نظرا لما تتمتع به النوبة من تاريخ حضاري طويل، فإن تراثها الشعبي يتسم بالعراقة والثراء، والتنوع، كما أن له خصوصيته التي تميزه عن غيره في بقية أرجاء الوادي. ومن الطبيعي أن تتباين أشكال التراث الشعبي النوبي وتعبيراته، فمنها المباني، والأثاث، والفنون، والحلي، والعادات والأعراف الاجتماعية وغير ذلك .
<TR> <td width=180 colSpan=2></TD></TR></TABLE>لعل من أهم ما يميز الرقص الشعبي النوبي أنه رقص جماعي يشترك فيه الرجال والنساء من كل الأعمار، وارتبط عدد من هذه الرقصات بمواسم الزراعة والحصاد ، ومن أشهر الرقصات النوبية (الأراجيد ).
<TR> <td width=180 colSpan=2></TD></TR></TABLE>رغم أن الزواج في النوبة مسئولية الوالدين، إلا أن العم والخال يشتركان كذلك في تحمل المسئولية نظرا لأن نظام القرابة النوبي نظام مزدوج يجمع بين النسب من الوالدين الأب والأم .
وزواج الفتى من ابنة عمه يعتبر أمرًا خاصًا، لدرجة أن مهر الفتاة يكون أقل بكثير إذا تزوجت ابن عمها أو خالها عما لو تزوجت خارج الأسرة، وهنا يتفاوت المهر من قبيلة لأخرى.
ويحرص النوبيون على تقديم النقوط والهدايا العينية لأسرتي العروسين تعبيرا عن الود والتعاطف والمساعدة على إقامة حفلات الزواج الباهظة التكاليف.
ونظرًا لأن النيل يشكل عنصرا محوريا في الثقافة النوبية، فإنه يتعين على العروسين أن يهبطا إليه ليلة الزفاف، ويغتسلا بمياهه أملا في جلب الخير وإنجاب الأطفال.
وعندما يرزق الأبوان بطفل ذكر، يحتفل بيوم سبوعه حيث تذبح ذبيحة وتتلى الآيات القرآنية ويختار اسمه. أما إذا كانت المولودة أنثى فيقتصر حفل السبوع على دعوة الأصدقاء ويذهبون بصحبة الوالدين إلى شاطئ النيل وهناك يعطى للبنت اسمها.
وبسبب العزلة الجغرافية واللغة الخاصة والوضع الأمومي تشكلت حتمية ألا تتزوج الفتاة النوبية إلا من “داخل القبيلة” فقط، وليس من أهل النوبة ككل، ففي بدء الأمر لم تكن النوبية تتزوج إلا من داخل الأسرة، وبعد ذلك من داخل القبيلة.. فمثلا لم تكن النوبية من “الكنوز” تتزوج من نوبي من “الفادتجدا” وهكذا، وفي المقابل كان ولا يزال من حق الفتى النوبي أن يتزوج من يشاء دون أن يكون ملزما بالزواج من النوبيات .
وفي اعتقادي أن هذا الأمر ليس مقصورا على النوبيين فقط، فالأشراف في صعيد مصر لا يزوجون بناتهم إلا من نفس القبيلة وهو نفس ما نجده عند الهوارة الذين لا يزوجون أبناءهم لأحد أفراد قبائل العرب الذين يبادلونهم هذا الاعتقاد، ورغم ذلك فإن الموضوع برمته بدأ يتغير نسبيا بحكم التطور، وانفتاح المجتمع أكثر من ذي قبل مع زيادة نسبة التعليم وانحسار الجهل والأمية، دون أن نغفل أن هناك الكثيرين الذين مازالوا يعتقدون هذا الاعتقاد باعتباره جزءاً من الموروث والعادات والتقاليد التي يجب الحفاظ عليها مثلها مثل اللغة، ولاشك أن مشكلة العنوسة قد فرضت نفسها على بنات النوبة في الفترة الأخيرة لكن لا ننسى أن ذلك جزء من مشكلة عامة فالعنوسة أصبحت ظاهرة انتشرت في المجتمع المصري كله وارتفع سن الزواج بصورة لافتة للنظر ومثيرة للانتباه.
ولعل أهم أسرار “عنوسة” بنات النوبة خلال السنوات الأخيرة هي هذه العادات والتقاليد التي يتوارثونها جيلا بعد جيل.. فالبنت النوبية عليها أن تتزوج رغما عنها من شاب نوبي حتى لو لم تكن تحبه أو توافق عليه، وإلا فلن ترى الزواج طيلة حياتها، وهي المشكلة التي تواجهها “بعض” فتيات الجيل الجديد المثقف في النوبة، ونقول “بعض” لأن غالبية بنات النوبة أنفسهن يفضلن “العنوسة” على الزواج بشاب غير نوبي متأثرين في ذلك بالمعتقدات التي تزرع فيهن هذا المبدأ أو تلك العادة منذ نعومة أظفارهن، والكثيرات منهن يقتنعن بهذا المعتقد وتنشأ الفتاة النوبية على أن الشاب غير النوبي لن يصونها ولن يعطيها حقها كامرأة لها كرامتها وكيانها، وبالتالي إذا وجدت الفتاة النوبية أنه لم يتقدم لها شاب نوبي مناسب فإنها تفضل الحياة بدون زواج أو الانتظار طويلا حتى يأتي هذا العريس النوبي المناسب الذي يوافق مواصفاتها وشروطها مما أدى بلا شك إلى ارتفاع سن الزواج بشكل ملحوظ فيما بين بنات النوبة في الفترة الأخيرة فضلا عن زيادة عدد العوانس هناك .
زواج مبكر
ومن عادات وتقاليد الزواج في النوبة أيضا أن السن النموذجية الذي يتزوج فيه الشاب النوبي يتراوح ما بين 18 و22 سنة ، أما الفتاة فتتزوج وعمرها ما بين 15 و 20 عاما ويعد العريس “الجهاز والموبيليا”، وعلى عكس الشائع يكون مقدم الصداق أقل من مؤخره، ويتراوح بين خمسة جنيهات إلى 15 جنيها ويكون بين أسرتي العروسين في العادة اتفاق داخلي على مقدم الصداق وغيره . <TABLE style="MARGIN-TOP: 10px; MARGIN-BOTTOM: 20px; MARGIN-RIGHT: 10px" cellSpacing=0 cellPadding=2 align=left border=0>
<TR> <td width=180 colSpan=2></TD></TR></TABLE>
على الرغم من المظاهر والمبالغات والمساومات التي تحدث، تنحر الذبائح بكثرة ملحوظة بمنزلي العروسين، وإذا كانت هناك جنازة قبل مرور سبعة أيام على الزواج فلابد أن يخرج العروسان ويشهدان الجنازة قبل دخول أحد المشيعين عليهما، وإذا مر موكب عرس آخر على منزل العروسين قبل “السبوع” .
فإنهما يخرجان ويصاحبان الموكب ولا يدخلان منزل العرس الثاني بل إن “العروسة” ترسل أصغر أطفال الأسرة وعليها حلية صغيرة كتعبير رمزي عن مشاركة أفراد وأهل العرس الثاني الأفراح.وإذا كانت والدة العريس أو العروس قد سبق لها أن جاملت إحدى الأسر الأخرى بالمشاركة في أفراحها وهي بكامل حليها الذهبية وجب على هذه الأسرة المعاملة بالمثل .
<TR> <td width=180 colSpan=2></TD></TR></TABLE>يعكس الفن النوبي الخصوصيات الثقافية النوبية، ويتضمن رموزا تعكس دلالاتها معتقدات شعبية وسحرية. ويظهر ذلك في الوشم والرسوم الجدارية التي تزين واجهات المنازل ومداخلها، وكذلك مشغولات الخرز وزخارف مشغولات السعف والخوص من سلال وأطباق وحصير وغيره. وكثيرا ما تحمل العناصر الزخرفية دلالات معنوية وسحرية، فالسيف يرمز للبطولة والشجاعة، ويوحي الهلال والنجمة - وهما رمزان إسلاميان - بالتفاؤل، وكذلك توحي القطة السوداء بالتفاؤل، أما الغراب والبومة فهما رمزا شؤم وخراب، في حين ترمز الزهور والورود للصداقة والمحبة أما الإبريق وسجادة الصلاة فيرمزان للطهارة والنقاء.
الطلاق عند أهل النوبة
أما بالنسبة للطلاق فتندر حالاته بالنوبة إذ جرى العرف على اعتبار الطلاق من المكروهات كراهة شديدة، ولا يطلق الزوج زوجته إلا في حالات محدودة ولأسباب ودوافع قوية مثل الأمراض المستعصية التي قد تصيب أحدهما أو اليأس من الإنجاب أو ما شابه ذلك، فالنوبيون يقدسون الحياة الزوجية ويحترمون بيوتهم وحياتهم الخاصة ولا يفرطون في أزواجهم بسهولة.
قبائل النوبة
ومن يبحث في المجتمع النوبي يجد أن هناك ثلاث قبائل كبرى رئيسية هي “العرب”، و”الكنوز” و”الفادتجدا”.. وقد حاولنا إلقاء الضوء على تلك القبائل لمعرفة المزيد من التفاصيل عن عاداتها وتقاليدها المتوارثة، فوجدنا أن العرب مثلاً يقطنون في وسط منطقة النوبة ويتحدثون بالعربية، وهم موزعون بين قرى وادي العرب، السنقارى، شاترمة، المالكي، السبوع، وإضافة إلى ذلك فإن القبائل العربية القديمة التي هاجرت إلى بلاد النوبة وهي بنو ربيعة وجهينة وغيرهم اختلطوا بالنوبيين ونشروا الإسلام وبعض الملامح المميزة له من قيم . <TABLE style="MARGIN-TOP: 10px; MARGIN-BOTTOM: 20px; MARGIN-RIGHT: 10px" cellSpacing=0 cellPadding=2 align=left border=0>
<TR> <td width=180 colSpan=2></TD></TR></TABLE>
ولكنهم أخذوا منهم لهجتهم التي امتزجت بالعربية وساعد على ذلك انعزال المجتمع النوبي عن مجتمع أسوان الكبير وكان نهر النيل وسيلة المواصلات السهلة التي تربط بين قرى النوبة قديما.. لكن الآن وبعد بناء السد العالي تم تهجيرهم إلى منطقة أراضي الاستصلاح الزراعي الجديد بمدينة “كوم امبو” على بعد 50 كيلومتراً شمال مدينة أسوان وتمتد على طول المنطقة شمال وشرق مدينة كوم امبو بشكل يقارب نصف الدائرة ويتخللها طريق ممهد للمواصلات يربط جميع القرى النوبية بعضها ببعض..
أما الفادتجدا فهم يتحدثون النوبية القديمة ويقطنون المنطقة الجنوبية ولهم لهجة خاصة بهم تسمى “الفديجة” تنطق ولا تكتب!!
وهناك قبيلة “الكنوز” وأهلها يقطنون المنطقة الشمالية ويتحدثون باللهجة الكنزية..
وكل قبيلة من هذه القبائل كانت في بادئ الأمر ترفض حتى أن تتزوج بناتها من رجل نوبي من خارج القبيلة، لكن تطورت الأمور مع تطور العصر وأصبحوا يسمحون للفتاة النوبية أن تتزوج رجلا نوبيا من قبيلة أخرى أما من خارج النوبة فهذا مستحيل تبعا للعادات والتقاليد والموروثات القديمة منذ عشرات السنين .