تطهير «الداخلية» حبر على ورق.. ضابط شرطة يطارد مواطناً لإجباره على التنازل عن زوجته.. لفق لشقيقه قضية مخدرات.. وأرسل له 40 رسالة تهديد على المحمول.. آخرها «سيب وأنا سيب»منصور العيسوى وزير الداخليةكتب شوقى عبد القادر - نقلا عن اليومىلن تنسى الذاكرة المصرية تفاصيل فيلم «الزوجة الثانية»، ولا عبارات بطله المبدع صلاح منصور «العمدة الظالم»، وتابعه «حسن البارودى»: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول»، و«الورق ورقنا..»، و«امضى يا أبوالعلا.. »
قصة صاحب السلطة الذى يعجب بزوجة الرجل الفقير، ويهيم بها حبا، وتدفعه رغبته فيها إلى أن يدوس على كل شىء يقف أمام تحقيق رغبته، وأول من يدفع الثمن هو «الزوج» المحب لزوجته.. القصة تكررت، ولكن هذه المرة فى قسم شرطة الهرم.. الفارق أن العمدة الظالم أرادها هناك «زوجة ثانية»، لتنجب له الذرية التى حرم منها، بغض النظر عن أنها فى الأساس على ذمة رجل آخر.. وهنا أرادها الضابط الظالم «رفيقة رغبة» فجند سلطته لهواه، وبدأ يصطاد ضحاياه من أهلها للضغط عليها ومساومتها.
التفاصيل التى تكشف عن صفحة جديدة فى سجل الصفحات السوداء لداخلية «العادلى» وعهد مبارك، كما تكشف عن استمرار تلك الممارسات حتى الآن، مدونة فى محاضر رسمية، ويبدأ المشهد الأول فيها فى واحدة من ليالى شهر نوفمبر 2009 عندما توجه الضابط وسام عبدالمحسن كامل هنيدى، وبرفقته قوة من قسم شرطة الهرم، إلى مسكن المواطن «عطية أ. ع»، 30 عاما، لتنفيذ أمر ضبط وإحضار فى بلاغ مقدم ضده، وكانت لحظة رأى فيها الضابط الزوجة الحسناء فطار صوابه، وعلى الفور طلب الضابط من القوة المرافقة له أن يذهبوا بالمتهم إلى القسم، وبعد انصراف القوة وبرفقتهم الزوج، استغل الضابط حالة الهلع التى انتابت الزوجة، وحاول طمأنتها قائلا: «متخافيش هيرجع تانى»، وطلب منها أن تتصل به، فى حال عدم عودة الزوج، بعد العرض على النيابة، وحصل منها على رقم هاتفها المحمول، بدعوى أنه لا يرد على الأرقام المجهولة.
لم يصبر الضابط كثيرا.. فسرعان ما أمطر الزوجة المسكينة بالاتصالات التى تحولت إلى رسائل غرامية، و طلب منها صراحة أن تقابله عند فندق سياج بمنطقة المريوطية، ومع رفض الزوجة الرضوخ لرغبات الباشا، تحولت مكالماته ورسائله إلى تهديد ووعيد.
رسائل الضابط، وتهديداته استمرت على مدار عام، لم تجد الزوجة مفرا من إخبار زوجها، بأن الضابط الذى ألقى القبض عليه منذ شهور يراودها عن نفسها، فكر الزوج أن ينتقم لشرفه مثل أى رجل، ولكنه فى النهاية فضل أن يسير فى طريق القانون لردع الضابط، وتوجه إلى قسم شرطة الهرم، لتحرير محضر بالواقعة، حمل رقم 9 أحوال بتاريخ 27 يونيو 2011، لتبدأ بعد هذا البلاغ سلسلة جديدة من المساومات والتهديدات من الضابط لإجبار الزوج على التنازل عن المحاضر المحررة ضده.
ومع إصرار الزوج على الوقوف فى وجه الضابط دفاعا عن شرفه، لجأ الأخير إلى تلفيق قضية مخدرات لـ«هيثم» الشقيق الأصغر للزوج، وصدر فيها حكم بالسجن ثلاث سنوات بتاريخ 11 يونيو 2011، الضابط وجد فى الحكم بسجن هيثم وسيلة جديدة للضغط على الزوج والزوجة، معترفا بأنه لفق هذه القضية، وحسبما ورد فى المحضر رقم 11 أحوال بتاريخ 11 يوليو 2011 قال الضابط فى إحدى رسائله للزوجة: «أنا لو مكانك هستسلم علشان تحمى جوزك من شرى.. أديكى شفتى أنا عملت إيه فى أخوه ولا عايزة جوزك يحصله.. أنا معنديش أى مشكلة».
وفى رسالة تهديد أخرى للزوجة، مسجلة بتاريخ 14 يونيو 2011 قال فيها: «لو مارديتى عليا هاحبس لك الثانى 7سنين مش 3، وأنا عندى ألف واحد فى القسم يتمنوا إشارة منى».
ورسالة أخرى للزوجة قال فيها «هو جوزك بيتحدانى، وبيعملى قضية والله والله والله لأعمل له قضية.. من اللى عملتها لأخوه وخد فيها 3 سنين وأنا هخليه ياخد فيها 10سنين علشان يعرف أنا مين».
وفى إحدى الرسائل التى أرسلها للزوج، من هاتف أكد بيان صادر من شركة فودافون، بناء على طلب النيابة، أنه مملوك لـ«وسام عبدالمحسن كامل هنيدى» قال فيها للزوج «بوص ياد يا... مابقاش وسام هنيدى لو مجبتكش وعملتك قضية سلاح ولا بودرة يا.. أنا ما فيش حد فى النيابة ميتمناش يخدمنى».
وفى يوم الحكم على «هيثم» شقيق الزوج فى قضية المخدرات التى لفقها له، أرسل الضابط، رسالة للزوج قال فيها «مبروك دورك اللى جاى وأنت عارف طلباتى سيب وأنا سيب».
الزوج تمسك حتى اللحظات الأخيرة بطلب حماية القانون، ولم يتوقف عند تحرير محاضر فى قسم شرطة الهرم، بل قام أيضا بتقديم شكوى فى مديرية أمن الجيزة، ضد الضابط حملت رقم «1679» بتاريخ 11 يونيو الماضى، ولكن يبدو أن الضابط يتمتع بنفوذ قوى، إذ قام بإرسال رسالة إلى الزوج قال فيها «أنت ياد مش هتبطل اللى أنت يتعملوا ده يا».. و«أقسم بالله مش هخليك تشوف الأسفلت تانى هاشوف أنا ولا إنتو يا كلاب وخطواتك كلها عندى يا.. خطوة خطوة».
القصة مهداة إلى وزير الداخلية، اللواء منصور العيسوى، ليضع لها كلمة «النهاية».