حماده قرني صلاح مراقب عام
العمر : 37 عدد الرسائل : 8036 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 19318 ترشيحات : 79 الأوســــــــــمة :
| موضوع: وقفات حول مخارج أصوات الحروف العربية 15/12/2011, 01:31 | |
|
اختلف علماء القراءة واللغة في عدد المخارج على ثلاثة مذاهب :
الأول : أن عددها أربعة عشر مخرجا , وهومذهب الفراء , والجرمي , وقطرب , وابن كيسان , وعلى هذا القول فقد أسقطوا مخرج الجوف , ووزعوا حروفه على مخارج الحلق واللسان والشفتين , فجعلوا مخرج (الألف) من أقصى الحلق مع الهمزة , و (الياء) من وسط اللسان مع الياء المتحركة , أو الساكنة بعد فتح , و (الواو) من الشفتين مع الواو المتحركة , أو الساكنة بعد فتح أيضا , ثم جعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحدا , وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه , ومخارج هذا القول العامة هي : الحلق , واللسان , والشفتان , والخيشوم .
الثاني : أن عددها ستة عشر مخرجا , وهو مذهب سيبويه , ومن تبعه كالشاطبي , وابن بري , وعلى هذا القول, فقد أسقطوا مخرج الجوف كما تقدم في القول الأول.
الثالث : أن عددها سبعة عشر مخرجا , وهو مذهب الخليل بن أحمد شيخ سيبويه , وأكثر النحويين , وأكثر القراء , ومن تبعهم من المحققين كالحافظ ابن الجزري .
وعليه : فقد أثبت أصحاب هذا القول مخرج الجوف , وجعلوا حروف المد فيه ثابتة لم توزع كما وزعت في القولين السابقين , وأثبتوا لكل من الراء , واللام, والنون مخرجاً مستقلا. هذا وإن المذهب الأخير هو المذهب المختار , وهو الذي عليه الجمهور , واختاره الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية والطيبة , وفي ذلك يقول : مخارج الحروف سبعة عشر على الذي يختاره من اختبر
عدد الحروف العربية الهجائية التي يتألف منها الكلام تسعة وعشرون حرفاً وقيل ثمانية وعشرين بناء على الاختلاف في الهمزة والألف.
بعض الاصطلاحات :
المخرج لغة: هو محل الخروج أو هو عبارة عن الحيز المولّد للحرف , واصطلاحاً عند القراء : هو موضع ظهور الحرف وتمييزه عن غيره .
المخرج المحقق: فهو الذي يكون معتمداً على جزء معين من أجزاء الحلق واللسان , والشفتين.
المخرج المقدر : فهو الهواء الذي في داخل الحلق والفم , وهو مخرج حروف المد الثلاثة , وسميت بذلك لأنها لا تعتمد على شيء من أجزاء الفم , بحيث ينقطع عند ذلك الجزء , ولذلك قبلت الزيادة والنقصان.
الحرف : لغة : هو بمعنى طرف الشيء. واصطلاحا : هو الصوت المعتمد على مخرج محقق أو مقدر.
الصوت : هو الهواء الخارج من الرئتين , المتموّج بسبب تصادم جسمين أو تباعدهما , أو (( بالقرع والقلع )) كما يعبر بعضهم , أو باهتزاز جسم ما.
النّفس : هو الهواء الخارج من الرئتين بشكل طبيعيّ.
ملاحظة حول موازين الحروف :
إنّ مبحث مخارج الحروف والصّفات من أهم مباحث علم التجويد وذلك لأنها تعطينا موازين الحروف الدقيقة , فمن المعروف بين أهل التجويد أن لكل حرف وزنا خاصاً في المخرج والصفة الذين يمثلان الميزان الدقيق لمقدار الحرف وحقيقته , ويدرك ذلك المشايخ المهرة:
وقد قال الإمام السّخاويُ : للحرف ميزان فلا تكُ طاغياً فيه , ولا تَكُ مخسرَ الميزانِ
ومن قبله قال الإمام الخاقاني :
زنِ الحرف لا تخرجه عن حدِّ وزنه فوزن حروف الذكر من أفضل البرِّ
فإذا كان الحرف مشدداً وجب على القارىء أن يهتمّ بنبره , وأن يعطيه قوة وزن حرفين وذلك مثل (رَبِّكَ) , (إيّاكَ) , وخاصة إذا كان بعد مدِّ مثل : ( الحاقَّةُ ) , فإذا كان ذلك الحرف المشدد ميماً أو نوناً استبدلنا ذلك النّيْر بتطويل الغنّة فيهما مع التشديد ولكنه تشديد أقل من باقي الحروف. فإذا اجتمع لدينا حرفان مشدّدان متتاليان وجب مزيد الاهتمام بتشديدهما وذلك مثل ذرِّيَّتِي) , (عِلِّيُّونَ) , ( اطَّيَّرْنا). فإذا اجتمع لدينا ثلاثة حروف مشددة متتالية ينبغي أن يزيد الانتباه والاهتمام بإعطائها وزنها الدقيق , وذلك مثل : (دُرِّيٌ يُّوقَدُ). وقد يجتمع لدينا أربعة حروف مشددة متتالية فينبغي مراعاة ذلك واليقظة التامة عند نطقه , وضبط وزنه بشكل دقيق , وذلك مثل : (في بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَّغْشاهُ). ويخطىء كثيرون - ممن لا خبرة لهم - في عدم انتباههم لوزن الحروف المشدّدة فيخرجونها رخوة لم تأخذ حقّها , كما يبالغ البعض بالتشديد فيخرجونه عن حدّه فيلوكونه لوكاً .
والحروف العربية تنقسم إلى قسمين : - أصلية : وهي الحروف التسعة والعشرون المعروفة.
- فرعية : وهي التي تتولد من حرفين , وتتردّدُ بين مخرجين.
القسم الأول : مخارج الحروف الأصلية وهي تنقسم إلى قسمين :
أ- المخارج العامة الرئيسية وهي خمسة. 1- الجوف : وفيه مخرج واحد. 2- الحلق : وفيه ثلاثة مخارج. 3- اللسان : وفيه عشرة مخارج. 4- الشفتان : وفيهما مخرجان. 5- الخيشوم: وفيه مخرج واحد.
ب- المخارج الخاصة الجزئية : وهي المخارج التّفصيلية للمخارج العامة الرئيسية.
مخرج الجوف
الجوف : هو خلاء الحلق والفم , ويخرج منه ثلاثة حروف : هي حروف المد: الألف الساكنة المفتوح ما قبلها دائماً , والواو السّاكنة المضموم ما قبلها , والياء الساكنة المكسور ما قبلها , مثل : (نوحيها). وهذه الأحرف تخرج من جوف الفم وليس لها حيّز تعتمد عليه أو تنتهي إليه إنما تنتهي إلى الهواء المطلق , ولذلك سمّى بعضهم مخرجها : المخرج المقدر , وتسمى ( الحروف الهوائية ) , قال ابن الجزري :
فألف الجوف وأختاها وهي حروف مدّ للهواء تنتهي
ملاحظات حول حروف الجوف :
الملاحظة الأولى:
ينبغي إخراج الحروف الجوفية خالصة من جوف الفم بدون أيّ شائبة من الأنف كما يفعله كثيرون, ولهذا كان ابن الجزري دقيقاً عندما قال: للهواء تنتهي أي : لهواء جوف الفم, فما يفعله بعض الناس من إخراجها من الأنف خطأ محض , وسيتم التنبيه عليه أكثر من مرة وذلك لكثرة وقوعه حتى بين بعض القرّاء المشهورين.
الملاحظة الثانية :
ينبغي ملاحظة ترقيق الواو والياء في جميع الأحوال , فهما لا يفخّمان بحال , وخاصة الواو إذا جاء بعدها مفخم , مثل ( غَفُورٌ , الصُّدُورِ ) في حالة الوقف , أو جاء قبلها مفخم مثل : ( والطُّورِ ) أو وقعت بين مفخّمين , مثل ( مَّرْصُوصٌ ) , وكذلك الأمر بالنسبة للياء.
الملاحظة الثالثة :
أما الألف فلا توصف بترقيق ولا بتفخيم بل تكون تابعة للحرف الذي قبلها , فإذا جاء قبلها حرف من حروف التفخيم فخّمت , مثل ( خّالِدِينَ , ظَالِمِينَ ) , وإن جاء قبلها حرف مرقق رقَّقت , مثل : ( مَالِِكِ ) , ( البَابَ ) , وليتنبه القارىء إلى عدم تفخيمها إذا كان بعدها حرف مفخّم , مثل : ( بِالبَاطِلِ ) .
الملاحظة الرابعة:
في كيفية التخلص من الخنخنة في حروف الجوف :
الخنخنة : إخراج الحروف من الأنف مشربةً بغنةٍ.
وكثيراً ما نرى شخص صحيح النطق فإذا قرأ القرآن قرأ الحروف ممزوجةً بغنة من أنفه , مع العلم بأن الأنف مخرج للغنة فحسب . فلا بدّ لك – أخي القراىء – أن تتدرّب على يد شيخ ماهر في الأداء على كيفية النطق , وخاصة في حروف الجوف , إذْ إن أغلب آيات القرآن الكريم لا تخلو من حرف من حروف الجوف , فإن لم تجد شيخاً مجيداً فعليك أن تتدرب على النطق الصحيح باتباع الخطوات التالية :
1- انطق لفظ ( أًُوْ أُوْ أُوْ ) عدة مرات ملاحظاً ضمّ الشفتين جيداً , مع مطّهما إلى الأمام قدر المستطاع. 2- ثم أمسك أنفك بسبّابتيك مباعداً يدك عن فمك , وانطق مرّة أخرى :
( أُوْ أُوْ أُوْ ) ولاحظ الفرق بين الحالة الأولى وبين الثانية , فإن رأيت الواو خرجت صافية سليمةً من أي أثر للغنة فهي صحيحة , وإن رأيت الصوت انحبس أو خرجت الواوُ مشربةً بغنّة مخنونة فاعلم أن نطقك غير صحيح , فأعد المحاولة مرّة أخرى فإذا نجحت ونطقتها صافيةً من الفم فانطلق إلى الخطوة التالية :
3- اصنع ما صنعت في الخطوة الأولى , ولكن غيّر الحروف إلى كلمات مثل : (وجآءُو) , (فآءُو) , (يرآءُونَ) 4- تدرج فتدرّبْ على نطق ( قَالُواْ , صَدَقُواْ , نَصَرُواْ).
5- وفي الخطوة الأخيرة تدرّب على نطق الألفاظ التالية ( ءَامَنُواْ , ظَلَمُواْ , قَامُواْ , يَعْلَمُونَ , يَظُنُّونَ) وما شابهها , ستجد بإذن الله تعالى أنها جيدة ,
وافعل في الياء والألف المدية مثل ما فعلت في الواو : انطق أولاً : ( إِيْ إِيْ إِيْ ) , ثم : ( صَادِقِينَ , قَانِتِينَ ). وفي المرحلة الأخيرة ( العَالَمِينَ , الظَّالِمِينَ ) وما شابهه , والأمر في الألف أسهل من الواو والياء . وهذه خطوات مجرّبةٌ ومدروسةٌ بدقة فالتزم بها .
مخرج الحلق
الحلق : هو الجزء الذي بين الحنجرة والفم , وهو فضلاً عن أنه مخرج لأصوات لغوية خاصة , يستغل بصفة عامة كفراغ رنّان يضخّمُ بعض الأصوات بعد صدورها من الحنجرة . وللحلق ثلاثة مخارج: 1- أقصى الحلق : أي: أقرب شيء إلى الصدر , وهي منطقة الحنجرة , ويخرج منه : الهمزة والهاء , مثل : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحدٌ ).
قال ابن الجزريّ : ثُمَّ لأقصى الحلق همزٌ هاءُ ........................
2- وسط الحلق : وتسمى : منطقة الغلصمة , أو لسان المزمار , ويخرج من : العين والحاء , مثل: ( نَعْبُدُ) و (الرَّحْمنُ) قال ابن الجزريّ : ........................ ثم لوسطه فعين حاءُ
3- أدنى الحلق : أصلُ اللسانِ , وهو أقرب شيء إلى الفم , ويخرج منه الغين والخاء , مثل (غير المغضوب) و ( خالدين). قال ابن الجزريّ : أدناهُ غين خاؤُها ........................
ملاحظات على حروف الحلق :
الملاحظة الأولى :
بالنسبة للهمزة : يجب أن تكون من أقصى الحلق مرقّقةً , شديدةً ,مجهورةًَ , منفتحةً , مهتوفةًَ ( الهتف والهتاف: الصوت الجافي العالي الشديد ) فينبغي عليك أن تنطق بها سلسةً سهلةً برفق بلا تعسّفٍ , ولا تكلُّفٍ , ولا تهوُّعْ ( النطق بها كهيئة المتقيء ). والتدرب على النطق الصحيح في بداية الأمر يتم بأن تفتح الشفتين عرضاً إلى أقصى ما تستطيع حتى تحصلََ على أرقى درجات الترقيق. فإذا ضيّقت فتح الفم قليلاً خرجت الهمزة مفخّمةً – كما يفعله من فيه لُكْنَةُ أعجمية – وهذا لا يصح بحال , وينبغي أن تباعد بين الفكّين إذا نطقت بالهمزة مفتوحةً حتى يتحقّق الانفتاح , وأن تحكم ضمّ الشفتين عند نطقها مضمومة وإنما يتقن نطقها من تلقّاه من أفواه المشايخ المتقنين. فكثيرون أولئك الذين يفخمونها في مثل قوله تعالى : (أَعُوذُ) , (خَطَئاً) , ( أَنْ رَّءَاهُ) , (يُؤْمِنُونَ). كما أن البعض يقلقلها قلقلة خفيفة ويقفز عنها بسرعة في مثل قوله تعالى : (الْمُؤْمِنُ) , ( يُؤْمِنُونَ) , (تَأْلَمُونَ).
الملاحظة الثانية :
أما الهاءُ : فهي حرف مهموسٌ , رخوٌ , مرققٌ , منفتحٌ , ويخطيءُ الناسُ في نطقها كثيرا: فمنهم من يفخّمها , مثل : (ضُحَاهَا) , (تَرْضَاهَا) , ومنهم من يبالغ في ترقيقها حتى تصير كأنها ممالة. كما أن البعض يبالغ في ترقيقها حتى تخرج وكأنها مشربةٌ بخاء رقيقة , مثل: (عَلَيْهِمْ) , (وَهِيَ).
الملاحظة الثالثة :
من الأخطاء التي يقع فيها كثيرون : أنهم لا يظهرون الهاء إذا جاء بعدها حرف (الحاء) , مثل : ( اتَّقُوا الله حَقّ تُقَاتِهِ ) فلا يخرجونها من أقصى الحلق لأن في ذلك كلفةً , فتراهم يخرجونها قريبة من أقصى الحلق ضعيفةً مخفيةً .
الملاحظة الرابعة :
ينبغي التنبيه على عدم ضمّ الشفتين عند النطق بالهاء الساكنة وخاصةً إذا كان قبلها ضم , مثل : (مُّهْتَدُونَ) فالصواب أن يَضُمَّ القارىء الشفتين في الميم , فإذا وصل إلى الهاء أرجع الشفتين إلى حالتهما الطبيعية , أي: حال الانفتاح العرضيّ , وهذه ملاحظة عامّة , يجب الإنتباه إليها لأهميتها ومثل ذلك قوله تعالى : ( يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ ).
الملاحظة الخامسة :
مما يجدر التنبيه عليه ترقيق الهاء في لفظ الجلالة (اللهَ) وقفاً أو وصلاً , فإن الكثيرين يفخّمونها لأن اللام مفخمةٌ فتؤثرُ عليها , وهذا خطأ محض , والسبب في ذلك عدم انتباههم لهيئة الشفتين عند الوقف في لفظ الجلالة , فيبقون الشفتين عند الهاء على هيئة التفخيم , والصحيح أنه يجب إعادة انفراج الشفتين إلى هيئتهما حال الترقيق فيما لو نطقنا بالهاء مفردة.
الملاحظة السادسة :
ينبغي التركيز على تصفية الهاءات وتخليصها وخاصة إذا كانت متوالية , فإن بعض القراء لا يخرجها صافية , مثل : (جِبَاهُهُم) , (وُجُوهُهُمْ) , وهذا خطأ ينبغي الحذر منه والتنبيه عليه , كما ينبغي الاهتمام بتصفيتها وبيانها في مثل : (وَيُلْهِهِمُ) و ( فِيهِ هُدًى) فلا بد من تبيين تفكيكها , وملاحظة بيانها من غير عجلةٍ تجحف بلفظها , ولا تمطيط يزيد على المطلوب , ويثقل على الأسماع والقلوب.
قال ابن الجزريّ :
........................ وصَفِّ ها : جِباهُهُمْ عَليْهِمُ
الملاحظة السابعة :
أما العين فالناس فيها بين مفرط ومفرّط : فالبعض ينطقها قاسيةً يابسةً شديدةً في مثل : (يَعْلَمَ) , وبعضهم يضيف إلى ذلك ضم الشفتين عندها فتخْرُجُ مُفَخَّمَةً ويطغى تفخيمها على الياء التي بجوارها فتخرج الكلمة مفخمة الياء والعين , فهؤلاء المُفْرِطون , أما المفَرِّطون فإنهم يلفظونها رخوة: أي يكررونها في مخرجها. فينبغي أن يحترز القارىء من حبس صوت العين وحصره بالكلية إذا شدّدتْ , وذلك في مثل : ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) و ( يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنََّمَ دَعًّا) حتى لا تصبح من الحروف الشديدة.
الملاحظة الثامنة :
بعض الناس عندما ينطق العين وبعدها لام أو ميم , فإنه يقفز عن العين قفزاً ويدخل اللام فيها إدخالاً , وذلك في مثل : (يَعْلَمُونَ) و ( يَعْمَلُونَ) فينطق بنصف عينٍ , لا بعينٍ كاملة , وهذا خطأ. وطريقة التخلص منه :أن تنطق العين بهدوء وتعطيها حقها من الترقيق والبّيْنِيَّة , والمدة الزّمنية التي تستغرقها , فإن لكل حرف مدة من الزمن هي من حقه , وتختلف باختلاف صفاته , ولا يتحقّق كماله إلا بها , ثم بعد ذلك تنطق اللام بدون اتكاء عليها , مع ملاحظة عدم الفصل بينهما.
الملاحظة التاسعة :
وينبغي الاهتمام بنطق العين إذا تكررت , وذلك لصعوبتها على اللسان , وذلك في مثل قوله تعالى : (أَن تَقَعَ عَلَى الأرْضِ) و (يَنْزِعُ عَنْهُمَا) و ( فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) و (نَطْبَعُ عَلََى) و (يَشْفَعُ عِندَهُ) و (تَطَّلِعُ عَلََى) , فعلى القارىء أن ينتبه إلى عدم إدغامها , وإلى عدم تفخيمها.
الملاحظة العاشرة :
كما ينبغي الاهتمام بالعين إذا سكنت وجاء بعدها هاء , فيجب نطق العين بتحفظ حتى لا تصبح هاء , وتدغم فيها الهاء فتصير كأنها حاءٌ مشددة , وذلك في مثل : (أَلَمْ أَعْهَدْ) و (فَاتَّبِعْهَا) و (فَبَايِعْهُنَّ) و (لا تُطِعْهُ).
الملاحظة الحادية عشرة :
أما الحاء , فمن العيوب الدارجة فيها قلقلتها وعدمُ الهمس فيها مثل : (الرَّحْمَنِ) وخاصة إذا وقع بعد الحاء ياء , فترى اللسان يميل إلى كسر الحاء ليتهيأ لنطق الياء , وذلك في مثل : (مَحْيَاهُمْ) , ( فَأَحْيَاكُمْ) .
الملاحظة الثانية عشرة :
من الأخطاء في الحاء : بقاءُ الشفتين مضمومتين عند نطقها وهي ساكنة, ولا سيما إذا كان قبلها حرف مضموم , مثل: (الْمُحْسِنِينَ , يُحْيِ) فإن صفاء نطقها يتأثر بهذا الضمّ فلا تخرج صحيحةً , بل تخرج مشمومةً بالضمّ , وينبغي زيادة الانتباه لها إذا جاء قبلها مضموم وبعدها مضمومٌ , فههنا يكون النطقُ أصعب لأن القارىء يحتاج إلى أن يَضُمَّ الشفتين ثمّ يرجعهما كهيئتهما قبل الضم , ثم يضمهما مرة ثانية مثل : (احْشُرُوا) , (احْكُم).
الملاحظة الثالثة عشر :
أما الغين فالخطأ فيها: في قلقلتها , وعدم تفخيمها , وإشمامها شيئاً من الغنّة كما يفعله كثيرون في (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) , وكذلك نطقها قافاً فيلفظونها (قير المقضوب) , وإدغامها في القاف في قوله تعالى (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) , ومن الأخطاء أن يؤثر تفخيم الغين على الحرف المرقق بجوارها , مثل: (غَفَرَ) و (أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا).
الملاحظة الرابعة عشرة :
أما الخاء : فيلاحظ على بعضهم عدم تفخيمها التفخيم المطلوب , مثل (أَخَذَ) (وَاتَّخَذُوا) لأنها بين مرقّقين فيؤثّران عليها , وينبغي أن يتنبه القارىء إلى تأثيرها على ما جاورها من المرقّق , مثل : (مَخْمَصَةٍ) و (مَّخْضُودٍ) فكثيرون الذين يفخّمون الميم لأجل الخاء , وكذلك يفخّمون اللام في (خلَطُوا) , وكل ذلك خطأ , لا يحس به إلا أهل هذا الفن الذين تلقّوْه عن المتقنين من القرّاء , أصحاب الحس المرهف .
اللسان
اللسان : اللسان نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على عباده , حيث جعل هذه العضلة سبباً في إخراج بدائع الأصوات , وأجمل النغمات , وبها يتم التفاهم بين الناس في حاجاتهم وقضاياهم اليومية , وهي الآلة التي تخرج أكثر الحروف بواسطتها , ويكتمل جمال اللسان بوجود الأسنان تامة صحيحة , ولذلك يستحسن بنا قبل الخوض في مخارج اللسان أن نتعرّف على أسماء الأسنان لعلاقة اللسان الوطيدة بها.
أسماء الأسنان : ينبغي على من يدرس باب مخارج الحروف – وخاصة مخارج اللسان – أن يعرف أسماء الأسنان , فالله عز وجل قد من علينا بنعمة الأسنان التي بها يكتمل جمال نطق الإنسان , وهي اثنان وثلاثون سناً , على أربعة أنواع :
1- الثنايا : وهي أربع ثنايا في مقدمة الفم , ثنتان في الفك الأعلى , وثنتان في الأسفل.
2- الرَّباعيات : جمع رَبَاعِية – بوزن ثمانية – وهي أربعة اسنان تلي الثنايا في الترتيب.
3- الأنياب : وهي أربعة تلي الرَّباعيات اثنان في الفك الأعلى واثنان في الأسفل.
4- الأضراس : وهي عشرون ضرساً , على ثلاثة أنواع :
أ- الضّواحك : وهي الأسنان التي تلي الأنياب وهي أربعة أسنان . ب- الطّواحن : وهي اثنا عشر سنّاً : في كل جانب ثلاثة أسنان وهي التي تلي الضّواحك, وتسمى الأرْحاء . ج- النّواجذ : وهي أربعة أسنان : في كل جانب سنّ واحد , وقد يتأخّر نباتها , وهي التي يسمّيها البعض ضرس العقل , أو الحكمة , أو الحلم , والله أعلم.
وفي اللسان عشرة مخارج لثمانية عشر حرفاً . وله أقصى , ووسط , وحافة , وطرف:
1- أقصى اللسان فوق : مما يلي الحلق مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه : القاف , مثل: (الفَلَقِ) , ويسمى حرف لهوي.
قال ابن الجزريّ : .................والقاف أقصى اللّسان فوقُ............
2- أقصى اللسان تحت مخرج القاف قليلاً مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه : الكاف , مثل: (الْكَوْثَرَ) وتسمى القاف والكاف الحروف اللّهوية , لأنها تخرج قريباً من اللّهاة.
قال ابن الجزريّ :
...................... .............ثمّ الكافُ أسفَلُ.................. .....................
3- وسط اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى : ويخرج منه الجيم والشين والياء (غير المدية) مثل: (فُجِّرَتْ) (وَالشَّمْسِ) (الْبَيْتِ) وتسمى الحروف الشَّجْريَّة لأنها تخرج من شجر الفم (ما بين اللحيّيْن).
قال ابن الجزريّ : .....والوسْطُ فَجِيمُ الشِّينُ يَا .......................
4- إحدى حافَتَيِ اللّسان أو هما معاً مع ما يليها من الأضراس العليا التي في الجانب الأيسر أو الأيمن ويخرج منه الضاد , وإخراجها من الأيسر أسهل وأكثر استعمالاً , ومن الأيمن أصعب وأقلُّ استعمالاً, ومن الجانبين نادرٌ مثل : (ولا الضَّالِّينَ) , (فَضْلاً) .
قال ابن الجزريّ :
........................... والضّاد من حَافَتِهِ إِذْ وَلِيا الاضْراسَ من أيسرَ أو يُمنَاهَا .......................
5- أدنى إحدى حافتي اللّسان إلى منتهى طرفه مع ما يليها من اللّثة , ويخرج منه اللام مثل : (والَّيْلِ) و (اللهَ) . قال ابن الجزريّ : ....................... واللام أدناها لمُنتهاها
6- طرف اللّسان تحت اللام قليلاً مع ما يحاذيه من لثة الثنايا العليا : ويخرج منه النون , مثل : (النّارَ) . قال ابن الجزريّ : والنُّونُ من طَرَفِهِ تَحْتُ اجْعَلُوا .........................
7- طرف اللّسان تحت مخرج النون مع ما يحاذيه من لثة الثنايا العليا, ويخرج منه الراء , وهو يقارب مخرج اللام إلا أنّ مخرج الرّاء أدخل في ظهر اللّسان , مثل (الرَّحْمَنِ) وتسمى اللام والنون والراء الحروف الذَّلقيَّةَ , لأنها تخرج من ذلق اللسان أي من طرفه .
قال ابن الجزريّ : ........................ والرَّا يُدانِيهِ لظهْرٍ أَدْخَلُ
8- طرف اللّسان مع أصول الثنايا العليا مُصْعِداً إلى جهة الحنك الأعلى ويخرج من ثلاثة أحرف : الطّاءُ والدّالُ والتَّاءُ , مثل (الطًَّارِقُ) و (أَحَدٌ) و ( كُوِّرَتْ) وتسمى الحروف النّطيعة لأنها تخرج ملامسةً لنطع الفم : وهو الجلدة التي فوق اللّثة , ومن علامتها أنَّك إذا لمستها بلسانك لاحظت أنها محزَّزَة .
قال ابن الجزريّ : والطّاء والدّال وتا منه ومن عُلْيا الثّنايا...................
9- طرف اللّسان مع ما بين الثّنايا العليا والسفلى : ويخرج منه ثلاثة أحرف : الصّاد والسّين والزّاي , وتسمّى الحروف الأسليّة , لأنها تخرج من أسلةِ اللسان أي ما استدقّ من طرف رأسه.
قال ابن الجزريّ :
........................ .........والصّفيرُ مُسْتكن منه ومن فوق الثّنايا السُّفلى ........................
10- طرف اللّسان مع أطراف الثنايا العليا : ويخرج منه ثلاثة أحرف : الظاء والذال والثاء , مثل (الظَّاهِرُ) , ( وَالذَّارِيَاتِ) , (الْكَوْثَرَ) وتسمى الحروف اللّثويَّة , لكون مخرجها قريباً من اللّثة , واللّثة: اللحْمُ الذي رُكبتْ فيه الأسنان. قال ابن الجزريّ :
........................... والظّاءُ والذَّالُ وثَا للعليا من طرفيهما................ ......................
ملاحظات على حروف اللسان :
الملاحظة الأولى :
إذا اجتمع القاف والكاف وجب الانتباه لتفخيم القاف وترقيق الكاف وحسن تخليصهما , فإن أكثر الناس يدمج بينهما ويهمس القاف , مع أن حقها الجهر , وذلك في نحو (خَلَقَكُمْ) و ( لَّكَ قُصُورَا). قال الإمام السخاويّ : والقاف بيِّن جهرها وَعُلُوَّها والكاف خلِّصْها بحسن بيان إن لم تحقّقْ جَهْرَ ذاك وهمْسَ ذا فهما لأجل القرب يختلطان
الملاحظة الثانية :
يزعم بعض الباحثين في علم الصوتيات من المحدثين أن القاف والطاء مهموستان, وشُبْهَتُهم هذه تعتمد على ما سمعوا من نطق الناس لهذين الحرفين , وهذا خطأ كبير , إذ إنّ المتقنين المهرة من علماء التجويد وشيوخ الأداء يثبتون أن القاف والطاء مجهورتان شديدتان , ولا همس فيهما البتة , ولا عبرة ببعض القراء الذين ينطقونها مهموسة تساهلاً أو بسبب أجهزة التسجيل التي لا تنقل لنا صفاء الحرف كاملاً , ويظهر ذلك في قوله تعالى : (المُسْتَقِيمَ) و (لِلْمُتَّقِينَ) , (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).
الملاحظة الثالثة :
ليحذر القارىء من إخراج الجيم ضعيفة غير شديدة كأنها شين , فينبغي عليه أن يخرجها مجهورة معطشةً , مثل : (فُجِّرَتْ) , وينبغي التركيز عليها إذا جاورت التاء , مثل : (اجْتَتَنِبُواْ) , أو الشين , مثل: (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) , أو الزاي مثل : (الرِّجْزُ) , أو السين , مثل : (رِجْسٌ). قال الإمام السخاوي : والجيم إن ضعفت أتت ممزوجةً بالشين , مِثْلُ الجيم في: المرجانِ و (العجلَ) و (اجْتَتَنِبُوا) و (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) و (الرُّجْزَ) مِثْلُ (الرِّجْسِ) في التّبيانِ
الملاحظة الرابعة:
من الحروف التي تخرج من وسط اللسان : الياء المتحركة أو الساكنة المفتوح ما قبلها , وهي حرف مجهور , رخو, منتفح , مستفل, ويخطىء بعض القرّاء في نطقها من عدة وجوه: منها تفخيمها وخاصة إذا كان بعدها مفخم في نحو (يَطَئُونَ) (يَخْصِفََانِ) (يَرَاكُمْ) (يُظْلَمُونَ) ونحوه. ومن الأخطاء فيها: عدم بيان تشديدها إذا شدِّدَتْ , مثل : (إِيَّاكَ) (شَقِيّا) (تَحِيَّةً) (شَرْقِيَّةٍ) , وينبغي الانتباه أكثر إذا كان قبلها مشدداً أيضاً , فإن اللسان يهتم بالمشدّدِ الذي قبلها فَيضْعُفُ عندها مثل: (ذُرِّيَّةٌ) و (رِبِّيُّونَ) , وكذلك ينبغي التركيز على الياء المشدّدة في الوقف مثل ( ولِِيٍّ) (بِمُصْرِخِيَّ) , وكذلك في الوصل إذا جاء بعدا ياءٌ مثل ( إّنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) ( وَإِذَا حُيِّيتُم) (وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ) ولا يجوز أن تخفّفَ الياءُ في هذه الحالات , بل لا بُدَّ فيها من قُوَّةِ ضَغْطٍ ونَبْرٍ.
الملاحظة الخامسة:
أما الياء : فينبغي إعطاءها حقها من المد في مثل : (الْمِيزَانِ) كما ينبغي الانتباه إلى عدم تشدديها إذا كانت مخففة , وعلى الأخص إذا وقعت متحركةً بين متحركَيْن , مثل : (شِيَعًا) و (وَتَعِيَها) , و ( لا شِيَةَ) , و (هِيَ) , فإن اللسان يسهل عليه تشديدها , وينبغي ألا تخطفها خطفاً فتبدوَ نصفَ ياء , وكذلك يحذر من زيادة إشباع كسر الحرف الذي قبلها إن كان مكسوراً حتى لا تتولد ياء مدية. كما ينبغي التأكيد على إعطاءها وزن حرفين إذا وقعت مشدّدةً , مع مراعاة عدم المبالغة في ذلك حتى لا تصبح كأنها جيم مثل: (وَإِيَّاكُمْ).
الملاحظة السادسة :
بالنسبة لحرف اللام : فإن بعض الطلبة يلفظونه بملاصقة اللسان للثنايا , فتخرج اللام كأنها لام الألثغ , والصواب أن لحم اللسان ينبغي ألا يلامس لحم اللثة التي تنغرس فيها الثنايا. كما ينبغي مراعاة ترقيق اللام في وضع الترقيق , وخاصة إذا جاورت المفخم , مثل: (وَلْيَتَلَطَّفْ) , (ولا الضَّالِّينَ) , أو وقعت بين مفخمين , مثل (خَلَقَ) . وقد يجتمع لدينا لامان إحداهما مرققة والأخرى مفخمة فههنا ينبغي العناية بترقيق المرقق وتفخيم المفخم , مثل : (وَعَلَى اللَّهِ) , (فَضْلُ اللَّهِ) , (رَّسُولَ اللَّهِ) .
قال ابن الجزريّ : فرققن مستفلاً من أحْرُفِ وحاذِرَنْ تفخيمَ لفْظِ الألِفِ وهمزَ الحَمْدُ أَعُوذُ إهْدِنا اللَّهُ ثـم َّ لام للـّه لنـا وَلْيَتَلَطَّفْ وَعَلَى الله ولا الضْ ........................
والصوابُ :
أنه لا بدَّ أن يلامس رأسُ اللسان أطراف الثنايا العليا وأن يبرزَ قليلاً حتى يمكن أن يراه الناظر. ومن ألحن ما يقع فيه الناس في هذه الحروف أن تُشْرَبَ صفة الصّفير الذي في الزاي , فينطقون الظاءَ والذالَ زاياً , والثاء سيناً , كما هو معروف في بعض اللهجات العامّيَّة , وهذا خطأ فادحٌ. وكيفية التخلص من هذا الخطأ : أن تخرج اللّسان وتلامس به أطراف الثنايا العليا , ثم تنطق بالحروف اللّثوية.
الملاحظة السابعة:
ومما يجدر معرفته : أن مخرج الضاد من اصعب الحروف مراسا وأشدها تطبيقاً , وقلما تجد متقنا لها في الناس , فمنهم من يبدلها ظاء مشالة , وهذا هو الكثير الغالب لأنهما تقاربا في المخرج , واشتركا في جميع الصفات إلا الإستطالة , وهو لحن فاحش يغير الكلمة , ويخرجها عن معناها إلى لفظ غير مستعمل في اللغة , أو إلى معنى غير مراد , ومنهم من يبدلها طاء مهملة ممزوجة بالدال , وهو الغالب على أهل مصر والمغرب , ويوجد بعض أهل تونس , ولا يمكن ضبطه إلا عن طريق مشافهة المتقنين من القراء , وقد قيل بأن النبي (ص) كان يخرجها من الجانبين. قال ابن الجزري : ( واعلم أن هذا الحرف ليس في الحروف حرف يعسر على اللسان غيره , والناس يتفاضلون في النطق به ). وقال : ( واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص على إخراجه من مخرجه بطبعه , لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم ).
وينبغي التنبه إلى إظهار مخرج الضاد عند التقائه بحرف آخر , وذلك ببيان مخرجيهما دون إدغام أو إبدال , فتبدل الضاد ظاء أو العكس , ومثاله : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ) و (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) وكذلك وجوب إظهار الضاد المعجمة من الطاء المهملة , ومثاله : (فَمَنِ اضْطُرَّ) ومن التاء المثناة فوق, (وَخُضْتُمْ).
الشفتان
وفيهما مخرجان : 1- بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا : ويخرج منه الفاء فقط. مثل : (وَالشَّفْعِ).
قال ابن الجزريّ : .......ومن بطن الشّفهْ فالفا مع اطْرافِ الثّنايا الْمُشْرِفَه
2- من بين الشّفتين العليا والسفلى : ويخرج منه ثلاثة حروف : الواو – غير المدية – مثل : ( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ) والباء , مثل : (وَأَبْقَى) والميم , مثل (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وتسمّى الحروف الشفوية لخروجها من الشّفة.
قال ابن الجزريّ : للشّفتين الواوُ بَاءٌ ميمُ ......................
ملاحظات
الملاحظة الأولى :
بعد التأمل الدقيق في مخارج الحروف نجد أن الشفتين لهما دور كبير جداً في نطق جميع الحروف المفردة والمجتمعة , ويظهر دورهما بكشل بارز عند توالي الحروف المتباينة في الحركات كالضم مع الكسر , مثل : (أُمِرُوا) أو الضم مع السكون , مثل: (وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ). وهذه ملاحظةٌ يغفل عنها الكثيرون , ولذلك فإن من لم يهتم بهيئة شفتيه عند نطق الحروف فإنها تخرج غير متقنة , فمثلاً عندما تنطق : إِيْ , تكون هيشة الشفتين مختلفة تماماً عندما تنطق : أُوْ.
وحاول أن تتدرب على نطق الألفاظ التالية ملاحظا الفرق بينها : ( أُحْ , أَحْ , إِحْ , هُمْ , هَمْ , هِمْ , صُمٌّ , بُكْمٌ , عُمْيٌ , وهكذا فإنك سترى أثر هيئة الشفتين واضحاً في هذه الكلمات.
ويجب الإهتمام بضمِّ الشفتين ضمَّاً تاماً عند الحروف المضمومة فإن كثيراً من الناس لا يُتِمُّون ذلك, وخاصّةً في مثل : ( عَلَيْكُمْ , مِنِهُم ) , وفي ( وَأَكوابٌ مَّوْضُوعَةٌ ), والاهتمام بانفراج الشفتين وانفتاحهما عرضاً عند المكسور , مثل : ( بِهِ ) , عَلَيْهِمْ ) , قال الإمام الطَّيبيٌّ :
وكُلُّ مَضـْمُومٍ فَلـَنْ يَتِمَّا إلاَّ بِضـَمَّ الشَّفّتينِ ضَمَّا
وذُو انْخِفاضٍ بانْخِفاضٍ للْفَمِ يَتِمُّ, والمَفْتُوحُ بالْفَتْحِ افْهَمِ
الملاحظة الثانية :
إنّ الله تعالى خلق الشفتين لفوائد كثيرةٍ , ومن هذه الفوائد : إضفاءُ مسحةٍ خاصةٍ على جمال منطق الإنسان , وهيَّأ فيهما عضلاتٍ تستجيب لأوامر الإنسان في أي لحظة , فإذا نشّط هذه العضلات , وأيقظها بالضم والفتح , والإطباق , والضغط عليها وترويضها , فإنها ستستجيب له وتعطيه الهيئة المطلوبة لنطق أي حرفٍ , ولا شك أن ذلك سيساعد الفك على المرونة في النطق , فعلى من يرغب بتحسين تلاوته أن يتنبَّهَ إلى هذا , وأن يسمع النطق الصحيح من المشايخ , ثم يتدرّب عليه , وَيُرَوْضَ شتفيه على تحسينه , ورحم الله الإمام ابن الجزريّ إذ يقول عن التجويد :
وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ إلاّ رِياضَةُ امْرِىء بِفَكِّهِ
الملاحظة الثالثة :
لا يخفى علىفطنتك أن الواو التي تخرج من الشفتين هي غير المدية كما سبق , وأن هذه الواو تخرج بانضمام الشفتين , بينما الباء والميم يخرجان بانطباق الشفتين , والفرق واضح بين الانضمام والانطباق . وقد ذكر بعض العلماء أن الشفتين تنفتحان مقبَّبَتين بالواو , وهو تعبير دقيق مطابق للواقع. كما ذكر بعض المحققين أن الباء بَحْرِيّه , والميم بَرّيّة , بمعنى أن لكل من الشفتين طرفين , طرف يلي داخل الفم وفيه رطوبةٌ وطرواةٌ , وطرف يلي البشرةَ إلى خارج الفم وفيه جفافٌ , فالمنطبق من الشفتين عند الباء هو الطرف الذي يلي داخلَ الفم ( البحريّ ) , والمنطبق عند الميم هو الطرف الذي يلي البشرة وهو ( البرّيّ ) . ويلاحظ أ، انطباق الشفتين مع الباء أقوى من انطباقهما مع الميم.
الملاحظة الرابعة :
أما بالنسبة للواو : فينبغي الاهتمام بها من عدة وجوه : إذا جاءت مضمومة فينبغي تخليص ضمّها , وذلك في مثل قوله تعالى : ( تَفَاوُتٍ ) , و ( وَوُجُوهٌ ) , و ( وَلاَ تَنسَوُ الْفَضْلُ بَيْنَكُمْ ) , وكذلك الأمر إذا كسرت ينبغي إجادة إخراج الشفتين حتى تخرج رقيقة مشبعة الكسر مثل : ( وَلِكُلٍ وِجْهَةٌ ) , واحذر من إخراجها مشُوبَةً بغنّة من الأنف في كل أحوالها:
الملاحظة الخامسة :
إذا كررت الواو ينبغي الاهتمام بها بشكل خاص , مثل : ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ) , وكذلك إذا شددت ينبغي أن تحترز من مضغها مثل : ( وَأُفَوِّضُ ) , و ( لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ ) , وقد تم ذكر الملاحظات في الياء المشددة , وهي تشترك مع الواو في ضرورة نبْر التشديد فيهما نَبْراً , لن اللسان يضعُفُ قليلاً عندهما.
قال الإمام الجزري : (( فكثيراً ما يتواهن في تشديدها ( أي الياء ) وتشديد الواو أختها , فيلفظ بهما لينتين ممضوغتين , فيجب أن ينبوَ اللسان بهما نَبْوَةً واحدةً وحركةً واحدة , وبعض القراء يبالغ في تشديدها فيُحَصْرِمُها , وليْته لو يُخَضْرِمُها )).
الملاحظة السادسة :
وأما إذا شُدِّدتْ الواو ثم جاء بعدها تنوين وبعد التنوين واو , مثل : ( عَدُوًّا وَحَزَنًا) , و ( غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) , فينبغي أن تنتبه إلى ملاحظة نطق الواو المشددة الأولى وإخراجها من الشفتين بدون غنّة , ثم ادْخُلْ على التنوين المدغم فأخرج الغنة من الأنف , ثم انطق بواو مفتوحة صافية من الغنة , وهذه دقيقة من الدقائق يغفل عنها الكثيرون . واحذر أشد الحذر –هنا- أن تولِّد من الفتحات ألفاتٍ , كما يفعله بعض القراء المشهورين , حتى لا تقع فيما يسمى بالإدخال.
الخيشوم الخيشوم : وهو أقصى الأنف , ويسميه البعض التّجويف الأنفيَّ : ويعرِّفُهُ بعضهم بأنه : خَرْقُ الأنف المنجذبُ إلى داخل الفم , والمركَّبُ فوق غار الحنك الأعلى. ويخرج منه صوت الغُنَّة التي تكون في : النّون الساكنة والتنوين عند الإدغام بغنّة , وعند الإخفاء , وعند الإقلاب , والنّون والميم المشددتين والميم المخفاة عند الباء والميم المدغمة في الميم , مثل: ( إِنَّ , ثُمَّ ).والغنة ثابتة في النون والميم مطلقاً ومقدار الغنّة حركتان والحركة هي قبض الإصبع أو بسطه ( وهذا تقريب لا تحديد فليفهم ).
قال ابن الجزريّ : ...................... وغُنّة مخرجها الخيشُومُ
الغنة : صوت لطيف يخرج من الأنف , وهو صوت أغن لا عمل للسان فيه , قيل يشبه صوت الغزالة إذا ضاع ولدها.
مراتب الغنّة: ثبوت الغنّة في المشدد أكمل منهما في المدغم وفي المدغم أكمل منها في المخفي وفي المخفي أكمل منها في الساكن المظهر وفي الساكن المظهر أكمل منها في المتحرك. فيكون كمالها في حالة التشديد والإدغام والإخفاء في أصلها في حالة المظهر والمتحرك.
أمثلة: 1- المشدّد : أي النون أو الميم حال كونهما مشدّدتين , مثل : ( إِنَّ , ثُمَّ ). 2- المدغم : مثل : ( مَنْ يَعْمَلْ , مِن وَاولٍ ). 3- المخفى : مثل : ( مِنْ فِضَّةٍ ). 4- الساكن : مثل : ( أَنْعَمْتَ ). 5- المتحرك: مثل : ( ماَ , مِنَ , لَنَا ).
ملاحظة : زمن الغنة في المراتب الثلاثة : المشدّد , والمدغم , والمخفي واحد , وقول العلماء : أكمل , لا يعني أنها أطول زمناً , إنما يعني أن نسبة الغنّة تكون كاملةً في مخرجها , تامةً في صداها في التجويف الأنفي , أو غرفة الرّنين , ولا علاقة لهذا بمسألة تطويل مدة الزمن فيها , والله أعلم. الحروف الفرعية وهي التي تتولد من حرفين , وتتردَّدُ بين مخرجين. 1- الألف الممالة : ويوجد لحفصٍ عن عاصمٍ كلمةٌ واحدةٌ في القرآن ممالةٌ وهي قوله تعالى : ( بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَا ). 2- اللام المفخمة : وهي لام لفظ الجلالة إذا جاء قبلها فتح أو ضم , مثل : ( إِنَّ اللَّهَ ) ,( رَسُولُ اللَّهِ ) , وهي فرع عن اللام المرققة. 3- الهمزة المسهلة : وهي التي تتردد بين الهمزة وبين الألف , وقد وقع لحفص منها كلمة واحدةٌ في القرآن الكريم وهي : ( ءَاْعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ). 4- الصاد المشَمَّةُ وهي صوتَ الزاي : مثل: ( الصِّرَاط ) وهذا على قراءة متواترة أخرى من السبع وهي قراءة حمزة , أما حفص فليس عنده إشمام في الصاد , والاشمام عند حفص يكون آخر الكلمات وبلا صوت على الإطلاق , ولا يوجد في وسط الكلام إلا في كلمةِ : ( تَأْمَنَّا ). 5- الكسرة المشمَّة صوت الضمة , مثل : ( وَقِيلَ ) وذلك في قراءة الإمام الكسائي وابن عامر الدمشقيّ من رواية هشام , ولم يقع منه في رواية حفصٍ شيءٌ.
ملاحظةٌ حول الحروفِ الفرعية :
الإشمامُ في عُرْفِ أهل التجويد نوعان :
النوع الأول : خلط حرفٍ بحرفٍ , أو حركةٍ بحركةٍ , بحيثُ يتولدُ صوتٌ هو خليطٌ منهما , فهذا الإشمام يظهر في الصوت , وهو غير موجود في قراءة حفْصٍ عن عاصمٍ , ومنه النوع الرابع والخامس من الحرُوفِ التي سَبَقَ ذِكْرُهما.
النوع الثاني : وهو ضَمُّ الشَّفَتَينِ عند النطق بالحرف بُعَيْدَ سكونه مثل ( نَسْتَعِينُ ) وهذا لا علاقةَ له بالصُّوت على الإطلاق , إذْ هو مُجَرَّدُ إِشارةٍ بالشَّفَتَينِ إلى الضم , ويوجد الإشمام بهذا المعنى عند حَفْصٍِِ في مواضعه. |
|