كيف تستثمر بريدك الأليكترونى ؟
لم يعد البريد الإلكتروني مجرد وسيلة للتواصل السريع بين الأفراد، بل إن الكثير من الناس بشكل فردي وكذلك الشركات يستثمرونه في التسويق لمنتجاتهم، سواء أكانت مادية أم خدمية بسبب قدرته على توصيل رسائل إلى ملايين الأشخاص؛ وهو ما يخلق سوقا واسعة للمنتج.
بل إن هناك شركات تخصص نشاطها في التسويق بهذا البريد (الإيميل) أو بيعه لمساعدة شركات أخرى على التسويق لمنتجاتها.. فما قصة
التسويق بالبريد الإلكتروني، وما الشروط الضرورية لكي تقدم خدمة تسويق ناجحة من خلاله؟
مميزات البريد
يمكن القول إن التسويق بالبريد الإلكتروني عبارة عن رسالة يقوم بإرسالها أي فرد أو شركة إلى أي شخص من خلال شبكة الإنترنت بغرض تسويق منتجاتها.
وأهم ما يميز هذا البريد السرعة التي لا يتمتع بها مستخدم البريد العادي، كما أنه أقل تطفلا من المكالمة التليفونية كأسلوب لمعرفة عملاء جدد، ويعتبر أيضا أكثر تفاعلية من الأوراق التقليدية، ولا ينقل البريد الإلكتروني العواطف وعدم القدرة على التصرف التي يتعرض لها بعض مندوبي المبيعات، ومن خلال استخدام البريد في التسوق الإلكتروني يتم القضاء على فروق الزمان والمكان.
ووفقا لتقارير نشرتها مجموعة (ميتا جروب) للتسويق الإلكتروني في عام 2003 فإن معدل استجابة العملاء للبريد الإلكتروني تتراوح ما بين 10-15% في حين أن معدلات الاستجابة للبريد العادي تتراوح ما بين 1-3%.
تكلفة منخفضة
ويعتبر انخفاض التكلفة من أهم مزايا البريد الإلكتروني، فأي فرد أو شركة يمكنه بقليل من المعرفة استخدامه لأغراض التسويق وتقديم منتجه أو الاسم التجاري للشركة أمام العملاء. ويشير تقرير لـForester's Market Research إلى أنه تم إرسال ما يقرب من 430 مليار بريد تسويقي إلكتروني في أمريكا عام 2002 بمتوسط تكلفة للبريد الواحد ما يقرب من نصف سنت (الدولار= 100 سنت).
كما يتضح من ذلك مدى تدني تكلفة إرسال بريد تسويقي إلكتروني إذا ما قورنت بغيرها من الوسائل التقليدية (التليفون، الفاكس، البريد العادي، المقابلة الشخصية)، الأمر الذي يجعل العديد من الشركات تستبدل أساليب الاتصال التقليدية بالبريد الإلكتروني عندما تريد تخفيض ميزانيتها التسويقية.
وانخفاض هذه التكاليف يوجد تفسيرا مناسبا لتزايد أعداد المشروعات الصغيرة ذات القدرات التمويلية المحدودة التي تستخدم البريد الإلكتروني في تسويق منتجاتها ويتأكد ذلك بوضوح عند الإشارة إلى تقرير (E.Commerce in welsh SMEs – 2002/2003 ) الذي يؤكد أن 35% من المشروعات الصغيرة في دول الاتحاد الأوربي تقوم باستخدام البريد في عمليات الشراء والبيع الإلكتروني، و38% يستخدمونه في تطوير المنتجات، و27% يستخدمونه في الوصول إلى عملاء جدد.
ولعل هذه المزايا لاستخدام البريد الإلكتروني في التسويق دفعت إلى تنامي استخدامه، فتشير تقارير مؤسسة (Roper Starch Worldwide) إلى أن البريد يعد أكثر وسائل الاتصال المفضلة للشركات عالميا حيث تصل نسبة استخدامه 48.5% في حين يستخدم التليفون كوسيلة اتصال بنسبة 39% ويستخدم البريد العادي بنسبة 3.5% والنسبة الباقية للوسائل الأخرى. وفي استطلاع للرأي وجد أن 78% من العملاء يفضلون البريد التسويقي الإلكتروني كطريقة للاتصال بأصحاب شركات التسويق، وأن 17% منهم يفضلون البريد العادي والنسبة الباقية للطرق الأخرى.
أما أشكال البريد التسويقي فهي إما أن يرسل في شكل صفحة إنترنت عادية أي html أو أن يأتي مجرد نص رسالة مكتوبة في ملف "وورد" وفي كلتا الحالتين يصاحب الرسالة عرض أسعار ومميزات السلعة المراد تسويقها وأكثر الأشكال انتشارا هو html email لأنه يتيح القدرة على أن تحتوي الرسالة التسويقية الإلكترونية على "لوجو" أو شعار (logos) خاص بالشركة وصور ورسومات لتؤكد قوة منتجها وقدرته على التنافس في السوق بعلامة تجارية مميزة.
نصائح هامة
وثمة نصائح هامة للفرد أو الشركة لاستخدام البريد الإلكتروني بشكل أفضل في التسويق وهي:
أولا: إنشاء البريد وسعته، حيث يمكن عمل بريد إلكتروني للشركة من خلال (domain name) معين يعبر عن اسم الشركة أو الغرض الذي تقوم به ويتم شراء هذا (domain) من أي من الشركات العالمية المتخصصة في بيعه مثل (www.domain.com & www.buy.com) وذلك بتكلفة سنوية على التوالي: (5 $ & 10 $ & 9.95 $ )، ويوفر ذلك الاستفادة من السعة التي قد تصل إلى مئات الميجابيت (والتي لا توفرها المواقع المجانية مثل هوت ميل (2 ميجابيت) وياهو (4 ميجا بيت) وجواب دوت كوم (15 ميجا بيت) وميل دوت كوم (10 ميجا بيت).
ولا يقتصر الاختلاف على السعة فقط، لكن يجب الإشارة إلى أن عمل بريد إلكتروني على المواقع المجانية لا يعد طريقة فعالة تثبت جدية الشركة وقدرتها المالية أمام متلقي هذه الرسائل، بالإضافة لذلك فإن بعض هذه المواقع مرتبط بـ (ISP مزود خدمة الإنترنت) معين فإذا ما تم تغيير هذا الارتباط لا بد من تغيير البريد التسويقي للشركة الأمر الذي يحمل معه العديد من المخاطر التي قد تؤدي لفقدان بيانات العملاء وطرق الاتصال بهم والبداية من جديد عند عمل بريد تسويقي جديد.
ويجب في اختيار اسم البريد مراعاة أن يكون سهلا للنطق مع تجنب استخدام الوصلات والأرقام والاختصارات في الاسم واختيار اسم جديد لمنع الغموض والارتباك والشك الذي قد يعتري متلقي هذه الرسائل.
ثانيا: اختيار العملاء: عدم إرسال البريد الإلكتروني التسويقي لعدد كبير من العملاء الذين لا يتوقع استجابتهم حيث يجب التركيز على نوعية العملاء الذين تتناسب أماكن تواجدهم وميولهم وإمكانياتهم المادية أيضا مع منتجات الشركة.
ثالثا: اختيار عنوان مناسب للبريد التسويقي: ويعتبر ذلك من أهم عناصر نجاح هذا البريد، فلا بد أن يتم بإتقان اختيار عنوان يقنع المتلقي بأهميته وعدم احتوائه على فيروسات، وفي هذا الخصوص يراعى ألا يظهر عنوان البريد باسم البريد الإلكتروني للشركة وإلا وضعت الرسالة مباشرة وفور تلقيها في سلة المهملات، أو أن يحمل عنوان الرسالة قدرا من مضايقة صاحب البريد نفسيا مثل (سوف تخسر كثيرا في حالة عدم فتح هذا البريد)، ويراعى بالإضافة لذلك اختيار عنوان للموضوع يتراوح ما بين 6-8 كلمات على الأكثر لأن بعض برامج البريد الإلكتروني تقوم بحذف ما يزيد عن ذلك من الكلمات.
رابعا: رسالة التسويق: عند كتابة موضوع الرسالة التسويقية يجب أن يوضع في الحسبان أن استخدام بعض الحروف (capital) ضرورية لتأكيد المعنى، ولكن استخدامها بكثرة غير مستحب، حيث يعني ذلك أن هناك مشكلة ما! ويراعى عدم استخدام علامات التعجب أو أدوات الاستفهام حيث يجب أن يكون محور التركيز على محتوى الموضوع وليس البحث عن أسباب التعجب أو الاستفهام.
خامسا: طرق الاتصال: يجب أن يحتوي البريد التسويقي على وسائل الاتصال بالشركة مثل الموقع الإلكتروني والتليفون والفاكس والعنوان، حيث إن ذلك من الممكن أن يثبت لمتلقي البريد جدية الشركة ويشعره بنوع من الأمان.
سادسا: كلمة شكر: يجب أن يحتوي البريد على كلمة شكر على قراءة البريد والتماس الرد عليه والتوقيع باسم الشخص المسئول عن الاتصال.
سابعا: عرضه على عدة أشخاص: يجب عرض البريد التسويقي على أكثر من زميل حتى يتم التأكد من فهم محتواه، وأن هذا هو أفضل نموذج لعمل البريد التسويقي.
ثامنا: الوعي بالاختصارات: عليك أن تكون على وعي تام ودائم بأحدث طرق الكتابة السريعة والتي تتضمن بعض الاختصارات مثل تلك التي في شكل:
(afaik) وتعني as far as I know
(btw) وتعني by the way
(ianal) وتعني I am not a lawyer
(imho) وتعني in my humble opinion
(rsm) وتعني real soon now
(rtm) وتعني read the manual
(tia) وتعني thanks in advance
وغيرها من الاختصارات التي تحمل معاني تهم شركات التسوق الإلكتروني.
تاسعا: طلب التسجيل: تطلب العديد من مواقع التسويق الإلكتروني من العملاء والمتصفحين لمواقعهم عبر شبكة الإنترنت عمل تسجيل (registration) وفي هذا الخصوص يجب استخدام نظام (permission based e-mails) والذي يعني الحصول على موافقة الشخص في تلقي الرسائل التسويقية وأي نشرات تسويقية من الشركة (yes/no)، حيث إن ذلك يؤكد للشركة رغبة هذا الشخص في التعامل مع الشركة مستقبلا. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يجعل هذا الشخص أكثر ثقة في هذه الشركة وتكون العلاقة بينهما مبنية على الثقة المتبادلة.
عاشرا: تكرار الرسائل: يجب أن نضع في الحسبان أن كسب عميل لا يكون من خلال أول بريد فيجب تكرار ذلك عدة مرات وعند ورود أية استفسارات من متلقي الرسائل التسويقية يجب أولا الرد وبسرعة في غضون 24 ساعة، حيث إن عالم اليوم يعتمد على الصفقات اللحظية، ويجب الاحتفاظ بالبريد الإلكتروني لكل من رد والاحتفاظ بأي معلومات عنهم ووضعها في قواعد بيانات.
تجربة وتحديات
ونجحت بعض الشركات في المنطقة العربية في مجال التسويق بالبريد الإلكتروني وقامت بعض الشركات على فكرة أنها تقوم ببيع العناوين، فيقول أحمد رضا مدير إحدى شركات التسويق بالبريد الإلكتروني في مصر لـ"إسلام أون لاين.نت": إن شركته بدأت في المنطقة العربية عام 1999، حيث قامت بتجميع أول دليل عربي -لمجموعة مستخدمين وشركات عربية- يحتوي على 40 ألف عنوان مصري و100 ألف عنوان عربي، ووصل العدد الآن إلى مليون عنوان في المنطقة العربية مصنفة حسب الدول. ووفقا لرضا فشركته تبيع العناوين لمن يرغب في تسويق منتجاته، فعلى سبيل المثال تبيع الشركة مليون عنوان إلكتروني عشوائي بحوالي 250 دولار تقريبا.
وحول معدل نمو استخدام هذه الطريقة في المنطقة العربية، أكد رضا أن مبيعات الشركة تزايدت بنسبة 30% خلال الفترة السابقة، وأن نسبة كبيرة من المبيعات كان من دولتي الإمارات والسعودية؛ الأمر الذي يعتبر مؤشرا على تزايد الوعي بأهمية التسوق بالبريد في المنطقة العربية.
لكن ثمة تحديات تواجه عملية استخدام البريد الإلكتروني في التسويق ومنها صعوبة الحصول على ثقة العملاء إما لتخوفهم أحيانا من فتح هذا البريد لاحتمال احتوائه على فيروسات، أو لعدم ثقتهم في المعاملات الإلكترونية واحتمالية تعرضهم للقرصنة الإلكترونية.
كما أن هناك تحديا أكبر للتسويق بالبريد خاصة في الدول العربية وهو ضعف استخدام الإنترنت في هذه الدول، فوفقا لتقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عام 2003، هناك 18 حاسوبا لكل 1000 مواطن، كما أن مستخدمي الإنترنت لا يزيد نسبتهم على 1.6% من إجمالي سكان الوطن العربي البالغ عددهم 280 مليون نسمة. غير أن هذا الرقم على محدوديته يكاد يكون ضعف النسبة التي رصدها تقرير التنمية الإنسانية الصادر في عام 2002 وكانت 6.% فقط.
على أية حال فعليك عزيز القارئ أن تحرص على تجميع رسائلك وأن تزيدها، ولا تفقدها فقد تكتشف يوما ما أنها رأس مال مستقبلك إذا أردت أن تكون صاحب شركة أو مشروع يرغب في تسويق منتجاته.
منقول من أجل عيون أحبائى