العدل بين الأولاد
يحيى بن موسى الزهراني
الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبي العدل والهدى ، عليه من ربه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات إلى يوم الدين . . . أما بعد :
طاعة الوالدين :
فلا أعظم من طاعة الوالدين بعد طاعة الله تعالى ، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قرن الله طاعتهما بطاعته سبحانه بعد التحذير من الشرك ، فقال تعالى : " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً " ، " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً " . والأدلة في ذلك مشهورة معلومة .
البر والعقوق :
وحذر المولى جل وعلا من عاقبة العقوق تحذيراً شديداً ، جاء ذلك التحذير مستفيضاً في كتاب الله تعالى ، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس حديثنا عن البر والعقوق من قبل الأبناء والبنات ، بل الحديث عن العطف والحنان من قبل الآباء والأمهات ، فمن أدلة تحريم العقوق من كتاب الله تعالى : " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما " ، وقوله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " ، وأخرج أبو داود والترمذي وصححه الحاكم عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من ذنبٍ أجدر أن يُعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " يقول ابن عباس رضي الله عنهما : ثلاث آيات مقرونات بثلاث : لا تقبل واحدة بغير قرينتها " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول " فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يُقبل منه . " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فمن صلىّ ولم يزكّ لم يُقبل منه . " أن اشكر لي ولوالديك " فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يُقبل منه . فرِضى الله في رِضى الوالدين ، وسخط الله في سخطهما .
نتائج عدم العدل بين الأولاد :
وبما أن العقوق محرم ، ومن أكبر الكبائر ، فلذا كان كل ما يؤدي إلى العقوق حرام ، ومن أعظم ذلك ، عدم العدل بين الأولاد في الهدية والعطية والهبة والصدقة ، فالتمييز بين الأولاد والتفريق بينهم في أمور الحياة سبب للعقوق ، وسبب لكراهية بعضهم لبعض ، ودافع للعداوة بين الأخوة ، وعامل مهم من عوامل الشعور بالنقص ، وظاهرة التفريق بين الأولاد من أخطر الظواهر النفسية في تعقيد الولد وانحرافه ، وتحوله إلى حياة الرذيلة والشقاء والإجرام .
المفاضلة بين الأولاد خطيرة ، ومن أعظم العوامل التي تسبب الانحراف عن منهج الشريعة الصحيحة ، والصراط المستقيم ، بل سبب مباشر للعقوق ، وقد يسبب القتل والعياذ بالله ، والواقع خير شاهد على ذلك .
والمفاضلة تختلف ، فمنها المفاضلة في العطاء ، والمفاضلة في المعاملة ، والمفاضلة في المحبة ، أو غير ذلك من المفاضلة والتمييز الذي ذمه الشرع وحرمه ومنعه ، لما يسببه من أسباب وخيمة ، وعواقب جسيمة ، وهناك من الآباء والأمهات من لا يعدل بين أبنائه ظلماً وجوراً ، وإجحافاً وتعسفاً . فيقع في الحرام وقد لا يدري .
وكم هي المآسي والأحزان التي تعج بها بعض البيوت نتيجة للظلم والتمييز العنصري ، والتفريق بين الأبناء ، وعدم العدل بينهم ، مما تسبب في وجود الكراهية والبغضاء بين الأخوة في البيت الواحد ، والسبب هم الآباء ، وعدم اتباع الكتاب والسنة في مثل تلك الأمور والمنحدرات الخطيرة التي تؤدي بالأسرة إلى الهاوية والعياذ بالله .
فظاهرة عدم العدل بين الأولاد لها أسوأ النتائج في الانحرافات السلوكية والنفسية ، لأنها تولد الحسد والكراهية ، وتسبب الخوف والحياء ، والانطواء والبكاء ، وتورث حب الاعتداء على الآخرين لتعويض النقص الحاصل بسبب التفريق بين الأولاد ، وقد يؤدي التفريق بين الأولاد إلى المخاوف الليلية ، والإصابات العصبية ، وغير ذلك من الأمراض الغير عضوية ، مما يضطر الكثير من الأولاد إلى مراجعة مستشفيات الصحة النفسية ، وهناك تشتد الآلام أكثر مما كانت عليه من ذي قبل ، فمثل هذه المصحات لا فائدة ترجى منها ، بقدر ما هي زيادة في المرض كما هو معلوم لدى الكثير ممن يراجعها .
وهنا أمر مهم يدخل ضمن المفاضلة في المحبة ، وهو تفضيل محبة بعض الأحفاد على بعض ، فقد يكون للأب أو الأم ، أبناء وبنات ، فيتزوجون وينجبون ذرية ، فلا يكون هناك عدل من قبل الأجداد في العدل في محبة أبناء الأبناء ، وقد يكون ذلك واضحاً جلياً ، فيكون هناك انحياز لبعض الأحفاد على حساب بعض ، وهنا تقع الكارثة والمصيبة الكبرى ، من البغض والكره والغيظ للأجداد من الأبناء والأحفاد ، نظراً لعدم التسوية في الملاطفة والمحبة ، ونظراً لعدم العدل بين الأبناء ، وأبناء الأبناء ، فاتقوا الله أيها الآباء والأجداد في العدل بين أبنائكم وأحفادكم ، فلا أعز من الولد إلا ولد الولد ، وعاملوهم كما تحبون أن يعاملوكم به .
أسباب التفضيل بين الأبناء :
البعض من الآباء قد يفضل بعض الأبناء على بعضهم لأسباب قد يراها موافقة له على ذلك ، والصحيح عكس ما كان يعتقد ، فمن تلك الأسباب :
1- أن يكون الطفل من الجنس الغير مرغوب فيه جهلاً لكونه أنثى :
ما ذنب الطفل إن ولد في حياته أنثى ، لقد حث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على العناية بالبنات ورعايتهن أشد رعاية والاهتمام بهن وعدم عضلهن ، وأنهن الحجاب من النار إذا أحسنت تربيتهن ، فقال صلى الله عليه وسلم : [ من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ] وضم أصابعه ( رواه مسلم ) . ـ أي من رعى بنتين وقام عليهما بالمؤونة والتربية جاء مصاحباً لنبي الله صلى الله عليه وسلم ـ ، وقال صلى الله عليه وسلم : [ من ابتلي ـ أي اختبر ـ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ] ( متفق عليه ) ، فهل أحسنت إلى ابنتك أنت ؟ أم أهنتها وأذقتها المرارة ؟ وجرعتها كأس الحرمان من الزواج من أجل تلك الوظيفة والعقبة الدنيئة ، قال صلى الله عليه وسلم : [ اللهم إني أحرج حق الضعيفين ، اليتيم والمرأة ] ( رواه النسائي وغيره بإسناد حسن ) ، ومعنى ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم يلحق الإثم بمن ضيع حقهما ، وحذر من عاقبة ذلك تحذيراً بليغاً . وقال صلى الله عليه وسلم : [ إن شر الرعاء الحطمة ، فإياك أن تكون منهم ] ( متفق عليه ) ومعنى الحطمة : العنيف برعاية الإبل ، فقد ضربه النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لوالي السوء ، الذي يظلم من هو تحت ولا يته من أهل وغيرهم ، وما فيه من قسوة وجلافة ، وعنف وعدم رحمة ، وبعده عن الرفق والشفقة . وقال صلى الله عليه وسلم : { استوصوا بالنساء خيرا } ( متفق عليه ) .
2- أن يكون الابن قليل الحظ من الجمال أو الذكاء ، وما جريمة الطفل إذا كان قليل الجمال ، أو دميم الخلقة ، أو كان قليل الذكاء ، أو لم ذا ذكاء فارط ، حتى يخترع الصواريخ والسفن الفضائية ، فهذه الأمور ليست بيد أحد من الخلق أجمعين ، بل بيد الله وحده سبحانه العليم الحكيم ، الذي خلق كل شيء بقدر ، ولهذا قال تعالى : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " فإن كان الأمر بيد الله تعالى ، والأمر إليه من قبل ومن بعد فلا يحق للآباء أن يفضلوا بين أبنائهم من أجل أمور خارجة عن إرادة البشر أجمعين ، بل قد يكون هناك من الآباء من أهو أشد غباءً من ابنه ، ومع ذلك يفضل بعض الأبناء على بعض بسبب تلك الظاهرة .
3- أن يكون أحدهم محبوباً دون الآخرين لكثرة حركته أو قلة حركته ، فهذه كسابقتها ، لا يجوز لأحد أن يفرق بين أبنائه في التعامل والعطية والمحبة من أجل مثل ذلك الأمر ، فمن كان السكون طبعه فكل الناس يرجو مثل هذا الولد ، ومن كان مشاكساً ومشاغباً وكثير الحركة ، فالتعليم يجدي فيه ، بأن يكتسب الهدوء والسكينة بما يتلقاه من التعليم من قبل الوالدين ، وليس هذا مسوغاً في التفريق بين الأبناء في المعاملة .
4- أن يكون أحدهم مصاباً بعاهات جسدية ظاهرة ، فهذا بدل التفريق يحتاج إلى الكثير من الحنان والمحبة ، حتى يخرج من محنته التي هو فيها ، فقد تكون هذه العاهات سبباً لتسميته بها ، وهذا أمر محرم بنص الكتاب الكريم فقد قال الله تعالى : " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب " قال بن كثير رحمه الله : لا تتداعوا بالألقاب وهي التي يسوء للشخص سماعها . وقال بن جرير الطبري : والذي هو أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره ، نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب ، والتنابز بالألقاب : هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة ، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها .
واجب الوالدين نحو الأولاد :
فعلى الوالد والوالدة أن يتقوا الله تعالى وأن يعدلوا بين أبنائهم في كل أمور حياتهم ، ولا يفرقوا بين أحد منهم ، فهم أبناء بطن واحد ورجل واحد ، وجاء في الحديث في الإحياء ، قوله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله والداً أعان ولده على بره " [ والحديث ضعيف ضعفه الألباني والحافظ العراقي انظر الضعيفة 1946] ، لكن معنى الحديث صحيحاً ، فالعدل بين الأولاد من أعظم أسباب الإعانة على البر ، وعلى النقيض من ذلك ، فالتفريق بين الأولاد من أعظم أسباب العقوق والهجر والكراهية .
يقول يزيد بن معاوية : أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس ، فلما وصل إليه قال له : يا أبا بحر ، ما تقول في الولد : قال يا أمير المؤمنين : ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول على كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبونك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً ، فيملوا حياتك ، ويودوا وفاتك ، ويكرهوا قربك ، فقال له معاوية : لله أنت يا أحنف ، لقد دخلت علي وأنا مملوء غضباً وغيظاً على يزيد ، فلما خرج الأحنف من عنده ، رضي عن يزيد وبعث إلى يزيد بمائتي ألف درهم ، ومائتي ثوب . [ إحياء علوم الدين 2/295 ] .
وجاء رجل إلى عبدالله بن المبارك يشكو إليه ولده ، فقال : أدعوت عليه ؟ قال : نعم ، قال : أنت أفسدته . وهذا أمر خطير وهو الدعاء على الأولاد ، فكما أن الدعاء لهم مستجاب إن شاء الله فالدعاء عليه مستجاب أيضاً . فليحذر الآباء من الدعاء على الأبناء في كل صغير ة وكبيرة ، فهذا من أشد الأمور خطراً في انحراف الأولاد . قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " [ أخرجه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني ] ، فانتبهوا أيها الأخوة فالأمر خطير ، والخطب جسيم ، فليس هناك أمر يدعو الآباء للدعاء على أبنائهم ، فالكل يخطئ ، والواجب على الآباء والأمهات ، أن يكثروا من الدعاء لأبنائهم ، فهم فلذات الأكباد ، وهم عماد الأمة ، وهم زينة الحياة الدنيا ، فكم هم الذي حرموا الإنجاب ، ويسعون في الأرض بحثاً عن سبب أو طريقة تعينهم بعد الله على الإنجاب ، فنعمة الأولاد لا يعرفها إلا من حرمها ، وكذا كل نعمة لا يعرف قدرها إلا من حرمها . فالواجب على الآباء والأمهات أن يتحينوا أوقات إجابة الدعاء ويدعوا لأبنائهم بالهداية والصلاح واتباع نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وعليهم أن يتخذوا الأسباب المؤدية إلى ذلك ، من المحافظة على الأبناء من أصدقاء السوء وأهل الشر والفساد ، وعدم السماح لهم بالخروج كل وقت وحين ، وإذا خرجوا كانوا تحت الملاحظة خصوصاً في زمن الفضائيات وكثرة الانفتاحية التي عمت أنحاء العالم ، وعدم إعطائهم المال بدون سبب ، فهو سبيل للوقوع في شرب الدخان ومن ثم فهو بوابة للدخول في عالم المخدرات ، والنتيجة هي الجنون أو الانتحار أو السجن أو القصاص والعياذ بالله ، وهناك أسباب أخرى ليس هذا هو محل بحثها واستقصائها ، ولكن من قبيل التعريج عليها لأنها تخص ما نحن بصدده من العقوق والبر ، والعدل بين الأولاد .
أدلة وجوب العدل بين الأبناء :
ولقد جاءت الآيات والأحاديث متضافرة مشهورة معلومة ، دالة على وجوب العدل ، محذرة من الحيف والظلم والجور ، أو التفريق بين الأبناء في الهبات والعطايا ، فمن الكتاب العزيز :
1- قوله تعالى : " وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم " .
2- قال تعالى : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " .
3- قال تعالى : " وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون " .
وأما الأدلة على العدل من السنة المطهرة فإليكم طرفاً منها :
1- عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُوا " [ أخرجه مسلم واللفظ له والنسائي ] .
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة ، فإذا أوصى وصية حاف في وصيته فيختم له بشر عمله ، فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة ، فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله ، فيدخل الجنة " قال أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم { تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } " [ أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح غريب ، وأخرجه ابن ماجة ] .
3- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة ، ثم بدا له ، فقالت : لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني ، فأخذ أبي بيدي ، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله إن أم هذا ، بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال : نعم ، فقال : " أكلهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : " فلا تشهدني إذاً ، فإني لا أشهد على جور " [ أخرجه مسلم ] .
4- وعند البخاري والنسائي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان ؟ قال : لا ، قال : فأشهد على هذا غيري ، قال : " أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : بلى ، قال فلا إذاً " .
5- وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أشهد ، إني لا أشهد إلا على حق " . وفي رواية عند البخاري : " اعدلوا بين أولادكم في العطية " ، وفي رواية أخرى أيضاً عند البخاري : " أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " قال : فرجع فرد عطيته .
6- وفي رواية قال له : " فاردده " ، فرجع في هبته .
7- وروى ابن أبي الدنيا بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اعدلوا بين أولادكم في النحل ، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف " [ حديث صحيح 1 172 ] .
8- قال صلى الله عليه وسلم : " اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم " [ أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم بسند صحيح ، وصححه الألباني ] .
9- وفي صحيح مسلم أن امرأة بشير قالت له : انحل ابني غلاماً وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلاماً ، قال : " له أخوة " ، قال : نعم ، قال : " أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته ؟ " قال : لا ، قال : " فليس يصلح هذا ، وإني لا أشهد إلا على حق " .
10- وقال الحسن : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ جاء صبي حتى انتهى إلى أبيه ، في ناحية القوم ، فمسح رأسه وأقعده على فخذه اليمنى ، قال : فلبث قليلاً ، فجاءت ابنة له حتى انتهت إليه ، فمسح رأسها وأقعدها في الأرض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهلا على فخذك الأخرى " ، فحملها على فخذه الأخرى ، فقال صلى الله عليه وسلم : " الآن عدلت " .
11- وروي عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ضم ابناً له ، وكان يحبه ، فقال : يا فلان ، والله إني لأحبك ، وما أستطيع أن أوثرك على أخيك بلقمة . [ إسناده مقبول ] .
12- ويهيمن على كل تلك الأدلة هذا الدليل العظيم الخطورة ، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " [ متفق عليه ] .
ومن لم يعدل بين أولاده أو يساوي بينهم بالمعروف وبالحق والقسطاس المستقيم ، فقد نكب عن جادة الصواب ، وغالط نفسه ، ولم يأبه بالأدلة ، فهو غاش لأولاده ، وظالم في عدم التسوية بينهم . فهو مستحق للعقوبة والعياذ بالله