نصائح مفيدة
إن غاية التعليم هو فهم للإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً،وغرس للعقيدة الإسلامية ونشرها، وتزويد للتلميذ بالقيم والتعاليم الإسلامية والمثل العليا,وإكساب له بالمعارف والمهارات العلمية والأدبية المختلفة، وتنمية للاتجاهات السلوكية البناءة،وتطوير للمجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً,وتهيئة للفرد ليكون عضواً نافعاً في بناء مجتمعه.إذن التعليم تربية والتربية تعليم,أو يمكن أن نقول بأن كل واحد منهما مكمل للآخر.
وهذه بعض النصائح والتوجيهات والملاحظات,أقدمها بين يدي كل أستاذ(أو معلم) يؤمن بالله واليوم الآخر, ويؤمن بأنه لا معنى لتعليم بدون تربية,وبأنه يعبد الله ويطيعه من خلال التربية والتعليم كما يعبده سبحانه وتعالى بالصلاة والصيام.أقدمها لنفسي أولا ثم لإخواني وآبائي وأبنائي القائمين على قطاع التربية والتعليم سواء في المدارس الابتدائية أو المتوسطات أو الثانويات بالدرجة الأولى ثم في الجامعات بالدرجة الثانية.
وأقول مسبقا: إن أصبت فمن الله وحده,وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك .
1- فرق كبير بين أستاذ يتعامل مع التلميذ على اعتبار أنه " أهله ": أي كأنه أخ أو أخت أو بن أو بنت, قبل أن يفكر في الأجر الدنيوي على تدريسه. فرق بين هذا وبين أستاذ يتجه إلى التعليم فقط على اعتبار أنه مصدر رزق ليس إلا,أي أن المهم عنده أن يقبض الأجر على عمله في نهاية الشهر ولا يُهِمُّه بعد ذلك أن يفهم التلميذ أم لا,أو أن يتعلم التلميذ أم لا,أو أن يستقيم التلميذ في سلوكه أم لا.
إن الفرق بين هذا وذاك كالفرق بين النائحة(التي تقبض الأجر من أجل أن تتباكى على الميت)والثكلى(التي فقدت بالفعل واحدا من أهلها وهي تبكي حزنا عليه)!.وإذا أردت أيها المعلم أن تُحَبَّ (بعد محبة الله لك) من طرف التلميذ ووليه خصوصا ومن الناس عموما فيجب أن تُحِبَّ أنت أولا التلميذ من خلال حسن تعليمه والتفاني في تربيته.
2- حب اللعب والكلام والضحك،والنسيان وقلة التركيز,و..من المشاكل التي يعاني منها الكثير من تلاميذنا خاصة في المراحل الأولى للتعليم لا في بلادنا فقط بل في جل البلاد العربية.ومن أسباب ذلك:
* دخول التلميذ المبكر للمدرسة قبل أن يأخذ نصيبه الكافي من اللعب الذي لا بد له منه.
* الحجم الساعي الكبير المخصص للدراسة في كل يوم.
* اكتظاظ الأقسام بالتلاميذ .
* كثرة المواد المقررة للدراسة وكثافة المعلومات المطلوب تقديمها للتلميذ.
* المناهج الدراسية في عالمنا التي لا تعتبر جذّابة ولا مشوِّقة.
وإذا كانت وزارة التربية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن التغيير والإصلاح,لكنني أوجه الخطاب هنا للمعلم من أجل التقليل من حدة هذه المشاكل على حسب استطاعته وفي حدود إمكانه.وقبل ذلك على المعلم أن يتفهم الطفل بأن يتخيل نفسه في مكانه:طفل في السادسة من العمر يُزجّ به في المدرسة كل صباح حيث يُطلب منه الجلوس والهدوء والإنصات والاستماع والفهم والكتابة والقراءة والاستيعاب طوال اليوم الدراسي وحتى في فناء المدارس هناك قواعد ولوائح ونظم:لا للأصوات العالية لا للجري المتسرع…إلخ ،ثم في النهاية يرجع المسكين إلى المنزل ليلقى أبًا وأمًّا مبتسمين يعلنان له بأن وقت الواجب المدرسي في البيت قد حلّ ويلومانه على هبوط مستواه الدراسي ونسيانه للدفاتر والكتب وعدم استيعاب مادة الرياضيات أو دراسة الوسط أو... أما هو-ذلك الكائن المسكين-فما زال ابن ست أو سبع محبًّا للعب والجري والضحك،لا يفهم لماذا كل هذا العناء وكل هذه المسئوليات.
ومما يمكن أن يراعيه المعلم هنا للإنقاص من حدة مشاكل اللعب والنسيان عند التلاميذ ما يلي:
ا- محاولة تفهم طبيعة مرحلة الطفولة المبكرة.
ب- التعامل مع موضوع النسيان بهدوء دون قسوة أو لوم أو عتاب،والانتباه إلى أن ذلك يَحدث رغمًا عن الصغير.
ج- التركيز على بناء الشخصية السويّة التي تدرك بالتدريج أن عليها واجبات مثلما من حقها اللعب،فلا نـثـقل الصغير بما لا يستطيع بل نهتم بالقيام بواجباته ومشاركته في ذلك بالإشراف والتدعيم الإيجابي (شكرا,ممتاز,جيد,حاول أن تكمل هنا كما أكملت هناك الخ..)، ونغفل قليلاً الدرجات والنتائج والعلامات فبناء الشخصية السويّة أهم بكثير من ارتفاع الدرجات والنقاط والعلامات.
3- يمكن أن يشجِّع المعلمُ التلاميذ على ممارسة نشاطات ثقافية معينة داخل المؤسسة أو خارجها,والأفضل لو تتم هذه الممارسة تحت إشراف وتوجيه الوالدين أو المؤسسة التعليمية أو كبير مثقف له صلة بالتعليم ومتشبع بالمبادئ الإسلامية.ويجب أن ينبه التلميذ إلى أنه ليس كل نشاط ثقافي مقبولا وتربويا.إن المطالعة,والمسابقة الفكرية أو الرياضية, والرسم, والأناشيد ,والمسرحية الهادفة,والرياضة,والرحلة إلى البحر أو الغابة أو إلى مؤسسات وإدارات وشركات ومصانع ,وصنع أجهزة أو أدوات مختلفة,والمساهمة في كتابة مقالات في جريدة أو مجلة,وتعلم الكمبيوتر,والتفرج على أشياء نافعة من خلال التلفزيون أو الكمبيوتر أو الفيديو وغيرها,إن هذه كلها أنشطة ثقافية فيها من الخير ما فيها للتلميذ بدنيا ونفسيا وفكريا وروحيا,في مجال دراسته وفي حياته اليومية,حاضرا ومستقبلا.لكن على الضد يجب أن ينتبه التلميذ إلى أن النحت لصور حيوان أو إنسان,والموسيقى الصاخبة,والغناء الخليع , والقمار والميسر,والمسرحية الهابطة,والتفرج على أفلام أو برامج لا تليق من خلال التلفزيون أو الفيديو أو الكمبيوتر ,كلها أنشطة غير تربوية من جهة ومحرمة شرعا من جهة ثانية, والجهل هو الذي يدعو إليها وليس العلم .والمطلوب من المعلم أو الأستاذ أن يكون في ذلك قدوة صالحة فلا ينهى التلاميذ عن نشاط ويأتي هو مثلَه !
4- مما يجب أن يُلفَت انتباه التلاميذ إليه:
ا-هناك مواد تحتاج إلى قدر كبير من الحفظ (مع الفهم بطبيعة الحال) مثل الجغرافيا والتاريخ والعلوم الشرعية و..
ب- وهناك مواد أخرى مثل اللغات والأدب العربي تُعتبر فيها طريقة التلقين والحفظ بدون الفهم والإدراك سبب أساسي من أسباب ضعف تحصيل التلاميذ فيها.
ج- وهناك مواد أخرى هي بحاجة إلى قدر كبير من الفهم والإدراك (مع الحفظ بطبيعة الحال ) مثل العلوم الفيزيائية والرياضيات.
6- على المعلم أن يعلم بأن الفروق الفردية ظاهرة عامة في جميع الكائنات العضوية وأنها سنة من سنن الله تعالى في خلقه،فأفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم فلا يوجد فردان متشابهان في استجابة كل منهما لموقف واحد.وهذا الاختلاف والتمايز بين الأفراد أعطى للحياة معنى وجعل للفروق الفردية أهمية في تحديد وظائف الأفراد،وهذا يعني أنه لو تساوى جميع الأفراد في نسبة الذكاء-على سبيل المثال-فلن يصبح الذكاء حينذاك صفة تميز فردا عن آخر،وبهذا لا يصلح جميع الأفراد إلا لمهنة واحدة.
7- يستحسن أن يعطي الأستاذ للتلاميذ واجبات لتأديتها في المنزل (مرة كل أسبوعين أو ثلاثة أو كل شهر أو أقل أو أكثر),ثم يأخذها الأستاذ من التلاميذ فيما بعد ويصححها ثم يرجعها إليهم.وعلى الأستاذ بموازاة ذلك أن يشجعهم على تجنب الغش في تأدية هذه الواجبات المنزلية,وإلا لم يبق لتلك الواجبات معنى كبير, فضلا عن أن التلميذ –بالغش-يخدع نفسه بالدرجة الأولى.
8- مطلوب من الأستاذ أن يتفانى في خدمة التلاميذ: تربية وتعليما,ومطلوب منه بنفس القدر أن يتشدد ما استطاع في مراقبة التلاميذ أثناء الامتحانات والفروض حتى لا يغشوا.إن الغش حرام شرعا أولا,وممنوع قانونا ثانيا.وحتى إذا تساهل الغيرُ في هذا الأمر,فإنه لا يجوز لك أنت أيها المُعلم المؤمن بالله أن تتساهل, ولتعلم أنه كما قال الله تعالى:"ولا تزر وازرة وزر أخرى".لا تسمح لهم بالغش أبدا مهما سمح به غيرُك,فكل مسؤول عن نفسه أولا بين يدي ربه يوم القيامة,وصدق رسول الله القائل:"من غشنا فليس منا",وأخطأ خطأ فاحشا وكذب على الرسول-ص-من قال من الصغار أو من الجاهلين أو من المنحلين:"من عسَّنا فليس منا"(أستغفر الله العظيم!).ولا تترك أيها الأستاذ لأي كان أن يضغط عليك بماله أو بجاهه أو.., بالترغيب أو بالترهيب أو..حتى تسمح له أو لغيره أن يغًشَّ.عليك أيها المربي أن لا تأخذك في الحق لومة لائم,وليرض من شاء بعد ذلك وليسخط من شاء.وعليك أن تبدأ بنفسك أنت أولا,فتمنع نفسَك من الغش ما حييتَ في مجال التدريس أو في غيره ولو مع أولادك وبناتك,وتربي أولادك على ذلك.وإلا فلا خير فيك وفيما تنصح به غيرَك,بل قد يكون علمُك عندئذ حجة عليك-والعياذ بالله-عوض أن يكون حجة لك.
9- يجب عليك-أيها المعلم-أن تُحسِّن علاقتك بالمعلمين أو الأساتذة وبالعمال والإداريين,وأن تتحمل أذاهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا,وأن تكون مع الجميع كالنخلة يرميها الناس بالحجر وهي ترميهم بالثمر.واذكر أن رسول الله-ص-قال:"الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".وإذا صح هذا مع كل الناس عموما فإنه يصح أكثر وأكثر مع قوم تربطنا بهم أكثر من رابطة:الدين ثم..ثم الزمالة في العمل والاشتراك في مهمة هي أعظم المهمات على الإطلاق:التربية والتعليم.
10- كما أن عليك أيها المعلم أن تُذكِّر الغير باستمرار بأنكم جميعا مربون قبل أن تكونوا معلمين,ولا معنى للتعليم بدون تربية,والذين يقولون بأن وظيفةَ المعلم تعليمُ فقط هم إما جهلة أو مخادعون أو حاقدون.
11- إن مما يُخفف على الأستاذ من وقع الأذى الذي يلاقيه في طريق التعليم,أن يتذكر أنه يسير على طريق الأنبياء والمرسلين,الذين كانوا جميعا معلِّمين:" إنما بعثت معلما"كما قال رسول الله-ص-.
12-على الأستاذ أن يتقرب من تلاميذه (خارج الحصص الرسمية حتى لا يُضيِّع الوقت) ليتعرف على آمالهم وآلامهم,وعليه أن يقدم لهم-بعد ذلك أو أثناء ذلك-النصح والتوجيه المناسبين,لأن ذلك أدنى أن يقوي الصلة بينه وبين تلاميذه وأن يزيد من المحبة بينه وبينهم.
13-المطلوب تشجيع التلاميذ على المشاركة في الدرس:سؤالا وإجابة وملاحظة ونقاشا و..وحوارا.إن ذلك من شأنه أن يخفف من العبء على الأستاذ وأن يزيد من انتفاع التلميذ,وأن يُحبِّب المادة والأستاذ للتلاميذ.
14-إن من أسوا ما يمكن أن يتصف به الأستاذ في تعامله مع تلاميذه:التمييز بينهم (لا بناء على سلوك أو اجتهاد في الدراسة,وهو التمييز المقبول أو المطلوب),الذي يعتبر من الظلم الذي حرمه الله ورسوله.ومن مظاهر هذا الظلم :
أولا:- التمييز بين الغني والفقير.
ثانيا:- لتمييز بين بن المسؤول وبن المغمور.
ثالثا:- التمييز بين الذكر والأنثى.
15- مهم استخدام الوسائل التعليمية المختلفة في كل المواد,والإكثار من التطبيقات في مواد معينة,وإجراء التجارب العلمية المتنوعة (مع التلاميذ) من طرف الأستاذ في مواد علمية تجريبية كالتكنولوجيا ودراسة الوسط والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية و.. في حدود الإمكانيات المادية والمعنوية والبشرية المـتاحة في المؤسسة,..مع التنبيه إلى أن هذه الوسائل وهذه التطبيقات وهذه التجارب هي التي تساعد على تبسيط المعلومات للتلاميذ وتزيد من تشويقهم للمادة ولأستاذ المادة بإذن الله.
17- عندما يُطرح السؤال على التلميذ,يجب أن تُعطى له المدة الكافية للتفكير في الإجابة,وإلا فلا معنى لتقديم السؤال.
18- لا تكن مع التلاميذ كما يقول المثل لينا فتُعصر, ولا يابسا فتُكسر,وكن وسطا لأن "خير الأمور أوسطها",واعلم أن علاقة الأستاذ بالتلاميذ يجب أن تكون علاقة حب من جهة (عن طريق المعاملة الطيبة) وعلاقة هيبة من جهة أخرى (عن طريق الحزم والجد والشخصية القوية),فإذا وُجد الحب وحده ركب التلاميذ على ظهر الأستاذ وما بقيت له سلطة عليهم,وإذا وُجدت الهيبة وحدها خاف التلاميذ من الأستاذ أولا ثم نفروا منه ومن مادته ثانيا.
19- لا يلجا المعلِّم (خاصة في المتوسط وكذا في الثانوي ) إلى الضرب غير المبرِّح إلا عند الضرورة,ومن باب" آخر الدواء الكي".ومعروف أن المبالغة في الضرب وما يصاحبها من إساءات كلامية فيها من الضرر ما فيها على نفسية التلميذ حاضرا ومستقبلا.
وجاء في دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أن تأديب الأطفال ( والتلاميذ كذلك) ينبغي أن يتم عن طريق إثارة مشاعر المسؤولية لديهم وتحذيرهم من العواقب والآثار المترتبة على السلوك السيئ ومكافأتهم على السلوك الحسـن.ولكنني مضطر من جهة أخرى إلى أن أقول بأنه لا معنى للقانون الذي أصدرته وزارة التربية في بلدنا والذي يمنع الضرب منعا باتا مهما كان بسيطا وبسبب وجيه,ويعتبره منافيا للقواعد التربوية.
لقد صدق اللهُ وصدق رسولُه (حين أجازا الضرب بشروطه المعروفة بطبيعة الحال),وكذب من خالفهما.
20- يا ليت معلم المدارس الابتدائية يبذل جهدا في التربية والتعليم أكبر من الجهد الذي يبذله غيره,لأنه هو-لا غيره-الذي يبني الأساس في تنشئة الطفل والتلميذ ليكون في المستقبل مواطنا صالحا ومصلحا في بلده وأمته,وأستاذ المتوسط يبني الجدران,ويبني السقف بعد ذلك أستاذ التعليم الثانوي.فإذا صلح الأساس صلح ما يُبنى عليه وإذا فسد الأساس فسد ما يُبنى عليه.وأجد نفسي هنا مضطرا لأُذكِّر بأن دولة عظيمة كاليابان تعيِّن حَمَلة الشهادات العليا ليُعلِّموا أولى حلقات التعليم (في المدارس الابتدائية) مع صرف مرتباتهم على أساس شهاداتهم العليا،وهذا ما انعكس إيجابا على المخطط البياني لذكاء الطفل الياباني المكتسب واتجاهه نحو الأعلى باضطراد.
21-أحسن يا أستاذ الظن بالتلاميذ,ولا تتهمهم بناء على ظن أو على شك أو على وهم.واعلم أنه كما أخبرنا رسول الله-ص-:"لأن نخطئ في العفو خير لنا عند الله من أن نخطئ في العقوبة" أو كما قال رسول الله-ص-.
22-عامل التلميذ بصفته أحد أبنائك واحترمه يبادلك الاحترام بإذن الله,كما يبادلك أهله كذلك الاحترام.
23-لا تستهن بأية مشكلة تواجه تلميذا من تلاميذك مهما تكن صغيرة,بل حاول تلمس الحل المناسب لها,واستعن بالله على ذلك.
24- قدّر أي جهد يقوم به الطالب ولا تحتقره ولا تستهزئ به.ولا بأس أن تمدحه بين الحين والآخر في الوقت والظرف المناسبين مدحا يشجعه ولا يفسده.
25- يجب أن يكون للمعلم إلمام ولو بسيط بعلم النفس التربوي.وعليه أن يدرس نفسيات الطلاب ثم يعاملهم بناء على ذلك,واعلم-أيها المعلم-أن تلميذا تكفيه نظرة،وآخرا يحتاج إلى كلمة،وثالثا يفيده النصح المنفرد، وآخرا يوقظه التأنيب داخل الفصل,وخامسا لا ينفع معه إلا الضرب غير المبرح,وهكذا ...
26-لا تقتطع أي جزء من حصص التلاميذ الرسمية,وكن أمينا ما استطعت,وليكن شعارك الحديث:"اليد العليا خير من اليد السفلى"والذي من معانيه الأساسية أن اليد التي تعطي خير من التي تأخذ.ومن هنا فإذا استطعت أن تقدم للتلاميذ دروسا إضافية تطوعية فافعل تكبر استفادتهم بإذن الله ويعظم أجرك عند الله.
27- كذلك لا تقتطع أيَّ جزء من وقت راحة التلاميذ أو من حصصهم في مواد أخرى,لأن لكل مادة وقتها الخاص,وكما أن التلميذ من واجبه أن يدرس في وقت الدراسة فإن من حقه أن يرتاح في وقت الراحة.وعلى المعلِّم أن يكون قدوة لطلابه في كل شيء ولا سيما في احترام الوقت وتنظيمه.
28- مهم–في حدود الإمكان-أن يطرح المعلم على التلاميذ في بداية كل درس أسئلة متعلقة بالدرس الماضي للتأكد من مدى استيعاب التلاميذ للدرس الماضي,وحتى يُبني الدرسُ الحالي على أساس سليم.
29-عندما تُعِد أسئلة اختبار حاول أن تكون هذه الأسئلة من واقع ما دار في الفصل ومما تدرب عليه التلاميذ ومن صميم البرنامج,ولا تطرح عليهم أسئلة خارجة عن هذا المجال.
30- اربط تلاميذك-أيها المعلم- بالواقع والبيئة المحيطة به.
31- إذا اشتكيت-أيها المعلم-من عدم قدرتك على إدارة الصف فلتفتش في دخيلة نفسك،ولتبحث في أدوات عملك,فربما يكون هناك مكمن الخلل,أي ربما يكون الخلل فيك لا في التلاميذ.
32- أعدَّ درسَك إعدادا جيدا ووسِّع أفقَك بالقراءة والاطلاع بشكل دائم ومستمر من خلال الكتب والمجلات والجرائد والتلفزيون والفيديو والكمبيوتر والأنترنت و...ولتكن المطالعة والسماع هواية من هواياتك الأساسية لأنها هواية كل مثقف.
33- يمكن أن تسأل بين الحين والآخر أستاذا (أو معلما) عما لم تفهمه,مما يتعلق بمادة التدريس,واعلم أنه ليس في ذلك أي عيب,بل العيب كله في أن لا نفهم ولا نسأل.والأستاذ-كأي بشر-مهما علِم أشياء فإن أشياء أخرى سوف تغيبُ عنه بكل تأكيد.
34- إذا لم تكن متأكدا من الجواب على سؤال طرحه عليك تلميذ فلتؤجل الجواب إلى حين تتأكد منه,ولو كان ذلك إلى حصة مقبلة.واعلم:
ا-أنه ليس في ذلك أي عيب كما قلتُ قبل قليل,كما أنه ليس عيبا أن تخطئ ثم تعترف بالخطأ ولو أمام التلاميذ إذا لم يتكرر الخطأ كثيرا,بل العيب في أن تقول للتلاميذ ما لست متأكدا من صحته,أو في أن تعرف أنك مخطئ ثم تصر على الخطأ.
ب-أن من قال:" لا أدري"فقد أجاب.
35- يوصي المعلمُ أو الأستاذُ تلاميذَه باستمرار بما يلي :
ا-أن يراجعوا دروسهم أولاً بأول من أول يوم دارسي.
ب-أنَّ تغيب الواحد منهم عن المدرسة ولو ليوم واحد سيؤخر تحصيله الدراسي.
ج-أن ينـتبهوا لشرح المعلم جيداً أثناء الدرس.
د-أن لا يخجل أحدهم من السؤال عن أية معلومة لم يستوعبها أو يفهمها.
هـ-أنه لا يجوز أن يجعلوا للقلق والخوف طريقاً إلى أنفسهم أبدا:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه"
وأنهم إذا فعلوا ذلك فسيكون النجاح حليفَهم بإذن الله تعالى.
36- يوصي الأستاذُ تلاميذَه بمراعاة ما يلي أثناء مراجعة دروسهم وفي فترات تحضيرهم للفروض والامتحانات والمسابقات:
أولا: قراءة البعض من آيات القرآن الكريم (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
ثانيا : التمسك بالحكمة التي تقول"لا تؤجل عمل اليوم إلي الغد".
ثالثا : المراجعة أولا بأول والتلخيص ( إن أمكن ) أثناء المراجعة.
رابعا : الراحة النفسية والهدوء,وتقديم البكور على السهر الطويل:"بورك لأمتي في بكورها".
خامسا : الاستفادة من الوقت لأن الوقت هو الحياة.
سادسا : الاهتمام بالصحة والتغذية الجيدة.
سابعا : عدم الإجهاد في المذاكرة وتخصيص وقت للراحة بين فترة وأخرى.
37-لا يُقبل من المعلم أبدا أن يتكلم مع التلاميذ أو أمامهم (بل حتى ولو كان بعيدا عنهم وفي غابة ليس فيها إنسان) بكلام بذيء أو فاحش,أو بقول تُشم منه رائحة الكفر أو الفسق والفجور.إن هذا التصرف مرفوض منه شرعا وقانونا وعرفا و.. وذوقا.
وإياك-أيها المعلم-أن تشتم تلميذا مهما كان السبب أو تلعنه(خاصة مع استعمال الكلام البذيء والفاحش) ,واعلم أن التلميذ عندما يرى أن معلمه قد نزل إلى هذا المستوى الوضيع فإنه يفقد احترامه للمعلم ويبدأ في المعاناة التي قد لا تظهر إلا عندما يكبر هذا التلميذ ويصبح رجلا,فضلا عن أن سلوك هذا المعلم قد يؤثر سلبا على مردود التلميذ الدراسي.
38-النظر إلى التلميذ (في القسم) من طرف الأستاذ,وكذا مناداته باسمه الخاص (عوض: أنتَ ) مهمان جدا ولهما الأثر الطيب في نفسية التلميذ,كما أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تقوية الصلة بين الأستاذ والتلميذ بإذن الله.
39-إيالاك أيها المعلم أن تنه تلاميذك عن خلق وتأتي مثله:" كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".
40- يجب على المعلم أن يعرف أن الطريقة السابقة والقديمة في التعليم هي طريقة الإلقاء،وفيها يكون المعلم هو الملقي والمرسِل للمعلومة والتلميذ هو المستقبل،والمعلم هو الذي يبحث عن المعلومة بين طيات الكتب حتى يوصلها للتلاميذ,ولكن هذه الطريقة أثبتت فشلها وعدم إيفائها بالغرض من التعلم،حيث أن المعلومة سرعان ما تتبدد لأن الطالب أخذها عن طريق التلقي دون أن يبذل فيها جهداً و عناءً.وأفضل طريقة للتعلم هي الطريقة الحوارية التي يكون فيها الطالب أو المتعلم هو المصدر،يبحث عن المعلومة وما على المعلم سوى الاستماع وإدارة النقاش والتصحيح إذا وجدت بعض الأخطاء,ويكون دوره إدارة الحوار والمناقشة بين أفراد المجموعة الواحدة في الفصل،حتى يتم الانتهاء من الدرس.وتكون بعد ذلك الحلقة متصلة ومترابطة ومشوقة ينتظرها المتعلم بفارغ الصبر في الحلقة القادمة.صحيح أن هذا الكلام نظري أكثر منه عملي, بمعنى أنه كلام جميل لكن يصعب تطبيقه في الواقع نظرا لكثرة المثبطات ولقلة الإمكانيات ول..لكن المطلوب من المعلم أن يحاول,وأن يبذل ما يستطيع,وأن يُسدِّد ويقارب,والله الموفق أولا وأخيرا.
41- وحتى إذا أضيفت نقطة أو نقطتان أو ثلاث نقاط في الفرض للتلميذ في مقابل سلوك جيد ومشاركة في القسم وواجبات منزلية ومحروسة و..يجب أن نبقي على نقطة الاختبار كما هي.
42-لا يجوز أن يشتريك-أيها المعلم-غني أو قوي من أجل أن تزيد ولو نصف نقطة لابنه أو ابنته تحت ضغط التهديد أو الوعيد أو باسم الترغيب أو الترهيب أو انطلاقا من الطمع في الولي أو الخوف منه.إن ذلك حرام شرعا أولا وممنوع قانونا ثانيا.
43- يستحب للمعلم أو الأستاذ –مهما كانت المادة التي يُدرسها-أن يبدأ حصته مع التلاميذ بكتابة"بسم الله " أو"بسم الله الرحمان الرحيم" على السبورة أو كتابة ما يرادفها بالفرنسية أو بالإنجليزية,ليربي تلاميذه باستمرار على ما أخبر به رسول الله-ص-من أن كلَّ عمل لم يُبدأ فيه ب"بسم الله" فهو أبتر(مقطوع,لا بركة فيه).
44- يمكن كتابة التاريخ الهجري والميلادي (على السبورة في بداية كل حصة),وإعطاء التلاميذ معلومة واضحة عن الفرق بينهما,وأننا-نحن المسلمين-نعتز بالتاريخ الهجري,وعلينا أن نبين للتلاميذ أن هذا التاريخ هو منذ هجرة الرسول-ص-من مكة إلى المدينة.وهي معلومة عليهم معرفتها بشكل جيد.
45- يجب كتابة عنوان الدرس بخط واضح على السبورة,وعلى المدرس تعويد نفسه على ذلك.ولا تهمل هذه الخطوة تحت أي ظرف من الظروف.ويجب أن تكون السبورة عنوانا للترتيب والنظام,وأن تكون خطوات الدرس وأهم الأفكار والحقائق والقوانين مبينة عليها.كما يستحب استخدام الألوان كذلك عند الكتابة على السبورة.إن السبورة هي ما يقتدي به التلميذ في كراسه.والمُدرِّس الذي يرى كراسات تلاميذه غير مرتبة ومهملة عليه أولا أن ينظر إلى نفسه وإلى سبورة فصله قبل أن يلوم التلميذ.
46-على المعلم أن يكون قدوة في نظافة ملبسه وهندامه وفي حسن تنظيم وترتيب أدواته أمام التلاميذ.
47- إياك والكذب مع التلاميذ , فإنه صفة مذمومة شرعا وممنوعة قانونا ومستهجنة عرفا, من أي إنسان وخاصة من المعلم أو الأستاذ.
48- يربي المعلم تلميذَه على احترام التعليم والمعلمين وعلى أن ذلك عبادة من العبادات وعلى أن الإسلام كما أمرنا أن نحسن إلى الوالدين وأن نحترمهما وأن نقدرهما أمرنا أن نفعل نفس الشيء مع المعلم الذي قال عنه الشاعر قولته المشهورة والصادقة:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ورحم الله زمانا (عندما كنا تلاميذ صغارا )كان التلميذ إذا رأى المعلمَ يمشي على طريق بدَّل وغير طريقه حتى لا يراه المعلم مجرد رؤية خارج المدرسة,طبعا حياء منه وأدبا معه!.
49-على المعلم أن يُظهر الاهتمام والحماس لجهود تلاميذه,كما أن عليه إظهار الإعجاب تجاه أدنى تقدم يحرزه التلميذ وكذا تشجيع كافة الجهود المعادة والمتكررة من طرفه لتحسين مستواه،وتجاهل كافة المحاولات غير الموفقة أو الفاشلة.ولو قام المعلم بتشجيع التلاميذ على هذا النحو،فإنه بذلك سيلاحظ أنهم يتجهون بإذن الله من الحسن إلى الأحسن أو من السيئ إلى الحسن.
والله الموفق والهادي لما فيه الخير.نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما-اللهم آمين وصل اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه
منقول