أيمن وحسين يرويان لـ "الجمهورية" مأساة الاعتقال :
إطلاق أسماء الراقصات والممثلات علي المعتقلين لإذلالهممحمد طلعت عوض - محمد الطوخي
ملف المعتقلين المنتمين للجماعات الإسلامية أمام حكومة احمد شفيق من أشد الملفات حساسية. بعد قيام ثورة 25 يناير والتي كان الافراج عنهم في مقدمة مطالب المتظاهرين.
"الجمهورية" حاورت أمس أفراد الجماعة الإسلامية الخارجين من المعتقلات كشفا عن مآس انسانية ارتكبت في حقهم بعيداً عن القانون ولكن بقانون الغابة الذي طبقه النظام السابق والذي تخصص في انتهاك حقوق الإنسان. وشرحا كيفية القبض عليهما والوسائل والطرق التي اتبعت في التعذيب داخل السجون والقبض علي عدد كبير منهم دون اشتراكهم في أي أعمال عنف.
يروي أمين عبدالعظيم "44 سنة" والحاصل علي معهد فني صناعي أنه انضم للجماعة الاسلامية عام 1988 عن طريق مسجد القرية بمركز الفشن بمحافظة بني سويف والذي كان يدعو من خلاله الي الله والقيام بالأعمال الخيرية في قريته. ومساعدته للفقراء والمحتاجين ومن خلال قيامه بتلك الاعمال تم رصده أمنيا بعد قيامه بمساعدة أسر المعتقلين سياسيا وكان وقتها يعمل بالزراعة ويشتغل بمحل بقالة يمتلكه.
وفي بداية التسعينيات وبعد مقتل الدكتور علاء محيي الدين المتحدث الرسمي باسم الجماعة الاسلامية بدأ التصعيد ضدهم من قبل رجال الأمن والقيام بتصفيتهم جسديا وتم اعتقاله عام 1995 اثناء توجهه بصحبة والدته لاجراء الكشف الطبي عليها وذلك بعد اعتقال شقيقه الأكبر عام 1993 دون أي ذنب وتم اتهامه بالانضمام للجماعة الاسلامية وبدأ التحقيق معه بعد تعصيب عينيه وتقييد يديه طوال مدة التحقيقات التي استمرت 14 يوما متتالية بمقر مباحث أمن الدولة بشبرا واستمر تعليقه في السقف والاعتداء عليه بالضرب المبرح وصعقه بالكهرباء حتي تم ترحيله الي فرع أمن الدولة ببني سويف. واضاف أنه بمجرد وصوله فوجيء بحفل استقبال آخر من قبل الضباط بتعليقه مرة ثانية ومواصلة الضرب وتعذيبه لمدة 18 يوما أخري وتم ترحيله لسجن الاستقبال ليتم الاحتفال به مرة ثالثة علي طريقة ضابط السجن المعروف عنه طرقه الخاصة في الاذلال والتعذيب. حيث أمر الضابط في البداية أفراد الأمن بتجريده من ملابسه ومواصلة الضرب ونقل الي الغرفة المظلمة ومساحتها 3 في 3 امتار ويبلغ عدد المعتقلين بداخلها 21 شخصا مساحة شباك التهوية نصف متر.
اخلاء السبيل
خلال تلك الفترة امرت النيابة بحبسه علي ذمة القضية حتي تم اخلاء سبيله. الا أنه بمجرد عودته الي مقر أمن الدولة تم ترحيله لسجن الفيوم ليبدأ الاحتفال به مرة جديدة بتجريده من ملابسه وضربه بالعصا الكهربائية والكابلات وبعدها يأمر الضابط المعتقلين بأن يسموا انفسهم بأسماء الفنانات والراقصات المشهورات امثال فيفي عبده ولوسي ودينا وغيرهن ولايتوقف الاعتداء حتي يفعل المعتقل بما يؤمر به وتمتهن كرامته.
ثم توجه بعد ذلك لزنازين "الايراد" وهي عبارة عن حجرات صغيرة جدا ويدون دورات مياه ويوضع بها من 12 الي 14 شخصاً بدون فتحات تهوية وهي بداية لمرحلة تالية اشد قسوة وعذابا.
استكمل قائلا : انه في اليوم التالي تم عرضه علي قسم "الفيش والتشبيه" ثم توزيعه علي عنبر 7 وتوجه اليه زاحفا علي بطنه ومقيد اليدين لمسافة 300 متر وبعد مشقة كان في استقباله حارس العنبر "الشاويش" الذي يحاول اظهار عضلاته واستعراض قوته امامهم ليأمر افراد القوة المرافقة له بتوصيل المعتقل الي الغرفة ضربا بالعصا.
عصا الشاويش
ويضيف : بمجرد وصول المعتقل الي غرفته يفزع المعتقلون ويقفون انتباها له ووجوهم نحو الحائط ويرد الشاويش التحية بطريقته الخاصة بالتعدي عليهم بالضرب.
استكمل قائلا : ان الغرفة مساحتها 4 في 5 أمتار وبها حمام تصله المياه لمدة ساعة يوميا ويقيم بالغرفة 37 معتقلا ولا يتم فتح الغرفة سوي لادخال الطعام مرة واحدة لتكون وجبته ثلاثة أرغفة خبز وطبق فول ل 9 أفراد.
ثم تم ترحيله الي سجن الوادي الجديد ليرتدي بدلة من "الخيش" دون حذاء ومنع حمل المصحف داخل المعتقلات
أضاف أنه كان يصوم البعض ليأكل الآخرون ومن سوء التغذية تعرضت أجساد المعتقلين للأمراض وخاصة الجلدية.
استكمل أمين إنه حصل علي إفراج قضائي وفوجيء بعده بترحيله مرة أخري إلي سجن الوادي الجديد وكان في استقباله الحفل المعتاد الذي زاد عن ما قبله بقيام أفراد الشرطة بالقفز علي ظهورهم بينما يقوم أفراد آخرون بضربهم حتي توصيلهم إلي العنبر.
وفي أبريل 1997 تم استدعاؤه إلي مقر أمن الدولة بلاظوغلي في القضية رقم 59 و774 أمن دولة ليتم تلفيق الاتهام له أثناء فترة سجنه بتهم الاتصال بقيادات الجماعة الإسلامية بالخارج وضرب الوحدة الوطنية وحيازة أسلحة نارية وقلب نظام الحكم رغم فترة تواجده بالسجن وعلي ذمة تلك التحقيقات تم استمرار حبسه 24 يوما بعدها إلي المحكمة وشرح ظروف وملابسات اعتقاله بالكامل واستمر حبسه 15 يوما إلا أنه أثناء عودته لسجن الاستقبال بطره فوجيء بمأمور السجن يرفض استقباله نظرا لسوء حالته الصحية وتدهورها نتيجة تعذيبه وبعد انتظار 3 ساعات صدرت أوامر من أمن الدولة بدخوله السجن الانفرادي واستمر في سجن الاستقبال حتي تم ترحيله لسجن شديد الحراسة.
وقال إنه أثناء محاكمته تم استبعاده من القضية بعد شهادة جيرانه من المسيحيين مؤكدا أن هناك الكثير من المعتقلين الذين قابلهم وتم محاكمتهم في قضايا أمن دولة وقعوا ضحايا لشدة تعذيبهم للاعتراف بارتكابهم تلك القضايا وتم الحكم عليهم بأحكام من 7 سنوات إلي المؤبد دون أن يكونوا منتمين لأي جماعة ومازالوا يقضون فترة العقوبة وبعضهم حصل علي الإفراج الشرطي إلا أنه لم يتم تنفيذه حتي الآن.
وبعد إطلاق مبادرة وقف العنف من قبل الجماعة الإسلامية في شهر يوليو 1997 إلا أن المعاملة معهم من قبل مسئولي السجن لم تتغير وأكد أن المعتقلين منعوا من رفع الأذان داخل السجون حتي أنه في إحدي المرات قام أحد المعتقلين برفع الأذان فيتعرض لأشد أنواع التعذيب وأشار إلي أنهم داخل السجون لا يعرفون الأيام ولا الشهور والأعياد وفي حالة حصول أحدهم علي الطعام من أقاربهم يقوم ضباط السجن بإلقاء الصابون عليه حتي لا يتمكنوا من تناوله وخلال فترة اعتقاله لمدة 6 سنوات لم ير أسرته سوي 3 مرات فقط وأدخلت زوجته مستشفي الأمراض النفسية 5 مرات وتوفيت والدته.
أضاف بداية عام 2001 تم تفعيل مبادرة وقف العنف من قبل قادة الجماعة الإسلامية بعد أن توجه أعضاء مجلس شوري الجماعة بالمرور علي السجون لمراجعة الأفكار الدينية وبعض الممارسات الخاطئة وبعدها تم تحين أوضاع المعتقلين داخل السجون وأفرج عن الكثير منهم لمرضهم وفي عام 2006 تم إخلاء سبيله مع التشديد عليه بعدم التردد علي المساجد وحظر العمل في الدعوة.
الأبناء
أضاف أن ما يؤلمه هو سؤال ابنته الطالبة في الصف الثالث الثانوي الدائم له عن سبب اعتقاله وقضائه تلك السنوات دون أن يقتل أو يسرق إلا أنه يحاول أن يشرح لها أن سبب اعتقاله هو الدعوة إلي الله وعمل الخير وهو ما دعاها للخروج مع زملائها إلي ميدان التحرير لتشارك في الاحتجاجات والمظاهرات.
وقال النظام السابق اعتمد علي التقارير من قبل حبيب العادلي للمتاجرة والمزايدة بالجماعات الإسلامية.
صورة طبق الأصل
لم يختلف الأمر مع حسين عبدالعال 46 سنة والحاصل علي ليسانس آداب وتربية ويعمل مدرسا بالأزهر بأسيوط والذي انضم للجماعة الإسلامية عام 1986 بعد عودته من الأردن وبدأ من خلال الدعوة والعمل الاجتماعي إلا أن الأمن بدأ منذ تولي زكي بدر وزارة الداخلية في التعامل مع الجماعة الإسلامية بعنف وأصدر تعليماته بالضرب في القلب مما تسبب في قتل عدد كبير واستمر ذلك حتي عام .1992
وأكد أن الأمن رفض بداية من عام 1992 أي مبادرات للصلح ووقف العنف وقال إنه تدخل كثيرا عن طريق مسئولي الحزب الوطني بأسيوط لمحاولات الصلح وطلب مني ضابط أمن الدولة إعطائه سيارة وسائق ليتمكن من المرور علي أفراد الجماعة وإيقاف العنف وإنهاء الاحتقان مقابل قيامهم بالإفراج عن المعتقلين إلا أنهم في اليوم التالي تم القبض عليه.
قال إن الجماعة اضطرت بالرد علي أعمال العنف بإطلاق الرصاص علي الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب رغم أنه لم يكن مستهدفا وكان المقصود هو اللواء عبدالحليم موسي وزير الداخلية آنذاك وأعلنت الجماعة وقتها مسئوليتها عن الحادث.
فترة الاعتقال
قال إنه تم اعتقاله لمدة 15 سنة بتهمة إيواء الخارجين علي القانون ومسئوليته عن الدعوة وتم القبض عليه في الشارع لليوم التالي لإطلاقه مبادرة الصلح ووقف العنف وبمجرد دخوله مقر أمن الدولة بأسيوط تم تعصيب عينيه وتقييد يديه وانهال أفراد الأمن عليه بالضرب حتي سقط مغشيا عليه وبعد منتصف الليل بدأ التحقيق معه لمدة 13 يوما وتم حجزه في فرقة الأمن المركزي واستمرت رحلة تعذيبه هناك مرة أخري عن طريق ربطه من يديه في الأبواب وصعقه بالكهرباء وسكب المياه الباردة علي جسده وتعريضه للمراوح ونقل بعد ذلك لسجن طره لاستكمال التحقيقات معه من قبل أمن الدولة إلا أن مأمور السجن رفض استقباله بسبب سوء حالته الصحية واستمر 3 أشهر داخل السجن حتي حصل علي إفراج قضائي وعاد مرة أخري إلي أمن الدولة بأسيوط ورغم سوء حالته الصحية إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإيقاف التعذيب وبعد ذلك نقل إلي سجن طره ليقضي به 3 أشهر وبعدها عاد لسجن أسيوط العمومي وظل به 5 أشهر.
أكد أنه ذاق أشد أنواع التعذيب النفسي الذي يبدأ بمنع زيارة الأهل وإن تمكنوا من الزيارة تكون لمدة دقيقة واحدة وأثناء تلك الزيارة يقوم أحد أفراد الأمن بإصدار صوت لينبطح المعتقلون أرضا وتنتهي الزيارة وسط صراخ الأهالي الذين حضروا من أقصي البلاد.
ويضيف بعد ذلك إنه يتم إجبارهم علي الرقص وتسمية أنفسهم بأسماء السيدات لامتهان كرامتهم وهو أشد أنواع العذاب النفسي ويشير إلي أنه عندما يري أحد المعتقلين مريضا فينادي علي أفراد الأمن لإحضار طبيب له وإنقاذه إلا أن فرد الأمن يرد عليه قائلا له "لما يموت سوف أحضر" وبعد وفاة المعتقل يحضر الأمن ويقوم بالاعتداء بالضرب والتعذيب حتي يتم إخراج اثنين من المعتقلين للتوقيع علي إقرار أن الوفاة طبيعية وأما التعذيب البدني الذي لاقاه فكان بانبطاحه أرضا الزحف في مياه المجاري.