النائب العام يطعن في الحكم ببراءة المتهمين في قضية العبارة "السلام98"
قرر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام المصري الطعن بالاستئناف على الحكم الذى أصدرته محكمة جنح سفاجا بالبراءة فى قضية العبارة "السلام 98" ، والتي تسببت في مقتل نحو 1033 شخصاً في البحر الأحمر كما أصيب 377 آخرون خلال رحلتها من ميناء ضبا السعودي إلى السواحل المصرية في فبراير / شباط 2006 .
وقضت المحكمة ببراءة المهندس ممدوح إسماعيل، رئيس مجلس إدارة شركة "السلام للنقل البحري" التي كانت تشغل العبارة، ونجله عمرو، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، الهاربين في لندن .
وشمل حكم البراءة أيضا ممدوح عبدالقادر عرابي، مدير الأسطول البحري للشركة ، ونبيل السيد شلبي، مدير فرع الشركة في سفاجا، وعماد الدين أبوطالب، مهندس ثالث الشركة، فيما انقضت الدعوي ضد 4 متهمين بوفاتهم.
وكان الحكم الوحيد بالسجن من نصيب القبطان صلاح جمعة، ربان العبارة "سانت كاترين" الذي تقاعس عن إنقاذ ركاب العبارة الغارقة، وتغريمة مبلغ عشرة آلاف جنية لوقف تنفيذ الحكم.
واتهم أهالي الضحايا السلطات المصرية بالتأثير على حكم القاضي لقربه من دوائر الحكام وصنع القرار في مصر، وانطلق الأهالي عقب اطلاق الحكم يصرخون على ضحاياهم فيما سقط بعضهم مغشي عليه من تأثير الحكم الذي جاء غير متوقع لهم، فيما حبس محامي الدفاع نفسه في غرفة بالمحكمة خوفًا من غضب أهالي المتهمين .
ضغوط سياسية
وعبر محامي الضحايا عن عميق أسفه للحكم الذي صدر بتبرئة ممدوح إسماعيل ونجله وأكد أن هناك ضغوط سياسية مارست وانها اتضحت في هذه المحاكمة على عكس المحاكمات الـ 22 التي مضت ، مؤكدًا أن النيابة العامة ستستأنف في الشق الجنائي و أن اهالي الضحايا سيستأنفون في الشق المدني .
وأشار المحامي إلى أن سندات التي وقع عليها بعض أهالي الضحايا الذين تلقوا تعويضات عن ذويهم الذين فقدوا أو أصيبوا أو توفوا ساهمت في هذا الحكم ، إلا أن هناك 20 أسرة من الأهالي امتنعو عن اتمام الاتفاق والحصول على التعويضات .
ويمكن هذا الحكم صاحب الشركة ونجله الهاربان نت العودة إلى مصر ، الا إن يتوقع أن تتأخر العودة لحين الانتهاء من الاستئناف في الشق المدني الذي سيتقدم به الاهالي
جريمة بلا متهمين
وقال أحد المتضررين من غرق العبارة - فقد زوجته وأولاده الأربعة- :" هل يعقل أن يقتل 1034 شخصًا ولا يحاسب أحد ويبرأ جميع المتهمين حتى قبضان سانت كارتين الذي داس على جثث أولادنا حصل على 6 اشهر بإيقاف التنفيذ اي انه لن يحبس أحد ".
وأضاف في اتصال هاتفي مع قناة "الجزيرة" الإخبارية:" نحن نثق في القضاء ولدينا تفاؤل لكن للاسف لم يحدث وما شاهدناه اليوم لا يعقل كيف يقتل هذا العدد ولا يجازي أحد منذ سنتين ونحن في نحضر جلسات المحاكمة التي تحولت إلى محكمة الجنح ـ أقل درجة من درجات المحاكم في مصر" .
وتابع:" الشهادات أظهرت العبارة على إنها سليمة تماما على الرغم من ما تم تصويره يوم غرق العبارة من تخريب واعطال ومهازل في العبارة .. لقد توقعنا أن يأخذ 10 سنوات أكثر عقوبة في الجنح لكنههم جميعا اخذو براءة" ، مؤكدًا أن "اتحاد المال مع السلطة هو سبب حصول مثل هؤلاء المجرمين على البراءة ".
وأضاف :" إذا كانت محكمة جنح الجيزة قضت بالسجن المشدد 10 سنوات على سائق أتوبيس تسبب بالخطأ في مقتل 15 تلميذة ، أما القضية التي قتل فيها الالاف لم يحبس بها أحد ".
وأشار إلى " أن القنوات الفضائية كانت في سفاجا يوم الحادث وشاهدت الحقائق وأظهرت الصور الحقيقة بأن هناك أخطاء كثيرة جدًا في العبارة أجهزة الاطفاء والجاكت لايف والرماسات كانت تالفة كيف يقال بعد ذلك وفي التحقيقات ان العبارة كانت سليمة مئة بالمئة إذا كانت سالمة فكيف غرقت ".
وقال :" ممدوح اسماعيل وعمر ابنه هربا منذ سنتين ونصف لماذا .. هل إذا صدمت أحد بسارتي هأخذ براءة ، الأمور فيها شكوك وظنون كثير ".
شهود زور
أقارب ضحايا العبارة
وذّكر محمد عبد الحليم أحد المتضررين بالآية الكريمة من سورة الإسراء :" وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها" ، قائلا :" كنا نريد ألا نكون من هذه القرية ولكن هاهم الفاسدين يقتلون أولادنا ويحصلون على البراءة"
وأكد عبد الحليم أنه قدم مستندات إلى القاضي بأن هذه القضية ليست جنحة بنص تقارير اللجنة الفنية ، التي كشفت عن أن مالك العبارة علم بخبر العبارة في حينه إلا ان القضاء اصر على هذا الخطأ الفادح.
وأشار إلى أن القضاء استمع إلى شهود زور يعملون بشركة السلام التابعة لصاحب العبارة المهندس ممدوح إسماعيل ، فيما رفضت المحكمة الاستماع إلى أحد الشرفاء وهو حمدي الصحان ، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب ، وهو أول من طالب بإحالة أصحاب "عبارة الموت" إلى القضاء .
القضاء الدولي
ومن جانبه ، دعا أبو العز الحريري نائب رئيس حزب التجمع المعارض في تعليقه على الحكم أهالي الضحايا باللجوء إلى القضاء الدولي " طالما أن القضاء المصري لم ينصفهم" ، مشيرًا إلى أنه عندما اغتيل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وهو شخص واحد تجرى تحقيقات واسعة للوصول إلى الجاني والتعرف على ملابسات الجريمة.
ومضى أبو العز بالقول:" هذا الحكم القضائي مبني على خطأ ، فعندما يقتل هذا العدد والأسباب واضحة ومحددة ، وهناك تقارير تؤكد سوء حالة العبارة وعدم استجابة المسئولين لنداءات الاستغاثة والاجهزة المعنية التي تتابع حركة البحر الاحمر وموقف النائب العام الذي حول القضية إلى جنحة .. كل ذلك خطأ".
وأشار أبو العز إلى أن كل ملابسات التحقيق تدين النظام والقضاء المصري الذي حول القضية الى جنحة تستمر في القضاء سنتين " ،
من ينصف الضحايا ؟
أحد أهالي الضحايا تشكو إلى الله من الحكم
وقال منتصر الزيات وكيل حزب "الاتحاد من أجل الحرية المصري معلقا على الحكم :" لم أطلع بعد على أسباب الحكم بعد ولكن من أين يأخذ المتقاضين حقوقهم إذا لم ينصفهم القضاء .. وهي مسألة غاية الخطورة إذا لم يأخذ الناس حقهم من القضاء يثير حالة الفوضى وهناك كتير من الأهالي من الصعيد الذين يؤمنون بالثأر . وهو ما لم يمنحهم إياه القضاء المصري".
وأكد الزيات:" ان مراحل التقاضي كانت تبعث على الشكوك وعدم الارتياح لكننا كنا نحاول أن نحصل على حقوقنا من خلال الاستمرار التقاضي".
حيثيات الحكم
واعتمد القاضي أحمد النجار على أقوال الشاهد محفوظ طه رئيس مواني البحر الأحمر الذي قال إن نجل مالك العبارة اتصل بوالده المهندس ممدوح إسماعيل وأبلغة بوجود أضرار بالعبارة ومن ثم اتصل به مرة أخرى وأبلغه خبر غرق العبارة وأمر ممدوح بإرسال عمال الانقاذ إلى العبارة الغارقة.
وأكد القاضي المحكمة في حيثيات حكمه أن الخطأ في تقدير الموقف كان على مسئولية قبضان العبارة التي غرقت بالفعل وذكر انه السبب في غرقها ، مشيرًا إلى انه إذا كان هناك مسئولية جنائية فهي تقع على قبطان " السلام 98" الذي يعتبر في عداد الموتي .
وعقدت محكمة جنح سفاجا بمحافظة البحر الأحمر 21 جلسة استمعت خلالها لإفادات وشهادات مسئولين تنفيذيين وبرلمانيين، بينهم قيادات بوزارة النقل، ووزارات أخرى، إضافة لهيئتي "النقل البحري" و"موانئ البحر الأحمر"، إلى جانب رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، ورئيس لجنة إعداد التقرير الفني عن الحادث المأساوي.
وكان فريق الدفاع عن المتهمين قد طالب بعدم اختصاص القضاء المصري بنظر الدعوي، لعدم وقوع الحادث في الأراضي المصرية، ولكن في المياه الدولية، مؤكداً اختصاص القضاء البنمي بالدعوي، كما طالب بسقوط أمر الحبس الصادر من النيابة العامة ضد ممدوح إسماعيل ونجله وباقي المتهمين لمرور 16 شهراً علي صدوره.
ومن جانبه ، طالب دفاع المدعين بإعادة الدعوي إلي النيابة لتعديل توصيفها من جنحة قتل بالخطأ، إلي جناية قتل عمد بالامتناع، وتوقيع أقصي العقوبة علي جميع المتهمين، وصرف التعويض المدني المؤقت لجميع أسر الضحايا والمصابين، وعدم الاعتداد بالتعويضات التي حصل عليها ذووهم من المدعي العام الاشتراكي.