من عوارض داء الفصام أن المريض يرى الواقع واقعين ويختلط عليه الواقع الحقيقي مع الواقع المتخيل المنتج عن تصوره المريض. الصهاينة مصابون باسوأ نوع من أنواع داء الفصام. في عالم الآخرين، عالم الغويا، يدعون إلى الديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ويقفون ضد العنصرية في نفس الوقت الذي يدافعون فيه عن التجمع "الإسرائيلي" الذي يقوم على العنصرية وسحق حقوق الإنسان واضطهاد غير اليهود وسلب حقوقهم الإنسانية. الصهاينة يشنون حربا في بلاد الآخرين على نفس الأسس التي تقوم عليها الدولة الصهيونية.
لطالما نسمع ونقرأ في الغرب من أفواه الصهاينة وأصدقائهم عن دولة (إسرائيل)، الدولة الديموقراطية الوحيدة في "الشرق الأوسط" غاضين البصر عن الحقيقة العنصرية لهذه الدولة التي تحمل عنصريتها في منطوق اسمها " الدولة اليهودية" و" دولة اليهود" مما يعني بالنتيجة الطبيعية رفض المواطنة الكاملة لغير اليهود وهذ يعني أيضا أنها في تركيبتها الأساسية دولة عنصرية. فاليهودي الذي لم تطأ يوما قدماه أرض فلسطين يحصل على المواطنة حال وصوله البلاد مع كامل حقوق المواطنة بما فيها حق الإنتخاب. أما مئات الالاف من المواطنين الفلسطينين اللذين ولدوا وعاشوا على هذه الأرض وجذورهم تضرب عميقا في هذه الأرض فهم محرومون من أبسط الحقوق ويعيشون غرباء في بلدهم ومسقط رأسهم.
في "الدولة اليهودية"، اليهود الأشكناز الشرق أروبيون يحتلون مناصب الدرجة الأولى ويليهم في الدرجة اليهود الشرقيون السفرديم ويأتي في الدرجة الأخيرة وفي قاع القائمة العرب مواطنو البلد الأصليين سواء كانوا مسيحيين أم مسلمين. الفلسطينيون العرب الذين بقوا في "هذه الدولة"، أهل البلاد الأصليين ليس لهم حق امتلاك العقارات في كثير من المدن والمناطق التي تعتبر يهودية خالصة، وليس لهم الحق في إعادة بناء منازلهم أو ترميمها ويحرم عليهم قطاع واسع من المراكز الحكومية.
عضو الكنيست من أصل عربي عليه حلف الولاء لدولة اليهود وبيمينه ذلك يخرج نفسه من دائرة المواطنه لأن الدولة لا تعترف به مواطنا فهي دولة اليهود. الفلسطينيون سواء أولئك الذين بقوا في الدولة أم أولئك الذين يقعون تحت الإحتلال "الإسرائيلي" هم في الفكر الصهيوني غرباء، ضيوف غير مرغوب بهم، وجودهم مؤقت إلى حين تأتي الظروف المناسبة لطردهم. اليهودي الأشكنازي الذي يتزوج من يهودية شرقية يسقط من المرتبة الأولى إلى المرتبة الدنيا أما إذا تجرأ وتزوج عربية فإنه يصبح منبوذا مرفوضا من التجمع اليهودي.
داء الفصام الصهيوني يظهر واضحا عند الهجوم على الفاشية والنازية وشعاراتها عن النقاء العنصري في الوقت الذي يدافع فيه الصهاينة وأصدقائهم في الغرب عن الفاشية والنازية "الإسرائيلية" ويعلنون فيه عن النقاء العرقي اليهودي. يكفي التصفح في كتاب اليهود المقدس التلمود لنكتشف مدى الفوقية والتعالي والعنصرية التي يصف فيها اليهود أنفسهم. تصريحات خاماتهم في داخل (إسرائيل) وخارجها تعلن بصفاقه عن نقاء العرق اليهودي وعن أفضليته على كل المخلوقات. أكد كوك الابن الملهم الأول للحركات اليهودية الدينية والقومية المتطرفة وكثير من حاخامات (إسرائيل) على النوعية المتفوقة لليهود والثقافة اليهودية ورفض كل ما هو ليس يهوديا ، كما اعتبروا أن اليهود واليهودية ستشكل الظروف الحضارية التي على العالم أجمع أن يسير في كنفها. لقد أولوا النصوص التوراتية حتى تنطبق على الواقع الحالي وأصدروا الفتاوى التي تقارن عرب فلسطين بشعوب التوراة مثل أهل مدين أو العمالقة ، الذين وصى رب التوراة بابادتهم حسب النص " ولن تبقي حيا أي شيء يتنفس" ، وأوجدوا بذلك تبريرا لطرد العرب من البلاد أو حتى إبادتهم.
هناك تصريحات قيلت من أفواه مؤسسي الصهيونية ورموزها وقياداتها لا تقل عنصرية عن الشعارات الفاشية والنازية. ففي عام 1862 أعلن الأب الروحي للصهيونية موسس هيس في كتابه روما والقدس: " علينا نحن اليهود أن نظل أغراب في بلاد الغرباء. كل يهودي أراد أم لم يرد وحال ولادته ينتمي إلى قوميته اليهودية، يكون يهوديا قبل كل شيء ومن ثم إنسانا." أما المؤرخ الصهيوني المعروف سيمون دوبنو فلقد كتب في كتابه " أصول القومية اليهودية:" ذوبان اليهود في الشعوب الأخرى يعتبر خيانة عظمى لمعتقدات القومية اليهودية واصولها. اليهودي لا يستطيع أن يكون مواطنا أو عضوا في أمة غريبة، يمكنه مثلا أن يولد وأن يعيش في فرنسا ولكنه لن يكون فرنسيا وسيظل يحمل الخصائص العرقية اليهودية وسيبقى عضوا في القومية اليهودية، أراد ذلك أم لم يرد."
قبيل الحرب العالمية الثانية حث ناهوم غولدمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية اليهود الألمان على الرحيل إلى فلسطين وأعلن: " اليهودية ليس لها أي علاقة مع الجرمانية فهي تحمل خصائص عرقية وثقافية وتاريخية مميزة و مختلفه وللألمان الحق الكامل بعزل اليهود عن المجتمع الألماني ومنعهم من التدخل في شؤون بلدهم." ولقد اعتبر أن اليهود قسمين، القسم الأول يعي خصوصيته ونقاء عرقة والثاني لا يعي ذلك ويسعى إلى الإندماج في الشعوب التي يعيش بينها ويهود هذا القسم هم وضعاء وخونة لطموحات أمتهم اليهودية."
هناك أحزاب قومية و دينية "إسرائيلية" مثل حزب ليبرمان وغيره من الأحزاب تعتبر في العرف الغربي أحزاب عنصرية فاشية ترفض القوانين الأوروبية الإعتراف بها لو كانت غير يهودية. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الغرب عن الأصولية الدينية لحماس وغيرها يغضون الطرف عن الأحزاب الأصولية "الإسرائيلية" العنصرية، بل ويلقون الإعتراف والترحاب من ممثلي الديموقراطية الغربية .
زعماء الصهيونية واليهودية المنظمة لا يتركون فرصة من دون أن يذكروا العالم بفظائع الهولوكوست، ولكنهم لا يسمحوا لأحد حتى ولو بالإشارة أن يذكر أو يشير إلى المذابح الجماعية التي قام بها اليهود ضد الشعوب الأخرى وفي الغرب خاصة. بل لا يسمحوا بذكر هولوكوست الشعوب الأخرى مثل الهنود الحمر في أمريكا والمذابح الكومبوجية أو الأرمينية أوغيرها ، فالهولكوست ماركة مسجلة حصرية لليهود.