"الورشة" رواية تنتقد الشيزوفرينيا بالسعودية والأوضاع الاجتماعية بمصر
صدر مؤخرًا عن دار ميريت للنشر رواية جديدة بعنوان "الورشة" للكاتب محمد إسماعيل جاد، وتقع الرواية فى 175 صفحة من القطع المتوسط.
وتدور أحداث الرواية حول "سالم"، الرجل الذى لم يبلغ الأربعين من عمره، والمولود عام 1960 وتتغير نظرته للحياة وتزداد رغبته فى كل لحظة إلى الموت، وذلك بعد خروجه من السجن بعفو صحى بعدما أصيب بالتبول اللا إرادى والسكر.
وعندما يخرج "سالم" من السجن يبتعد عنه أصدقاؤه وجيرانه، إلا أن "أم طراوى"، زوجة إبراهيم المناضل هى الوحيدة التى تبقى سندًا له على قسوة الأيام فتذهب كل صباح لتقدم له الفطور وتأخذ ملابسه التى بللها وتعيدها إليه فى صباح اليوم التالى.
قدَّم الروائى محمد إسماعيل جاد روايته "الورشة" على شاكلة المشاهد الدرامية أو السينمائية، فجاءت نصوص الرواية معنونة بحسب الأحداث التى يتذكرها "سالم"، حينما ينظر إلى إحدى الصور الفوتوغرافية المعلقة على الحائط المقابل لسريره، والذى يديم النظر إليه دائمًا فيتذكر حياته كلها منذ أن كان صبيًا وحتى يكبر ويتوفى والده وبعد فترة ترحل أمه تاركته برحيلها.
وتتناول الرواية عالم "الورشة" بكل تفاصيله، ومفرداته، وكيفية تعامل أفراد هذه الورشة مع بعضهم البعض بإشارات لا يفهمها إلا هم خلال سرقاتهم فى الشوارع.
وتتكون "الورشة" من جماعة من الناس يشترط فى بعض الأحيان أن تكون بينهم "امرأة"، يسافرون إلى السعودية فى مواسم الحج والعمرة أو كأس العالم، وهناك يقومون بسرقة المتعلقات الشخصية للحجاج أو مشاهدى كرة القدم فى كأس العالم، وذلك بعدما يحصلون على جوازات سفر لأشخاص "مصريين" ارتضوا بيع أوراقهم (بطاقة الرقم القومى، وشهادة الميلاد، وغيرها) مقابل مبلغ من المال، أو حصلت أفراد الورشة على هذه الأوراق الشخصية من خلال سرقاتهم فى الشارع المصرى، فيستفيدون من هذه الأوراق التى تكون عونًا لهم فى مشاريع سرقة كبيرة بالخارج، ويقوم أحد الأشخاص ممن على صلة بأفراد هذه الورشة ويعمل بهيئة الجوازات باستخدام بيانات الأوراق التى حصلت الورشة عليها، ووجدتها فى الحقائب التى سرقتها، ووضع صور أفراد الورشة عليها ويمنحهم أسماء جديدة يتمكنون فى كل مرة من الحصول على تأشيرات جديدة للسفر إلى السعودية أو حضور فعاليات عالمية أخرى يتواجد بها حشد كبير من الناس مثل كأس العالم.
ويتتبع محمد إسماعيل فى روايته سير أحداث هذه الورش، عندما تذهب للسعودية أو كأس العالم، وما يفعلونه بعد كل سرقة، وعندما يقبض على أحدهم أثناء هذه العمليات، أو يقبض عليهم جميعًا، كما حدث لهم فى كأس العالم من قبل.
ولا يتوقف عالم الورشة على السرقة فقط، بل يتتبع الروائى تفاصيل "ورش المخدرات" التى تخرج من مصر إلى السعودية أيضًا والعالم بشكل عام، حيث يتم وضع عدد من أصابع الحشيش والمخدرات فى مؤخرات عدد من الشباب "الشواذ" قبيل وصولهم للمطار بساعات قليلة، وعندما يصلون إلى السعودية يقومون ببيعها بطرق مختلفة فى شوارع مكة.
ومن خلال شخصية "سالم" ينتقد الروائى الأوضاع الاجتماعية فى مصر، بعد عصر الانفتاح، ووجود سوق حدائق القبة بجوار قصر القبة فيصفها بالفوضى، مشيرًا إلى تفاصيل هلع الشارع المصرى حينما علموا بوفاة الرئيس الراحل عبد الناصر، وحال الشارع المصرى بعد ذلك، وعدم وجود فرص عمل للشباب فى مصر، ويبدو هذا واضحًا حينما يتزوج "سالم" من سعدية التى تنجب له طفلاً، فيدور بينهما حوار طويل يؤكد فيه رفضه لمجىء هذا المولود إلى الدنيا، بينما تؤكد له "سعدية" أنها تريد أن تكون أمًا ولو جاء ابنها مشلولاً.
وينتقد "سالم" بطل الرواية "الشيزوفرينيا" بالسعودية، عندما يستطيع أن يذهب إلى السعودية للعمل هناك فى أحد الفنادق بمنطقة مكة، فيرصد أوضاع الشارع السعودى، ووجود جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والتى تقوم بإجبار الناس على الصلاة باستخدامهم "للعصا" وفى حال إذا ما اعترضهم أحد ما، مثلما فعل أخوه من قبل، يقومون بإبلاغ السلطات الحكومية هناك، بأنه "سبَّ" الملك، فيقبض عليه ويحكم عليه بالسجن لفترة من الزمن.
ومن خلال عمل "سالم" فى أحد الفنادق بمكة، يتناول عالم الحفلات الليلة، حينما يذهب إلى إحدى الفيلات هناك، فتكشف صاحبة الحفل لطاقم الفندق عن الأماكن التى توضع فيها أفخر أنواع الخمور، وكذلك ينتقد نظام "الكفيل" بدول الخليج بصفة عامة، من خلال حادثة القبض على أخيه بسبب خلافه مع صاحب العمل السعودى.