ثلاثون عامًا تمرُّ الظباءْ
بطاءً سراعًا سراعًا بطاءْ
تسابق في ركضها الشاعريِّ
ثلاثين "إلياذةٍ" من دماء
ثلاثون عامًا وفي القلب وهم
ٌ وفي الغيب سهم وفي النبع ماء
سينهمر المسك يا صاحبي
فقل للينابيع: إن الظباءْ...
ستركض حتى فناء الشهود
ونركض حتى شهود الفناء
وقفنا لنضبط أنفاسنا
فهرولتِ الأرض تحت الحذاء
لقد نضجَت نار طبَّاخهم
ولن يحضر الطيبون العشاء
يُخيَّل لي أن أختي "الحياةَ"
تتبِّل بالسمِّ هذا الشواء
تذكرت، سرنا معًا ذات "شعرٍ"
فقيرَين مهنتنا الكبرياء
على بعد "موتين" من ذاتنا
على بعد "عمرين" ممَّا نشاء
بعيدَين عن أمنا يا ابن أمي
نشمِّس أيامنا في العراء!!
نُرَاعُ إذا مرَّ ذئب النُّعاسِ
ونُنْشِبُ أظفارَنا في الهواء
ولاَ نجمةٌ في سما الآخرين
تسامرُنا في ليالي الشتاء
كعادتِنا لا نُطيل الوداع
لنشعر أنَّا نُطيلُ اللقاء
تَنَاجَى الغريبانِ: - كيف العراق؟
عَصِيٌّ على الموتِ والإنحناء
مَدِين بحصَّته في العذاب
وقد يُحسِن المستدين الوفاء
من الصخر يطحن بعض الدقيق
ويصنع من غيمتين الحساء
ويسقي الصغار حليب "النجوم"
يطبِّبهم بحبوب "الدعاء"
على نغمات سقوط القنابـل
يضبط إيقاعه في الغناء
ويرفع عن قاتليه الغِطاء
ويشعل "فانوس" آلامه
صرختُ به: هل تركتَ العراق؟
فجرَّ حقيبته في حياء
معي في الحقيبة قبضةُ طين
وشتلة نخل ونهرُ بكاء
سأزرع في كل شبرٍ عراقًا
يرحِّب بالأهل والأصدقاء!!
سيتَّسع الجرح يا صاحبي
إلى أن يضيق عليه الفضاء
لقد بدأ العرس، هيِّئ دماءكَ
وادخل مَهِيبًا إلى كربلاء
بعيدٌ هو الماء فاكسر إناءَكَ
كي تتكلم فيك السماء
على عتبات السَّنا شُفتَني
وناولتَني خرقة الأولياء
- لنا خطوة البدء يا صاحبي
وليس لنا خطوة الإنتهاء
تـمتَّع بأول نجمة صبح
بأول شمسٍ تزور المساء
بلسعة أولِ موجة بحرٍ
بأول تنهيدة للنساء
بأول صوت يقول: بلادي
فيشعر أن التراب استضاء
بأول عاصفةٍ من حنين
على راحل في مهب الشقاء
بأول جائزة لم تنَلْها
لكي تتعلَّمَ درسَ العطاء
بأول جرعة حُرِّيَّةٍ
نفوز بها ميِّتِين، ظِمَاء!!
ثلاثون... لا، لن أعُدَّ الظباء
ولن أسأل السهم من أين جاء
-لنا الخوفُ -نام "الخطا" مطمئنًّا
-لنا الليل -للمُظْلِمين الضياء
- لنا الموتُ - غرفة نومِ الملوك
-بلا حرس وطبيبٍ ودَاء
نخلِّد في أشرف الأمَّهات
بياضَ الرُّؤَى في سواد الرِّدَاء
نعطِّر شَيبةَ آبائنا
بما سال من عَرَقِ الأنبياء
هنيئًا لِمَن علَّموا الأبجديَّــةَ
كيف تُضيفُ إلى الحاءِ باء