نصر فتحى اللوزى يكتب: مصر لن تسقط أبدابيت الله الحرام
وانتهى الشوط السابع من طواف الوداع.. ودعنا بيت الله الحرام والدموع تبلل وجوهنا وأجسادنا فتباطأت الخطوات شوقا إلى البقاء فى بيت الله الحرام الذى فيه تقبل الدعوات.. وكانت قلوب المصريين تسبق السنتهم بالتوسل إلى العلى القدير أن (يحمى مصر.. وشعب مصر) وكم آل إلى سمعى دعوات صادرة من قلوب عامرة بالإيمان من جنسيات عربية وغير عربية تناجى الله أن (يحفظ مصر وشعبها).. وخرجنا من بيت الله الحرام بمكة المكرمة وكاد القلب ينخلع من بين الضلوع.. وركبنا الأتوبيس وبدأت رحلة التوجه إلى المدينة المنورة... وقف المرشد عن الرحلة فى خشوع وتذلل ورجاء إلى الله يقول (الله أكبر... الله أكبر ... الله أكبر... سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون... اللهم إنا نسألك فى سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ماترضى... اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده... اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل... اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وسوء المنقلب فى المال والأهل والولد)، وفجأة جاء صوت من الخلف وكان صاحب الصوت رجلا ترك الزمن على وجهه بصماته، قال إن من الدعاء المقبول دعوة المسافر أدعو الله لمصر.. اهتزت مشاعرنا جميعا.. فقال المرشد (اللهم أنا على سفر نسألك أن تحمى مصر... وأن تحفظها من كل سوء... وأن تظل مصر دائما فى خير... وأن يظل أبناءها فى كرامة وعزة... آمين).
وفى منتصف الطريق وقف السائق لنؤدى صلاتى المغرب والعشاء جمع وقصر تأخير... ودخلنا المسجد وإذا بالمصريين يتضرعون إلى الله عز وجل أن يحفظ على مصر كرامتها وأطالوا فى الدعاء وسبقت الدموع ألسنتهم.
ووصلنا إلى المدينة التى تشع نورا بوجود الجسد الطاهر فيها (جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قمنا إلى صلاة الفجر وكم كانت النسمات رطبة تلاطف القلوب والمشاعر وكأنها مع الأرواح فى تعانق ومودة، توجهنا بعد الصلاة إلى الروضة الشريفة، قال الحبيب المصطفى (مابين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة)، وحبا فى الحصول على ثواب الصلاة فى إحدى روضات الجنة حرص الجميع على التواجد فى هذا المكان الطاهر وأداء الصلاة فيه ... وكان فضل الله على روحى كثيرا فكنت أول من دخل الروضة فى هذا اليوم... أديت صلاة الركعتين... وجاءنى شاب من رجال الشرطة السعودية وسألنى إن أخرج ... فقلت له اتركنى أصلى ركعتين أدعو الله فيهما أن يحفظ مصر وشعب مصر... وكان رد هذا الشاب صلى وأدعو الله أن يحفظ مصر لكل العالم العربى... أقسم بالله العظيم انتفض جسدى... أديت الصلاة والحمد لله... وعند مغادرتى للروضة الشريفة ووقفت فى طابور للوصول أمام قبر سيدنا وحبينا وشفيعنا محمد بن عبد الله الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم ... الطابور يتحرك ببطء ... (وياليت البطء طال وطال) ووصلت إلى حيث قبر رسول الله وقفز القلب من مكانه بالسلام على شفيعنا يوم الدين وتسابقت الدموع مناجاة لله العلى القدير أن يكشف الغمة عن مصر وأن يتحول حب مصر فى قلوبنا إلى أفعال بناء لا أفعال هدم... ثم كان السلام على الصديق صديق رسول الله (أبو بكر) ... ثم كان السلام على أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) ... وأثناء خروجى سمعت رجلا يمنيا يقول اللهم احمى مصر وشعب مصر.
لقد أتينا من مصر للجلوس فى مسجد رسول الله كما جلسنا من قبل فى بيت الله الحرام... جلسنا مع المصحف الشريف... وأثناء جلوسنا فى المسجد كانت جلستنا تختلف فى كل مرة عن سابقتها وفى أماكن متباينة... ففى إحدى المرات كانت جلستى فى وسط رجال أفاضل من الجنسية التركية سألونى (أنت مصرى)؟ ... صحيح اللغة العربية لديهم (مكسرة) ... ولكن دفء المشاعر وطهارة المكان كانتا هما المبعثان لفهم كل منا للآخر... وكان ردى (الحمد لله أنا مصرى) ... لقد سمعت منهم (مصر ها كنيدبير بيفندى فى هيبمز. مصر سيفيرون فى توم زرالدران تان اهفذم ديا ايديروم فى. مصر ديسميييك أصلا)، لم أفهم ماذا يقولون فطلبت منهم أن يكتبوا لى ماذا قالوا... واستطعت بعد ذلك أن أصل إلى الترجمة التى أثلجت صدرى (الشعب المصرى شعب شهم وإحنا كلنا بنحب مصر وندعو الله أن يحفظم من كل مكروه ولن تسقط مصر أبدا).
وتوالت اللقاءات مع الكثير من الجنسيات العربية وغير العربية، وكان القاسم المشترك فى محور الأحاديث معهم (مصر باقية وستظل شامخة.. اللهم احفظ شعب مصر.. لا قدر الله لو سقطت مصر سقط جزءا كبيرا من العالم من كل القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا ... مصر التى حققت أسطورة العبور وتحطيم خط بارليف وعودة سيناء.. وعودة الكرامة ليست المصرية وفقط ولكن عودة الكرامة العربية قادرة على النهوض من كبوتها والانتصار على شياطين الأنس).
اللهم احفظ شعب مصر وحقق يارب دعوات كل شعوب العالم من أجل شعبها الشهم الحر الأبى الأمين.
((اليوم السابع))