اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟!

اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟!

بسم الله والصلاة والسلام على أفصح من تكلم بلغة الضاد النبي محمد بن عبد الله،الحمد لله على نعمة القرآن الكريم ونعمة الإسلام العظيم ونعمة العربية خير لغات الأنام.
وبعد.....
في خضم المكائد التي يكيد بها الكائدون للغة العربية وإضعافها وإسكاتها وإركانها جانبا.
كثير هي الضربات التي تلقتها اللغة العربية غير أنها لم تضعف من قواها وطمس هويتها في وجه التحديات ،خاصة المعاصرة منها،وفي ظل المؤامرات التي تنال من لغتنا العربية، تظل اللغة وريدا متدفقا مغذيا للأجيال القادمة على مر العصور،كل الملصقات التي وضعها الواضعون على صدر العربية تساقطت كالورق اليابس على الأرض وبقيت العربية واقفة شامخة.
كثير هي الصور التي استوقفتني حتى أصر يراعي أن ينقل صورة من الصور التي لطالما أتخيلها دون أن أدرك حقيقة هذا التخيل،ومن هنا أحببت أن أضيء نبراسا صغيرا للمارين في غياهب الشك ودياجير الريب والحافين في رمضاء اللغة،حان أن تلبسوا أحذيتكم!!
إلى كل المنادين بطمس معالم اللغة والقضاء عليها واستئصال لسانها والنيل منها،إلى كل من أمسك قلما وخط خطا وصات صوتا وارتأى رأيا وقال قولا:"إن اللغة العربية قد ماتت".
إن مما دفعني أن أكتب هذا،هو أنني عاينت الجرح الذي ألمَّ بالعربية،وكنت أردت أن أدمل هذا الجرح بدواء الكتابة و"كيروسين"الكلمات.
وأنا لست بصدد خطبة منبرية، بل بصدد حرقة قلبية على لغة رموها أهلها علما أنني عاينت الحدث لأنقل الخبر.!
ذهبت أنا وصديق لي إلى أحد مراكز تعلم اللغات الأجنبية"الإنجليزية،الفرنسية،العبرية".وتحديدا في قطاع غزة،وبعدما جلسنا نستفسر عن أسعار الدورات والمستويات..أثار فضولي سؤال وسألت:
هل يوجد لديكم مستويات لتعليم العربية؟
فأجابني مدير المركز قائلا:لغة عربية؟!
قلت له:نعم،وكنت لا أعلم ما في نفسه سوى أنني سألت على نيتي هذا السؤال.
فقال لي:طبعا لا،وسألته لماذا..؟
وكأنه أحس أنني أريد أن أساجله الكلام،فقال: لا..مرة أخرى، ثم كرر على مسمعي قوله:"لقد ماتت هذه اللغة المفترى عليها من قاموسنا،نحن فقط نعلم الأجنبية". سبحان الله!
قلت له:ما فهمت قصدك:فأجابني بعصبية قائلا: "افهم ما قلت إليك".
ثم تركته وذهبت أنا وصديقي ،وفي الطريق سألت صديقي، أمستشرق هو أم عربي...؟!على سبيل ما وجدت منه.
"والمبتلى هو المهجور جانبه....... والناس حيث يكون المال والجاه".
فكم أنا حزين على لغة القرآن الكريم،لغة العرب الأقحاح جهابذة اللغة الذين أضناهم الكد في تقعيد قواعدها.
وإذا كان أهل العربية يعزفون عن دراسة العربية فلا نلوم الذئب إذن إن كانت كل شاة في ناحية.
"راعي الشاة يحمي الذئب عنها........كيف وإن كان الرعاة لها ذئاب".
وإن كان أهل العربية يشنون حربا على لغتهم فلا بارك الله في العرب ولا في عروبتهم ولا في لسانهم الذي في فمهم.
كم عانت هذه اللغة الشريفة التي شرفها الله بأنها لغة القرآن الكريم
وشرفها على جميع اللغات ؛لأنها أفصح اللغات بيانا.
قال تعالى:"إن أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون".لعلكم تعقلون أيها العرب أيها الناس هذا القرآن بهذه اللغة.
كثير من المستشرقين اليوم يشنون على هذه اللغة الأبية حملة من التجريح والتشكيك بهدف القضاء عليها وإضعافها ولكن هيهات هيهات!! وذهبوا مذاهب شتى يخططون لها الخطط ويكيدون لها المكائد، ولكن العربية بقيت متماسكة حافظة على صونها من التحلل والفساد!!
وقديما قال حافظ إبراهيم شاعر النيل:
رجعت لنفسي فاتهـمت حــصاتـي وناديــت قــومي فاحتسبت حيــاتـي
رموني بعقم فــي الشباب وليــتني عقــمت ولم أجـــزع لقـول عــداتـي
وســـعـت كتـــاب الله لفـظـا وآيــة وما ضــقـت عــن آي به وعــظـاتي
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنــسيـق أسمـــاء لمـــخـــترعـاتي
وأعجب اليوم من أناس عرب يتحدون الإنجليزية في الشوارع وفي الأماكن العامة بحكم الانتشار التطوري لهذه اللغة، وكأنهم في مجتمع أمريكي أو إنجليزي، ولو سألت الواحد منهم في لغته، ماذا تعرف عن الفاعل أو المفعول به لأجابك متعاميا متجاهلا...
I can't speak Arabic""
سبحان الله والحمد لله رب العالمين على نعمة الكتاب المبين الذي حفظ العربية على مر السنين.
لقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ العربية بحفظ كتابه، قال تعالى"وإنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
لقد فاقت هذه اللغة جميع اللغات بإعجازها وفصاحتها وبيانها ودلالاتها وسياقاتها وتراكيبها،ولقد أولع الأدباء الفرنسيون أيما ولع لتعلم هذه اللغة؛ لقراءة القصص العربية الجميلة والأدب الجاهلي القديم،ولا يشنأ هذه اللغة إلا من به مرض أو غرور بلغة أجنبية تملكته حتى تناسى لغته.
قال اللغوي العلامة مجدي الدين الفيروز آبادي صاحب"القاموس المحيط"
"ولا يشنأ هذه اللغة الشريفة إلا من اهتاف به ريح الشقاء،ولا يختار عليها إلا من اعتاض السَّافِيَة من الشحواء".
قال أبو عبيدة:سمعت الأصمعي يقول:
سمعت الخليل بن أحمد يقول:سمعت أيوب السخستاني يقول:
"عامة من تزندق من أهل العراق لجهلهم بالعربية".
إن الله تبارك وتعالى عندما أنزل هذا القرآن تحدى العرب أهل الفصاحة في لسانهم وصميم فؤادهم أن يأتوا بمثله:
قال تعالى:"وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله".
وإن كان العرب أهل البيان والفصاحة والإعجاز قد عجزوا عن ذلك..لشدة فصاحة القرآن الكريم وبيانه وإعجازه.
حتى أن الوليد بن المغيرة الذي كان من ألد أعداء النبي قال:"سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام الجن ولا من كلام الإنس- ثم أخذ يصف ما راقه منه- "وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق".
ولما سمع رجل قوله تعالى"فاصدع بما تؤمر"سجد الرجل ،ولما سألوه عن ذلك،أي لماذا سجدت؟قال سجدت لفصاحة ما سمعت..إنه القرآن ،إنها العربية التي ما زالت ولم تزل تحتفظ بمكنونها اللغوي ودررها النفيسة وبحرها العميق..لقد تاه في بحر اللغة ومات ظمآن من لم يحسن السباحة ومات وقد شرب أجاج البحر..
وإذا كان الجن نفسه قد تعجب من هذا القرآن الكريم ومن الفصاحة والبيان ألإعجازي...قال تعالى"
"قل أوحي إِلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إِنا سمعنا قرآنا عجبا".
إن الله تبارك وتعالى عندما أنزل القرآن الكريم الذي ما زال معجزة كل القرون،تحدى الإنس والجن كافة أن يأتوا بمثل هذا القرآن..وبالفعل أعجزهم الله جميعا؛لأنهم أمام تحدٍ إلهي، وإذا كان الخطاب صادرا من الله، فمن يستطيع أن يناقض خطابه أو يقف متحديا الله في كلامه.
قال تعالى: "قل لئنِ اجتمعت الإِنس والجن على أن يأتوا بِمثل هذا القرآنِ لا يأتون بِمثله ولو كَان بعضهم لبعض ظهيرا".الإسراء ،88،
إنها اللغة العربية،لغة الضاد،لغة أعجزت أهلها أرباب الصناعة والكلام،
فالعربية صالحة لكل زمان ومكان،فإنك لن تستطيع أن تدرك أي مفهوم نص بليغ سوى بالعربية،ومهما كنت تتحدث لغة أجنبية فإنك ستقف عاجزا في المحافل الدولية تبحث عن مضامين معنى الكلام؛فإنك وعلى سبيل المثال:
لو أردت أن تفهم أجنبيا آية من كتاب الله ،تترجمها إليه باللغة الأجنبية وخاصة الإنجليزية بحكم التطور والانتشار،
فإنك لو أردت أن تنقل إليه قوله تعالى في الآية الكريمة التالية باللغة الإنجليزية:
"He brings out the living of the dead and brings out the dead from the living. And he revives the earth after its death. and thus shall you be brought out".19-Arum"
"يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي،ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون"الروم،19،
الآن أنت نقلت إليه المعاني، وإنك لن تنقل إليه البيان الذي في طياتها والإعجاز الذي في حروفها والسياق الذي في تركيبها، لقد أفهمته المعنى ولكن بقي شي كثير ينقصه؛لأن الله قال:
"إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون".
إن القرآن ما جاء إلا هداية للأمة إلى الضالين والحيارى.
فإلى المتشككين في اللغة العربية وعدم قدرتها على مسايرة التطور والأحداث،اقرؤوا القرآن تعرفوا جيدا قيمة لغتكم ونبلها وشرفها ،اقرؤوا السير حول علماء العربية وحول ما عانوه من كد وإجهاد للحفاظ عليها من الألسن العفنة المتطاولة على لغة كتاب الله.
وإن النحو العربي الذي أصبح جامدا كما وصفوه..لا يتناسب مع هذه اللغة والتطور التكنولوجي وعصر النقالات والهواتف الخلوية واللاسلكي.
لقد بقيت العربية محافظة على كل كنوزها من نحو وصرف وأدب وبلاغة وإعجاز،وكنت أذكر سابقا أن الناطق باسم البيت الأبيض الأمريكي كان يتحدث العربية أحسن من العرب، وهذه شهادة على حيوية اللغة وبيولوجيتها ومسايرتها للتطورات المعاصرة.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذه اللغة من الزوال والاندثار بحفظ كتابه، فمن يستطيع أن يشن حربا على الله؟!
قال تعالى:"وإنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
قال رجل فارسي:"لأن أهجى بالعربية خير من أن أمدح بالفارسية".
كم غريب أمر هذه اللغة،كم هادئ بحر هذه اللغة لمن أراد سباحة،كم عميق وهائج بحر هذه اللغة لمن يبحث عن حتفه وموته.
واسمع إلى المستشرق الألماني"يوهان فك"ماذا يقول عن لغة هي ليست لغته.
"لقد تكلفت القواعد التي وضعها النحاة العرب في جهد لا يعرف الكلل وتضحية جديرة بالإعجاب بعرض اللغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها من ناحية الأصوات والصيغ وتركيب الجمل ومعاني المفردات على صورة شاملة،حتى بلغت كتب القواعد الأساسية عندهم مستوى من الكمال لا يسمح بزيادة أو نقصان".
وإذا كان هذا المستشرق أخذته العربية بسحرها حتى قال هذا الكلام؛ فإذن لا نلوم العرب أهلها إن تكلموا غير ذلك.
وقال الأستاذ الدكتور عبده الراجحي رحمه الله
"وتلك حقيقة لا نستشهد بكلام مستشرق عليها،لكنا نشير فحسب إلى هذا النحو وقدرته على حفظ العربية طوال هذه القرون وصيانتها من التحلل والفساد".
ثم قال:"والمتتبعون لتاريخ العربية في العصر الحديث يعلمون أنها تعرضت لخطة مدروسة تستهدف القضاء عليها من خلال القضاء على نحوها،وظلت هذه الخطة تعمل عملها،حتى وقر في أذهان الناس أن النحو العربي صار جامدا لا يساير العصر،وإن علينا أن نبحث عن نحو جديد،وظهرت إلى الوجود تجارب من هنا وهناك ماتت الواحدة منها بعد الأخرى،وظل النحو العربي هو هو دون أن يصل المخططون إلى ما يبغون من القضاء عليه".
قال الإمام العلامة عبد القاهر الجرجاني عليه شآبيب الرحمة:
"إن الألفاظ مغلقة على معانيها،حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها،وإن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج لها".

وانظر معي هنا ألمْ يتأثر الأدب الألماني باللغة العربية؟!
ألمْ يتعلم شاعر الألمان الأعظم، قيثارة ألمانيا"يوهان ولفجانج جوته"اللغة العربية وتأثر بآدابها أيما تأثر، وقرأ التوراة،ألمْ يتلُ بعضا من آيات القرآن الكريم،وإذا كان هو قام بنفسه واستشهد في كتاباته ببعض من آيات القرآن الكريم،
ألمْ يقل في شعره:
"من حماقة الإنسان في دنياه
أن يتعصب كل منا لما يراه
وإذا الإسلام كان معناه أن لله التسليم
فإننا أجمعين نحيا ونموت مسلمين".
ألمْ يدرس"جوته"الأدب الجاهلي وافتتن بشعر العرب والشعر الصوفي؟!
لو نظرنا في جميع لغات العالم ما حظيت لغة مثلما حظيت اللغة العربية من اهتمام علمائها بها ولغوييها..ويكفي دليلا على أن العربية أنجبت عالما ملأ طباق الأرض علما..إنه العبقري شيخ العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي..ويكفي فخرا أن الخليل أنجب للعربية تلميذا ملأ الأرض نحوا وأدبا..إنه قرآن العربية ونحوها ودستورها "سيبويه عمر بن عثمان بن قنبر"هذا العالم الفارسي الذي نبغ أيما نبوغ في العربية.
وإن المتتبع في سير العلماء وتاريخهم، يعرف ذلك في مظانه
قال الأستاذ الدكتور عبده ألراجحي رحمه الله:
"ولقد رأينا شبانا من الأوربيين يتكلمون النحو العربي ويتقنونه ويرجعون فيه إلى مصادره الأولى،كما نرى كل يوم أعدادا لا حصر لها ممن يمارس اللغة فيتقنها كتابة وضبطا وأداء".
فإن اللغة العربية قديما كانت أو حديثا ما زالت في أوج فصاحتها وفي إثبات كيانها وكينونتها مهما شك بها المتشككون وتطاول عليها المتطاولون وألبسوها ثوب المهانة والشكوك،فإن اللغة العربية في حلتها وفي ثوبها ألديباجي.
وختاما...ما أردت أن أسهب وأطنب بقدر ما أردت أن أقصر وأوجز،علما أن الكلام يحتاج إلى تفصيل، ولكن القلم أسعفني وضاق بي المقام راجيا أن يلقى ما كتبته صدى لمن مر قارئا..
وما عوني وتوفيقي إلا بالله.

--------------------

كتبه /كارم قديح.

أخي الفاضل الكريم

أ/ عبود

بارك الله فيك
علي موضوعك الهام

وعلي الانتقاء الطيب

لشخصك الكريم كل الشكر والتقدير

أخى الأستاذ الوتر الحزين شكرا لمرورك السعيد
أسعد الله

يسرنى أن أؤكد أن مواضيعك رائعة

مرحبا بك فى كل وقت وشكرا لك

على المواضيع

جزاكم الله عنا خير الجزاء

مع وافر الشكر والتقدير

اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟! Fayoum_water_wheels01

اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟! Fayoum_water_wheels01

يسرى محمد كتب:: يسرنى أن أؤكد أن مواضيعك رائعة

مرحبا بك فى كل وقت وشكرا لك

على المواضيع

جزاكم الله عنا خير الجزاء

مع وافر الشكر والتقدير

اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟! 12975425361462

أستاذى عبود
طرح قيم جزيت الخير فى الدارين
شكرا لكم

شكرا على الموضوع
بارك الله فيك
وجزاكم الله خيرا
فى انتظار المزيد

اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟! Moz-screenshot-4

عبير عبد القوى كتب:: أستاذى عبود
طرح قيم جزيت الخير فى الدارين
شكرا لكم

الأخت عبير شكرا لك
اللغة العربية ومستقبل نحْوهِا ........ إلى أين ؟؟! W7

» ما هو "النحت" في اللغة العربية؟؟
» من دقائق اللغة العربية
» من أدوات اللغة العربية: أن، إن، أنّ، إنّ
» نشأة اللغة العربية
» روائع اللغة العربية ..