أدبا من "آداب المعلمين والمتعلمين"
======================
• إخلاص النية :
يتعين على أهل العلم من المتعلمين والمعلمين أن يجعلوا أساس أمرهم الذي يبنون عليه حركاتهم وسكناتهم الإخلاص الكامل والتقرب إلى الله تعالي بهذه العبادة التى هي أجل العبادات وأكملها وأنفعها وأعمها نفعاً ويتفقدوا هذا الأصل النافع في كل دقيقٍ من أمورهم.
فكل طريق حسي أو معنوي يسلكه أهل العلم يعين على العلم أو يحصله ، فإنه داخل في هذا .
• طريقة الطلب :
ثم يتعين البداءة بالأهم فالأهم من العلوم الشرعية وما يعين عليها من علوم العربية.
• ما ينبغي على العالم لتلميذه :
o على المعلم أن ينظر إلى قوة المتعلم استعداده أو ضعفه فلا يدعه يشتغل بكتاب لا يناسب حاله فالقليل الذي يفهمه خير من الكثير الذي هو عرضة لعدم الفهم وللنسيان .
o يلقي عليه التوضيح والتقرير لدرسه بقدر ما يتسع فهمه لإدراكه ولا يخلط المسائل بعضها ببعض .
o لا ينتقل من نوع من أنواع المسائل إلى نوع أخر حتى يتصور ويحقق السابق.
o على المعلم النصح للمتعلم بكل ما يقدر عليه من التعليم والصبر على عدم إدراكه وعلى عدم أدبه وجفائه مع شدة حرصه وملاحظته لكل ما يقومه ويهذبه ويحسن أدبه.
o المعلم مأجور على نفس تعليمه سواء أفهم المتعلم أو لم يفهم فإذا فهم ما علمه وانتفع به بنفسه ونفع غيره كان أجراً جارياً للمعلم ما دام ذلك النفع متسلسلاً متصلاً . وهذه تجارة بمثلها يتنافس المتنافسون .
o ينبغي أن يرغب المتعلم بكل طريق وينشطه ولا يمله بإشغاله بما يعسر على فهمه من أنواع العلم ومفرداته .
• حق العالم :
معلم الخير استعد لنفع الخلق بتعليمه وفتواه فحقه على الناس حق المحسنين ولا إحسان أعظم وأنفع من إحسان من يرشد الناس لأمر دينهم ويعلمهم ما جهلوا وينبههم لما عنه غفلوا ويحصل من الخير وانقماع الشر ونشر الدين والمعارف النافعة ما هو من أنفع شيء للموحدين ولمن أتى من بعدهم من ذريتهم وغيرهم فلولا العلم كان الناس كالبهائم في ظلمة يتخبطون فهو النور الذي يهتدي به في الظلمات ، والحياة للقلوب والأرواح والدين والدنيا ، والبلد الذي ليس فيه ما يبين للناس أمور دينهم ويرشدهم لما ينتابهم مما هم في غاية الضرورة إليه ، فقد أهله من ضروراتهم ومصالحهم ما يضر فقده بدينهم ودنياهم .
فمن كان هذا إحسانه ، وأثره علي الخلق كيف لا يجب على كل مسلم محبته وتوقيره والقيام بحقوقه ؟ !
• احترام العالم بأن:
o يجلس بين يديه متأدباً.
o يظهر غاية حاجته إلى علمه.
o يدعوا له حاضراً وغائباً.
o إذا أتحفه بفائدة أو توضيح لمشكل لا يظهر أنه قد عرفه قبله وإن كان عارفاً له بل يصغي إصغاء المتطلب بشدة إلى الفائدة.
• ما العمل إذا أخطأ المعلم :
إذا أخطأ المعلم في شيء فلينبهه برفق بحسب المقام ولا يقول له : أخطأت أو ليس الأمر كما تقول بل يأتي بعبارة لطيفة يدرك بها المعلم خطأه من فإن هذا من الحقوق اللازمة وهو أدعى إلى الوصول إلى الصواب فإن الرد الذي يصحبه سوء الأدب وإزعاج القلب يمنع من تصور الصواب ومن قصده .
• الرجوع عن الخطأ :
o على المعلم إذا أخطأ أن يرجع إلى الحق ولا يمنعه قول قاله ثم رأى الصواب في خلافه من مراجعة الحق والرجوع إليه فهذا علامة الإنصاف والتواضع للحق فالواجب اتباع الصواب ، سواء جاء علي يد الصغير أو الكبير .
o من نعمة الله على المعلم أن يجد من تلاميذه من ينبهه على خطئه ويرشده إلى الصواب ليزول استمراره على جهله فهذا يحتاج إلى شكر الله تعالى ثم على شكر من أجرى الله الهدى على يديه متعلماً كان أو غيره .
• قول العالم الله أعلم فيما لا يعلم :
من أعظم ما يجب على المعلمين أن يقولوا لما لا يعلمونه : الله أعلم وليس هذا بناقص لأقدارهم بل مما يزيد قدرهم ويستدل به على كمال دينهم وتحريهم للصواب .
• فوائد التوقف عما لا يعلم :
1. أن هذا هو الواجب عليه .
2. أنه إذا توقف وقال الله أعلم فما أسرع ما يأتيه علم ذلك من مراجعته غيره فإن المتعلم إذا رأى معلمه قد توقف جد واجتهد في تحصيل علمها وإتحاف المعلم بها فما أحسن هذا الأثر .
3. أنه إذا توقف فيما لا يعرف كان دليلاً على ثقته وأمانته وإتقانه فيما يجزم به المسائل كما أن من عرف منه الإقدام على الكلام فيما لا يعلم كان ذلك داعياً للريب في كل ما يتكلم به حتى في الأمر الواضح .
4. أن المعلم إذا رأى منه المتعلمون التوقف فيما لا يعلم كان ذلك تعليماً لهم وإرشاداً لهذه الطريقة الحسنة والإقتداء بالأحوال والأعمال أبلغ من الإقتداء بالأقوال .
• المناظرة بين المتعلمين :
يفتح المعلم للمتعلمين باب المناظرة في المسائل والاحتجاج وأن يكون القصد واحداً وهو إتباع ما رجحته الأدلة فإذا جعل هذا الأمر نصب عينيه وأعينهم تنورت الأفكار وعرفت المآخذ والبراهين واتبعت الحقائق وكان القصد الأصلي معرفة الحق وإتباعه .
• ذم التعصب :
هو أن يجعل القصد من المناظرة والمباحثة نصر القول الذي قاله أو قاله من يعظمه فالتعصب مذهب للإخلاص مزيل لبهجة العلم معم للحقائق فاتح باب الحقد والخصام الضار كما أن الإنصاف هو زينة العلم وعنوان الإخلاص والنصح والفلاح .
• التحذير من طلب العلم للدنيا :
الحذر من طلب العلم للأغراض الفاسدة والمقاصد السيئة من المباهاة والمماراة والرياء والسمعة وأن يجعله وسيلة للأمور الدنيوية والرياسة ، فليست هذه حال أهل العلم الذين هم أهله في الحقيقة ومن طلب العلم أو استعمله في أغراضه السيئة فليس له في الآخرة من خلاق .
• العمل بالعلم :
يتعين على أهل المعلم الاتصاف بما يدعوا إليه العلم من الأخلاق والأعمال ، والتعليم ، فهو أحق الناس بالاتصاف بالأخلاق الجميلة ، والتخلي من كل خلق رزيل ،وهم أولى الناس بالقيام بالواجبات الظاهرة والباطنة وترك المحرمات لما تميزوا به من العلم والمعارف التي لم تحصل لغيرهم ،ولأنهم قدوة للناس.
• طريقة التعليم :
ينبغي سلوك الطريق النافع عند البحث تعلماً وتعليماً فإذا شرع المعلم في مسألة وضحها وأوصلها إلى أفهام المتعلمين بكل ما يقدر عليه من التعبير وضرب الأمثال والتصوير والتحرير.
ولا ينتقل منها إلى غيرها قبل تفهيمها للمتعلمين ولا يدعهم يخرجون من الموضوع الذي لم يتم تعليمه إلى موضوع آخر حتى يحكموه فالخروج من الموضوع إلى غيره قبل الانتهاء منه يحرم الفائدة.
• تعاهد محفوظات المتعلمين :
ينبغي تعاهد محفوظات المتعلمين ومعلوماتهم بالإعادة والامتحان ، والحث على المذاكرة والمراجعة وتكرار الدرس فإن التعلم بمنزلة الغرس للأشجار الدرس والمذاكرة والإعادة بمثابة السقي لها وإزالة الأشياء الضارة عنها لتنموا وتزداد على الدوام .
• أدب الزمالة :
o على المعلم توقير معلمه والأدب معه فكذلك أقرانه والمتعلمون معه عليه من مراعاة حقوقهم والأدب معهم أعظم من حقوق الأصحاب بعضهم على بعض فالصحبة في طلب العلم تجمع حقوقاً كثيرة لان لهم حق الأخوة والصحبة ، وحقوق الانتماء إلى معلمهم وأنهم بمنزلة أولاده ، وحقاً لنفع بعضهم بعضا.ً
o ينبغي أن لا يدع ممكنناً من نفع من يقدر على نفعه منه بتعليمه ما يجهل والبحث معه للتعاون على الخير وإرشاده لما فيه نفعه .
o ينبغي أن يكون اجتماعهم في كل وقت غنيمة يتعلم فيها القاصر ممن هو اعلى منه ويعلم العارف غير العارف ويتطارحون من المسائل النافعة وليجعلوا همهم معقوداً على ما هم بصدده .
• مضار الاشتغال بالناس :
يحذر من الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم فذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم.
• القناعة باليسير :
القناعة باليسير والاقتصاد في أمر المعيشة مطلوب من كل أحد ولاسيما المشتغلون بالعلم فإنه كالمتعين عليهم لأن العلم وظيفة العمل كله أو معظمه فمتى زاحمته الأشغال الدنيوية حصل النقص بحسب ذلك والقناعة من أكبر العوامل لحصر الأشغال الدنيوية وإقبال المتعلم على ما هو بصدده .
• بث العلم :
النصح وبث العلوم النافعة بحسب الإمكان حتى ولو تعلم الإنسان مسألة واحدة ثم بثها كان من بركة علمه ولأن ثمرات العلم أن يأخذه الناس عنك فمن شح بعلمه مات علمه بموته وربما نسيه وهو حي كما أن من بث علمه كان حياة ثانية وحفظاً لما علمه وجازاه الله من جنس عمله.
• تأليف القلوب :
السعي في جمع كلمتهم وتأليف القلوب وحسم أسباب الشر والعداوة بينهم وأن يجعلوا هذا الأمر نصب أعينهم لأن المطلوب واحد والمصلحة مشتركة فيحققوا هذا الأمر بمحبة كل من كان من أهل العلم ومن له قدم فيه واشتغال أو نفع ولا يدعون الأغراض الضارة تمنعهم من هذا المقصود.