2- الاقتداء و التأسي به و المتابعة له قال تعالى
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب21
قال
الإمام ابن كثير رحمه الله : [هذه الاية
الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله
وأحواله ]
قال ابن القيم رحمه الله : [ أعلم أن في
رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حيا
وميتا وفعلا وقولا وجميع أحواله عبرة للناظرين تبصرة للمستبصرين إذ لم يكن أحد أكرم
على الله منه إذ كان
خليل الله وحبيبه
ونجيه وكان صفيه ورسوله ونبيه ] .إعلام الموقعين ج4 ص468
و قال تعالى : ( قُلْ
إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران31
فجب على المحب
الصادق أن يبادر إلى متابعة حبيبه و التأسي بسنته و الشعور بالفخر و العزة و العلو
و الرفعة و أنت تتأسى بخير البشر عليه الصلاة و السلام
و مما زادني شرفاً و فخراً *** و كدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** و أن سيرت أحمد لي نبياً
إن من أعظم ما
تعاني منه أمة الإسلام اليوم تغيب هدي النبي صلى الله عليه و سلم و سيرته و
أخلاقه و آدابه عن أجيالها فعاش الجيل بعيداً عن هدي خير المرسلين فتاه في ظلمات
الشبهات و الشهوات و غرق في بحارها و هو في أمس الحاجة إلى من يقتبس له جذوة من
السراج النبوي تنير له طريق الحق و تبدد ظلمات الباطل فيجد الدواء الناجع لكل ما
يعانيه من هموم و غموم و قلق و حيرة و تخبط و انحراف .
فهل نعيد عرض السيرة
النبوية العطرة على أجيالنا ؟ و هل نتمثلها واقعاً حياً مشاهداً تراه الأجيال
ماثلاً أمامها فتدرك أنه المخرج من شِقوتها ؟
3ـ تعظيم
النبي وتوقيره : قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ
النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ
لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ
وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ
أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157
قال تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ
أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ )الحجرات2
قال تعالى : ( إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )
الفتح 9
قال السعدي رحمه الله :[ { و
َتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي:
تعظموه وتجلوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم ]
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله : و التعزير :[
اسم جامع لنصره و تأييده و منعه من كل ما يؤذيه و التوقير : اسم جامع لكل ما فيه
سكينة و طمأنينة من الإجلال و الإكرام و أن يعامل من التشريف و التكريم و التعظيم
بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار] الواسطة بين الله و خلقه صـ208
قل القاضي عياض :[ كان محمد بن المنكدر إذا ذكره صلى الله عليه و سلم بكى حتى
يرحمه الجالسون. وكان ابن مهدي إذا قرأ حديث النبي أمر الحاضرين بالسكوت.
و لقد
كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه و سلم فينظر إلى
لونه كأنه نزف منه الدم و قد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه و سلم
و لقد
كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا
ذكر عنده النبي صلى الله
عليه و سلم بكى
حتى لا يبقى في عينيه دموع
و لقد رأيت الزهري ـ و كان من أهنأ الناس و أقربهم
فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه و سلم فكأنه ما
عرفك و لا عرفته
و لقد كنت آتي صفوان بن سليم و كان من المتعبدين المجتهدين
فإذا ذكر النبي صلى الله
عليه و سلم بكى
فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه و يتركوه
و لما كثر على مالك الناس قيل له :
لو جعلت مستمليا يسمعهم ؟ فقال : قال الله تعالى : { يأيها
الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } و حرمته حيا و ميتا سواء] الشفا ج2
صـ32
4 ـ الصلاة و السلام عليه صلى الله عليه و سلم
قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً) (الأحزاب:56)
قال السعدي رحمه الله : [{ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اقتداء باللّه
وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه
عليه وسلم، ومحبة
وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم وأفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة
والسلام، ما علم به أصحابه: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل
إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك
حميد مجيد" وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع
الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة ]
عن أبي هريرة : (: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى علي
واحدة صلى الله عليه عشرا ) رواه مسلم
قال ابن عبد السلام :[ ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة له فإن
مثلنا لا يشفع لمثله ولكن الله أمرنا بمكافأة من
أحسن إلينا فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن
مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه ] الفتح
تأمل
أخي المبارك عظم الثواب الذي يحصل عليه من صلى على رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال ابن
القيم رحمه الله : [
فهذه الصلاة منه تبارك وتعالى ومن ملائكته إنما هي سبب الإخراج لهم من الظلمات إلى
النور فأي خير لم يحصل لهم وأي شر لم يندفع عنهم ؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ماذا
حرموا من خيره وفضله وبالله التوفيق] الوابل الصيب
5 ـ
كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه وسؤال الله اللحاق به على
الإيمان وأن يجمع بينه وبين حبيبه في مستقر رحمته وقد أخبر صلى الله عليه و سلم بأنه سيوجد
في هذه الأمة من يودّ رؤيته بكل ما يملكون فأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( من
أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله ومله )
وروى أحمد عن
أنس بن مالك قال : قال صلى الله عليه و سلم : ((يقدم
عليكم غداً أقوام هم أرق قلوباً للإسلام منكم)) قال : فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى
الأشعري، فلما دنو من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون:
غداً نلقى الأحبة محمداً
وحزبه
فلما أن قدموا تصافحوا فكانوا هم أول من أحدث المصافحة.
تأمل أخي
المبارك فيما سبق من شوق الصحابة الكرام و السلف الصالح لرسول الله و تأمل قول هذا
الصحابي : ( يا رسول الله إنك لأحب إلي من
نفسي و إنك لأحب إلي من ولدي و إني لأكون في البيت فإذكرك فما اصبر حتى أتي فأنظر
إليك و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين و أني إذا
دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ...)
لقد كان شوق السلف الصالح لنبيهم عليه الصلاة و السلام
عظيما يحلمون بلقياه حتى لو كان السبيل إلى ذلك الموت حتى قال بلال رضي الله عنه : (بل وا
طرباه غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه )
و عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن عبد
الله بن أبي زكريا
كان يقول لو خيرت بين أن أعمر مائة سنة في طاعة الله أو أن أقبض في
يومي هذا أو في ساعتي هذه لاخترت أن أقبض شوقا إلى الله عزوجل و إلى رسوله
وإلى الصالحين من عباده
عن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن
الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا انا
رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت ) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح
رجاله ثقات رجال الصحيح غير يعمر بن بشر وهو ثقة
أخي المبارك سائل نفسك ما
مقدار شوقي لرسول الله
و تذكر أن رسول الله
يشتاق إليك قال صلى الله عليه و سلم : ( وددت أن
قد رأينا إخواننا ) قالوا : ألسنا إخوانك ؟ قال : ( أنتم أصحابي ، و إخواني قوم
يأتون من بعدي يؤمنون بي و لم يروني ) رواه مسلم
أخي هل يحملك الشوق إلى لقاء
النبي صلى الله عليه وسلم و هل تحدث نفسك
برؤيته هل أقبلت على سنته و اقتفيت آثاره طمع في الظفر بالورود على حوضه و شوق
لرؤيته هل تردد ما قاله هذا المشتاق:
نسينا في ودادك كل غال *** فأنت اليوم أغلى ما لدينا
نلام
على محبتكم و يكفي *** لنا شرف نلام و ما علينا
ولما نلقكم لكن شوقاً ***
يذكرنا فكيف إذا التقينا
تسلى الناس بالدنيا و إنّا *** لعمر الله بعدك ما سلونا
6ـ محبة قرابته وآل بيته وأزواجه: قال
تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب6
وروى مسلم عن زيد بن أرقم مرفوعاً: ((ألا أيها الناس
فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور،
فخذوا بكتاب الله، ثم قال: وأهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي)).
قال شيخ الإسلام رحمه الله : [ومن أصول أهل
السنة والجماعة ـ أنهم ـ ... يحبون أهل بيت رسول الله ويتولونهم ويحفظون
فيهم وصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم ( 1 )
غدير خم : ( أذكركم الله
في أهل بيتي وقال أيضا للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم
فقال : ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) وقال : ( إن الله اصطفى بني إسماعيل
واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم
واصطفاني من بني هاشم ) ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين
ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصا خديجة رضي الله عنها أم أكثر
أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصديقة بنت
الصديق رضي الله
عنها التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فضل عائشة على
النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) ]الواسطية
7ـ
محبة صحابته قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )التوبة100
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : [ومن أصول أهل
السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى
: ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لا
تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا
نصيفه ) . ويقولون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضلون
من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون
المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر
وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر : ( اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ]الواسطية
8- محبة سنته والداعين إليها و العمل بها :
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم: ( ...
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ
وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواو أبو داود و صححه
الألباني رحمه الله
عن نافع عن بن عمر أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته يثنيها ويقول لعل
خفا يقع على خف يعني خف راحلة النبي صلى الله عليه وسلم
عن عمر قال :
من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هدي
عمرو بن الأسود] رواه أحمد بإسناد جيد
قال الإمام أحمد : [ ما كتبت حديثاً إلا
و قد عملت به حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه و سلم احتجم و
أعطى أبا طيبة ديناراً فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت ]
و قال رحمه الله : [إن استطعت ألا
تحك شعرة إلا بأثر ] و قال : [ إني لأرى الرجل يحي شيءاً من السنة فأفرح به ] قال
الزهري : الاعتصام بالسنة نجاة
ثمرات المحبة
1/ الفوز بمحبة الله قال
تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله ويغفر لكم
ذنوبكم والله غفور رحيم )
قال ابن كثير رحمه الله :[ هذه الاية
الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على
الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين
النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ] .
قال الحسن البصري وغيره من السلف :
زعم قوم أنهم يحبون الله
فابتلاهم الله
بهذه الاية فقال { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله }
قال ابن
القيم : [لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى فلو يعطى
الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل : لا تثبت هذه
الدعوى إلا ببينة { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله } ( آل عمران :
31 ) فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه ]
2/ حلاوة الإيمان و
السعادة و الهناء : عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاث من كن
فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه
مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن
يقذف في النار) رواه البخاري
قال شيخ الإسلام : [فالثواب على ما جاء به الرسول
والنصرة لمن نصره والسعادة لمن اتبعه وصلوات الله وملائكته على
المؤمنين به والمعلمين للناس دينه والحق يدور معه حيثما دار وأعلم الخلق بالحق
وأتبعهم له أعملهم بسنته وأتبعهم لها ]منهاج السنة ج5 233
يقول ابن القيم رحمه
الله : [لا سبيل إلى
السعادة و الفلاح في الدنيا و الآخرة إلا على أيدي الرسل و لا سبيل إلى معرفة الطيب
من الخبيث على التفصيل إلا من جهتهم و لا ينال رضى الله البتة إلا على
أيديهم فالطيب من الأعمال و الأقوال و الأخلاق ليس إلا هديهم و ما جاؤوا به
فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه و العين إلى نورها و الروح إلى حياتها
فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير وما ظنك بمن إذا
غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت إذا فارق الماء ووضع في
المقلاة فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال بل أعظم ولكن لا
يحس بهذا إلا قلب حي و ما لجرح بميت إيلام.
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين
معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من
نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن
الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا بين مستقل ومستكثر
ومحروم والفضل بيد الله
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ]0زاد المعاد ج1 ص68
3/ مغفرة الذنوب وذهاب الهموم
عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا
الليل قام فقال : ( يا أيها الناس أذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة
تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه) قال أبي قلت يا رسول الله:
إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال: ( ما شئت ) قال قلت الربع قال:
( ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قلت النصف قال : (ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قال قلت
فالثلثين قال : (ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قلت أجعل لك صلاتي كلها قال : ( إذا
تكفى همك ويغفر لك ذنبك) رواه الترمذي و حسنه الألباني 4/ الرحمة و النور في الدنيا
و الآخرة :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ
نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )الحديد28
4/ مرافقة الأنبياء و
المرسلين و الصديقن و الشهداء : قال تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ
وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ
رَفِيقاً }النساء69
5/
الشفاعة يوم القيامة : عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من ققال حين
يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة
وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة )رواه البخاري .
6/ صلاة الله على العبد عشراً
عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم
المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا
الله لي الوسيلة
فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا
هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم
7/ ورود الحوض عن أبي هريرة
أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يرد علي يوم
القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي ؟ فيقول إنك لا علم لك
بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) رواه البخاري
عن حذيفة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بين حوضي
كما بين أيلة ومضر آنيته أكثر أو قال مثل عدد نجوم السماء ماؤه أحلى من العسل وأشد
بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وأطيب من المسك من شرب منه لم يظمأ بعده) قال شعيب
الأرنؤوط : حديث صحيح
8/
نضارة الوجه قال صلى الله عليه وسلم
نضر الله
امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع ) رواه أحمد
والترمذي
قال الخطابي : معناه الدعاء له بالنضارة و هي النعيم و البهجة ... و
قال السيوطي رحمه الله
: ( قال أبو عبد الله محمد بن إحمد بن
جابر : ( إي ألبسه الله
نضرة ً و حسناً و خلوص لون و زينة و جمالاً ، أوصله لنضرة الجنة نعيماً و
نضارةً قال تعالى( و َلَقَّاهُمْ نَضْرَة) : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ
النَّعِيمِ) (المطففين:24)
قال ابن القيم رحمه الله : ( فإن النضرة
البهجة و الحسن الذي يكساه الوجه من آثار الإيمان و ابتهاج الباطن به و فرح القلب و
سروره و التلذاذه به فتظهر هذه البهجة و السرور و الفرحة نضارة على الوجه و لهذا
يجمع له سبحانه بين البهجة و السرور و النضرة) مفتاح دار السعادة صـ89ـ
قال
المباركفوري رحمه الله
: نضر الله أمرأ
: المعنى خصه الله
بالبهجة و السرور لما رزق بعلمه و معرفته من القدر و المنزلة بين الناس في
الدنيا و نعّمه في الآخرة حتى يرى عليه رونق الرخاء و
النعمة تحفة الأحوذي صــ 2025ــــ
قال الشيخ بن عثيمين : المراد بذلك أن
النبي صلى الله عليه وسلم دعا للإنسان إذا
سمع حديثاً عن رسول الله
فبلغه أن يحسن الله
وجهه يوم القيامة . شرح رياض ج 4 صـ 517
و تمام ذلك أن يفوز بالنظر إلى وجه
لله عز وجل فينال من النضارة و النعيم ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على
قلب بشر , فطوبى لك أيها الداعية يوم أن تكون ممن قال الله عنهم : ( تَعْرِفُ
فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (المطففين:24) و قال سبحانه (وُجُوهٌ
يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23)
قال السعدي
رحمه الله : [{
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } أي: حسنة بهية، لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم
القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أي: تنظر إلى
ربها على حسب مراتبهم: منهم من ينظره كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظره كل جمعة
مرة واحدة، فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء،
فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم من اللذة والسرور ما لا يمكن التعبير
عنه، ونضرت وجوههم فازدادوا جمالا إلى جمالهم، فنسأل الله الكريم أن يجعلنا
معهم ] تيسير الكريم الرحمن صـ 899ـ900
أسأل الله الكريم الجواد
البر الرحيم بمنه و كرمه و جوده و إحسانه أن يرزقنا محبه رسوله صلى الله عليه و سلم و تباع سنته
و أن يحشرنا في زمرته و أن يجعل محبتنا له أعظم من حبنا لأنفسنا و أبائنا و أمهاتنا
و زوجاتنا و ذرياتنا و أموالنا و أن يعمر ظاهرنا و باطننا بمتابعة سنته و صلى الله و سلم على نبينا
محمد .
__________________