| العلاقة بين اللغة واللهجة | |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:10 | |
| تتمثل العلاقة بين اللغة واللهجة في الحركية الدائمة في اللهجة فهي نمط غير ثابت ، ينجذب تارة إلى الفصحى وتارة يبتعد عنها فهناك إذن عوامل شد للفصحى تجعل بعض أنماط اللهجة أشد ما تكون قربا من اللغة الفصيحة ، وعوامل إبعاد تجعلها أبعد ما تكون عن الفصحى ؛ وهذه الأنماط في اللهجة الليبية واضحة جدا ؛ منها على سبيل المثال : النمط المستعمل في البيت والسوق ، ثم النمط المستعمل بين المثقفين أو ما يسمى بلغة المثقفين ؛ وهو ما يدور من استخدام للغة في المؤسسات العلمية والثقافية حيث إن أستاذ الجامعة مثلا في الغالب لا يلقي محاضرته بالطريقة التي يخاطب بها أسرته في البيت أو بالطريقة التي يتعامل بها في السوق ، فهناك بون شاسع بين هذين النمطين من حيث الأصوات والمفردات والعبارات والجمل ، إضافة إلى ذلك فإن لغتنا المعاصرة تحتوي أيضا على نمطين آخرين فصيحين غير أنهما يتفاوتان في درجة الفصاحة هما : 1- لغة القرآن الكريم . 2- لغة القراءة والكتابة ؛ أي اللغة التي نكتب بها الرسائل والصحف والكتب والمجلات . ففي هذا البحث سنحاول تحديد منهج وطريقة بوساطتها نستطيع أن نبلور العلاقة بين هذه الأنماط التي نعتقد بأنها محكومة بحركية مستديمة مدفوعة بعوامل اجتماعية ونفسية ودينية وقومية ، مع محاولة الإجابة على السؤال الآتي وهو : إلى أين تتجه حركية هذه الأنماط في المستقبل هل إلى القرب من الفصحى أو إلى البعد عنها ؟
1- تحديد مفاهيم : لكل علم مصطلحات لابد للقاريء من التعرف عليها لاستيعاب ما يريد الباحث الحديث عنه وما يتعلق باللغة واللهجة يدخل في نطاق علم اللغة الذي تعددت مصطلحاته واختلفت إلى درجة أن بعضها استغلق حتى على المتخصصين في هذا العلم نظرا لكثرة مدارسه وتنوع المصطلحات بتنوع تلك المدارس ؛ لذلك رأينا في مقدمة هذا البحث ضرورة تحديد مفاهيم بعض المصطلحات الضرورية وهي : أ- اللغة : اللغة أحد أهم وسائل الاتصال البشري التي يستطيع الإنسان بوساطتها نقل أفكاره ومشاعره لأخيه الإنسان مستخدما وسائط في ذلك أهمها الصوت ، ثم الكتابة ، ثم اللمس . [1] وعرفها أبو الفتح عثمان بن جني بقوله : " اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " [2] فقد ركز أبو الفتح عثمان بن جني على الصوت بل جعله هو اللغة؛ مع أنه ناقل لها مثله مثل الكتابة واللمس ، وبالرغم من اختصار هذا التعريف وذكره للصوت فقط ؛ فقد ساهم هذا التعريف في إخراج لفظ اصطلاح "لغة " من مفهومها القديم وهو" اللهجة " حيث كانوا يقولون لغة تميم ولغة الحجاز ويقصدون بذلك ما تفرع عن اللغة الرئيسية من لهجات ، إلى الاصطلاح المعروف لدينا الآن وهو" اللغة" . وعرفها علماء اللغة المحدثون ؛ موضحين في التعريف تركيبها وأساسها ، ووظيفتها بقولهم : " اللغة منظومة من العلامات والمعاني أساسها الصوت تعتمد في أداء وظيفتها على رموز اعتباطية تستطيع بها مجموعة من البشر التفاهم والاتصال " [3] وهذا التعريف يعكس وجهة نظر علماء اللغة المحدثين وهي أن اللغة ربط العلامة الصوتية أو الكتابية أو الملموسة بالمعنى ، أي أن في اللغة لابد من ارتباط خاص بين العلامة والمدلول هذا الارتباط هو الارتباط الاصطلاحي الذي يميز اللغة عن غيرها ، إذ إن للعلاقة بين العلامة والمدلول أنواع أخرى لا توصف بأنها علاقات لغوية ؛ كعلاقة التشابه التام بين العلامة والمدلول كالصورة الفوتغرافية بالنسبة للشخص أو علاقة السببية مثل علاقة الدخان بالنار .
-يتبع/ .... __________________ |
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:14 | |
| ب- الكلمة :
أكثر ما استعمل اصطلاح " الكلمة " في أصغر وحدة لفظية دالة على معنى مفرد قال ابن هشام " الكلمة قول مفرد " [4] والمقصود بالمفرد المعنى ؛
حيث إنه شرح هذا التعريف فيما بعد بقوله : " والمراد بالقول : اللفظ الدال على معنى : كرجل وفرس . " [5] كما حدد المراد بالمفرد بقوله : "
والمراد بالمفرد ما لايدل جزؤه على جزء معناه ، وذلك نحو " زيد " فإن أجزاءه وهي : الزاي ، والياء ، والدال – إذا أفردت لا تدل على مما يدل هو
عليه . [6] وقد اضطربت آراء علماء اللغة المحدثين من الأوربين في تحديد الكلمة مما ألجأهم إلى وضع ثلاثة تعريفات لها
هي : " على المستوى الصوتي الكلمة لفظ انحصر بين وقفتين ، وعلى المستوى النحوي تحدد الكلمة بالنسبة لموضعها في الجملة . أما على المستوى الإفرادي فهي مفردة دالة على معنى معين " [7] وما سنسير عليه في هذا البحث هو تعريف ابن هشام لأنه مختصر وواف بالغرض المقصود .
ج- المقطع " Syllable " : المقطع فكرة لم تكن متداولة بين المتقدمين من علماء العربية –حسب علمي –
والمراد بها عند علماء اللغة المحدثين هو تقسيم الكلمة إلى جزيئات صوتية مفصولة بوقفات أساسها التقطع في دفع الهواء من الرئتين ؛ فالتيار الهوائي
الرئوي أثناء نطق الكلمة لا يكون مستمرا بل تتخلله في كل اللغات وقفات قصيرة جدا تحدث مجموعات لفظية ضمن الكلمة تسمى مقاطع ، وفكرة
المقطع مهمة جدا لأنه يتوقف على معرفتها معرفة "النبر " - الذي سيوضح فيما بعد- وبوساطة النبر يميز السامع بين لهجة وأخرى ؛ ومن الأمثلة
التي لاتحصى على ذلك الفرق بين اللهجة الليبية والتونسية في نطق المدينة السورية المشهورة "حلب " ففي اللهجة الليبية يقع النبر على المقطع الأول
وهو ( حَ ) أما في اللهجة التونسية فيقع النبر على المقطع الثاني وهو ( لّبْ) وهذا ما يفسر لنا الفرق الذي نسمعه بين نطق الليبي والتونسي لاسم
هذه المدينة . وقد عرفه بعض العلماء المحدثين بقوله : " هو النطق الواقع أثناء النبض الصدري ، أي انقباضة واحدة لعضلات الصدر أثناء الزفير "
[8] وقد قسم إبراهيم أنيس المقطع الصوتي إلى قسمين حيث أشار إلى إن : " المقاطع الصوتية نوعان متحرك وساكن والمقطع المتحرك هو الذي
ينتهي بصوت لين قصير أو طويل أما المقطع الساكن فهو الذي ينتهي بصوت ساكن . فالفعل الماضي الثلاثي مثل (فّتَحَ ) يتكون من ثلاثة مقاطع
متحركة ، في حين أن مصدر هذا الفعل ( فَتْحٌ ) يتكون من مقطعين ساكنين " .[9]
-يتبع/... __________________ |
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:15 | |
| د – النبر : Stress ""
النبر نوعان :
أحدهما هو ارتفاع الصوت ووضوحه في أحد مقاطع الكلمة أكثر من المقاطع الأخرى مثل نطق اسم "الأندلس " ففي اللهجة الليبية يقع النبر على
المقطع الثالث من الكلمة بدءا من الآخر وهو ( أَن ) أما في اللهجة التونسية فالنبر يقع على المقطع الأول للكلمة حين نبدأ العد للمقاطع من آخرها وهو (
لُسْ ) وهذا ما يسمى بنبر الكلمة ، أما النوع الثاني فهو نبر الجملة وهو علو الصوت في أحد كلمات الجملة مثل قول البعض مثلا : أنا ، رأيت الهلال
، فهو قد رفع الصوت بالضمير إشارة إلى أنه هو الوحيد الذي استطاع أن يرى الهلال ، ولذلك يصح له أن يقول :أنا ، رأيت الهلال لاغيري ، أما إذا
نطق الجملة بدون نبر فالمقصود الإخبار فقط برؤية الهلال وقد يكون رآه وشاركه في رؤيته جمع من الناس [10] وقد أشار إبراهيم أنيس للنوع
الأول من النبر بقوله : " والمرء حين ينطق بلغته يميل عادة على الضغط على مقطع خاص من كل كلمة ، ليجعله بارزا و أوضح في السمع من
غيره من مقاطع الكلمة وهذا الضغط هو الذي نسميه النبر" .[11]
ه- الجملة :
الجملة نسق من الكلمات مربوط أفقيا في الكتابة بالأسس النحوية التي تعتمد عليها اللغة موضوع الدرس ، وقد حدد ابن هشام الجملة بقوله : "
والجملة عبارة عن الفعل وفاعله ( كقام زيد ) والمبتدأ وخبره ( كزيد قائم ) وما كان بمنزلة أحدهما ( نحو " ضُرب اللص " و " أقائم الزيدان " و "
كان زيد قائما " و " ظننته قائما " .[12] ففي المركبات الإسنادية التي ذكرها ابن هشام أسس نحوية تجعل الجملة الأولى جملة فعلية والثانية جملة
اسمية والباقي ترجع إلى أحدهما والنص النحوي يقول : إذا بدئ الكلام بفعل فالجملة فعلية وإذا بديء باسم سميت جملة اسمية .
واختلف علماء اللغة المحدثون في تحديد الجملة تبعا للمدارس اللغوية المختلفة ولكن ما اشتهر بينهم أكثر هو تعريف البنيويين لها حيث يرون أن الجملة
" هي الوحدة الكبرى التي يمكن تحليلها نحويا ؛ أي أنها تركيب نحوي لايوجد في اللغة أكبر منه يمكن تحليله إلى مكونات ربطت بوسيلة
من وسائل أمن اللبس كالإعراب مثلا " [13]
- يتبع /...
|
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:18 | |
| و - اللهجة :
هي اختلاف في الصوت والنحو والمفردات تختص به منطقة جغرافية معينة أو مجموعة عرقية محددة يميزها هذا الاختلاف عن اللغة الرسمية ،
فإذا كان هذا الاختلاف في النطق فقط ،سمي تغيرا صوتيا وليس لهجة [14]. وقد حدد إبراهيم أنيس الفرق بين اللهجة واللغة بقوله :
" اللهجة في الاصطلاح العلمي الحديث هي مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة ، ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة .
وبيئة اللهجة هي جزء من بيئة أوسع تضم عدة لهجات لكل منها خصائصها ، ولكنها تشترك جميعا في مجموعة الظواهر اللغوية التي تيسر اتصال
أفراد هذه البيئات بعضهم ببعض " [15] ويبدو أن هذا الاصطلاح قد أطلق على اللغة قديما ولكن ليس بشكل واسع فقد ورد في لسان العرب " اللَّهجة واللُهجة : جرس الكلام والفتح أعلى –
الفتح أكثر - . ويقال : فلان فصيح اللَّهجة واللِّجة ، وهي لغته التي جبل عليها فاعتادها ونشأ عليها [16] والمستعمل كثيرا في الدلالة على مفهوم اللهجة
قديما هو اصطلاح "لغة " فهم يقولون مثلا : قرأ الحسن " وإن كان قميصه قد من دبر " بسكون الباء، وهي لغة الحجاز وأسد [17]ويعنون بذلك لهجة
أهل الحجاز ولهجة أسد . فاللهجة إذن تغير في صوت المتكلم بشير إلى منطقته الجغرافية أو قبيلته .
2- الوسط الناقل الصوتي وأهميته في التمييز بين اللغة واللهجة :
مر بنا تعريف ابن جني للغة حيث إنه جعل اللغة هي الصوت ، ومنذ عصر ابن جني إلى القرن العشرين- حسب علمي - لم يفرق العلماء بين اللغة
والصوت وفي أواخر القرن العشرين قدم بعض الباحثين في اللغة فكرة " الأوساط اللغوية الناقلة " وفحوى هذه الفكرة هي أن اللغة ليست الصوت ولا
الكتابة ولا ما يستعمله المكفوفون عند الاتصال بطريقة "برايل " ؛ وإنما اللغة هي قوالب معنوية تنتقل بوساطة الصوت أو الكتابة أو اللمس [18]
ومن وجهة نظرهم أنه لو أن اللغة هي الصوت لما انتقلت بالكتابة ثم إن الإنسان قد يفقد القدرة على استعمال الصوت ولكنه يستطيع التفاهم بالكتابة أو
قد يكون مكفوفا لا يرى الوسط اللغوي المكتوب ولكن يستطيع التفاهم بوساطة اللمس . فوجهة النظر هذه ترى أن اللغة بدأت أولا بالوسط الناقل
الصوتي أو" الوسط المسموع " ثم بعد أن رأى الإنسان أن في الوسط المسموع سلبيات كثيرة أهمها عدم بقائه اخترع وسطا آخر لسد هذا النقص
وهو" الوسط الكتابي " غير أن الوسط الكتابي يقتضي أن يكون المستعمل له قادرا على رؤية الكتابة ؛ ففئة المكفوفين غير قادرة على استعمال هذا
الوسط لذلك اخترع وسط آخر لنقل اللغة ، ويسود الاعتقاد عند هؤلاء الباحثين بأنه يمكن اختراع أوساط لغوية أخرى في المستقبل لكل حواس
الإنسان مثل حاسة الشم وحاسة الذوق وغيرها [19] ، وما يهمنا في هذا هو الوسط الناقل الصوتي لأنه هو المميز بين اللغة واللهجة .
__________________
|
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:20 | |
|
ا- مكونات الوسط الناقل الصوتي وأكثرها تمييزا للهجة :
للوسط الناقل ثلاثة أجزاء مرتبط بعضها ببعض تؤدي وظيفة واحدة في انسجام تام ؛ إلى حد أن البعض شبهها بأتواء[20] الحبل[21] ، وهي :
1- الجزيئات الصوتية
وهي ما يعرف في علم الأصوات بالصوائت والصوامت وهي محددة المخرج والصفة وغالبا ما تكون ممثلة في الحروف الهجائية عند الكتابة .
2- نوعية الصوت :
وهي نسق صوتي يميز المتكلم عن غيره مع أنه يستعمل نفس الصوائت والصوامت التي يستعملها غيره ؛ ومن الأمثلة على ذلك الفرق بين أصوات
الرجال والنساء ، وكذلك قدرتنا على التمييز بين أصوات الأشخاص الذين نعرفهم عند مخاطبتهم بالهاتف مثلا .
ونوعية الصوت ترجع في غالبها إلى التكون الخلقي للشخص ولهذا فإن الشخص لا يستطيع السيطرة عليها فالطفل من السنة الأولى إلى مرحلة البلوغ
يستعمل نوعية من الصوت تختلف عن النوعية التي يستعملها بعد البلوغ ؛ وهذا نتيجة لنمو أعضاء النطق عنده واستوائها .
3- فعالية الصوت :
هذا النوع من الخصائص الصوتية بإمكان الشخص السيطرة عليه فهي مكتسبة يمكن نقلها من جيل إلى جيل لذلك فهي خصائص مميزة للجماعات
والأفراد ، ومن نماذج هذه الخصائص :
ا- علو الصوت : وهو يعتمد على قوة الهواء المندفع من الرئتين ، فكلما اندفع التيار الهوائي من الرئتين بقوة ارتفع الصوت .
ب- سرعة الكلام "tempo " :
وهي عبارة عن درجة تتابع المقاطع في الكلمة ، وهي تختلف من شخص إلى آخر ومن وقت إلى آخر ولكن لكل شخص معيار صوتي يميزه أثناء المحادثة .
ج- استمرارية الكلام " continuity" :
هذه الخاصية تشير إلى الوقف أثناء الكلام وموضع البحث فيها هو : : أين تقع هذه الوقفات ؟ وما مدى تكرارها ، وما مدى طولها ؟ وهذه الوقفات أحد المميزات الشخصية في الكلام وتختلف من متكلم إلى آخر ، وهي تمر في المحادثة بدون شعور من المتكلم أو السامع ، ولكن اكتشفها علماء
الأصوات من خلال تسجيل المحادثة .
د- الإيقاع " Rhythm" :
هو النمط والطريقة التي تتخذها المقاطع المنبورة وغير المنبورة في تتابعها أثناء الحديث .
ه- مجال النغمة الكلامية : tessitura " "
النغمة الكلامية في تموج وتردد مستمر أثناء الكلام وهذا التموج يحدث حول نقطة مركزية ، والمتكلم له مجال معين تظهر فيه النغمات المميزة لصوته .
و- التنغيم الترددي " pitch fluctuation " :
نغمة الصوت في تردد مستمر أثناء الكلام ، وقلما تلتزم نمطا واحدا لجزء بسيط من الثانية ؛ فهي في أغلب الوقت إما صاعدة أو هابطة ، هذا التردد
النغمي موجود في كل المجتمعات ، وهو ليس وليد الصدفة بل يتبع نمطا لحنيا مشتركا بين متكلمي اللغة وله أهمية لغوية واجتماعية كبيرة . فتذبذب
الوترين الصوتيين له وظيفتان في الكلام هما :
ا- التفريق بين المجهور والمهموس في الجزيئات الصوتية ( الصوائت والصوامت ) .
ب- تأليف التنغيم الترددي الذي يعد احد مميزات الفعاليات الصوتية . [22] والتنغيم الترددي موجود في كل اللغات الإنسانية ويسمى كذلك لحن الكلام
، وتختلف اللغات باختلاف نوع التنغيم الترددي فيها فبعض اللغات مثل اللغة الصينية يكون التنغيم الترددي في الكلمة ولذلك يسمى "النغمة الكلامية "
والبعض الآخر يكون التنغيم الترددي في الجملة ولذلك يسمى " موسيقى الكلام " [23] .
يتبع /... __________________
|
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:23 | |
| هذه بعض اصطلاحات علم اللغة التي لا مفر من تقديمها ليكون الموضوع في متناول القاريء وليكون واعيا للتصور الذي سيقدم فيه وتوقع النتائج التي سيسفر عنها هذا التصور . ولم يبق لنا الآن إلا أن نوضح باختصار المقصود " بالمنهج " و " اللسانيات
المقارنة " أما المنهج بصفة عامة فهو الطريق الواضح الموصل إلى الهدف ورد في لسان العرب " طريق نهْج : بين واضح ، والجمع : نهجات ونُهُج
ونهوج ... وفي التنزيل " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا "
وأنهج الطريق : وضح واستبان وصار نهجا واضحا بينا " [24] والمقصود هنا تحديد الأسلوب والتصور الذي ستبنى عليه دراسة اللهجة الليبية
وعلاقتها بالفصحى لأن اللهجة الليبية كغيرها من اللهجات العربية لا تتأتى دراستها إلا من خلال منهج واضح وفي إطار اللغة العربية الفصحى .
3– أثر البداوة والحضارة في العربية الفصحى ولهجاتها :
هناك صلات وثيقة تربط اللغة العربية بلهجاتها الحديثة الموزعة في مختلف أقطار الوطن العربي ، و من الذين تناولوا اللهجات العربية بالدراسة حديثا الباحث اللغوي المشهور إبراهيم أنيس في كتابه " في اللهجات العربية " فهو يرى أن اللهجات الحديثة " وإن كانت قد تطورت في البيئات العربية المختلفة تطورا مستقلا باعد بينها وصبغها بصبغة محلية في بعض ظواهرها – قد استمسكت بكثير من السمات التي عرفت عن القبائل القديمة " [25] فلهجاتنا الحديثة في رأيه ذات صلة بتلك اللهجات القديمة التي كان العرب يستعملونها قبل أن تتوحد لغتهم في إطار واحد عرف فيما بعد باللغة العربية الفصحى أو لغة القرآن الكريم .
ولتعزيز وجهة النظر هذه أورد إبراهيم أنيس مادة مستعملة في اللهجة العامية والفصحى هي مادة "زنأ " فقد أشار إلى أن هذه المادة تعني الضيق في
العربية الفصحى وفي اللهجة أيضا ففي العربية الفصحى ( زنأ ) عليه تزنئة ضيق عليه [26] وأشار إلى أن هذه المادة موجودة في اللهجة المصرية
يقولون ( زنأ فلان على أهله وأولاده ) بمعنى ضيق عليهم بخلا[27] ، واعتقد أن هذه المادة موجودة أيضا في اللهجة الليبية فما (الزنقة ) إلا الشارع الضيق الصغير .
بالإضافة إلى هذا الربط الوثيق بين اللغة العربية الفصحى واللهجات العربية يصنف إبراهيم أنيس اللهجات القديمة إلى صنفين بارزين هما لهجة القبائل البدوية وتمثلها تميم وأسد ولهجة الحضر وتمثلها القبائل الحجازية مقيما على ذلك الأدلة الآتية :
ا-أن الفتح لغة الحجاز والإمالة لغة تميم ؛ ومعروف أن القبائل الحجازية حضرية وتميم بدوية .
.ب- - أن الإدغام عرفت به تميم وطيء وأسد وهي قبائل بدوية ، بينما عرفت قريش وكنانة بالإظهار وهي قبائل حضرية .
ج- - أن تحقيق الهمز لغة تميم وتسهيلها لغة الحجاز .
ومن الأمثلة على تصنيف لهجات القبائل العربية القديمة إلى بدوية وحضرية ما أورده أحمد علم الدين الجندي في كتابه المشهور " في اللهجات العربية أثناء تناوله للمماثلة في الحركات
( vowel-harmony ) . فقد أورد أن سيبويه يسمي هذه الظاهرة "بالمضارعة " ويسميها ابن جني " بالتجنيس " [31] ومن الأمثلة على ذلك قول بعض العرب " الحمدُ لُله ، والحمدِ لِله " بكسر الحرف الأخير من الكلمة لمجاورته للحرف الأول المضموم أو المكسور من
الكلمة الثانية . وساق أمثلة أيضا من القراءات القرآنية منها :
يتبع/... __________________ |
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:28 | |
| حكى الأخفش أن بعض أسد يقولون في قوله تعالى : " فِإِنهم لا يكذبونك " بكسر الفاء والهمزة كما أنهم
يقرؤون قوله تعالى " ِوأِنا ظننا " كما كانوا يقرؤون " وإذا حللتم فِاصطادوا " بكسر الفاء وقد لاحظ المؤلف على هذه القراءات
بقوله : " والذي يلاحظ في هذه القراءات عامل الانسجام القوي – الذي آثرته لهجة أسد – وهي بدوية ففي الآية الأخيرة تأثرت الفاء بكسرة همزة
الوصل فكسرت مثلها مراعاة لتمام النسق الصوتي"
وقد حاول التعليل لهذا الفرق الواضح بين لهجة البدو والحضر بقوله : " ومن هذا العرض نلمح ميل القبائل البدوية على تقريب الأصوات بعضها من
بعض ، لضرب من التشاكل ومراعاة لظاهرة ألانسجام ، وكان العلة في الانسجام عندهم أن اللسان يعمل في الحرفين عملا واحدا فلهجة البدو متطورة
وفي تطورها تجنح إلى الانسجام ن بينما نجد القبائل المتحضرة كالحجاز ومن سار سيرها قد بالغوا مبالغة شديدة في عدم تقريب الحركات بعضها من بعض ، لأن لهجتهم محافظة وعوامل التطور ليست لها نفس القوة عند البدويين " .
مما يفهم من وجهة نظر إبراهيم أنيس ومن تبعه مثل أحمد علم الدين أن اللغة العربية في السابق يمكن تصنيفها إلى نوعين رئيسيين هما :
1- اللغة العربية النموذج التي كانت أداة تحكيم بين الشعراء في العصر الجاهلي وهي التي نزل بها القرآن الكريم ، وأنه ليس كل العرب كان يتقن هذا
الصنف من اللغة بدليل أن أحد الصحابة أخطأ في النطق أمام الرسول صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارشدوا أخاكم فقد ضل .
2- لهجات القبائل العربية المختلفة وقد وصفت بأوصاف مختلفة مثل المذمومة والقليلة والشاذة
وقد وقف منها بعض النحاة موقفا سلبيا لدرجة أنه خطأ بعض القراءات التي وردت فيها من ذلك" قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع وغيره في قوله تعالى " وإذ قلنا للملائكةُ اسجدوا "
بضم التاء – ( وحكى أنها لغة أزد شنوءة ) قال عنها الزجاج هذا غلط من أبي جعفر "
كما خطأها الفارسي ولم يجزها الزمخشري وقد رواها الكسائي وهو من أشهر القراء " ووجهها البعض بأن التاء ضمت
إتباعا لحركة الجيم ، ولو لم يحدث الإتباع لخرج اللسان من ثقيل إلى أثقل والعرب لم تتعود على ذلك في لغتها
فالتصور السابق للهجات العربية قديمها وحديثها هو انقسامها إلى بدوية وحضرية ؛ فالبدوية تؤثر الخفة الناتجة عن عدم استقرار البدوي ، أما
الحضرية فتبقي الأمور على ما هي عليه لاستقرارها وثباتها .
يتبع /... __________________ |
|
| |
nasertoba مرشح
عدد الرسائل : 6343 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17200 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: العلاقة بين اللغة واللهجة 8/11/2011, 23:30 | |
| وهذا التصور وإن صدق على اللهجات القديمة نرى أن فيه نظرا عند البحث في العوامل المؤثرة في حركية[45] اللهجات الحديثة . ومن خلال دراستي للهجات القديمة والحديثة ورصد المؤثرات الأساسية في حركيتها وجدت أن هناك عاملين رئيسيين يؤيدان تصنيف اللهجات القديمة إلى بدوية وحضرية ؛ هما : (الانعزال) و(الأمية)؛ فالقبائل التي عاشت في وسط الجزيرة العربية كانت منعزلة عن القبائل الغربية في الحجاز وليس المقصود الانعزال التام بل هناك بعض الاتصالات التجارية والدينية مثل الأسواق ( سوق عكاظ) مثلا والطقوس الدينية قبل الإسلام في مكة، ولكن عند مقارنة هذا اللقاء المحدود بين البدو والحضر بالاتصال المتواصل بشتى الوسائل في العصر الحديث يعد ذلك انعزالا [46] ، والأمية قد عرفت بها القبائل العربية قبل الإسلام وللأمية أثر واضح على اللغة فنظرا لعدم انتشار الكتابة في المجتمع الأمي فإن لغته لا تكون ثابتة وتكون الحركية فيها أقوى من اللغة المكتوبة التي ثبتت قواعدها بإبراز نحوها وصرفها وأسسها الصوتية . أما في العصر الحديث فالأمر يختلف بالنسبة للهجات العربية .
4– تصور العلاقة بين اللغة العربية المعاصرة ولهجاتها : في هذا العصر قُربت المسافات بين الناس بوساطة تقدم وسائل الاتصال بجميع أنواعها الأمر الذي دعا البعض إلى تسمية العالم " قرية صغيرة " وعندما ننظر إلى الوطن العربي بصفة عامة وإلى ليبيا بصفة خاصة نجد أن تصنيف السكان إلى بدو وحضر أصبح يتلاشى بسبب تردد سكان الدواخل على المدن لتوفر وسائل المواصلات السريعة ورقي أجهزة الاتصال ، فالذي أوجد الفرق بين لغة البدو والحضر في الماضي هو انعزال البدوي عن الحضري وتلك للصعوبات التي يلاقيها البدوي في التنقل والاتصال بالمدينة ؛ وحيث إن تلك الصعوبات قد زالت أو في طريقها إلى الزوال لهذا نرى ضرورة تصور حديث يتناسب و واقع اللهجة الليبية في هذا العصر وما ستؤول إليه في المستقبل بالنسبة لعلاقتها بالفصحى . وما هو واضح الآن أن هناك عوامل كثيرة تؤثر في حركية اللهجة من حيث بعدها وقربها من الفصحى ، ومن أهم هذه العوامل انتشار التعليم وتقدم وسائل الاتصال .
5- أسباب نشأة المستويات[47] المختلفة في لغتنا المعاصرة :
من الملاحظ على اللغة العربية الفصحى أثناء العصر التركي وحتى النصف الأول من القرن العشرين أنها كانت منزوية في الكتاتيب ولم يكن لها ذلك الانتشار الذي شهدته منذ بداية الخمسينات من القرن العشرين حتى الآن ، ففي فترة انزوائها يمكن أن نتصور أن استعمالها يخضع لمستويين اثنين هما : ا- مستوى لغة القرآن الكريم ويتقنه حفظة القرآن الكريم ؛ وهو المستوى المنقول مشافهة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- مستوى البيت والسوق وهو المستوى المستعمل في البيت والسوق أو ما نسميه باللهجة العامية ، وهو المستوى الغالب في ذلك الوقت لأن أغلب الناس لاتعرف القراءة والكتابة ومعرفة القراءة والكتابة هي الوسيلة لنقل مستوى البيت والسوق إلى مستوى أرقى منه .
أما بعد الخمسينيات عندما دخلت اللغة العربية مجال الاستعمال العام وأصبحت اللغة الرسمية في الإدارة ولغة الصحف والمجلات والكتب
واتخذها الأدباء والشعراء والقصاصون وسيلة للتعبير عن آدابهم المختلفة استدعى الأمر خضوعها إلى أساليب التعليم العصرية لذلك فقد تأثرت أساليب تعليم اللغة العربية تأثرا كبيرا خلال هذه الفترة من وجهين أساسيين هما :
1- التخطيط اللغوي ؛ ونعني به البرامج والأساليب التي يستعملها خبراء التعليم لتطوير مناهج تعليم اللغة العربية .
2- الاستيعاب اللغوي ؛ والمقصود به نوعية المهارة اللغوية والمهارة الاتصالية التي يكتسبها المتعلم من خلال خضوعه لأساليب التعليم
الحديثة . إن هذين العنصرين لهما بالغ الأثر في اختلاف طرائق لغتنا العربية وتكون المستويات المختلفة فيها , فالتعليم هو السبب الذي أحدث ما يعرف بمستوى لغة المثقفين الذي لم يبرز في اللغة العربية إلا بعد انتشار التعليم .
ومما تجدر الإشارة إليه هنا اختلاف مستويات الكلام في لغتنا المعاصرة الذي كان السبب الرئيسي فيه هو التعليم فمن المعروف الآن أن لغتنا العربية المعاصرة تتألف من أربعة مستويات كل مستوى يختلف عن الآخر من الناحية الصوتية والتركيبية والأسلوبية ، وهذه الاختلافات ليست جديدة على اللغة العربية فقد أشار علماء التراث إلى هذا النوع من الاختلاف اللغوي بين طبقات المجتمع الواحد فقد ورد في الغريب المصنف أن ابن فارس ت 375ه أشار إلى " أن الكلام ثلاثة أضرب :
1 – ضرب يشترك فيه العلية والدون .
2 – ضرب هو الوحشي كان طباع قوم فذهب بذهابهم .
3 – وبين هذين ضرب لم يزل بزوال الأول ولا ارتفع ارتفاع الثاني وهو أحسن الثلاثة في السماع وألذها على الأفواه وأزينها في الخطابة وأعذبها في القريض "
هذه الاختلافات في الاستعمال اللغوي أو ما يمكن تسميته" بالمستويات اللغوية "[50]يمكن وجودها في أي لغة؛ خصوصا تلك اللغات التي تعرضت إلى غزو من لغات أخرى مثل العربية. فالمقصود بالاختلاف في استعمال اللغة سواء من حيث الضبط في الكلمات أو من حيث تقديم حروف الكلمة بعضها على بعض استبدال كلمة بكلمة أخرى عربية أو غير
عربية الأمر الذي يظهر نسقا عاما تتصف به مجموعة من الناس أثناء الكلام في مقام معين . وقد أبرز هذه الظاهرة في اللغة العربية ابن فارس بقوله " إن في لغة العرب اختلاف من وجوه هي:
أولا : الاختلاف في الحركات مثل قولنا " َنستعين " و " نٍستعين "
ثانيا : الاختلاف في الحركة والسكون مثل قولهم " مَعَكم " و " معّكم " .
ثالثا: الاختلاف في إبدال الحروف مثل قولهم "أولئك " " وألالك " .
رابعا : الاختلاف في الهمز واللين التسهيل " نحو قولهم في "مستهزئون "
مستهزون . خامسا : الاختلاف في التقديم والتأخير مثل قولهم "صاعقة " وصاقعة " .
سادسا : الاختلاف في الحذف والاثبات نحو قولهم : "استحييت " و"استحيت "
سابعا : الاختلاف في الحرف الصحيح يبدل حرفا معتلا نحو : " أنما زيد "
و "أيما زيد " . ثامنا : الاختلاف في الإمالة وتفخيم الألف " فبعضهم يفخم وبعضهم يميل .
تاسعا : الاختلاف في الحرف الساكن يستقبله غيره فمنهم من يكسر ومنهم من يضم
فيقولون "اشتروِ الضلالة " و " اشتروُالضلالة " ويعني بذلك أنه عند التقاء الساكنين من العرب من يكسر الأول ومنهم من يضم الأول .
عاشرا : الاختلاف في التذكير والتأنيث فمن العرب من يقول هذه البقر ومنهم من يقول :" هذا البقر " .
حادي عشر : الاختلاف في الإدغام نحو : " مهتدون " و "مهدَون " .
ثاني عشر : الاختلاف في الإعراب نحو : "ما زيد قائماً" " وما زيد قائم "
ثالث عشر : الاختلاف في صورة الجمع نحو : "أسرى " و "أسارى " .
رابع عشر الاختلاس التحقيق والاختلاس نحو: "يأمركم " و "يأمركم "
خامس عشر : الاختلاف في الوقف على هاء التأنيث بقصد تاء التأنيث نحو :
" هذه أمه " و "هذه أمت " .
ويؤكد ابن فارس أن هذه الاختلافات في اللغة العربية الفصيحة مسماة منسوبة إلى
أصحابها إلا أنه يعتذر عن ذكر أصحابها من القبائل العربية لضيق المقام
وتلك الاختلافات في اللهجات العربية التي ذكرها ابن فارس تغيرت بتوالي العصور عليها
وباتصال اللغة العربية بلغات كثيرة ودخولها في صراع معها , هذا التغير دمج تلك الاختلافات اللهجية في مستويا اتسمت بها لغتنا العصرية وهي من البروز والوضوح بحيث لا يمكن إنكارها , وأطلق عليه اصطلاح "مستويات " لتدرجها من أعلى إلى أسفل ولاحتوائها على الحركية الدائمة التي يمكن فيها أن تتجه الحركة من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل ؛ فلغتنا العربية الآن تضم على الأقل أربعة مستويات هي : ا- مستوى لغة القرآن الكريم وهو المستوى الثابت والمثالي الذي ينشده كل دارس وكل متعلم , فلغة القرآن تعد المثل الأعلى في اللغة العربية من حيث التركيب , قال الله تعالى : " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى "
إنه الأسلوب الأمثل في اللغة العربية والمستوى المتميز من الناحية التركيبية والجرسية والبلاغية ؛ ولا أدل على ذلك من أنه السبب الذي أدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الإسلام , وتحققت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعز الإسلام بأحد العمرين فقراءة هذه السورة أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعلت قلبه يتغير من الجاهلية إلى الإسلام فلنتصور ما يتمتع به هذا المستوى من بيان وبلاغة تفوق مستوى الكلام البشري
ويتقن استعمال هذا المستوى القراء الذين أخذوه مشافهة عن مشائخهم , فبدون المشافهة يتعذر اتقان هذا المستوى . وقد حافظ القرآن الكريم
على اللغة العربية فالدراسات التي انبثقت عن القرآن الكريم حفظت اللغة العربية من اللحن والتحريف إذ إن هذه الدراسات اكتشفت القواعد والأسس
التي تحكم الكلام العربي مثل القواعد النحوية والملاحظات البلاغية , بالاضافة إلى جمع المفردات اللغوية في معجمات سهلت اللغة ومهدت طرق استعمالها .
انتهى / نقلت هذه الدراسة لعظم فوائدها __________________ |
|
| |
|