المستغلة منذ أكثر من 12 سنة من القنطرة حتى بئر العبد. لزراعة الملايين من اشجار الزيتون. كما يعانى المزارعون من تسويق الزيتون الذى تدنى سعره إلى جنيه ونصف الجنيه للكيلو بعد أن كان بأربعة جنيهات، وتطالب الدراسة بسرعة ايجاد حلول لإنقاذ هذا المنتج السيناوى فتعتبر سيناء من أهم محافظات مصر فى إنتاج الزيتون ويمكن أن تكون سيناء من المناطق المهمة فى العالم فى إنتاج الزيتون ويجب أن نعتبر مشروع الزيتون فى سيناء مشروعاً قومياً يساهم فى تعمير سيناء ويزيد من فرص العمل لأبنائها.
ويدعو الدكتور عفيفى عباس عفيفى فى دراسته الرائعة حول تنمية سيناء إلى التوسع فى زراعة شجرة الهوهوبا أو الجوجوبا.. وهذا النبات هو شجيرة برية للأراضى القاحلة موطنها الأصلى صحراء أريزونا جنوب غرب الولايات المتحدة الامريكية وشمال غرب المكسيك.. وهو نبات معمر يصل عمره الى أكثر من 200 سنة يتراوح طول الشجيرة من 2 الى 4 أمتار ولها قدرة كبيرة على تحمل العطش احتياجاتها المائية ما بين 120 إلى 600 مم/سنويا من الامطار. وتنتج الجوجوبا بذورا مغطاة بغلاف بنى سميك بعض الشيء تحتوى على (40-60%) من وزنها زيتا نقيا يشابه فى مواصفاته زيت كبد الحوت ويمكن أن يحل محله فى كثير من الصناعات. كما أن باقى مكونات البذور بعد العصر تحتوى على مواد طبية وبروتين يصل إلى 30% .. وزيت الجوجوبا مهم فى تصنيع مستحضرات التجميل وعدد من المنتجات الطبية ومهماً فى زيوت المحركات وخاصة المحركات الثقيلة والمهمة مثل الطائرات الحربية ,الصواريخ , الدبابات وكافة المحركات الثقيلة لكونه يحتفظ بلزوجته تحت درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 390 مما يطيل عمر المحرك ويقلل الحاجة إلى تبديل الزيت وعند إضافة 50 جم من زيت الجوجوبا لكل كيلو زيت محركات للسيارات، فإنها تسير 20 ألف كيلومتر من دون الحاجة لغيار آخر، كما تم التوصل إلى إنتاج وقود حيوى من زيت الجوجوبا (بيوديزل)، وهو مطابق للمواصفات الأوروبية والأمريكية للوقود الحيوي. وجارى حالياً إجراء تجارب على إنتاج بنزين حيوى أوكتين 95 من الزيت ذاته فسولار زيت الجوجوبا قيمته الحرارية ترتفع عن القيمة الحرارية للسولار البترولي، مما ينعكس على استهلاك أقل للوقود بنفس النسبة تقريبا مما يؤشر لتحسن عوامل التشغيل المذكورة. ومصر تعتبر من ارخص دول العالم لانتاج بذور الجوجوبا لانخفاض تكلفة العمالة والتكاليف الرأسمالية مما يفتح لنا فرص التصدير وتصنيع منتجات تعتمد على زيت الجوجوبا قادرة على المنافسة العالمية. وتؤكد الدراسة أن تكلفة الإنتاج فى مصر تقل بنسبة تزيد على 50% عن تكلفه الإنتاج فى أى مكان آخر فى العالم حيث ثبت أن مصر من أنسب بلاد العالم لزراعة نبات الجوجوبا ويمكن أن تمثل أفضل صور التكامل بين الزراعة والبحث العلمى والصناعة على أسس علمية وأن القيمة المضافة لتنميته بالنسبة للاقتصاد القومى عالية جدا كما أنها تساهم فى إنشاء مجتمعات زراعية صناعية فى التجمعات الجديدة المزمع زراعتها فكل عشرة آلاف فدان يمكن ان تستوعب الفى شاب من سكان المنطقة ذاتها بحيث يتولى كل شاب زراعة أشجار الجوجوبا فى حدود خمسة أفدنة. كما تؤكد الدراسة أن سيناء يمكن أن تكون مزرعة لإنتاج الوقود الحيوى والتوسع فى إنتاجه وتطويره من اجل استغلال إبداع المكان ليؤثر من خلال موقعه للتخفيف من التزايد المستمر فى استخدام حبوب الغذاء من أجل انتاج الوقود الحيوى والذى تتزعمه الولايات المتحدة لأن مصادر النفط سوف تنضب مستقبلا.
ربط سيناء بالعالم الخارجىولا تكتفى دراسة تنمية سيناء بالجوانب الزراعية فقط وإنما تتناول أيضا كنوز سيناء من الخامات والمعادن حيث تؤكد أهمية استغلال خامات ومعادن سيناء الضخمة والتى تنافس بها أكبر دول العالم المنتجة ومما تحتويه كنوز سيناء احتياطى كبير من الرخام والحجر الجيرى، الطفلة، والجبس، والكبريت، والرمال السوداء، والبيضاء، والفحم، إضافة إلى أكبر مخزون على مستوى العالم من مادة السيراميك بمنطقة نبق، ومخزون هائل من البترول فى بلاعيم وأبو رديس، والطفلة الكربونية، والالباتايت.
وتدعو الدراسة إلى ربط سيناء بالعالم الخارجى من أجل دفع عملية التنمية عن طريق استكمال مسار قطار سيناء الذى كان من المفترض أن يحاكى مشروع قطار سيناء قطار الشرق الذى شيده المصريون بداية من عام 1914 وكان يصل القاهرة بأوروبا عبر فلسطين آنذاك. أما الطريق الثانى لربط سيناء بالعالم الخارجى فهو مشروع إقامة طريق معبر برى فوق خليج العقبة الذى تصفه الدراسة بأنه «يعتبر تطورا حقيقيا فى وسائل المواصلات الحديثة لمصر والتى لفتت انظار العالم بتنفيذ مشروعات عظيمة مثل مشروع قناة السويس ولابد من إحياء فكرة هذا المعبر الذى يصل مصر والسعودية ومنها إلى آسيا حيث يتأسس فوق الأراضى المصرية على أرض سيناء وفوق جزيرة تيران ثم على الأراضى السعودية».
محافظة جديدة فى وسط سيناء
تصف دراسة د. عفيفى الاقتراح بانشاء محافظة جديدة فى وسط سيناء بانه «ذو اهمية من الناحية الاقتصادية والامنية حيث ان محور الوسط الذى يمتد بين الإسماعيلية وأبو عجيلة هو طريق العدوان الاسرائيلى وفى نفس الوقت فإن هذه المنطقة تقع فى نهايات اهتمام محافظتى شمال وجنوب سيناء ولم تحظ باستثمارات حقيقية رغم كونها منطقة استراتيجية من وجهة النظر الأمنية ومن المفترض ان يتم شغلها بكثافة سكانية ترتبط بالمكان ارتباطا قويا عن طريق شراكة حقيقية فى مشروعات التنمية والاستثمار». ولقد تم تتبع حدود هذه المحافظة المقترحة بافتراض أنها محافظة داخلية لا تتمتع بسواحل بحرية ممتدة كما فى شمالها وجنوبها فإنه يجب أن تحظى بموارد طبيعية وأهمها منطقة الجريان السطحى لمياه الأمطار التى تكون احواضا للوديان الرئيسية فى سيناء لكى يدخل هذا المورد تحت ادارة واحدة تتبع محافظة واحدة تستطيع أن تعظم الاستفادة من هذه الموارد الضئيلة عن طريق وسائل فنية أكثر تطورا.. وتوضح الدراسة أنه بما أن هذه الوديان وتفرعاتها ضمن هذا الاقتراح فالمفترض أن تدار مائيا داخل هذه المحافظة فقد اعتبرت أساسا لرسم حدود المحافظة المقترحة عن طريق تتبع بدايات, مسارات, واحواض هذه الوديان مشتملة فى نفس الوقت على المحاور الوسطى لسيناء لكى تحقق الغرض من إنشائها حيث تم تحديد مسار حدود المحافظة كالتالى: العوجة, أبو عجيلة, جبل لبنى , بير جفجافة, جبل العرق, بير الجدى, سدر الحيطات, جبل الزرافة, راس الجندى, جبل الكبريت, وادى ملح, وادى جدع, جبل خضرة, جبل قبر حمد , جبل الشعرم, جبل الحمرة, جبل الصفرة, الحدود الشرقية بين العوجة وجبل الصفرة وتضم هذه المنطقة قبائل المنطقة الوسطى المقترحة تنميتها فى ممرات سيناء الاستراتيجية وهى دخل قبائل بلاد التيه والتى تضم التياها -الأحيوات –الحويطات.
وتختتم الدراسة القيمة بالتأكيد على أن «تعمير سيناء ضرورة حتمية يجب أن تسكن فى الضمير المصرى من أجل تعظيم منظومة الإبداع فى مكان يتميز بموقع يعبر منه العالم وتلتقى فيه الدنيا».