لأول مرة.. محاكمة الجاسوس الإسرائيلى ومنفذ تفجيرات المعبد اليهودى فى جلسة واحدة وأمام نفس القاضى
فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ المحاكمات بالقضاء المصرى، يجتمع متهمان فى تهمتين متناقضتين فى قفص واحد وأمام نفس القاضى، فجمال حسين، المتهم بمحاولة تفجير المعبد اليهودى بوسط القاهرة، وطارق عبد الرازق، المتهم بالتخابر لصالح الموساد الإسرائيلى، سيقفان غداً، السبت، فى القاعة الثانية بالطابق الأرضى من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بالتجمع الخامس أمام المستشار جمال الدين صفوت.
المتهمان جمال حسين أحمد فى قضية المعبد اليهودى وطارق عبد الرازق عيسى فى قضية جاسوس الفخ الهندى يختلفان فى نظرتيهما لإسرائيل واليهود حسبما جاء بتحقيقات نيابة أمن الدولة مع كل منهما، فجمال حسين ينظر إلى إسرائيل باعتبارها العدو الأول للمسلمين ويرى ضرورة الجهاد ضدها، مستنداً فى ذلك إلى فتوى للشيخ ناصر الدين الألبانى مفادها "إذا كنت تريد أن تجاهد بحق فجاهد ضد اليهود إذ يعتبرون كفاراً محاربين عكس النصارى فهم يعتبرون كفاراً غير محاربين.. فضلاً عن أن اليهود يجيرون على الإسلام ويسعون فى الأرض فساداً وينجسون الأرض المقدسة"، وهو ما دفعه لتصنيع قنبلة يدوية بدائية الصنع وإلقائها على سطح المعبد اليهودى من فندق مجاور فى محاولة لتفجيره.
أما طارق عبد الرازق فاليهود بالنسبة له الملاذ الأخير الذى لجأ إليه لإنقاذه من حالة الضياع بعد فشله فى الحصول على فرصة عمل بدولة الصين، حيث تعاون معهم لـ3 سنوات يقدم لهم معلومات مقابل أجر عن مصر ومنطقة الشرق الأوسط، ويتولى مهام مخابراتية أخرى تتمثل فى نقل معلومات من عملاء للموساد الإسرائيلى فى سوريا، فضلاً عن تجنيد عملاء جدد فى العواصم الكبرى الثلاث بالمنطقة العربية "القاهرة ودمشق وبيروت".
وبقدر ما تحمله أوراق قضيتى المعبد اليهودى وجاسوس الفخ الهندى من تناقض، إلا أن المتهمين يجتمعان فى عدد من الصفات، فكلاهما من أحياء شعبية فقيرة، ويعانيان مشاكل نفسية وأسرية، وواجها عدة متاعب فى حياتهما دفعتهما إلى السفر خارج مصر، وفى الخارج اتخذا قرارين متناقضين، أحدهما قرر ارتكاب عمل عدائى ضد اليهود فى حالة عودته إلى القاهرة، والثانى قرر التخابر لصالح الموساد.
المتهم الأول جمال حسين أحمد من مواليد 14 مايو 1961 فى حارة علوه الحجاج ـ شارع تل نصر ـ منطقة بولاق أبو العلا، التابعة لمحافظة القاهرة، نشأ فى أسرة فقيرة من أب وأم و5 أشقاء صبيان وبنتين، حيث ترك التعليم فى الصف السادس واحترف مهنة الترزى ثم سافر إلى الأردن والعراق سعياً فى جمع المال ومساعدة أسرته الفقيرة، غير أنه اختلط بالجماعات الإسلامية وتحديداً جماعة طه السماوى، والتى بايعها فى 1985 على الولاء والبراء ونصرة الإسلام وتغيير نظام الحكم.
انخرط جمال حسين فى جماعة طه السماوى وشارك معهم فى أعمال عنف متمثلة فى حرق "بارات" بشارع شبرا ومسرح بشارع الفلكى وسينما كريم، وألقى القبض عليه فى قضية نوادى الفيديو وظل رهين التحقيقات لفترة طويلة، غير أنه تم استبعاده من قرار الاتهام، وأفرجت الأجهزة الأمنية عنه وعاودت القبض عليه واعتقاله منذ عام 1998 وحتى عام 2008.
خرج جمال حسين من الاعتقال ومازال مقتنعاً بأفكار الجماعة الإسلامية من ضرورة الجهاد وقتال أعداء الله، عملاً بوصية الشيخ ناصر الدين الألبانى من ضرورة الجهاد ضد اليهود، فأعد جمال حسين قنبلة بدائية يدوية الصنع وتوجه إلى أحد الفنادق المطلة على المعبد اليهودى بوسط القاهرة ثم ألقاها على سطح المعبد فى محاولة لتفجيره.
أما المتهم الثانى طارق عبد الرازق عيسى فولد فى عام 1973 ويعيش فى أسرة متوسطة الحال بعزبة مكاوى بمنطقة حدائق القبة، وتخرج فى المدرسة الصناعية وعمل مدرباُ للكونغ فو بأحد الأندية ثم سافر إلى الصين فى منتصف التسعينيات وعاد إلى القاهرة بعد سنتين ليواجه مرارة صعوبة تحقيق أحلامه بها، فيقرر السفر مرة ثانية إلى الصين حيث تعرف على اثنين من ضباط الموساد الإسرائيلى وتخابر لصالحهما ضد مصر.