المدعي العسكري الأسبق:فرق بين قانون الطوارئ وإعلان حالة الطوارئ حوار: ممدوح شعبانشهدت الآونة الأخيرة لغطا شديدا حول قانون الطواريء الذي رفضته جميع القوي السياسية والحزبية والشبابية بل تصدي له العديد من رجال القانون والذي اعتبره بعضهم لاغيا أو منتهيا. ولكن اللواء سيد هاشم المدعي العام العسكري الأسبق كان له تفسيرات قانونية حاولنا في هذا الحوار أن نوضحها في محاولة لوضع النقاط فوق الحروف حول هذا الموضوع الشائك..
تنادي أطياف سياسية وحزبية كثيرة بإلغاء قانون الطواريء, غما الرأي القانوني في هذا الطلب ؟
{ هذا طلب غير سليم لدي رجال القانون والمختصين والمشتغلين بالقانون ذلك أن قانون الطواريء في أي دولة, هو قانون أساسي من القوانين المنظمة للمجتمع, والتي تعمل لحماية أمنه وسلامته في وقت الأزمات والحروب, ومن ثم فلا يجوز الحديث عن إلغاء قانون الطواريء. ولكن النقد والحديث يكون في إعلان حالة الطواريء, فهذا الاعلان هو الذي يفعل أعمال الطواريء بما يضع قيودا علي الحقوق والحريات في طريقها لضبط أمن المجتمع في أوقات الأزمات والحروب.
وماهي مرجعية هذه التفرقة بين نصوص قانون الطواريء وتفعيله ؟
{ صدر قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم862 لسنة1958بشأن حالة الطواريء أيام الوحدة مع سوريا وتعرض لعدة تعديلات.
وتنص المادة الأولي من هذا القانون علي أنه يجوز اعلان حالة الطواريء كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر, سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء.
كما تنص المادة الثانية من ذات القانون علي أن يكون اعلان حالة الطواريء وإنهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية, ويجب أن ينص قرار اعلان حالة الطواريء علي مايأتي: ـ
أولا: بيان الحالة التي أعلنت بسببها.
ثانيا: تحديد المنطقة التي تشملها.
ثالثا: تاريخ بدء سريانها.
ويجب عرض قرار إعلان حالة الطواريء علي مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوما التالية ليقرر مايراه بشأنه, وإذا كان مجلس الشعب منحلا يعرض الأمر علي المجلس الجديد في أول اجتماع له.
وإذا لم يعرض القرار علي مجلس الشعب في الميعاد المشار إليه أو عرض ولم يقره المجلس اعتبرت حالة الطوارئ منتهية.
ولا يجوز مد المدة التي يحددها قرار إعلان حالة الطواريء إلا بموافقة مجلس الشعب, وتعتبر حالة الطواريء منتهية من تلقاء نفسها إذا لم تتم هذه الموافقة قبل نهاية المدة.
ماهو الموقف من إعلان حالة الطواريء في الوقت الحالي ؟
{{: في مايو2010 جري مد العمل بحالة الطواريء لمدة عامين ينتهيان في مايو2012علي أن يقتصر تطبيقها علي حالتي الاتجار بالمخدرات وجرائم الارهاب. ثم في مارس2011جري امتداد تفعيل حالة الطواريء علي حالتي البلطجة وحمل السلاح. ثم في سبتمبر2011أمتدت حالة الطواريء لتشمل حالات جديدة بعد أن زاد الانفلات الأمني وفق بياني المجلس العسكري ومجلس الوزراء.
ماأثر اعلان حالة الطواريء علي تحديد المحكمة المختصة بنظر قضاياها؟
{ وفقا لنص المادة السابعة من قانون الطواريء تشكل دوائر أمن دولة عليا من ثلاثة مستشارين وأمن دولة جزئية من أحد قضاة المحكمة الابتدائية, يصدر قرار التشكيل من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي وزير العدل. ويجوز أن يكون تشكيل المحاكم متضمنا ضابطين من القادة الي جانب القضاة المدنيين أو أن يكون جميعها من الضباط القادة.
هل يجري استئناف أحكام محاكم أمن الدولة ؟
{ نصت المادة12من قانون الطواريء علي أنه لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة.
ألا تخضع أحكام هذه المحاكم للمراجعة؟
{ تخضع للمراجعة من قبل مكتب التصديق علي الأحكام الذي يعمل به مستشارو محكمة الاستئناف كما يجوز التظلم من هذه الأحكام وحينئذ يخفف من هذه الأحكام.
ماهي الفروق الجوهرية بين محاكم أمن الدولة طواريء ومحاكم القضاء العسكري ؟
{ المحاكمات وفق قانون الطواريء يتم علي درجة واحدة, وهي مسألة تتعارض مع الضمانات والمعايير القضائية المحلية والدولية المتعلقة بحقوق المتهمين في المحاكمات العادلة. حيث يجوز في قانون هيئة القضاء العسكري الطعن في أحكام المحاكم العسكرية المختلفة ويتم نظر الطعن أمام المحكمة العليا للطعون العسكرية المنصوص عليها في المادة34 من القانون رقم25 لسنة.1966
هل يتمتع القاضي العسكري بالاستقلال والتأهيل ؟
{ نعم يتمتع رجالات القضاء العسكري بالاستقلال والتأهيل فقد نصت المادة الأولي من قانون هيئة القضاء العسكري المعدلة بالقانون رقم616لسنة2007 علي أن القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة, تتكون من محاكم ونيابات عسكرية وفروع قضاء أخري..
كما تنص المادة الثانية من ذات القانون علي سيكون القضاءالعسكري من رئيس وعدد كاف من الأعضاء يتوافر فيهم, فضلا عن الشروط الواردة بقانون شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة الصادرة بالقانون232 لسنة1959 الشروط الواردة في المادة38من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم46لسنة1972.
كما تنص المادة الثالثة علي أن القضاة العسكريون مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون, وضابط القضاء العسكري عدا عضو النيابة العسكرية برتبة ملازم أول ـ غير قابلين للعزل إلا من خلال الطريق التأديبي وفقا للقانون رقم232 لسنة..9591 ويقومون بذات الواجبات المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية بالنسبة للقضاة وأعضاء النيابة العسكرية..
هل تتم المحاكمات العسكرية علي درجة واحدة أم درجتين ؟
{ أستطيع أن أقول بكل ثقة انها تتم علي الأقل علي درجتين ذلك أنه فضلا عن الطعن في الأحكام أيام المحكمة العليا للطعون العسكرية, فهناك قبل ذلك مراجعة للأحكام تتم من خلال مرحلة التصديق علي الأحكام. فأحكام المحاكم العسكرية تكون نهائية بالتصديق عليها وتكون باتة بعد مرحلة الطعن. وفي مرحلة التصديق تتم مراجعة الأحكام موضوعيا وإجرائيا ويتاح للمحكوم عليه أن يتقدم بتظلم من الحكم يوضح فيه أي خطأ يتراءي له ولدفاعه.
وماذا بشأن المحكمة العليا للطعون ؟
{ هذه المحكمة أنشأها القانون رقم16 لسنة2007حيث جاءت باضافة المادة34 مكرر ومقرها القاهرة وتشكل من عدة دوائر كل دائرة خمسة قضاة عسكريين برتبة عقيد علي الأقل وتختص دون غيرها بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية والمحكوم عليهم في الأحكام النهائية الصادرة من كل المحاكم العسكرية في جرائم القانون العام علي العسكريين والمدنيين وتسري علي هذه الطعون القواعد والاجراءات الخاصة بالطعن بالنقض في المواد الجنائية المنصوص عليها في القانون رقم57 لسنة1959 في شأن إجراءات الطعن أمام محكمة النقض. أي أنها قرين محكمة النقض من كل الأوجه الموضوعية والاجرائية.
ماهي الفروق الجوهرية بين المحاكم العسكرية والمحاكم المدنية ؟
{ كل منهما يتمتع بالاستقلال.. والحيدة والكفاءة والتأهيل القانوني الكافي, لقد حرص القضاء العسكري علي تأهيل قضائه علي أعلي مستوي, فاشترط التفوق عند بدء الالتحاق بالخدمة, ثم دورات تدريبية في المركز القومي للدراسات القضائية التابع لوزارة العدل وأضاف لذلك شروطا للترقي بالنجاح في هذه الدورات والحصول علي دراسات عليا في القانون في مجال المفاضلة لتولي المناصب والترقي.إضافة لذلك فان القضاء العسكري, قضاء جنائي متخصص متفرغ للدعوي الجنائية وهو مانص عليه قانون السلطة القضائية رقم46 لسنة1972 وللأسف فقد تعذر تطبيقه.
يتنادي الكثيرون بانتقاد محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية فما رأي سيادتك ؟
{ القضاء العسكري, نص عليه الدستور السابق عام71 بالقول بان ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في الدستور وهذا النص ذاته تكرر في الاعلان الدستوري رقم2 لسنة.2011
وهذا يعني أن قانون القضاء العسكري رقم25لسنة1966 هو احد قوانين الدولة, تبقي نافذة حتي بعد سقوط الدستور, شأنه شأن القوانين النقابية الأخري.
فقد استقر قضاء مجلس الدولة علي ان الاختصاص الولائي للقضاء العسكري يعتبر بمثابة القضاء الطبيعي لما نص عليه وفق ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض( يرجع في ذلك الي حكم المستشار الجليل الدكتور طارق البشري الصادر في8 ديسمبر عام1992 دائرة منازعات الافراد أ في الدعوي رقم74/367 ق).
وهذا يعني ان القضاء العسكري ملزم بانقاذ هذا القانون حتي لايتهم بانه يجمد العدالة يبقي ان نلقي نظرة في الاختصاص الولائي لهذا القانون.
فهذا القانون صدر وبدأ العمل به في1966 اي منذ54 عاما.
والواقع ان المعايير التي اخذ بها قانون هيئة القضاء العسكري عديدة ومتنوعة فهناك معيار الصفة العسكرية ومعيار عيني بانتقاء حالات معينة مثل الجرائم التي تقع داخل الاماكن العسكرية وعلي المعدات العسكرية.. الخ ومعيار وظيفي, وهي وقوع الجريمة علي احد العسكريين اثناء وبمناسبة اداء عمله.
لقد تغيرت الظروف التي صدر فيها قانون هيئة القضاء العسكري فهناك عوامل سياسية واجتماعية تدعو إلي إعادة النظر في هذا الاختصاص.
واذا كان هذا القانون صدر من الهيئة التشريعية وصدق عليه المجلس التشريعي والبلاد الآن تمر بفترة انتقالية حتي ينعقد المجلس التشريعي الجديد, فان السؤال المطروح هل يصدر المجلس الاعلي للقوات المسلحة قرارا بتشكيل لجنة قانونية تشكل من اهل الذكر لفحص ملاءمة الاختصاص الولائي الحالي للقضاء العسكري. أم الاكثر ملاءمة ان يبقي الأمر علي ماهو عليه حتي يقوم المجلس التشريعي صاحب الولاية بتعديل القانون, خاصة ان اعلان حالة الطوارئ قد اوجب الاحالة الي محاكم امن الدولة طوارئ وليس الي القضاء العسكري.