سجن القناطر في انتظار الهانم
تجهيز حجرتين داخل السجن لإقامة سوزان مبارك
الأولي علي شط النيل والثانية في مستشفي السجنمجدي سلامة- هانم الفشني-أبو العباس محمد تصوير محمود صبرى:دخل سجن النساء بالقناطر في سباق مع الزمن تحسباً لصدور قرار بحبس سوزان مبارك.
جهزت إدارة السجن حجرتين لتفاضل بينهما وتختار إحداهما لتكون محبساً للهانم والتي ينتظر أن يصدر قرار بحبسها علي ذمة التحقيقات التي سيجريها معها خلال الأيام القادمة النائب العام وجهاز الكسب غير المشروع.
أولي الحجرتين تقع علي شط النيل مباشرة وجدرانها من زجاج »فاميه« مضاد للرصاص وتوجد بجوار أحد أبراج الحراسة المنتشرة بطول أسوار السجن.
أشرف علي تجهيز الحجرة رئيس مباحث السجن الذي اختار ثلاث سجينات وأمرهن بغسيل بلاط وزجاج الحجرة بعناية وصرخ فيهن »عايز البلاط يلمع علشان ستكوا وتاج راسكو هتقعد هنا«.
لم تكتف إدارة »السجن بتجهيز« تلك الغرفة إذ جهزت غرفة أخري بالدور الثاني بمستشفي السجن فغيرت بلاط أرضيتها واستبدلته بسيراميك وأعادت طلاء حوائطها باللون البرتقالي ونوافذها باللون البني.
كما جهزت ثلاجة وسريراً ودولاباً وتليفزيوناً وجهاز تكييف لتركيبها في الغرفة التي سيتم اختيارها لتكون محبساً لسوزان مبارك.
وتتجه النية إلي اختيار الغرفة الموجودة بالمستشفي باعتبارها الأكثر تأميناً من الغرفة الأخري التي تطل علي النيل مباشرة وتحتاج لتأمين من داخل نهر النيل ذاته، كما أن الحجرة الموجودة بالمستشفي تضمن إبعاد السجينات تماماً عن سوزان مبارك.
الطريف أن سجن القناطر لا يبعد سوي كيلو متر واحد عن الاستراحة التي كانت مخصصة لإقامة مبارك وأسرته بالقناطر، ورغم قرب المسافة إلا أن الفارق كبير بين الإقامة فيهما، فسوزان مبارك كانت تقيم في الاستراحة وهي تحمل لقب سيدة مصر الأولي، ولكنها عندما ستدخل سجن القناطر ستحمل لقباً آخر تماماً وهو لقب »السجينة«.
وربما تترك إدارة السجن اختيار المكان الذي تحبس فيه سوزان مبارك إلي »سوزان« نفسها، ومن المتوقع أن يتم عرض المكانين عليها لاختيار أحدهما وأغلب الظن أنها ستفضل الحجرة المطلة علي شط النيل مباشرة ولاسيما أنها قريبة الشبه بغرف استراحة الرئاسة بالقناطر وفي هذه الحالة ستضطر إدارة السجن إلي طلب قوات تأمين إضافية تتواجد داخل مياه نهر النيل الذي يمتد بطول حوالي كيلو متر بجوار السجن.
وبالطبع ستفرض إدارة السجن ستاراً حديدياً يفصل سوزان مبارك ونزيلات السجن البالغ عددهن حوالي 3 آلاف سجينة موزعات علي 10 عنابر.
أما إذا فضلت سوزان مبارك الإقامة في الحجرة المجهزة لها داخل المستشفي فسيكون أقرب عنبر إليها هو عنبر الآداب الذي يتكون من مبني عبارة عن دور واحد.
كما سيكون بجوارها أيضاً عنبر الأحكام المكون من طابقين، يحتوي الأول علي عنبر 6 وعنبر 7 وهما مخصصان لمن صدر ضدهن أحكام بالسجن في قضايا سرقات وقتل ومشاجرات، أما الطابق الثاني الذي يوجد فيه عنبرا 4 و5 فمخصصان لأحكام المخدرات.
وهكذا ستحاط »الهانم« بمساجين الآداب والمخدرات والقتل والسرقات هذا إذا ما فضلت الإقامة في مستشفي السجن.
وعلي أي مقياس فإن تجهيز مكان مخصص لسوزان مبارك يعد سابقة هي الأولي من نوعها بسجن القناطر، فالشائع أن أي نزيلة تخطي قدمها بوابة السجن تمر بسلسلة من الإجراءات الروتينية التي لا تتغير، فكل نزيلة جديدة يتم إلحاقها بعنبر الوافدات وتظل به لمدة 11 يوما حتي يتم توزيعها الي عنابر التحقيقات وعنبر الوافدات غالباً ما يحوي 100 سجينةعلي الأقل ولا يوجد به أي "سراير" ولهذا ينام أغلبهن علي الأرض وتسلم إدارة السجن لكل منهن بطانية تفرش جزءا منها علي الأرض وتتغطي بالجزء الآخر عندما تنام.
وكل نزيلة تتم 11 يوما داخل عنبر الوافدات تغادره الي عنبر التحقيقات الذي يضم جميع أنواع مرتكبي الجرائم وتتصادم فيه النزيلات في محاولة من كل منهن ان تفرض سطوتها علي المكان وغالباً لا تتوقف المعارك النسائية وغالباً ما تسقط ضحايا من مصابي هذه المعارك فيتم نقلهن لمستشفي السجن.
ولكن سوزان مبارك لن تعيش هذه الأحداث وستقضي ايامها بالسجن علي سرير وثير وتكييف يعمل ليل نهار وحجرة خاصة لا يدخلها سواها.
وتخصيص حجرة مجهزة لسوزان مبارك سيحميها من كل ما تعانيه نزيلات سجن القناطر وسيحميها ايضا من الزحام الخانق الذي تعاني منه عنابر السجن لدرجة أن بعض السجينات لا يجدن أمامهن سوي النوم داخل الحمامات.
كما ان عزل سوزان مبارك عن باقي سجينات سجن القناطر سيحميها من قائمة طويلة من الممارسات الغريبة والخطيرة التي يشهدها السجن، وهي الممارسات التي رصدتها دراسة لمركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، وقالت الدراسة إن تلك الممارسات تتضمن تجارة المخدرات داخل السجن وتجارة الملابس وامتدت الي ممارسة السحاق بين السجينات وتبادل الألفاظ النابية!
والمؤكد ان سوزان مبارك لن تقرب الوجبات الغذائية التي تقدم لنزيلات سجن القناطر، وتشمل 14 وجبة في الاسبوع الأول، منها 7 وجبات فول وثلاث وجبات عدس ووجبتان من اللحوم ووجبة من الجبن واخري من الخضار.. وبالطبع لن تأكل "الهانم" شيئا من تلك الوجبات وستطلب وجبات خاصة من خارج السجن وهو ما يكفله لها القانون طالما انها محتجزة علي ذمة التحقيق أما لو صدر ضدها حكم بالحبس او السجن فلن يكون امامها سوي تناول وجبات السجن أو الموت جوعاً.
ومن سخريات القدر ان سوزان مبارك ستسجن في ذات السجن الذي اعتقل فيه زوجها حسني مبارك عددا من معارضيه آخرهم إسراء عبد الفتاح الناشطة بحركة 6 أبريل الذي اطلق سراحها قبل عامين.
كما ستدخل "الهانم" ذات السجن الذي اكد بعض نزلائه ان "الهانم" كانت وراء سجنهن وتقييد حرياتهن وآخر هؤلاء المذيعة أماني أبو خزيم التي تم الافراج عنها منذ ايام قليلة بعد قضاء عقوبتها في قضية خاصة بالاستيلاء علي اراضي الدولة وعقب الافراج عنها قالت "أبو خزيم" إن سوزان مبارك كانت وراء تلفيق هذه القضية اليها لأنها كانت "بتغير منها" علي حد وصف "أبو خزيم".
ولن تجد سوزان مبارك في سجن القناطر سوي اثنتين من مشاهير عهد زوجها مبارك، وهما راندا الشامي المحكوم عليها بالسجن في قضية فساد بوزارة الزراعة وسيدة الأعمال هدي عبد المنعم صاحبة لقب المرأة الحديدية.
الطريق إلي عنبر 12 مفروش بالهوانم
مصادر: زنزانة قديمة مجهورة تم إصلاحها وطلاؤها استعداداً للنزيلات الجدد
علي الطاولة وبمنتهي العصبية والغضب ألقت بالصحيفة التي كانت تطالعها ثم نظرت إلي صديقتها التي كانت شاردة تتأمل في أرجاء ووجوه النادي العتيق وقالت: هي الفترة القادمة سيكون لكل منا نصيب من زنزانة أو عنبر فكل المؤشرات والمعلومات تسير بنا في هذا الاتجاه.
لم تكن هذه السيدة الغاضبة إلا واحدة من بين بعض سيدات المجتمع الراقي اللاتي كن علي علاقة وطيدة وحميمة تربطهن بحرم الرئيس السابق سوزان مبارك، ينتابهن هذا الإحساس كلما طالعن صحيفة أو مجلة تتحدن عن استدعاء لرجال أو نساء تحوم حولهم الشبهات في التورط مع فساد النظام السابق وبالأصح مع فساد »الهانم« كما كانت تحب أن يلقبها وزراؤها ووزيراتها وأصدقاؤها والمجتمع والناس، بمعني آخر يمكن القول بأن كل هانم صديقة من صديقات الهانم تضع يدها علي قلبها أو تموت في اليوم مائة مرة كلما انتشر ولف ودار الكلام حول استدعاء قريب لسوزان مثل رءوف ثابت أمام جهاز الكسب غير المشروع. بطبيعة الحال قبل أن تفكر واحدة من هؤلاء الهوانم في مصير الهانم وماذا تخبئ لها الأيام تفكر في نفسها ومصيرها وهل ستأتي رجلها كما يقولون في »الخية« ويتم استدعاؤها أم لا؟!
هواجس وقلق وأرق بدا وكأنه لا يبارح عدداً لا بأس به من الصديقات المقربات لحرم الرئيس السابق، وإذا كان هاجس الفضيحة وسوء السمعة شبحا يلاحق هؤلاء السيدات فإن هاجس درجة نظافة وأمان وجيران العنبر أو الزنزانة المتوقع إيداعهن فيها هو الأكبر والأكثر جدلاً واهتماماً بين جميع الأوساط والطبقات والطوائف الاجتماعية المختلفة وإن كانت الثورة كشفت عن الفساد المرعب والخيالي الذي كانت عليه »الهانم« تستحق رحلة الذهاب إلي سجن النساء في القناطر، فقد كشفت أيضاً عن أن نسبة لا بأس بها من الهوانم مرشحات لمرافقتها في هذه الرحلة.
فمن هن هؤلاء »الهوانم« وما هي جرائمهن؟.. أما السؤال الأهم.. فهو: كيف استعدت إدارة مصلحة السجون، سجن القناطر علي وجه الخصوص لاستقبال كل هذا العدد من الهوانم وفي أي عنبر أو زنازين سيتم إيداعهن إذا ما أثبتت التحقيقات صحة الاتهامات المنسوبة إليهن؟ وقبل أن ندخل في مزيد من التفاصيل أو نجيب عن هذه الأسئلة، هناك حقيقة لابد من الاتفاق عليها وهي أنه مهما طال الحديث أو كثر عن حرم الرئيس السابق وهوانم شلتها المقربون فلاتزال جوانب كثيرة ومختلفة من حياة وعلاقات سوزان ثابت غامضة ومليئة بالأسرار، فإذا كان هناك عدد من الوزيرات ونائبات وسيدات العمل السياسي معروف أنهن مقربات جداً من »الهانم« مثل مشيرة خطاب، استحدثت لها وزارة أهدتها ومنحتها لها أو عائشة عبدالهادي التي كانت تحبها جداً رغم شهادتها الإعدادية وجعلتها أيضاً وزيرة والأخيرة كانت تدين لها بالفضل، كذلك فرخندة حسن رئيس المجلس القومي للمرأة، وأيضاً آمال عثمان وزينب رضوان في البرلمان، فهناك سيدات وهوانم لم يتعرف عليهن الرأي العام كن يتمتعن بنفس الدرجة من العلاقات الخاصة والحميمية معها مثل: شهيرة طراف رئيس جمعية الرعاية المتكاملة، ونجوي شعيب مدير جمعية حركة مصر السلام، وإيناس خورشيد عضو في جمعية الرعاية المتكاملة وشهيرة أبو جنينة زوجة هشام الشريف المقرب من أحمد نظيف وزوجة السفير عبدالرءوف الريدي التي عندما وثقت بها الهانم وأحبتها منحتها رئاسة جمعية الهلال الأحمر.
ليس في القانون أن يحاكم الإنسان علي صداقاته أو علاقاته، ولكن بقراءة بسيطة ومتأنية لما أعلنته حركة »إنقاذ الأسرة« من ملاحقة لكل من سوزان مبارك وفرخندة حسن ومشيرة خطاب وزينب رضوان قضائياً لتدمير الأسرة المصرية ومخالفة الشريعة وإصدار قانون محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004 يوحي بأن كل التوقعات مطروحة ومتساوية، وأن جهاز الكسب غير المشروع وجهات التحقيق الأخري لن تتواني في أن تفرش طريق سجن النساء بالهوانم إذا ما قالت الأدلة كلمتها وتطلبت عدالة القانون ذلك. علي أية حال إذا أثبتت التحقيقات تورط أي من هؤلاء الهوانم مع الهانم في واقعة فساد تستحق عليها الحبس فلكل واحدة منهن مكانها المعد لاستقبالها في عنبر 12 بسجن القناطر، ولمن لا يعرف: فعنبر 12 هو العنبر المخصص للمتورطات في قضايا الفساد المتعلقة بالأموال العامة وتوجد بها حالياً مجموعة السجينات منهن: رندا الشامي في قضية المبيدات المسرطنة الشهيرة تجاورها سيدة الأعمال هدي عبدالمنعم المسماة بالمرأة الحديدية، كما كانت من بين سجيناته أماني أبو خزيم المذيعة السابقة في التليفزيون المصري والتي تم حبسها في قضية خاصة بالاستيلاء علي أراضي الدولة قبل أن يتم الإفراج عنها بعد قضاء العقوبة، ويعد عنبر 12 من أكثر العنابر أناقة ونظافة داخل السجن نظراً لارتفاع المستوي الاجتماعي والمادي لسجيناته مما يجعل بعض سجينات العنابر الأخري يذهبن إليهن ليعرضن عليهن خدماتهن من غسيل ملابس وتنظيم وإعداد طعام مقابل مبالغ مالية، وهل يا تري تستطيع »الهانم« أن تتعايش مع هؤلاء الهوانم بكل هذه البساطة، وهي التي كانت تحكم وتأمر قبل 25 يناير؟ لا داعي أن تشغل نفسك بهذا السؤال كثيراً، فلقد ذكرت معلومات شبه مؤكدة أنه بمجرد سماع نبأ قرب استدعاء السيدة سوزان للتحقيق معها أمام جهاز الكسب غير المشروع فيما يتعلق بالاتهامات المالية الموجهة إليها واستيلائها علي أموال مخصصة لمكتبة الإسكندرية والتي تتجاوز 145 مليون دولار كان لابد من الاستعداد لأي قرار مفاجئ قد يصدره النائب العام بحق الهانم وهو أن إدارة السجن قد بدأت في إصلاح وترميم زنزانة قريبة من مكتب مأمور السجن كانت مهجورة، حيث يتم الآن تغيير أبوابها وتأمينها جيداً لإقامة حرم الرئيس المخلوع بها في حالة صدور القرار المتوقع، وأمام بقية الهوانم المرشحات للسير في نفس الطريق فكما قلنا عنبر 12 ينتظر.