جميلة الرجباوي مراقب عام
عدد الرسائل : 14748 احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 46237 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: حملات شعبية للتحذير من إهدار المياه 9/9/2010, 04:21 | |
| حملات شعبية للتحذير من إهدار المياه تركز الحملات الرسمية على الفلاح الذى يملك قيراطين أرض وتغفل أصحاب ملاعب الجولف تصوير: هبة خليفة نهى عاطف كتب : - اضغط هنا لقراءة الموضوع:
كان وقوع مصر تحت خط الفقر المائى دافعا كافيا لبعض الأشخاص لإطلاق مبادرات تحذر الناس من إهدار المياه، وبعد تصاعد أزمة مصر مع دول حوض النيل حول حصتها من النهر أصبح الناس أكثر اهتماما بالحفاظ على المتوافر لديها من المياه، لتبرز هذه المبادرات الشعبية للتوعية بأسلوب يختلف عن الحملات الرسمية التى باتت محدودة الظهور على الإنترنت يقضى حسام عيد عدة ساعات، يتابع عمله ويراسل أصدقاءه، غير أنه قبل خروجه من الشبكة العنكبوتية يرسل إلى أشخاص لا يعرفهم نصائح لترشيد استهلاك المياه عبر موقع «تويتر» للرسائل القصيرة، أسس الشاب مع مجموعة من أصدقائه حساب باسم Water Tips أو «إرشادات حول المياه» الذى يقدم نصائح عملية من شأنها تقليل الفاقد يوميا من مياه الشرب، وهى خطوة تطوعية منه «من باب المشاركة المجتمعية»، ففى رأيه «قبل أن نبكى على التناقص المنتظر لحصتنا من المياه، علينا أولا التوقف عن إساءة استخدام ما يصلنا بالفعل من هذه المياه». وحسام واحد وسط عدد متزايد من الأفراد بادروا إلى توعية مباشرة للناس بالاقتصاد فى استهلاك المياه، توعية تتخذ شكلا غير رسمى وبعيدة عن التمويل أو الدعم المعنوى من أى جهة. وبرزت هذه الحملات بعد تصاعد الأزمة الراهنة بين مصر وبعض دول حوض النيل حول حصتها من المياه سواء ما كان موجودا منها بالفعل أو ما تأسس على هذه الخلفية مثل مجموعة «حرروا النيل» التى بدأت بجروب على موقع «فيس بوك» يحمل هذا الاسم عقب فشل محادثات دول حوض النيل فى شرم الشيخ. ويوضح الأستاذ محمد قنديل ــ مؤسس المجموعة ــ أنها «تسعى إلى خلق وعى شعبى يحسن العلاقة مع الدول الشريكة فى الحوض، يدفع بالسياسة الخارجية إلى مسار رعاية العلاقة مع دول حوض النيل». على «فيس بوك» أيضا انطلقت حملة «النيل ماجاشى» التى تجاوز عدد المنضمين إليها على هذا الموقع وحده 2000 عضو، والتى تحذر المصريين من أن النيل قد لا يأتى يوما ما بسبب الأزمة مع دول حوض النيل، بالتالى عليهم حسن استخدام المتوافر حاليا من المياه. وتقدم الحملة نصائح لترشيد الاستهلاك، بعضها من خلال مقاطع فيديو قصيرة. وأحدث هذه المبادرات أخذتها مصممة مواقع شابة هى ريتا فضول التى أطلقت بالتزامن مع اليوم العالمى للبيئة (5 يونيو) موقع «أخضريكا» المعنى بشئون البيئة عموما ومنها ترشيد استهلاك المياه، بدافع اهتمام ريتا «بتعاملنا كمصريين مع المحيط الذى نعيش فيه بشكل عام، بداية من تشويه البيئة والاستهانة بمواردها ومنها المياه»، كما تقول الفتاة موضحة: «فى يوم الأرض لاحظت محتوى بيئيا كبيرا بعضه مفيد لنا فى مصر جدا، لكنه لا يصل للناس بسبب اللغة وعدم التفات كثيرون للقضايا البيئية». وإلى جانب هذه التحركات ذات الطابع الفردى، دخلت جماعات المتطوعين دائرة التوعية، فبعد محاضرة تليفزيونية ألقاها الدكتور عمرو خالد فى برنامج له عن ضرورة الترشيد فى استهلاك المياه، ليطلق فريق «صناع الحياة» مبادرة شعارها «عبادة بلا إسراف» يندرج تحتها عقد ورش عمل وإعداد أبحاث علمية وأعمال أدبية وقصص أطفال لترشيد المياه، إضافة إلى بعض إعلانات فيديو تم نشرها على الإنترنت.
من أجل تحرير النيل
بينما تبدو هذه المبادرات صناعة شعبية لأفراد متطوعين خارج إطار مؤسسة أو كيان سياسى، استدعت أنشطتهم للحفاظ على المياه تحركات مؤسسية موجودة من قبل، منها حملة «مياهنا حياتنا» التى أطلقها حزب الاصلاح والتنمية منذ عام 2008 والتى تسعى «لتقليل المهدر من مياه النيل وزيادة طاقة تحلية مياه البحر وتعظيم حصة مصر من مياه النيل ودعم البحث العلمى فى مجال المياه »، كما يذكر الدكتور أحمد عبد القوى منسق الحملة. وفى أواخر الثمانينيات، بدأ التليفزيون المصرى حملات ترشيد استهلاك المياه من خلال إعلانات بطلتها «الست سنية» ربة المنزل التى كانت «سايبة المية ترخ ترخ من الحنفية»! وحاول الإعلان إقناعها بعدم إهدار المياه. لكن حسام عيد ــ الذى يعمل أيضا مديرا لإحدى شركات الدعاية ــ يرى أن حملات التوعية الرسمية كانت موجهة فقط للطبقة المتوسطة والفقيرة، مثل ربة المنزل المسرفة فى استخدام المياه أو صاحب المحل أو الجناينى الذى يرش المياه باستخدام الخرطوم، بينما الطبقة الغنية هى الأكثر إهدارا للمياه.. هذا الرجل الذى يملك حمام سباحة فى منزله أو من يزرع حديقة منزله بالنجيل أو لديه ملعب جولف». وعادت هذه الحملات مجددا إلى الشاشة المصرية خلال التسعينيات فى شكل حملات متقطعة ابتعدت عنها «الست سنية» ولم تظهر شخصية إعلانية بديلة عنها.ثم ظهر برنامج «صباح الخير يا مصر» الذى حظى بمشاهدة كثيفة فى بداياته، ليذيع فواصل توعوية موجهة للفلاح المصرى تطلب منه رى أراضيه بالتنقيط. ويعلق الدكتور أحمد عبد القوى منسق حملة «مياهنا حياتنا» التى ينظمها حزب الإصلاح والتنمية ــ أن «الوسيلة الجوهرية والأكثر فعالية لتوعية الفلاحين هى التحدث المباشر إليهم فى أماكن عملهم وتجنب النبرة المتعالية التى قد تظهر فى بعض حملات التوعية». فى الإطار نفسه يعتبر الأستاذ مؤسس مجموعة «حرروا النيل» أن «الحملات الرسمية للتوعية بقضية المياه سارت فى اتجاه خاطئ، بمعنى أنها توجهت للفلاح الذى قد يملك قيراطين أرض، وطلبت منه تغيير طريقة الرى التى يتبعها، فى الوقت الذى تنتشر فيه ملاعب الجولف وتبتلع أضعاف كميات المياه التى يستخدمها هذا الفلاح فى الزراعة»، ويضيف «حتى توجيهات مثل إغلق الصنبور بإحكام، هو سلوك مطلوب لكن القضية صارت أكبر من ذلك» وبعد القرار الجمهورى عام 1997 بإنشاء وزارة شئون البيئة، عادت حملات ترشيد المياه للظهور برعاية الوزارة، فظهرت حملة «الميه روح الحياة» التى بدا شعارها مشابها لما ورد فى الكتاب المقدس « وروح الله يرف على وجه المياه»، أيضا «ارضى ضميرك... حافظ على نقطة المياه»، وركز بعضها على التنبيه إلى إمكانية تعرضنا للفقر المائى، واختتمت بالحديث النبوى الشريف «لا تسرف فى المياه ولو كنت على نهر جار». غير أن ثمة نقطة يلفت إليها حسام عيد هى أن «حملات التوعية الرسمية لم تطرح للمشاهد بدائل عن السلوكيات التى اعتادها ونفقد بسببها كميات من المياه»، فضلا عن أن أوقات إذاعتها لم تعد هى التى تحظى بمشاهدة كثيفة، إضافة إلى تجاهلها الوصول لشاشات الفضائيات ــ باستثناء التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون ــ رغم اهتمام المصريين بمتابعتها. ثم جاءت سنة 2000 لتضاف إلى قائمة أدوات حملات التوعية قصص الأطفال التى أعدتها الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بطلتها «سلمى» تلميذة الصف الخامس الابتدائى. وفى تقدير ريتا فضول أن بعض هذه التحركات كان جيدا «رغم ذلك لا أكاد أذكر أيا منها! وفى رأيها أن توجيه سلوك الأطفال تجاه المياه أمر أساسى لترشيد الاستهلاك: «أذكر وقت كنت طفلة كانت الملصقات فوق صنابير المياه فى المدرسة ترشدنا إلى إحكام إغلاق الصنبور، وأحيانا ترشدنا المشرفة فى طابور الصباح إلى التعامل الصحيح مع المياه».
مبادرات شعبية عصرية
فى كل الحملات الشعبية من أجل المياه كان الإعلام الرقمى هو المسرح الأساسى الذى تنطلق منه الجهود، فهو كما يقول حسام عيد «متزايد الجمهور ومنخفض التكلفة»، فى الوقت نفسه لا يغيب الإعلام التقليدى عن تخطيط حسام ومجموعته، ففى رأيه أن «الإعلام الجديد بكل أدواته وتأثيره لا يغنى عن الوسائل التقليدية للتوعية، فالبوابون على سبيل المثال فئة تتعامل يوميا مع المياه وغير حاضرة «أون لاين»، لذلك أتمنى أن تبادر الصحافة التقليدية للمشاركة فى التوعية بترشيد استهلاك المياه، وأن تتجه الشركات الكبرى إلى رعاية إعلانات تليفزيونية للقضية نفسها». وبالأسلوب نفسه عملت مجموعة «حرروا النيل» التى رأت أن العمل الإليكترونى عبر موقع «فيس بوك» ليس وحده قادرا على تحقيق أهدافهم، فاتجهوا للشارع بوقفتين أمام سفارتى إثيوبيا وتنزانيا حمل المحتجون لافتات كتب عليها «نحن جيران» و«لا تستمعوا لإسرائيل» ولافتات أخرى عليها خريطة لمسار نهر النيل وكتب عليها «حرروا النيل» باللغتين العربية والإنجليزية. والمجموعة بصدد الإعداد لندوة حول قضية المياه تنعقد فى نقابة الصحفيين. غير أن حملة «مياهنا حياتنا» وضعت الإنترنت وأدواته فى المرتبة الثانية لقائمة الوسائل المستخدمة كما يقول الأستاذ أحمد عبد القوى: «نركز على التوعية المباشرة لكن ذلك لايعنى إغفال التوعية الرقمية، فمن خلال الإنترنت يمكننا الوصول إلى الشباب الذين يتحول الواحد منهم إلى متطوع لنشر الوعى فى بيئته» وتمتلك الحملة ــ إلى جانب موقعها الإليكترونى ــ حسابات على موقع فيس بوك وقوائم بريدية على جوجل وياهو. وخطاب التوعية بالحرص فى استخدام المياه النقية تعلوه نبرة ارشادية فى هذه المبادرات الشعبية، وأحيانا يقتصر خطابها على المواطنين، إنما يمتد ليشمل «الكيانين الشعبى والرسمى، بحيث يغير المواطن سلوكياته التى من شأنها إهدار المياه، وتعدّل الدولة سياسات يمكنها توفير كمية من مياه النيل»، كما يقول الدكتور عبد القوى. وهو خطاب بسيط سواء استخدم العربية الفصحى مثل حساب تويتر لإرشادات توفير المياه ومجموعة «حرروا النيل»، أو عند استخدامه العامية مثل حملة «النيل ماجاشى». والميزة التى حظى بها هذا النوع الشعبى من المبادرات هو التفاعلية مع الجمهور، الذى يمكنه إعلان إعجابه بالحملة عبر الانضمام إلى المجموعة الخاصة بها على «فيس بوك»، فقد تجاوز عدد المشتركين فى جروب «حرروا النيل» 1500 مستخدم، أو الكتابة عنها فى المدونات أو تتبع الحساب الخاص بها على تويتر، ويشعر مسئولو حساب Water Tips على تويتر بتجاوب الجمهور معهم «سواء بإعادة إرسال النصائح التى نقدمها أو برسائلهم إلينا» كما يوضح حسام عيد الذى يروى: «إحدى السيدات التى وصلتها نصائحنا أرسلت تقول إنها نهرت عامل الجراج لاستخدامه الخرطوم لغسيل سياراتها، وطلبت منه أن يستخدم الفوطة والجردل»، وهو ما يغيب عن الحملات الرسمية. اللافت أيضا أن الأفراد من أصحاب مبادرات التوعية بترشيد استهلاك المياه يعرف بعضهم بعضا بطريقة أو بأخرى، فحساب Water Tips يتعاون بعض المسئولين عنه مع حملة «النيل ماجاشى» الذين يعرف كثير منهم ريتا صاحبة موقع «أخضريكا» وهكذا فى سلسلة من العلاقات المتشابكة.. فى المقابل ينفذ الحملات الرسمية عدد محدود من الجهات ينتمى جميعها إلى الكيان الحكومى، وتنحصر شبكة علاقاتها مع المؤسسات الدولية الكبرى التى تشاركها جهود التوعية، خاصة اليونيسيف.
|
|