مسجد .. وكنيسة .. ومعبد .. يلتقى الثلاثة ولا تفصل بينهم سوى امتار قليلة . فى مدينة الفسطاط فى مصر القديمة تتكلم الجدران بحوارحقيقى من لحم ودم بين الاديان الثلاثة .. تحتضن المساجد الكنائس بجوارهم المعبد .
يتشكل فى مصر القديمة مجمع طبيعى للاديان يضم مسجد عمرو ابن العاص اول مسجد فى مصر ، والكنيسة المعلقة اقدم كنيسة وكاتدرائية فى مصر . ولا يخلو المكان من معبد "بن عزرا " اهم اهم المعالم اليهودية فى مصر .. يوجد فى ذات المكان المتحف القبطى .
الصورة الثلاثية الممزوجة للديانات الثلاثة تؤكد ان هناك حكاية شعب عاش باختلاف مذاهبة فى مكان واحد لا تفصل بينهم سوى امتار قليلة .بل ان كل موقعلا فيهم كانم مقرا للسطلة الدينية لكل ديانه .
جامع عمرو
تم بناء جامع عمرو بن العاص عام 21 هـ ، وهو أكبر وأقدم المساجد بإفريقيا، وقد شارك عدد من الصحابة في تصميمه أهمهم الصحابى الجليل "أبو ذر الغفاري"، ومسجد عمرومعروف بـ "تاج الجوامع" و "الجامع العتيق" إذ تزامن إنشاؤه مع انتهاء عمليات الفتح الإسلامي لمصر وبناء مدينة الفسطاط عام 642 ميلادية والتي كانت مقراً لعاصمة مصر الإسلامية.
يتكون جامع عمرو من مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية للجامع الذي يتكون من صحن كبير مكشوف تحيط به اربعة اروقة ذات أسقف خشبية، اكبرها رواق القبلة ويتكون من 21 بائكة عمودية على جدار القبلة، وتتكون كل بائكة من ستة عقود مُدببة مُرتكزة على أعمدة رخامية، كما يوجد بجوار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر مُراد بك.
ويوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، كما يتوسط الجامع قبة مُقامة على ثماني أعمدة رخامية مُستديرة الشكل، ويتوج واجهات الجامع من الخارج شرفات هرمية مُسننة، وللجامع مئذنة يعود تاريخها إلى عصر مراد بك، وهي عبارة عن مئذنة بسيطة تتكون من دورة واحدة ذات قمة مخروطية.
لم يقتصر النشاط في جامع عمرو بن العاص على أداء الصلاة فقط. بل كان مسجداً جامعاً لامور الدنيا والدين، حيث كانت توجد به محكمة لفض المُنازعات الدينية، وبيت للمال، كما كانت تعقد فيه حلقات دروس لكبار العُلماء أمثال الإمام الشافعي والليث بن سعد، والعز بن عبد السلام.
حصن بابليون
يتميز هذا الموقع بأنه يتوسط مصر بين الوجه البحري والوجه القبلي، ولذلك تم بناء حصن بابليون به للحماية العسكرية الرومانية ليكون خط الدفاع الأول لبوابة مصر لشرقية، ومن خلاله يُحكم الرومان السيطرة على أي ثورات تقوم ضد حُكمهم في الشمال أو الجنوب.
ويُطلق على الحصن مُسمى قلعة بابليون أو قصر الشمع، ويرجع إطلاق هذا المُسمى عليه لأنه كان أول كل شهر توقد الشموع على أحد أبراج الحصن، ويقع بداخل الحصن عدد من المعالم الأثرية القبطية منها المتحف القبطي وست كنائس قبطية ودير، وهي كنيسة العذراء والمعـروفة بالمعلقـــة - أبي ســرجه - القديســــة بربارة - مارجـــرجس - قصرية الريحــان - دير مار جرجس للراهبات - مار جرجس للروم الأرثوذكس بجانب المعبد اليهودي.
المتحف القبطي
يضم أيضا حصن بابليون المتحف القبطى الذي أسس عام 1910 على يد مرقس سميكة باشا، وذلك لأهمية وجود مكان يتسع لضم مجموعات آثرية من العصر المسيحي التي تم تخزينها في إحدى القاعات القريبة من الكنيسة المُعلقة ولتسهيل دراسة تاريخ المسيحية في مصر.
تبلغ مساحة المتحف القبطي الكلية، الذي يرصد تاريخ المسيحية في مصر، حوالي 8000 م كما يبلغ عدد مقتنياته حوالي 16000 أثراً رتبت تبعاً لنوعياتها إلى اثني عشر قسماً، عرضت عرضاً علمياً رُوعي فيه الترتيب الزمني، وأهم هذه المعروضات كتاب "مزامير داود" الذي خصصت له قاعة مُنفصلة.
الكنيسة المعلقة
وتقع كنيسة السيدة العذراء الشهيرة باسم "الكنيسة المُعلقة"، لتشييدها فوق حصن بابليون الروماني على ارتفاع 13 متراً فوق سطح الأرض.
ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن الخامس الميلادي، فهي إحدى أقدم كنائس مصر، وكانت في الأصل معبداً فرعونياً، وفي عام 80 ميلادية شيّد الإمبراطور الروماني "تراجان" حصن بابليون الروماني على أجزاء من المعبد، لاستخدامه في العبادة الوثنية، وعندما انتشرت المسيحية واعتنق الرومان المسيحية، تحوّل المعبد الوثني إلى أقدم كنيسة رومانية في مصر، بل وأقدم كاتدرائية ومقر للكرسي البابوي، وما زالت الشعائر الدينية تقام فيها لليوم.
تحتوي الكنيسة على 120 أيقونة موزعة على جدرانها وتحتوى بداخلها على كنيسة أخرى يصعد إليها من سلم خشبي وهى كنيسة مار مرقس، وتحتفظ بالطابع الإسلامي المُتمثل بالأرابيسك والهندسة الفاطمية المُميزة.
كذلك تعد كنيسة "بربارة" إحدى أقدم وأجمل الكنائس، وقد شيدت في آواخر القرن الرابع عشر وكرست باسم القديسة بربارة، بالإضافة إلى كنيسة أبي سرجة والتي اختبأت في مغارتها العائلة المُقدسة مع بداية رحلتها في مصر، وكنيسة "قصرية الريحان" والتي أنشئت في بداية القرن الرابع الهجري في عهد الملك الحاكم بأمر الله، وتُعرف أيضاً باسم كنيسة السيدة العذراء.
معبد بن عزرا
ومن بين أثار مُجمع الأديان المعبد اليهودي، والذي كان في الأصل كنيسة ثم تحول إلى معبد في عهد أحمد بن طولون بعد أن اشترته الطائفة اليهودية وزعيمها في ذلك الوقت "إبراهام بن عزرا"، ولهذا يُطلق عليه "معبد بن عزرا".
ويعود تمسك اليهود بالاستحواذ على المعبد لاعتقادهم بأن الصندوق الذي رمي فيه النبي موسى "عليه السلام" وهو طفل انتشل في هذه المنطقة.
والمعبد أحد أهم المعالم اليهودية في مصر لأنه كان مركز حياة اليهود الثقافية والدينية في العصور الوسطى، إضافة إلى اكتشاف مجموعة "الجنيزا" في آواخر القرن التاسع عشر، وهي وثائق يهودية تغطي فترة العصور الوسطى، وتكشف مدى اندماج اليهود في الحياة العامة، عكس الاضطهاد الذي أنزله بهم الأوروبيون.
حاليا وما قبل التاريخ
أما على الجانب الحديث في منطقة مُجمع الأديان فقد أنشئ حديثاً متحف لآثار القاهرة، ويُقام على مساحة 22 فداناً خلف حديقة الفسطاط، وهو متحف مُصغر داخل متحف الحضارة، يضم كل ما يتعلق بموضوعات ترتبط بالقاهرة في فترة ما قبل التاريخ، وحتى العصر الحديث، من كتابة وثقافة مادية وتراث شعبي، وتقوم فلسفته علي استغلال المنطقة الفريدة الواقع فيها بالقرب من مواقع الديانات الثلاث.
ويضم المتحف قطعا أثرية ترجع للعصور الفرعونية من بينها آثار من عصر "رمسيس الثاني ومرنبتاح" من الأسرة التاسعة عشر من منطقة المطرية بالقاهرة حتى يعكس المتحف من خلال معروضاته التطور الفني والمعماري للقاهرة منذ عصر الفراعنة ومروراً بالعصر المسيحي والإسلامي وحتى العصر الحديث.