أكتب لكم وعلي يدي آثار من تراب القبر بعد أن قمنا بدفنه اليوم !!
دعونا نتفق أولاً بأن الحياة مليئة بالسذاجة المتعمدة بدأً بأستوديو التحليل الرياضي المليء بغازات الهستيريا، مروراً بقوانين البنوك التي يتم تفصيلها على مقاس مصالحها،وانتهاء بالجملة العمياء المكتوبة على علب السجائر لتذكيرنا بأن –التدخين السبب الرئيسي لأمراض القلب والشرايين- لذا فقد قررت بعد كل هذا التزام الصمت الذي هو أكثر فصاحة من الكلام !!
ثم دعونا ثانياً نتفق على أن الحياة مليئة بالتناقضات، فأنت تضحك من الأسى حين ترى بداخل دورات المياه في المراكز التجارية عامل نظافة وظيفته مناولتك منديل كلينكس، ثم تعود لتضحك ملئ شدقيك وأنت تتابع برنامج -اكتشاف المواهب العربية- في نسخته المقلدة فتكتشف بأن لدينا شباب أكثر موهبة من زنوج أمريكا خاصةً في رقصة الهيب هوب وهذه دعوة صريحة من معدي البرنامج لترك التهافت على الشهادات العلمية فهي ليست شرطاً للإبداع !!
وأخيراً دعونا نتفق على أن الحياة مليئة بالطرائف وبخاصة موضوع الواسطة والمحسوبية فيما بين الأقارب، فحين يتم تعليق الضمير على حبل الغسيل وتجد أحدهم يبحث وبعنفوان منقطع النظير لأحد أقربائه عن وظيفة لكي يسترزق منها فيختلق له اختلاقاً وظيفة (خبير) وبهذا المنصب واللقب المطاط يحصل على مرتب خرافي يغنيه عن ذل السؤال في برامج البث الإذاعي المباشر، فيصبح من الذين ينعمون بما لا يستحقون، فلا لوم بعدها على مؤسسات تزدحم بالخبراء بدأً بخبير مفاتيح المؤسسة وانتهاء بخبير البوابة الرئيسية !!
نهايته، قمنا بدفن شخصية أراها فريدة وجديرة بالدراسة والإعجاب وسط هذا الزمان الصاخب الأجدب، رجل ترك ورائه الديون لأبنائه وهذا هو قدر أصحاب الرسالات الإنسانية من أمثال جيورجيو أرماني وكريستيان ديور وكارلوس البيرتو و شعبولا !!
المرحوم مالك سلسلة شهيرة لمحلات بيع الورود ، أغلب زبائنة من العشاق والحالمين والسوفت مودرن وأنا طبعاً بريئ من التشهير بأي عاشق فالله أعلم بما تخفي الصدور والسطور، واريناه الثرى تحت جذع شجرة ضخمة نُحت عليها عبارات الغزل والغرام ومطلع قصيدة لشاعر شقي مجهول يقول (( يا راقداً تحت الثرى، سيفوتك الفالنتاين )) !!
منقول وليس بقلمي