الذبح أمام النعش .. من الجاهليةد. سعد الدين هلالييتغالي بعض الناس في إظهار حبهم لميتهم فيحدثون أعمالاً قد تشتبه بالأعمال الشركية. ومن ذلك عقر البهائم أو ذبحها تحت النعش. أو أمام المنزل الذي يخرج منه الميت. أو أمام القبر من أجل تقديم الطعام والصدقات لله تعالي ترحما علي الميت. وقد نص فقهاء المالكية والشافعية علي كراهة هذا الذبح. وانه من فعل الجاهلية الذي جاء الاسلام بالنهي عنه. فقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنة من حديث أنس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا عقر في الإسلام" قال عبدالرزاق في مصنفه: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة. يقول الحطاب صاحب مواهب الجليل: هذا الذبح تحت النعش وعند القبر يؤدي إلي الرياء والسمعة. والمطلوب في فعل القرب الاخفاء. والصواب في فعل هذا: التصدق به في المنزل حتي يسلم من قصد المباهاة وقد استدل الصنعاني بعموم النهي عن العقر عند القبر علي تحريمه مطلقا. خلافا للجمهور الذي يري كراهته. واذا كان الذبح تحت النعش ليس لله تعالي ولا ترحما علي الميت وانما بقصد تعظيم الميت أو كما يقول الخطابي تقدم ذبيحة الميت للسباع والطير مجازاة له عن كرمه لاضيافه في حياته. أو علي اعتقاد أنه إذا عقرت بهيمة عند قبره حشر يوم القيامة راكبا. ومن لم يعقر عنده حشر ماشيا. فهذا فعل جاهلي محرم بالاجماع. اذ لا يجوز ذبح الحيوان إلا تعظيما لله تعالي وحده لا شريك له. لأنه خالق كل شيء. ومع ذلك فقد سخر كل شيء في الدنيا للانسان. فكان علي الانسان ألا يتعاطي شيئا إلا باسم الله وتعظيما لله دون غيره من سائر الخلق. قال تعالي: "وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون" "الجاثية: 13". وقال تعالي: "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وتري الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "النحل: 14".
ونظرا لأن ذبح الحيوان شرع من أجل أن يطعم الانسان ويعيش فلم يرض الاسلام للانسان أن يأكل من ذبيحة كانت لغير الله فقال تعالي: "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق" "الأنعام: 121" وقال تعالي: "إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به" "النحل: 115". وقال تعالي: "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح علي النصب" "المائدة: 3" قال مجاهد وابن جريج: كانت النصب حجارة حول الكعبة وعددها ثلاثمائة وستون نصبا بعدد الاصنام التي كانوا يظنون انها تقربهم إلي الله زلفي. وكانت العرب في جاهليتها يذبحون عندها. فنهي الله المؤمنين عن هذا الصنيع. وحرم عليهم اكل هذه الذبائح حتي ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح.
ان الذبح يجب أن يكون خالصا لله من باب شكره علي تكريمه للانسان. وتقديم حياته علي حياة سائر المخلوقات الحية في الدنيا. قال تعالي: "والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم وبشر المحسنين "الحج: .36 37"