من أخطاء الحجاج والمعتمرين
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد :
أساتذتي الأعزاء أعضاء هذا المتدى المحترم ، يسرني ويشرفني أن أقدم لكم في هذا المنتدى العام بعض من أخطاء الحجاج والمعتمرين كما ورد في كتاب هدية الحاج والمعتمر للشيخ عبد الله الغامدي ، حتى تعم الإفادة بمشيئة الله الجميع ، وحتى يستطيع من يقرأها أن يبلغ من يحب ، مع خالص تحياتي لكم جميعا .
أخي المسلم، يا من وفدت إلى حرم الله لأداء العمرة أو الحج أو زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد كان من نعمة الله سبحانه عليك أن هيَّأ لك الأسباب، ويسَّر لك الوصول إلى هذه البقاع المباركة فهنيئاً لمن وفقه الله تعالى لاتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم القائل : "خذوا عني مناسككم" [رواه البخاري]، وهنيئاً لمن أدَّى نُسكه دونما خطأ أو بدعة تفسد عليه ثواب عمله وتحرمه أجر سعيه .
وحيث أن هناك الكثير من الأخطاء التي يقع فيها الحجاج بقصد أو بغير قصد؛ فإن من الواجب علينا جميعاً نشر التوعية الإسلامية الصحيحة لبيان هذه الأخطاء والتحذير من الوقوع فيه، حتى يكون العمل مقبولاً، والسعي مشكوراً ـ بإذن الله تعالى ـ سائلا ًالمولى عز وجل أن يُلهمنا جميعاً الهداية والرشاد، وأن يوفقنا لما فيه الخير والسداد، والحمد لله رب العباد .
أخطاء تتعلق بالإحرام :
1ـ تجاوز الميقات وعدم الإحرام منه، وهذا خطأ يقع فيه كثير من الحجاج، فعلى من تجاوز الميقات ولم يحرم أن يعود إلى الميقات مرة أخرى ليحرم منه أو ذبح فدية بمكة المكرمة وتفريقها على فقراء الحرم ولا يأكل منها أو يُهدي شيئاً .
2ـ اعتقاد أن ركعتي الإحرام واجبة، وهذا غير صحيح فليس هناك دليل على وجوبها، وإنما هي مستحبة .
3ـ لبس النساء بعض الثياب التي فيها تشبه بالرجال، وهو أمرٌ منهيٌّ عنه، فالمرأة ليس لها لباس خاص في الإحرام ، كما هو الحال عند الرجال، ثم لأن التشبه منهي عنه مطلقاً، لما روى البخاري وغيره عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال".
4ـ تعمد البعض الإحرام للحج من المسجد الحرام في اليوم الثامن من ذي الحجة، وهذا غير صحيح فعلى الحاج أن يُحرم من المكان الذي هو فيه بمكة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين أحرم بعضهم من الأبطح .
5ـ الاضطباع عند الإحرام ويُقْصَدُ به أن يكشف المحرم الإحرام عن كتفه اليمنى ويبقى كذلك إلى أن يحل من إحرامه، وهذا خطأ شائع عند كثير من الحجاج، والصحيح أن كشف الإحرام عن الكتف اليمنى للمحرم (الاضطباع) مشروع في حالة طواف القدوم فقط، فإذا فرغ منه أعاد ردائه إلى حالته قبل الطواف بأن يغطي كتفيه بالإحرام ويُكمل نسكه .
6ـ الرمل في أشواط الطواف كلها؛ وهذا خطأ فالرمل ـ يقصد به إسراع المشي مع مقاربة الخطوات في الطواف ـ لا يكون إلاَّ في الأشواط الثلاثة الأولى منه؛ أما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يسير الطائف فيها سيراً عاديّاً .
7ـ إهمال التلبية بعد الإحرام والصحيح أن على المحرم أن يُكثر من التلبية ويحافظ عليها حتى يرمي الحاج جرة العقبة يوم النحر.
8ـ اعتقاد البعض أنه لا يجوز له تغيير ملابس الإحرام أو تنظيفها وهذا خطأ ؛ حيث أن للحاجّ والمعتمر أن يغير لباس الإحرام وغسله متى دعت الحاجة إلى ذلك .
9ـ ظن البعض أن أي لباس لم يلبسه المُحْرم عند الإحرام لا يجوز له لبسه بعد ذلك، وهذا خطأ فللحاج أن يلبس ما شاء ما
لم يكن مخيطاً كالحذاء، والخاتم، والساعة، والحزام، والنظارة ونحوها .
10ـ لبس القفازين في اليدين، والانتقاب للمرأة المحرمة، وهذا خطأ يقع فيه كثير من النساء، والسُنَّة عدم لبسهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" [أخرجه أحمدوأبو داود وابن ماجه والبيهقي] وهنا تجدر الإشارة إلى أن على المرأة تغطية الوجه عندما تكون بحضرة الرجال الأجانب، وعند مخافة الفتنة .
11ـ رفع بعض النساء أصواتهن بالتلبية، وهذا مخالف للسُنَّة لحديث: "يرفع الرجال أصواتهم بالتلبية، أما المرأة فإنها تُسمع نفسها، ولا ترفع صوتها" وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : "لا ترفع المرأة صوتها بالتلبية" وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : "ليس على النساء أن يرفعن أصواتهن بالتلبية" .
أخطاء تتعلق بالطواف :
12ـ البدء بالطواف قبل محاذاة الحجر الأسود، أو بدءاً من على مستوى باب الكعبة، وهذا خطأ وغلو لأن السُنَّة بدء الطواف باستلام الحجر الأسود، إن تمكن المسلم من ذلك أو الاكتفاء بالإشارة إليه .
13ـ عدم الطواف بالبيت كاملاً كأن يُطاف بالكعبة وحدها ولا يُطاف بحِجْر إسماعيل معه وهذا خطأ كبير، فالحِجْر جزٌ من الكعبة ولا يصح الطواف بدونه، ومن وقع في ذلك فعليه الإعادة .
14ـ تقبيل الركن اليماني من الكعبة والسُنَّة مسحه باليد اليمنى إن تيسر ذلك، فإن لم يتيسر فعلى الطائف أن يمضي دون الإشارة إليه .
15ـ المزاحمة والمشاتمة ورفع الصوت وربما إيذاء الغير من أجل تقبيل الحجر الأسود، وهذا أمر مخالف للسُنَّة النبوية وتعاليم الدين؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
[رواه الشيخان] .
16ـ التمسح بالحجر الأسود أو التبرك به، أو التمسح بحيطان وأركان الكعبة أو كسوتها أو بالمقام ونحوها. وهذا مخالف لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يصح أنه مسح سوى الركن اليماني باليد اليمنى، والحجر الأسود من الكعبة .
17ـ تخصيص كل شوط من أشواط الطواف أو السعي بدعاءٍ معين، والاعتماد على ما يتداوله بعض الحجاج والمعتمرين من كتيبات وأدعية لم يُنزل الله بها من سلطان، ولم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحيح أن على الحاج أو المعتمر الاشتغال في طوافه وسعيه بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء لنفسه وللمسلمين، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصص دعاءً لكل شوط أو نحو ذلك سوى ما روي عن عبد الله بن السائب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود : {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}
[رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وصحَّحه] .
18ـ ترديد الأدعية الجماعية خلف من يدعو بشكل مزعج، وأصوات مرتفعة، تُذهب الخشوع، وتشوش على الطائفين إضافة إلى أن في ذلك مخالفة للسنة ، فالمشروع أن يدعو كل شخص لنفسه ولمن شاء بدون رفع صوته .
19ـ الوقوف عند الخط المحاذي للحجر لأسود والتكبير ثلاثاً، وهذا خطأ شائع ومدعاة لحدوث الزحام، وتعطيل الطواف، والصحيح أن على الطائف أن يُكبِّر مرة واحدة وهو سائر بدون وقوف أو تعطيل للآخرين .
20ـ الإصرار على أداء ركعتين خلف مقام إبراهيم مع الإطالة في القراءة والركوع والسجود، وهذا مخالف للسنَّة فقد كان صلى الله عليه وسلم يخفف هاتين الركعتين، ثم إن العلماء قد أفتوا بجواز أداء هاتين الركعتين في أي مكان من الحرم إذا كان الزحام شديداً .
أخطاء تتعلق بالسعي :
21ـ تلاوة قوله تعالى : {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر ٌعليم} [البقرة] ، في كل شوط من أشواط السعي، وهذا غير صحيح؛ لأن الصواب قراءتها مرة واحدة عند الاقتراب من الصفا في بداية السعي فقط، وبعد تمام الطواف ولا تُقرأ عند المروة .
22ـ الاستمرار في السعي عند إقامة الصلاة؛ وهذا خطأ، فالواجب على من أدركته الصلاة وهو في السعي أن يقطع سعيه، ويؤدي الفريضة حتى لا تفوته صلاة الجماعة ثم يكمل السعي من حيث قطع الشوط .
23ـ اعتقاد أن الوضوء لازم للسعي بين الصفا والمروة، وهذا أمر غير صحيح، فلا يلزم للسعي الطهارة وإن كان الساعي على طهارة كان ذلك أحسن إلاَّ أنه غير لازم .
24ـ اعتقاد البعض بضرورة مواصلة السعي بعد الطواف مباشرة وهذا خطأ، والصحيح أن للمسلم الراحة بينما ولو بين الأشواط، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
25ـ الركض الشديد بين الصفا والمروة وهذا خطأ، والصحيح أن يكون السير بين الصفا والمروة عادياً إلاّ ما بين العلمين الأخضرين فالأفضل السعي الشديد بينهما للرجال فقط دون النساء لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : "ليس على النساء سعي بالبيت ـ أي الرَّمل ـ ولا بين الصفا والمروة" [أخرجه البيهقي] .
26ـ رفع الصوت بالدعاء أو ترديد الدعاء الجماعي بشكل يشوش على الآخرين، ويقطع خشوعهم وهذا خطأ فإن من آداب الدعاء المناجاة والخشية والخشوع والانكسار لا الصراخ والصياح والإزعاج.
27ـ اعتبار الشوط الواحد من الصفا إلى الصفا مرة أُخرى وهذا خطأ؛ لأن عدد الأشواط بذلك يكون أربعة عشر شوطاً والصحيح أن الشوط في السعي يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، وهكذا حتى ينتهي السعي عند المروة .
28ـ تخصيص بعض الأدعية لأشواط السعي، وهذا غير صحيح فليس هناك دعاءٌ محددٌ لكل شوط وإنما على الحاج أو المعتمر الانشغال في سعيه بذكر الله جل وعلا، أو قراءة القرآن الكريم أو الدعاء لنفسه ولإخوانه المسلمين .
29ـ الاضطباع في السعي، وهذا خطأ ، فالاضطباع لا يكون إلاّ في طواف القدوم فقط، أما في بقية المناسك فلا يُشرع الاضطباع وعلى الحاج أو المعتمر تغطية كتفه بالإحرام وعدم كشفها لأن ذلك لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
30ـ الصعود إلى أعلى الصفا وأعلى المروة وهذا خطأ وفيه تعب ومشقة ، والسُنّة أن يرتفع الساعي قليلاً ولو لم يبلغ آخرهما .
أخطاء تتعلق بالحلق والتقصير :
31ـ الاكتفاء بقص بعض الشعرات من أطراف ووسط الرأس وهذا لا يكفي ولا يحصل به التحلل من الإحرام والصحيح أن يُقَصِّر من جميع شعر الرأس حتى يكون ذلك مجزئاً، والأفضل الحلق لجميع شعر الرأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلِّقين ثلاثاً وللمقصرين مرة واحدة .
32ـ حلق اللحى عند حلق شعر الرأس وهذا خطأ كبير، ومخالفة صريحة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمر بإعفاء اللحى وعدم حلقها.
33ـ المكوث بمكة بعد طواف الوداع لفترة زمنية طويلة، وهذا مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مراعاة أنه لا بأس ـ كما قال أهل العلم ـ بالإقامة اليسيرة لأداء الصلاة أو انتظار الرفقة أو إصلاح عطل في السيارة أو شراء ما لابد منه، ولكن إذا طال المقام فإن الأحوط إعادة طواف الوداع .
34ـ زيارة بعض الأماكن التي لم تُشرع زيارتها على سبيل التعبد، مثل غار حراء في جبل النور، والغار في جبل ثور، والمكان الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأماكن والآثار التي لا حقيقة لما يقال عن بعضها ولا مزية توجب زيارتها أو قصدها للصلاة عندها أو الدعاء أو غير ذلك من أنواع العبادة ؛ ثم لأن ذلك كله من جملة البدع المحدثة فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام أنهم فعلوا ذلك؛ إضافة إلى أن تعظيم الآثار وتقديس البقاع والأماكن والتقرب إلى الله بذلك وسيلة من وسائل الشرك والعياذ بالله.
35ـ كشف كثير من النساء المعتمرات والحاجات لوجوههن بحضرة الرجال غير المحارم سواءً في الطواف أو السعي أو في المشاعر بحجة أنهن محرمات وهذا لا يجوز فالمرأة المحرمة يجب عليها تغطية وجهها عندما تكون بحضرة الرجال غير المحارم لما جاء في الحديث عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات؛ فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها؛ فإذا جاوزونا كشفناه"
[رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي وابن خزيمة وصححه الحاكم]
36ـ اعتقاد البعض من الحجاج والمعتمرين أنه لا يجوز للمحرم تغطية الرأس مثلاً بغير ملاصق مثل الشمسية وسقف السيارة ونحو ذلك، وهذا خطأ؛ لأن المنهي عنه تغطية المحرم لرأسه بشيء ملاصق كالعمامة ونحوها مما يُغطى به الرأس في العادة .
أخطاء تتعلق بزيارة المسجد النبوي :
37ـ اعتقاد أن الحج لا يتم إلاَّ بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي بالمدينة وهذا خطأ شائع فليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من أركان الحج ولا من واجباته وسننه. وقد بيَّن العلماء أن ما ورد في هذا الشأن من أحاديث غير صحيحة أبداً .
38ـ اعتقاد أن السفر إلى المدينة المنورة لأجل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وهذا غير صحيح، فشد الرحال يكون إلى المسجد النبوي جائز لفضل الصلاة فيه؛ لأنها كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم مضاعفة بألف صلاة .
39ـ ما يفعله بعض الجهلة من التمسح بالجدران والقضبان المحيطة بالقبر والتبرك بذلك، ومناداة الرسول صلى الله عليه وسلم ودعائه والطواف بقبره ونحو ذلك من البدع والضلالات التي قد يقع الإنسان بسببها في الشرك والعياذ بالله .
40ـ استقبال بعض الزائرين القبر عند الدعاء ظنّاً منهم أن ذلك من دواعي الإجابة وهذا خطأ؛ فالواجب استقبال القبلة عند الدعاء .
41ـ زيارة بعض الأماكن التي يزعم الكثير من الناس أنها من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام على وجه التعبد والتبرك بها وهذا غير صحيح .
42ـ زيارة ما يسمى بالمساجد السبعة والصلاة فيها وهذا خطأ، فلم يثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدٍ من أصحابه الكرام.
43ـ الاعتقاد بأن من زار المدينة أن يصلي عدداً معيناً من الصلوات في المسجد النبوي وهذا غير صحيح، ولم يثبت فيه شيء .