فى هذه الاية ..
ذهب غالبية المفسرين السابقين إلى أن الشجرةالملعونةفي القرآن هي شجرة الزقوم. واستدلوا بأن الله تعالى قال عنها أنها: إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (الصافات 64). إلا أن القرآن الكريم لا يذكر أنها ملعونة في أي موضع منه. فقالوا إن الذين يأكلون منها هم ملعونون لذا يمكن القول أنها ملعونة لهذا السبب. هذا إضافة إلى بعض الحجج الأخرى لإثبات مصداقية التفسير. وعلى كل حال، فلا يبدو لهذا المعنى علاقة بسياق الآيات. فلماذا يذكر الله شجرة الزقوم جنبا إلى جنب مع الإسراء؟! لذلك فإن مدى مصداقية هذا المعنى تظل ضئيلة.
وقد ذهب بعض المفسرين السابقين إلى أنها الشجرة الخبيثة المذكورة في المثل الوارد في سورة إبراهيم، حيث يقول تعالى: وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (إبراهيم 27)
ولهذا المعنى مصداقية أوثق وأقوى. وقد كان الخليفة الثاني يفسرها هكذا أيضا. وقد استند في تفسيره إلى أن الخبيث هو الذي لا فائدة منه. وحيث إن الله تعالى يقول: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ (الرعد 18)؛ أي أن الذي لا فائدة منه لا يمكث في الأرض بل يقذف بعيدا، وما القذف والإبعاد إلا اللعنة!
ومن الممكن ربط هذا المعنى بسياقه بتذكر أن الرؤيا هي حق وهي كلمة طيبة ستظهر فروع تحققها وسيستمر أثرها وستثبت مصداقيتها، وهي بذلك تكون كالشجرة الطيبة في المثل في سورة إبراهيم. بينما معارضتهم وتكذيبهم هو شجرة خبيثة ملعونة لا تلبث إلا أن تجتث من فوق الأرض وتقتلع. وكلا الشجرتين يكون فيهما فتنة للناس.
وبالنظر إلى أن الشجرة تعني الذرية أوشجرة النسب أيضا، فقد مال الخليفة الثاني إلى تفسير آخر؛ وهو أن الشجرة المقصودة هنا هم بنو إسرائيل. فالسورة تتحدث عن الإسراء الذي حدث في بيت المقدس التي كانت مركزهم ومدينتهم المقدسة. كما تتضمن رؤيا الإسراء بشارة أن المسلمين سيحوزونها وستصبح ميراثا لهم. وذِكْرهم مع الإسراء يستوي مع السياق. وقد ذكر القرآن الكريم اللعنات المتوالية التي ألحقها الله تعالى بالذين كفروا منهم في عدة مواضع (النساء 48 والمائدة 61، 65 و79) لذا حق أن يسموا شجرة ملعونة. وهم كانوا على الدوام يشكلون فتنة للناس، لأنهم يعاندون الحق ويثيرون الفتن بين الأمم ويشعلون نيران الحروب فيما بينهم.
هذا والله اعلم .