سقط سهواً
وقف صاحبي على الرصيف مندهشاً بعدما شدَّتْهُ اليافطة الكبيرة
المرفوعة فوق صدر أحد الدكاكين معلنة عن بيع وشراء وتبديل قطع
آدمية . وكأننا بحراج للسيارات !
عبر الدكان وقد كان مكتظاً بالزبائن . أخذ يجوب الأرفف رفَّاً رفاَ
وفي نيته استعراض البضاعة المعروضة . أصحابها , سنة صنعها
وتاريخ صلاحيتها , وسعرها .
مرَّ بنظره على قلب ميل جيبسون الشجاع , وقلب شريف منير الميت .
ووقف يتأمل أذني اوباما الكبيرتين . وقدمي ابو تريكة السريعتين .
هناك أمخاخ كثيرة , منها أمخاخ مَنْ حصلوا على جوائز نوبل وأوسكار .
وهناك مخيخ جورج دبليو بوش . ومخيخ المحرض على الإقتتال الفلسطيني .
ومخيخ حامل لواء الإسلام ضد الصليبين والكفار .
ومخيخ حامي حمى المسيحية من تطرف أعداء المسيح . .
وهناك مخالب ألأسد . ورقاب بحجم السمسمة . وهناك بشرة بيضاء
ناعمة لهيلاري . وبشرة سمراء كالحة لكوندوليزا .
وقف صاحبنا مطولا أمام أنف بنيامين نتنياهو وسأل نفسه بينما كان
يرنو الأقنعة الحية لوجوه الملوك والرؤساء العرب المعروضة قرب " النتن "
هل سأخنف مثله اذا قمت بإستبدال أنفي بأنفه , وأشم رائحة
البلى قبل وقوعه ؟ " . لكنه عاد عن سؤاله هذا حين تذكر أنف ابو الهول
وفعلة نابوليون به .
وقبل ان ينهي صاحبنا جولته التفقدية سأل البائع مستفسراً :
ــ ألم تلاحظ معي أن جميع البضاعة المعروضة لأناس ما زالوا أحياءاً ؟
وهل هم راضون وموافقون ؟
إنتصب الرجل وأخذ يتلفت حوله . اقترب من صاحبنا وهو يقول له :
ــ لكل سعره يا حضرة الزبون المحترم . وحين يتم القبول والإتفاق
لن تجد فرقاً . فالحياة ستغدو كالموت . على الأقل بنظرنا نحن .
.