خطر الفيس بوك
للكاتب : الشيخ/ محمد بن صالح المنجد
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، موقع الفيس بوك هذا موقع التعارف والعلاقات الاجتماعية التي يعتبر أهم مجتمع افتراضي على الإنترنت، والذى يبلغ مستخدميه أكثر من مائتي مليون على مستوى العالم حتى الآن، ونسبة المشتركين من الدول العربية واضح الكثرة فيها: تسعمائة ألف مصر، مائتان وخمسين ألف من السعودية، ثلاث مائة ألف من لبنان، الموقع متاح بأربعين لغة ومنتشر، والواضح أنهم يخططون لإطلاق أكثر من ستين لغة أخرى، الزيادة على الموقع مطردة والازدياد في الدخول عليه من العالم العربي أكثر.
ليست العلة الآن في قضية وجود مواقع للتعارف لكن ماذا بعد التعارف؟، وتعارف من على من؟، وما هي الأهداف؟... هناك عشرات الآلاف من المجموعات المشتركين في مختلف المجالات منها مجالات قذرة، الإناث يستخدمن موقع أكثر من الذكور بحوالي 70 في المائة.
هذا الموقع في الحقيقة مجال لسرقة المعلومات وأخذ معلومات من بعض الأشخاص الذين يدخلون هذا الموقع دون فهم أو وعي من بعض من عندهم شيء من الغفلة، وإدارة الموقع تطرح المعلومات التى تتعلق بأعضائه علنًا حتى لمحركات البحث مثل جوجل وياهوو، بهدف بناء دليل إلكتروني عالمي يحتوى على أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية سواء سير ذاتية وأرقام هواتف وهوايات الأعضاء إلى آخره؛ وبالتالي أي شخص يبحث على الشبكة سيصل إلى المعلومات المسجلة في هذا الموقع، بل حتى لو غذي الموقع بفواتير وسجلات طبية ومدرسية وأكاديمية وضريبية وحسابات ومصرفية بطاقات ائتمانية ومشتريات شخصية وأسرار شخصية كلها، يمكن أن تكون عرضة للانكشاف.
الموقع هذا حَصل على بعض الانتقادات العالمية؛ نتيجة تجاهل خصوصية أعضائه واستغلال صورهم وبياناتهم ونشاطتهم الاجتماعية وبيعها لشركات تسويق عالمية، وكذلك يتتبع نشاطات الأعضاء في المجالات والمدونات والمجموعات وتنشر علانية يعني ليس لها خصوصية، والاشتراطات المذكورة في الموقع والتي يغفل عنها كثير من رواده أن إلغاء المعلومات الشخصية لا يمكن والموقع يشترط حرية استخدامه، والإضافة عليها تحول الموقع لممارسة عمليات تجسس كثيرة بل عمليات تجنيب مشبوهة، وكذلك صار هنالك استخدام له حتى من دولة اليهود؛ لجمع المعلومات عن بعض المجتمعات العربية والأشياء الخاصة والأشياء الحساسة، وقد تنبهت بعض الحكومات الأوروبية لحجب هذا الموقع كما فعلت حكومة أونتاريو، وفي كندا، ووزارات عدة في استراليا، وجامعة ميونكس في الولايات المتحدة...
الموقع في الحقيقة هو موقع فضائح، هو يفضح وينشر خصوصيات أيضًا، وهو موقع يقبل التجسس على الآخرين؛ ولذلك:
أولًا: احذر يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة لماذا الدخول على هذا الموقع؟ وما هو الهدف؟
ثانيًا: ما هي المعلومات التي ستكتبونها؟
ثالثًا: هل يوجد أي أسرار عائلية أوخاصه مثلًا؟
وإذا كان يمكن الاطلاع، فكيف يجوز لامرأةٍ أن تدخل صورتها على سبيل المثال؟!
وينبغي أن لا ينجرف المستخدم المسلم لهذا الموقع؛ فيتكلم عن خصوصيات تتعلق به ويصرح ويصارح بأشياء تضره من أسراره الخاصة، وكذلك فإنه ينبغي معرفة الشروط والتعليمات والانتباه لها ولو كانت باللغة الإنجليزية لابد من ترجمتها، ويستغل بعض ضعاف النفوس من صغار السن ويتم التحرش بهم بعد ذلك، وإدارة الموقع أضافت أربعين برنامجًا لحماية الأطفال من الإساءة الجنسية...
الحقيقه أن الموقع به أشياء خطيرة جدًا وانفتاحات غير محسوبة، وقال الله -عز وجل-: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [سورة النور: 31]، يحصل فى الموقع هذا من أنواع التعارف بين الجنسين التعارفات المحرمة، وقضية تبادل الصور وعشق الصور، والوقوع فى مرض التعلق القلبي، وقد قال السلف: "العشق هو حركة قلب فارغ"، يقول أحدهم: "ابتليت بالحديث من أكثر من مائة فتاة، والحديث معهن وتبادل الغرام ووصل الأمر إلى مقابلة البعض"... فأين إغلاق باب الفتن؟... أين الامتناع عن المحادثات المؤدية إلى علاقات تؤدي إلى الوقوع في الفاحشة؟
ويجب على الفتاة أن تتقِ الله وأن تراعِ عفتها وحشمتها، وليست الآن قضية دخول هي قضية الدخول من أجل التعرف على من هب ودب، كم من شخص فقد دينه وكرامته!، وكم من فقدت شرفها وعفتها!، كم حصل من الخدش للحياء!، كم حصل من بذاءة اللسان!، كم حصل من بذاءة الكلمات المتبادلة!، وأين العفة؟، وأين الأدب الذي علمتنا إياه الشريعة؟... ثم إن إشراف الأباء والأمهات ضعيف، وعدم الانتباه لما يحدث من الأبناء والبنات كذلك ثم هنالك قوائم تُؤلف لماذا؟ القوائم الموجودة في الفيس بوك مصنفة لأي شيء؟، ما هو الهدف عندما تعمل قائمتك؟ ستضم إليها من؟
ثم لدينا قضية التجسس أيها الأخوة والأخوات، الله -سبحانه وتعالى- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا} [سورة الحجرات: 12]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أيضًا نهانا عن هذا ثم قضية تتبع أثار الناس والاطلاع على أسرار الناس ماحكمه؟ «من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه و لو في جوف بيته» [الراوي: أبو برزة الأسلمي و البراء بن عازب، المحدث: الألباني، صحيح] ثم نجد الآن طلب العورات وطلب المعايب، والاطلاع على الخصوصيات...
قضية التطفل على الآخرين، مخالفة حتى لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» [الراوي: أبو هريرة، المحدث: النووي، حسن]، وأنت ستطلع وتطلع وتطلع إلى كم ستطلع؟ الواجب ستر المسلم، وعدم فضح المسلم، والمحافظة على أسرار البنات، الذى يجب على الإنسان لو رأى مغفلًا أو أخاه المسلم عنده هذه الغفلة والسهولة فى إعطاء ما عنده من معلومات أن ينبهه وأن ينصحه؛ لأن المسلمين كالجسد الواحد، لذلك نجد أن عمليات الاستدراج التى يمكن أن تتم من هذا الموقع، وقضية الإغراء والإغواء هذه من سبل الشيطان فكيف يرضى الإنسان أن يعاون إبليس أو يكون من جند إبليس في عملية الإغراء والإغواء.
وأيضًا فإن المسلم لا يرضى بأن يهتك أحد أسراره العائلية وخصوصياته فكيف يقع هذا منه بالنسبة للآخرين؟!، وقضية الاشتغال بما لا ينفع، كم ضاعت أوقات في الفيس بوك وغير الفيس بوك!!، كم حصل من أنواع الإيذاءات عبره!!، ولذلك فإننا يجب أن نحذر أشد الحذر من هذه التصرفات، ولا يصلح التوسع في التصوير الحاصل هذا فى كل مكان ثم وضع هذه الصور في كل مكان،
نقول: اتقوا الله، اتقوا الله، اتقوا الله، فليست هذه صور، وخصوصًا صور النساء لايمكن أن تكون مجالًا لنهب أعين البشر، ويجب أن توجه هذه البرامج سواء كانت في هذا الموقع أو في غيره إلى أشياء مفيدة؛ لتبادل معلومات مفيدة أبحاث مفيدة حتى لو كانت دنيوية، كذلك ينبغي أن يستغل في السبيل الدعوي على سبيل المثال قد تكوّن أنت مجموعات وتعارفات لكن تقصد منها قصد نبيل شرعي لا يتعارض مع الدين، مفيد، نافع، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «احرص على ماينفعك» [الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، صحيح]، أين استثمار الفرص فى الدعوة إلى الله وهداية الناس؟ ووضع الملفات المفيدة صوتية ومرئية ونصية؛ لأجل إفادة الأخرين؟
نسأل الله أن يجعلنا جميعًا وإياكم هداة مهتدين وأن ينعم علينا بالمغفرة وحسن الخاتمة أجمعين، أستودعكم الله، والسلام عليكم.