هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10157 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: نشأة اللغـــــة العربيـــــــة 17/5/2010, 15:05 | |
| اللغة :
( ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم , وهي من الأوضاع البشرية ) ..
اللغة العربية :
( إحدى اللغات السامية وهي لغة امة العرب القديمة العهد الشائعة الذكر التي كانت تسكن الجزيرة المنسوبة إليها الطرف الغربي من آسيا ) .
- أول من أطلق عليها هذا الاسم :
اللغة العربية فرع من فصيلة كبيرة يطلق عليها " اللغات السامية " وأول من أطلق مسمى اللغة العربية هو المستشرق " شلوتسر " اخذ ذلك الاسم من جدول تقسيم الشعوب الموجودة في التوراة ذلك الجدول يرجع لكل الشعوب التي عمرت الأرض بعد طوفان نوح إلى أولاده الثلاثة : سام - حام – يافث
وهذه التسمية مختصرة مناسبة كما هو الواجب في التسميات الاصطلاحية إلا أن العلم يفهم منها شيئا يختلف إلى حد ما عمَا يفهمه مؤلف جدول الشعوب في التوراة لانه بنى تقسيمه على اعتبارات سياسية وحدود جغرافية فحسب ولذلك جعل العلاميين واللوديين من أبناء سام لأنهما كانا من رعايا الدولة الآشورية على الرغم من انه لا توجد بين هذين الشعبين قرابة من ناحية كما انه ليس بينهما وبين الآشوريين قرابة من ناحية أخرى كما جعل الفينيقيين من أبناء حام بسبب صلتهم السياسية بالمصريين على الرغم من أنهم أقرب الشعوب إلى العبريين ....
- اللغة العربية قبل الإسلام :
هذه اللغة كان لها شأن قبل الإسلام كما كان لها بعد أخر ، وقبل أن نتعرف على شأنها الثاني ، يجدر بنا نعرف شانها الأول .
لقد نشأت هذه اللغة ونمت في عهدها الأول _ أي قبل الإسلام _ وهي ما زالت في حجر أمها " اللغة السامية " أي قبل انفصالها عن أخواتها "الكلدانية والعبرانية والفينيقية والآرامية والأكدية" بقسميها البابلي والآشوري ثم الأحريتية التي هي لغة قريش نقوش راس شمرا ..
فحين حاط الساميون بالجزيرة العربية كان لهذه البيئة أثرها في تلوين لسانهم وإمداد لغتهم بالكثير مما لم تضمه بيئتهم الأولى التي خلفوها وراءهم كما كان لمن جاوروهم وخالطوهم من أمم وشعوب اثر أخر ...
وإذا كانت الرقعة الجديدة فسيحة ممتدة مختلفة صقعا عن صقع اختلفت لغة هذه القبائل النازحة إليها لغة عن لغة فكان للحجاز لغة واليمن لغة ثم لكل من الحجاز واليمن لغات للانقسام إلى قبائل وعشائر وفصائل يضرب بين الكل منها وهاد وجاد ولكل هذه اللغات كلها بالرغم من اختلافها كانت تظل تحت راية واحدة ووحدة جامعة " اللغة العربية " ...
- اللغة العربية في ظل الاسلام :
كما أحدث الإسلام هذه الإضافة المعنوية الجديدة للتعبير عن معان جديدة او جبها التشريع الجديد واو جبتها العلوم الجديدة التي ظهرت بظهور الإسلام منبثقة منه فلقد أمات ظهور الإسلام ألفاظ الجاهلية التي كانت تسمى العقائد الجاهلية التي اختفت بظهور الإسلام كما كانت تسمى عبادات ماتت بظهور الإسلام ومن ذلك " المرباع " وهو ربع الغنيمة الذي كان يأخذه الرئيس ومن ذلك تسميتهم في الجاهلية لمن لا يحج " صرورة " إلى غير ذلك من الألفاظ والعبارات الأخرى كثيرة ولكن نكتفي بمَ ذكر ... أما عن المصطلحات الإدارية التي تبعت ظهور الإسلام ك " الخليفة والوزارة والكتابة والحجابة " إلى غير ذلك ولم يكن حظ المصطلحات العلمية بقليل ولاسيما بعد اتساع الرقعة الإسلامية وأظلت الراية الإسلامية حضارات مختلفة ونقل إلى العربية كتب عن لغات أخرى في العلوم والفلسفة والدارسون لهذا والمقتصون له يجدون من تلك المصطلحات جملة كبيرة وفي الحق انه لم يكن ثمة شيء له أثره في اللغة العربية أقوى من الإسلام ولا اظهر ..
فمنذ أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم قومه بالقران الكرم منزلا عليه من ربه بلسان عربي مبين كانت تلك الصلة الوثيقة بين اللغة والدين وكتب اللغة العربية ذلك المستقبل العظيم بحصيلته الباهرة فبالإسلام ونزول القران بلسان عربي مبين كانت معجزة الرسول الكريم التي تحدى بها قومه فتبوأت اللغة العربية مكانها بين اللغات الحية وأصبحت لغة دين وحضارة معا ثم كتب لتلك اللغة العربية التي محصورة في بيئة لا تعدوها أن تنتشر في بيئات مختلفة وان تجمع تحت رايتها أمماً كانوا على السنة غير عربية فأصبحوا يتكلمون العربية من اسبانيا إلى أواسط آسيا شرقا ولقد حظيت اللغة العربية في أوائل الدولة العباسية بأجمل عناية بما يتصل بقواعدها ثم كان العصر الذهبي للأدب العربي ولم يزعزع ذلك الانحلال الذي منيت به الدولة أواخر الدولة العباسية ....
- أثر الإسلام على اللغة العربية وأساليبها :
لقد كان لظهور الإسلام أثراً , أي أثر في اللغة العربية وأساليبها وألفاظها وهذا بسبب انتعاش نفوس المسلمين بروح القرآن وغرامهم بأسلوبه . من هنا كان ظهور ألفاظ القران وأساليبه في لغة المسلمين شعرا ونثرا وكتابة وخطابة ويمكن التعرف على هذا التأثير في شيئين هما الأسلوب والألفاظ .
ومن اليسير ملاحظته التغير في الأسلوب فما جاء على السنة الكهنة في الجاهلية وبين ما جرى على السنة خطباء الإسلام ، فمثلا قول طريفة كاهنة اليمن حين خاف أهل مآدب من سيل العرم وعليهم مزيقياء عمرو بن عامر فإنها قالت لهم لا تؤموا مكة حتى أقول وما علمني ما أقول الحكم المحكم رب جميع الأمم من عرب وعجم . فهذاك شكلُ الكتابة والأسلوب الذي أتخذه البعض في الجاهلية .
أما الأسلوب الذي أتخذه خطباء الإسلام فمنه هذا الشكل والتي كتبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص لمَا بعث به إلى فتح مصر ثم تخوف فكتب إليه :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، من الخليفة عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص عليكم سلام الله تعالى وبركاته أما بعد فإن أدركك كتابي هذا وأنت لم تدخل مصر فارجع عنها وأما إذا أدركك وقد دخلتها أو شيئا من أرضها فامضِ وأعلم أني ممدك ."
وهكذا نجد فرقا بين أسلوب وأسلوب.
أسلوب جاهلي فيه مقومات الجاهلية والأسلوب الإسلامي فيه مقومات الإسلام ومحاكاة القرآن الكريم ، أما التأثير في الألفاظ فهو أمر طبيعي اقتضته تلك المعاني الجديدة التي دخل الإسلام بها وحملتها ألفاظ كان لها معان غير تلك المعاني الإسلامية . إن المصطلحات الشرعية والفقهية للكثير مثل الزكاة والصلاة والسجود والركوع فهذه وغيرها دلالات قبل الإسلام ولما جاء الإسلام حملها دلالات جديدة وأصبحت لغة القرآن عند المسلمين عامة سواء كانوا عرب ام غير عرب .
ونخلص إلى القول :
- خلد الإسلام اللغة العربية حين نزل القران بلسان عربي مبين وضمن الله تعالى لها الخلود بقوله " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( الحجر 9 ) وحفظ القران يستلزم حفظ لغته التي نزل بها .
- أثر الإسلام في لغة العرب انه جعلها لغة عالمية غير مقصورة على إقليم معين يحرص كل مسلم على وجه الأرض على تعلمها ليقرأ بها القرآن في صلاته .
- ومن أثره أيضا انه دقق ألفاظها وأبعدها عن الجفاء والغلظة كما حول أساليبها إلى العذوبة والسلاسة .
- نشاة الفصحى :
لقد نشأت اللغة العربية المشتركة من مكة وأم القرى وبلد الله الحرام لظروف دينية وسياسية واقتصادية .
الظروف الدينيةوالسياسية فذلك لأن بيئة مكة كانت منذ عهود سحيقة قبل الإسلام بيئة مقدسة يفد إليها العرب من كل فج ليحجوا إليها ويؤدي هذا بالطبع إلى اجتماع فريق كبير من العرب في هذه البقعة المباركة ويختلطون بأهلها ومن هذا الاختلاط ينشا ما يسمى باللغة المشتركة وليس الأمر اصطلاحا شعوريا بين القبائل على اختيار لغة معينة كلفة قريش مثلا لغة مشتركة وإنما ذلك الأمر لا شعوري كما يحدث للريفي الذي يحضر إلى المدينة ويعيش فيها مدة مثلا فانه سرعان ما يتأثر باللهجة المدنية قهرا عنه ودون شعور منه ، وهذه القبائل لم تفد إلى مكة للحج والعبادة فقط وإنما ليشهدوا كذلك تلك الأسواق التي تقام حول مكة للبيع والشراء وكانت تعقد في تلك الأسواق ندوات أدبية للخطباء والشعراء ويسمع فيها عيون الشعر وجيد القول كما كانت الحال في سوق عكاظ المشهورة التي كانت تدوم فيها الندوات ما يقرب من الشهرين وفي هذه الأسواق كان أهل مكة يختلطون بالوافدين فيسمعون منهم كما يسمع منهم هؤلاء هناك نبتت البذرة الأولى للغة المشتركة بين هؤلاء القبائل جميعا ونمت وازدهرت بتوالي وفود القبائل إلى هذه الأسواق وقد حملت هذه الوفود تلك اللغة المشتركة إلى مواطن قبائلها فانتشرت بين أنحاء الجزيرة العربية ولكنها لم تنتشر على ما نرجح إلا بين الخاصة فقط من أبناء القبائل المختلفة وهم أولئك الشعراء والخطباء وقد ازدهرت هذه اللغة نموا وازدهارا بنزول القرآن الكريم بها ولسنا نوافق القائلين بان نزول القران هو الذي وحد اللغة وأوجد اللغة المشتركة ، والقاسم المشترك ، لأن هذه اللغة نمت وازدهرت وكما قلنا قبل نزول القران الكريم بها ولذا تخيرها القران بنزوله ليفهمه جميع الناس في شتى القبائل العربية هذه هو العامل الديني .
الظروف الاقتصادية لها أهميتها في تكوين اللغة المشتركة فان أهل مكة كانوا تجاراً ينتقلون بتجارتهم في أمكان مختلفة ويرتحلون بها إلى اليمن في الشتاء والى الشام في الصيف ولا يستقرون في مكان إلا بمقدار الزمن الذي يحدده لهم البيع والشراء والنشاط هذا النشاط التجاري الضخم قد أتاح لهم الغنى والثراء ومن ملك المال واحتضن الدين فقد حقق له سلطان سياسي قوي وكان أكثر حضارة وأقوى نفوذا من غيره ولهذا كله كانت اللهجة القرشية من أقوى اللهجات أثرا في تكوين اللغة العربية الفصحى وتتميز تلك اللغة الفصحى المشتركة بصفات معينة شانها في ذلك شان كل اللغة المشتركة .
- سبب بقاء العربية :
هذا وإذا كان قدَر للغة العربية الفصحى أن تعمر إلى الآن ، لا يعنينا انكماشها حينا وانبساطها حينا آخر ولكن يعنينا أنها بقيت إلى اليوم وبقي لها ظل ممدود فهذا البقاء إذا أمعنا فيه النظر لم نجد ولن نجد سببا إلا القرآن الكريم محفوظا إلى اليوم وسوف يظل إلى يوم البعث ، قال تعالى : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر9 .
فالقرآن الكريم هو الذي كان سببا في بقاء اللغة العربية الفصحى إذ أن كل مسلم مطالب بأن يطالعه ويحفظه أو يحفظ منه قدراً ، فلولا القرآن لتشتت اللغة العربية وتجزأت وكانت لغات ولهجات لكل قطر لغته ولهجته كما صارت إليه اللغة اللاتينية بعد ذهاب دولة الرومان ولم يعد للدولة الرومانية ولا للأمة الرومانية وجود بعد ذهاب لغتها اللاتينية ومثل ما حدث للرومان حدث للسريان والأنباط في الشام .
إنما اللغة العربية قد حفظها القرآن الكريم فحفظ بها التفاهم بين المسلمين كافة في السعودية والكويت والمغرب ومصر والعراق والشام واليمن والشام والسودان ودول الخليج العربي وغيرها ولولا بقاء العربية ببقاء القرآن الكريم لأصبحت هذه الأمة أمم ذات ألسنة مختلفة ولهجات متعددة يصعب التفاهم بينها وكان من الممكن أن تذوب لغتها في لغة من تسلطوا عليها وهذا لو تم لكان من اليسير اندماجها في غيرها وانسلاخها من الكيان العربي والوحدة العربية ، فالقرآن الكريم هو الذي أبقى هذه الشعوب أمة واحدة ذات لسان واحد عربي واحد مبين ثم لا ننسى من انطووا تحت لواء الإسلام من شعوب كما هو الحال في باكستان واندونيسيا وإيران وتركيا والهند والصين بل في أمريكا وروسيا وأوروبا وأصبح فيهم من يقرأ القرآن بعد أن قرأ العربية ، على حين أن النصارى واليهود يقرؤون التوراة والإنجيل باللغات التي ترجمت إليها ، وعلى أية حال فأثر القرآن الكريم في اللغة العربية لا يعد له اثر يقرب منه اثر إلى كتاب ديني آخر في لغته التي كتبت بها إذ انه ليست لهذه اللغة الأخرى قدسيتها التي هي للقرآن ، ثم ليس لها إعجازها كما هو الحال في اللغة العربية فهي لغة تحدى الله سبحانه المعاندين أن يحاكوها ويأتوا بآية أو ببعض آية . |
|