قصه ( البطل المغدور )
فى هدوء ...
يفتح الأب الباب
مودعا أولاده
وداعا قصيرا
فلسوف يعود بعد قليل
يرمقهم وحفيده بنظره حنان
ينادى على رفيقه عمره
سأذهب لأحضار الأفطار
يخرج ويغلق الباب فى هدوء
يبدأ النزول على السلم الحجرى
احجار قديمه منقوش عليها صور
لفلاحين يركعون للفرعون الأله
توجه الأب لأحضار الخبز
يوجد مخبز فى الشارع المجاور
فى المخبز من قبل الفجر
يعمل العمال بهمه ونشاط
فأحدهم يضع الدقيق فى العجانه
ذلك الدقيق الأبلق الأعجمى
المعجون !!! بماء النيل ؟
تدور العجانه بصوتها النحاسى الهادر
لتخلط كل الأشياء
لتمتد يد العجان البارع
لتستخرج العجين ليقطع أرغفه
ليقوم بصفه فى صفوف منتظمه
على الطوالى الخشبيه العتيقه
يصل الأب ألى الطريق المجاور
يسير متجهما شاخصا
يشعر بأنقباض فى قلبه
تترائى له صور متقطعه
صور بالأبيض ..... والأسود
لتختفى تلك الومضات
يهز رأسه فى حيره
يلمح طابور طويل
كأنه بلا نهايه
أمام المخبز تكتظ الأجساد
تعود الصور لتترائى له
صور وهو فى عنفوان الشباب
صوره وهو يتدرب على الأشتباك
صوره وهو يعبر أصعب الموانع
يسمع صوت شعار أحبه
صه ... صه ...صه صاعقه
تضحيه ... فداء ... المجد
شعار حفر فى قلبه
فهو منذ نكسه 67 يتدرب
بلا كلل ولا ملل
فالتدريب يوفر الدم فى المعركه
يصل الأب ليأخذ مكانه فىالطابور
ذلك الطابور الهائج المائج
تتصاعد رائحه الخبز الأسمر
يتنهد الأب ... ويتمتم
الصبر مفتاح الفرج
تعود الذكريات المشرفه
فى بطأ تحرك ذلك الطابور
يرى الأب خيالات ...
يدقق النظر ... أنه ... أنه
يشبه الساتر الترابى
وما هذا انه ... خط بارليف
أحس برعشه الحماس المتقد
حماس طابور ... المقاتلين المتحرقين
للتحرير ... والحريه ... والثأر
كأن الزمان عاد به ألى الوراء
كأنه يتخذ موضعه
فى ذلك القارب المطاطى
الذى حمل كل هؤلاء الأبطال
لتنطلق فوق رؤسهم زخات المدافع
وهو ورفقاء السلاح يهتفون
الله أكبر ... الله أكبر ... ويعبرون
ليعتلوا ذلك الساتر الترابى الزائف
ليدكوا ذلك البارليف الخرافى
ليطهروا تلك الأرض الطاهره
من هؤلاء الأوغاد الصهاينه
القابعين على شرف أرضنا
أن شرفنا غير مستباح
فكم تمنى وقتها ....؟
أن يموت ميته الشهداء !!!!
يفيق من زكرياته المشرقه
على صرخات ودفعات شديده
فلقد أصبح البطل شيخا
وقف مذهولا مشدوها
لقد أصبح الطابور....
ساحه قتال !!!!!!!!!!
والكل يصرخ أنا الأول ؟
يصيح الأب أن اهدئوا
الكل سيحصل على الخبز لأولاده
يبادره ذلك المشاغب البلطجى
( خليك فى حالك أحسن لك)
يحوقل الأب البطل !!!!
تلك الحوقله لا تعجب البلطجى ؟
وبدون أى مقدمات.....
يبادره بطعنه غادره فى قلبه !!!!
ليسقط الأب مضرجعا فى دمائه
لتترائى له كل الصور...
دفعه واحده .........؟؟؟؟
لقد أصبحت الصور ملونه
ذات ألون أرجوانيه
صوره وهو يرفع علم مصر خفاقا
ليرفرف على أرض الفيروز
وهو يتسائل فى الرمق الأخير ....
أهذه موته الأبطال الشهداء ....؟؟؟
ثم يسلم الروح لبارئها ....
وعلى شفتيه أبتسامه ساخره !!!!!
يمد رجل طاعن فى السن
يديه المرتعشه المصابه
فى الحرب العالميه الثانيه بالعلمين
ليغمض عينى الأب......
البطل .......... المغدور !
لتسدل الستار .........
على حياته نهائيا !!!!!
حياه البطل شهيد الطابور !
ليسمع الواقفين المشدوهين
أصوات مدويه عاليه ؟؟؟
صه ... صه ... صاعقه
تضحيه .......!؟
فداء ........!؟؟؟
المجد ......!؟؟؟؟