25 ألف جنيه تثير الخلاف حول الحد الأقصى للأجورالحد الأقصي للأجور يمول رفع الأجور المتدنية
تصوير: إيمان هلالمحمد جاد وميريت مجدى بعد ترقب طويل من الرأى العام للاعلان عن تطبيق حد أقصى للاجور الحكومية، أعلن مجلس الوزراء أمس الأول عن اقتراحه جعل الفرق بين الحدين الأدنى والأقصى، بنسبة 1 إلى 36 ضعفا، وهى التصريحات التى أثارت العديد من التساؤلات حول ملاءمة تلك المعادلة فى تحقيق هدف العدالة الاجتماعية الذى رفعه المتظاهرون منذ أيام الثورة.
فمن جهة يرى البعض أن تحديد الحد الأقصى بنسبة 36 ضعفا يعد أقل من العديد من التجارب الدولية المطبقة فى هذا المجال والتى تتراوح ما بين نحو 10 إلى 15 ضعفا فقط، كما يقول سامر سليمان، استاذ الاقتصاد السياسى والقيادى بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، ومن الجهة الأخرى يرى آخرون أن الجهاز الحكومى يحتاج للاعتماد على بعض الخبراء ممن ترتفع اجورهم، وان الحد الأقصى المعلن عنه سيسبب لهم إحباطا، «الحكومة تحتاج للاعتماد على خبراء ماليين على سبيل المثال فى استثمار أموال التأمينات، وهؤلاء أجورهم مرتفعة فى سوق العمل، كذلك الخبراء الاكتواريون والهندسيون وغيرهم»، على حد قول عبدالله شحاتة، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة.
إلا أن وزير المالية، حازم الببلاوى، اعتبر أن هذا الفرق (1: 16) بين الحدين الأدنى والأقصى مناسبا، لأنه إذا انخفض عن ذلك، فلن يشجع العاملون فى القطاع الحكومى على الترقى، خاصة مع طبيعة العمل السائدة فى المجتمع المصرى وهى أن «الذى يدخل الجهاز الحكومى لا يخرج منه إلى على المعاش»، بحسب تعبيره لـ«الشروق».
وبالتالى فإن المعدل الذى يطبق فى عدة دول أخرى قد لا يكون مناسبا لمجتمعنا، فالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال تطبق معدل 1: 15، إلا أن هذا المعدل «المنخفض يتناسب مع مجتمعها، فالموظف الأمريكى يعمل فى الجهاز الحكومى فترة لا تتعدى 10 سنوات ثم يخرج منه للعمل فى أى مشروع خاص به، أو فى إحدى الشركات الخاصة، وفى المقابل الموظف المصرى يدخل الجهاز الحكومى بعد تخرجه ويخرج منه بعد 36 سنة، وبالتالى يجب أن أضع له أى حافظ للترقى وتطوير نفسه فى فترة وجوده فى الجهاز الحكومى»، على حد قول الببلاوى.
وفى الوقت نفسه، إذا رفعت الفرق بين الحدين الأدنى والأقصى فوق 36 ضعفا، فلن أحقق العدالة الاجتماعية التى تعتبر أحد الأهداف الرئيسية لهذه المرحلة، أضاف الببلاوى، الذى يتولى أيضا منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية.
ويوضح مسئول فى وزارة المالية، طلب عدم نشر اسمه، أن الحد الأقصى للاجور لا يطبق إلى على الجهاز الإدارى للدولة فقط، أى أنه لن يطبق على البنوك العامة وقطاع الأعمال العام وبعض الهيئات مثل البترول وقناة السويس، موضحا أن المالية لا تملك إلا تحديد اجور الجهاز الإدارى فقط، أم البنوك العام فالبنك المركزى هو المسئول عن تحديد اجور موظفيها، وبالتالى فيجب التنسيق مع محافظ المركزى، إذا كان سيتم تطبيق هذا الحد الأقصى على البنوك، تبعا للمسئول، مشيرا إلى الرفض الكبير الذى أبداه مسئولو البنوك العامة تجاه تطبيق حد أقصى عليهم.
كما أن وزارة قطاع الأعمال التى يتولى شئونها حاليا نائب رئيس الوزراء، على السلمى، هى المسئولة عن تحديد اجور العاملين فى قطاع الأعمال العام، بينما يخضع العاملون فى هيئة البترول وقناة السويس إلى نظام الكادر الخاص الذى له قانونه الخاص به، أضاف المسئول، معتبرا أن الدخول التى تشاع عن بعض العاملين فى هذه الهيئات مبالغ فيها.
ومن جهته، يرى سليمان أن تطبيق تلك المعادلة لن يكون ملائما على البنوك العامة وقطاع الاعمال العام، لاحتياجها لكفاءات إدارية مرتفعة الثمن «اعتقد أن هذه القطاعات يجب أن يتم معاملتها بأسعار السوق، وان يرتبط فيها الأجر بالإنتاجية».
وتقترح ماجدة قنديل، أن يتم تطبيق الحد الأقصى على الكفاءات النادرة فى البنوك العامة والمؤسسات الاقتصادية، مع تعويضهم بتخصيص نسبة من الأرباح التى ساهموا فى تحقيقها للمؤسسات العاملة بها.
فى المقابل يرى الخبير الاقتصادى عبدالخالق فاروق، أنه من الممكن تطبيق نظام الحد الأقصى على كافة الكوادر الإدارية، مشيرا إلى أن البنوك العامة والمؤسسات الاستثمارية بها صف ثانٍ من الكوادر على مستوى عالٍ من الكفاءة وتعمل باجور منخفضة وتطبيق الحد الأقصى للاجور عليها سيكون ملائما لها.
ويشير فاروق إلى أن نسبة 36 ضعفا، كانت مطبقة فى الحقبة الناصرية، بقانون صدر عام 1961، وساهمت بدرجة كبيرة فى تقريب الفوارق بين الدخول فى الجهاز الحكومى، إلا أن الوضع تغير منذ مطلع الثمانينيات عندما بدأت الكوادر الحكومية تعتمد على علاقتها بوزارة المالية فى تخصيص اجور اضافية بجانب الأجر الاساسية تصل إلى معدلات بالغة الارتفاع.
وبغض النظر عن الكفاءات النادرة فى الحكومى، فهناك عدد كبير من الكوادر الإدارية فى المؤسسات العامة والتى تحصل على مستويات مرتفعة من الاجور وهى لا تستحقها، بحسب الخبراء، وتظهر الاجور العالية فى الهيئات والوزارات التى تحقق إيرادات للدولة كمصلحة الضرائب ووزارة البترول «هناك اجور تتجاوز 100% ضعف الحد الأدنى الحكومى، كيف سيتم تخفيض اجورهم مرة واحدة دون ان تحدث مشكلات؟ «تتساءل قنديل، مشيرة إلى ان التخفيض المفاجئ للاجور الحكومية قد ينتج عنه حدوث احتجاجات من الكوادر المتضررة وشلل فى بعض الهيئات العامة.
كانت وزارة المالية قد رفعت الحد الأدنى للاجور الحكومية إلى نحو 700 جنيه شهريا، بدءا من السنة المالية الحالية، على ان يتم تحديد الحد الأدنى على مجمل الدخل وليس الأجر الأساسى فقط.