|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
حسن الغالبي مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1075 بلد الإقامة : الطـــائف احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6869 ترشيحات : 39 الأوســــــــــمة :
| موضوع: { الخنساء } 7/3/2010, 15:51 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم { ترجمة الشاعرة العربية الخنساء } نقلا عن كتاب الأغاني للأصبهاني ، والكامل للمبرّد ، وأمثال الميداني ، وزهر الآداب للقيرواني ، وشرح رسالة ابن زيدون ، وشرح المقامات للشريشي ، والمحاضرات لابن العربي ، وغيرهم .
هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشّريد بن رياح بن يقظة بن عصيّة بن خفـاف بن امرئ القيس بن بهثة وقيل ( نهية ) بن سُليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر وتكنّى أم عمرو . ويؤكد ذلك قول أخيها صخر :- أرى أم عمرو لا تملّ عيادتي = وملّت سليمى مضجعي ومكاني وسليمى هي زوجة صخر . والخنساء لقب غلب عليها ومعناه الظبية ، خطبها دُريد بن الصمة إلى أبيها فقال له أبوها : مرحبا بك أبا قرّة إنك للكريم لا يطعن في حسبه ، والسيد لا يرد عن حاجته ، والفحل لا يقرع أنفه ، ولكن لهذه المرأة في نفسها ما ليس لغيرها ، وأنا ذاكرك لها وهي فاعلة ، ثم دخل إليها وقال لها : يا خنساء أتاك فارس هوازن ، وسيد بني جُشم دريد بن الصمة يخطبك وهو ممن تعلمين ، (ودريد يسمع قولهما ) قالت : يا أبت أتراني تاركة بني عمي مثل عوالي الرماح وناكحة شيخ بني جشم هامة اليوم أو غد ، ثم أنشأت تقول :
أتخطبني هُبلتَ على دريد = وقد طرّدت سيد آل بدر ولو أمسيتُ في جشم هديّاً = لقد أمسيت في دنس وفقر
فخرج إليه أبوها فقال : يا أبا قرة امتنعت ولعلها أن تجيب فيما بعد ، فقال دريد : قد سمعت قولكما ، فانصرف غضبان وقال يهجو الخنساء :
لمن طلل بذات الخمسِ أمسِ = عفا بين العقيق فبطن ضَرسِ أشبّههـا غمامة يوم دجن = تلألأ برقهـا أو ضوء شمس فأقسمُ ما سمعت كوجد عمرو = بذات الخال من جن وأنس وقاك الله يا ابنت آل عمرو = من الفتيان أمثالي ونفسي فلا تلدي ولا ينكحك مثلي = إذا ما ليلة طرقت بنحس وتزعـم أنني شيـخ كبير = وهل خبّرتها أني ابن خمس تريد شَرَنْبَثَ القدمين شثناً = يقلّع بالجديرة كلَّ كرسي وما قصُرت يدي عن عظم أمر = أهمُّ به ولا سهمي بنكس ولا أنا بالمزجّي حين يسمو = عظيم في الأمور ولا بوهس وقد أجتاز عرض الحزن ليلاً = بأعبس من جمال الغيد حلس كأنَّ على تنائِفه إذا ما = أضاءت شمسهُ أثواب ورسِ إذا عقب القدور عددن مالا = تحبُ عرائس الإبرام عرسي وقد علم المراضع في جمادى = إذا استعجلن عن حزٍّ بنهسِ بأني لا أبيت بغير لحم = وأبدأ بالأرامل حين أمسي وأني لا يهرُّ الضيف كلبي = ولا جاري يبيت خبيث نفس فإن أكْدَى فتامكة تؤدّى = وإن أربى فإني غير نكس وأصغرَ من قداح النّبع فرع = به علمان من حزّ وضرس دفعتُ إلى المفيض إذا استقلوا = على الركبان مطلع كل شمس
فقيل للخنساء : ألا تحبينه ؟ فقالت : لا أجمع عليه أن أردّه وأن أهجوه ، ولما ردّت الخنساء دريدا خطبهـا رواحة بن عبد العزيز السّلمي فولد له عبد الله ويكنى أبا شجرة ، ثم خلف عليها مرداس بن أبي عامر السّلمي فولدت له يزيد ومعاوية وعمراً .
والخنساء من شواعر العرب المعترف لهن بالتقدم ، وهي تُعدُّ من الطبقة الثانية في الشعر ، وأكثر شعرها في رثاء أخويها معاوية وصخر ، وكان معاوية أخاها لأبيها وأمها ، وكان صخر أخاها لأبيها وكان أحبهما إليها ، واستحق صخر ذلك لأمور منها أنه كان موصوفاً بالحلم مشهورا بالجود ، معروفاً بالتقدُّم والشجاعة محظوظاً في العشيرة وأجمل رجل في العرب ، فلما قتل جلست الخنساء على قبره زمناً طويلا تبكيه وترثيه ، وفيه جلُّ مراثيها . وكانت في أو أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخواها معاوية وصخر ، وقد أجمع الشعراء على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها ، وقيل لجرير : من أشعر الناس ؟ قال : أنا لولا هذه الخبيثة ، ( يعني الخنساء ) ، وقال : بشّـار لم تقل امرأة قط شعراً إلاّ تبين الضّعف فيه ، فقيل له : أو كذلك الخنساء ؟ قال : تلك فـوق الرجال ، وكان الأصمعي يقدّم ليلى الأخيليّة ، قال المبرّد : كانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول ، وقلّما رأيت امرأة تتقدم في صناعة وإن قل ذلك ، وقال أبو زيد : ليلى أكـثر تصرّفاً وأغزر بحراً ، وأقوى لفظاً ، والخنساء أذهب عموداً في الرّثاء ، ومن أحسن المراثي ما خلط فيه مدح بتفجيع على المرثيّ فإذا وقع ذلك بكلام صحيح ولهجة معربة ، ونظم غير متفاوت فهو الغاية ، وكذلك رثاء الخنساء ، وكان النابغة الذبياني تُضربُ له قبّة حمراء في سوق عكاظ ، فيجلس لشعراء العرب على كرسي وتأتيه الشعراء فتنشده أشعارها فيفضل من يرى تفضيله ، فأنشدته الخنساء في بعض المواسم قصيدتها الرائيّة التي نظمتها في أخيها صخر فأعجبه شعرها وقال لها : اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين ، ولولا أن هذا الأعمى أنشدني قبلك ( يعني الأعشى ) لفضّلتك على شعراء هذا الموسم ، فإنك أشعر الإنس والجن ، فكان ممن عرض في ذلك الموسم حسان بن ثابت ، فغضب وقال : أنا أشعر منك ومنها ، فقال : ليس الأمر كما ظننت ، ثم التفت إلى الخنساء فقال : يا خناس خاطبيه ، فالتفتت إليه الخنساء فقالت : ما أجود بيت في قصيدتك هذه التي عرضتها آنفاً قال : قولي فيها :
لنا الجفناتُ الغرّ يلمعن بالضحى = وأسيافنا يقطرن من نجدة دما فقالت أضعفت افتخارك وانزرته في ثمانية مواقع في بيتك هذا ، قال : وكيف ؟ قالت : قلت ( لنا الجفنات ) والجفنات ما دون العشر ، ولو قلت الجفان لكان أكثر ، وقلت ( الغر ) والغرّة بياض في الجبهة ، ولو قلت البيض لكان أكثر اتساعاً ، وقلت ( يلمعن ) واللمع يأتي بعد شيء ، ولو قلت يشرقن لكان أكثر ، لأن الإشراق أدوم من اللمعان ، وقلت ( بالضحى ) ولو قلت بالدّجى لكان أكثر طرّاقاً ، وقلت ( أسياف ) والأسياف ما دون العشر ، ولو قلت سيوف كان أكثر وقلت ( يقطرن ) ولو قلت يسلن كان أكثر ، وقلت ( دماً ) والدماء أكثر من الدم ، فسكت حسان . وكان في أثناء ذلك ظهور الإسلام ، فقدمت الخنساء مع قومها بني سُليم على الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأسلمت معهم ، فاستنشدها الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا فأنشدته فأعجب بشعرها ، وهو يقول صلوات الله عليه وتسليمه : هيه يا خنساء ، ثم انصرفت وهي لم تدعْ ما كانت عليه من تسلُّبها ، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه سألها ما أقرح مآقي عينيك ؟ قالت : بكائي على السادات من مضر ، قال : رضي الله عنه يا خنسـاء إنهم في النار ، قالت : ذاك أطول بعويلي عليهم ، إني كنت أبكي لهم من الثأر ، وأنا اليوم أبكي لهم من النـار ، وقيل أنها أقبلت في خلافته حاجّة فنزلت بالمدينة المنورة بزي الجاهلية ، فقام إليها عمر رضي الله عنه في أناس من أصحابه فدخل عليها فإذا هي على ما وصف له ، فعذلها ووعظها وقال لها : إن الذي تصفين ليس صنع الإسلام ، وأن الذين تبكين هلكوا في الجاهلية وهم أعضاء اللهب ، وحشو جهنّم ، فقالت : اسمع مني ما أقول في عذلك إياي ولومك لي ، فقال : هاتي ، فأنشدته من شعرها في أخويها فتعجّب من بلاغتها وقال : دعوها فإنها لا تزال حزينة أبداً . وكانت الخنساء تلبس الصِّدار من الشَّعَر فحدّثها معن السُلمي في طرحه فقالت : يا أحمق أنا أحسن منك غرساً ، وأطيب منك نفساً ، وأوسع منك فضلا . كما قيل : أنها أتت عائشة رضي الله عنها فنظرت إليها وعليها الصِدار وهي حليق الرأس ، تدب من الكبر على عصا ، فقالت لها عائشة : أخناس فقالت لبيك يا أماه ، قالت :أتلبسين الصِّدار وقد نهي عنه في الإسلام ، فقالت : لم أعلم بنهيه ، قالت : ما الذي بلغ بك ما أرى ؟ قالت : موت أخي صخر ، قالت عائشة رضي الله عنها : ما دعاك إلى هذا إلا صنائع منه جميلة فصفيها لي ، قالت : نعم أن لذلك سبب ، وذلك أن زوجي كان رجلا متلافا للأموال ، يقامر بالقداح فأتلف فيها ماله حتى بقينا على غير شيء ، فأراد أن يسافر فقلت له : أقم وأنا آتي أخي صخرا فأسأله ، فأتيته وشكوت إليه حالنا ، وقلّة ذات اليد بنا ، فشاطرني ماله ، فانطلق زوجي فقامر به فقُمر حتى لم يبق لنا شيء ، فعدت إليه في العام المقبل أشكو إليه حالنا فعاد لي بمثل ذلك فأتلفه زوجي ، فلما كان في الثالثة أو الرابعة خلت بصخر امرأته فعذلته ، ثم قالت : إن زوجها مقامر ، وهذا ما لا يقوم له شيء ، فإن كان لا بد من صلتها فأعطها أخس مالك ، فإنما هو متلف والخيار فيه والشرار سيان ، فأنشأ يقول لامرأته :
والله لا أمنحها شرارها = وهي حَصَان قد كفتني عارها ولو هلكت خرّقت خمارها = واتّخذت من شعر صِدارها
ثم شطر ماله فأعطاني أفضل شطريه ، فلما هلك اتّخذت والله لا أخلف ظنه ، ولا أكذّب قوله ما حييت ، وكان للخنساء أربعة بنين فلما ضرب البعث على المسلمين لفتح فارس سارت معهم وهم رجال وحضرت وقعة القادسية سنة 16هـ 638م ، وأوصتهم من أول الليل : يا بني إنكم أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما هجّنت حسبكم ، ولا غيرت نسبكم ، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية ، اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها ، وجللت نارا على أوراقها ، فتيمموا وطيسها ، وجالدوا رسيسها ، تظفروا بالغنم والكرامة ، في دار الخلد والمقامة ، فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم ، فتقدموا واحدا بعد واحد ينشدون أراجيز يذكرون فيها وصيّة العجوز لهم حتى قتلوا عن آخرهم ، فبلغها فقالت : الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطيها أرزاق بنيها الأربعة ، ( وكان لكل واحـد منهم مائتا درهم ) حتى قبض رضي الله عنه وأرضـاه .
حدّث علقمة بن جرير قال : أقبلتُ يوما أسوق شارفة لي الإبل أريد نحرها عند الحي فأدركني الليل بين أبيات بني الشريد ، فإذا عَمرة بنت مرداس عروس وأمها الخنساء عندها ، فقلت لهم : أنحروا هذه الجزور واستعينوا بها وجلست معهم ، ثم أذن لنا فدخلنا فإذا هي جارية وضيّة يعني عمرة وأمها الخنساء جالسة ملتفّة بكساء أحمر ، وقد هرمت وكانت تلحظ الجارية لحظاً شديداً ، فقال القوم بالله يا عمرة ألاّ تحرّشت بها فإنّها الآن تعرف بعض ما أنت فيه ، فقامت الجارية تريد حاجة فوطئت على قدمها وطأة أوجعتها ، فقالت مغيظة : أف لك يا حمقاء إنني كنت أحسن منك عرسا ، وأطيب وساً ، وأبسط منك عرفاً ، وأرق منك نعلا ، وأكرم منك بعلا ، وذلك إذ كنت فتاة أعجب الفتيان ، لا أذيب الشحم ، ولا أرعى البهم ، كالمهرة الصنيع لا مضاعفة ولا عند مُضيع ، فتعجّب القوم من غيظها من ابنتها ، وكانت وفاة الخنساء في أول خلافة الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه سنة 24هـ 646م ، وكان موتها يرحمها الله في البادية .
{ من أشعارها } ( من البسيط ) يا عين ما لك لا تبكين تسكابا = إذ راب دهر وكان الدهر ريّابا فابكي أخـاك لأيتام وأرملة = وابكي أخاك إذا جاورت أجنابا وابكي أخاك لخيل كالقطا عُصَباً = فقدن لما ثوى سيباً وأنهابا يعدو به سـابح نَهْـدٌ مَرَاكِلُهُ = مجلبب بسواد الليل جلبابا حتى يُصَبِّحُ أقواماً يحاربُهُم = أو يُسلَبوا دون صفّ القوم أسلابا وقالت أيضا ( من الطويل ) وَخَرْقٍ كأنضاء القميص دويّةٍ = مخوفٍ رداه ما يُقيمُ به ركب قطعتَ بمجذام الرواح كأنها = إذا حطّ عنها كُورُها جمل صعب يعاتبها في بعض ما أذنبت له = فيضربها حيناً وليس لها ذنب وقد جعلت في نفسها أن تخافه = وليس لها منه سلام ولا حرب فَطِرْتَ بها حتى إذا اشتد ظٍمْؤُها = وحُبَّ إلى القوم الإناخة والشربُ أنخت إلى مظلومة غيرِ مسكن = حواملها عوج وأفنانها رطب فناط إليها سيفه ورداءه = وجاء إلى أفياء ما عُلّقَ الرّكب فأغفى قليلا ثم طار برحلها = ليكسب مجداً أو يحوز لها نهب فثارت تباري أعوجيّاً مُصَـدِّرا = طويل عِِذَارٍ الخد جُوّْجُوّْهُ رَحْبُ ولها ( من الكامل ) يا بن الشريد على تنائي بيننا = حُيّيت غير مقبّح مِكْبَــابِ فَكِـهٌ على خير الغذاء إذا غدت = شهباء تقطع بالي الأَطنَابِ أرِجُ العِطَـافِ مهفهفٌ نِعمَ الفتى = مُتسهّلٌ في الأهل والأجنابِ حامي الحقيق تخالُهُ عند الوقى = أسداً ببيشَةَ كاسر الأنيابِ أسداً تناذَرُهُ الرِّفـاقُ ضُبارِماً = شثن البراثن لاحق الأقرَابِ فلئن هَلَكتَ لقد غَنِيتَ سَميذعاً = محض الضريبة طيّب الأثوابِ ضخم الدّسيعَةِ بالنّدى متدفّقـاً = مأوى اليتيم وغـاية المُنْتَابِ
وقالت ( من الوافر ) أرِقْتُ ونامَ عن سهري صحابي = كأنّ النّـار مُشْعِلَةً ثيـابي إذا نجـم تغََـوّرَ كلّفَتْـنِي = خَـوََالِدَ ما تؤُبُ إلى مَـآب فقد خلّى أبو أوفى خـلالاً = عليّ فكلّهـا دخلت شعـابي فقالت ترثيه ( من البسيط ) ما بالُ عينيكِ منها دمعها سَرَبُ = أراعها حزن ؟ أم عادها طربُ أم ذكر صخر بُعيدَ النّوم هيّجهـا = فالدمع منها عليه الدّهرَ ينسكبُ يا لهف نفسي على صخر إذا ركبت = خـلٌ لخيلٍ تُنـادي ثمّ تضطربُ قد كان حصناً شديد الركن ممتنعاً = ليثاً إذا نزل الفتيان أو ركبوا أغـرَّ أزهرَ مِثلُ البـدرِ صـورتُهُ = صافٍ عتيقُ فماً في وجهه ندب يا فارس الخيل إذ شدّت رحائلها = ومُطعِمَ الجُوَّعِ الهلكى إذا سَغَبوا كم من ضَرَائِكَ هُـلاّكٍ وأرملةٍ = حَلُّوا لديكَ فزالت عنهم الكربُ سقيا لقبرك من قبر ولا برِحَتْ = جَوْدُ الرّواعِدِ تسقيه وتحتـلبُ ماذا تضمّنَ من جودٍ ومن كرم = ومن خلائق ما فيهن مقتضبُ وقالت ( من الطويل ) تقول نساءٌ شِبْتِ من غير كَبْرَةٍ = وأيسرُ مما قد لقيتُ يُشِيبُ أقول أبا حسان لا العيش طيّبٌ = وكيف وقد أُفْرِدتُّ منك يطيب فَتِيّ السّن كهلُ الحلم لا مُتسرّعٌ = ولا جامدٌ جعـدُ اليدين جديبُ أخو الفضل لا باغ عليه لفضله = ولا هو خرقٌ في الوجوه قطُوبُ إذا ذَكَرَ الناسُ السّماحَ من امرئٍ = وأكرَمَ أو قال الصّوابَ خطيبُ ذكرتكَ فاستعبرتُ والصّدرُ كاظمٌ = على غُصّةٍ منها الفؤادُ يَذُوبُ لعَمرِي لقد أوهيتَ قلبي عن العزا = وطأطأتَ رأسي والفؤادُ كئيبُ لقد قُصمت منّي قناةٌ صَليبَـةٌ = ويُقصَمُ عُودُ النّبع وهو صليبُ وقالت (من الويل ) أعينِ ألا فابكي لصخرٍ بِدَرَّةٍ = إذا الخيل من طول الوجيف اقشعرّت إذا زجروها في الصَّريخِ وطابقت = طِبَاقَ كـلاب في الهِِرَاشِ وهَرَّتِ
وقالت أيضا ( من الطويل ) لهفي على صخر فإني أرى له = نوافِلَ من معروفه قد تولّتِ ولهفي على صخر لقد كان عصمة = لمـولاه إن نعل بمولاه زلّتِ يعـودُ على مـولاهُ منه برأفـةٍ = إذا ما الموالي من أخيها تخلّتِ ولها فيه ( من الوافر ) ألا يا عين فانهمري وقلَّتْ = لَمِرْزِئَةٍٍ أصبتُ بها تولّتْ لَمِرْزِئَةٍ كأن النفس منها = بُعيدَ النوم تُشعلُ يوم غُلّتْ ألا يا عين ويحك أسعديني = فقد عظُمت مصيبتهُ وجلّت مصيبته عليّ وروّعتني = فقد خضّت مُصيبتُهُ وجلَّت ومن محاسن شعرها ( من مجزوءِ الكامل ) يا عين جـودي بالدمو = ع المستهـلاّت السّـوافحِ فيضا كما فاضت غرو = ب المترعـات من النواضح وأبكي لصخر إذ ثوى = بين الضّـريحة والصّفـائح رمساً لدى جدّثٍ تُذيعُ = بتربه هـوج النّـوافح
ومن محاسن شعرها فيه غناء لإبراهيم الموصلي ( من المتقارب )
أعينيّ جودا ولا تجمـدا = ألا تبكيان لصخر النّدى ألا تبكيان الجريء الجميل = ألا تبكيان الفتى السيدا طويل النِّجـاد رفيع العما = د ساد عشيرته أمردا إذا القوم مـدّوا بأيديهم = إلى المجـد مد إليه يدا فنال الذي فوق أيديهم = من المجد ثم مضى مُصعِدا يُكلّفه القوم ما عالهم = وإن كان أصغرهم مولدا ترى المجد يهوي إلى بيته = يَرَى أفضل الكسبِ أن يحمدا وإن ذُكر المجد الفَيْتَهُ = تأزّر بالمجـد ثمّ ارتـدى
ولها في أخويها صخر ومعاوية ( من الوافر ) بكت عيني وعاودتِ السُّهُودَا = وبِتُّ الليل جانحةً عَمِيدَا لِذِكرَى مَعْشَـرٍ ولّوا وخلّوا = علينا من خلافتهم فُقُودا ووافوا ظِمْأ خَامِسَةٍ فأمسوا = مع الماضين قد تبعوا ثمودا فكم من فارس لَكِ أمُّ عمرٍو = يحوطُ سِنانُهُ الأنَسَ الحريدا كصخرٍ أو معاويةَ بن عمرو = إذا كانت وجوه القوم سودا يرُدُ الخيـل دامية كُـلاها = جديرٌ يوم هيجـا أن يصيدا يكبُّون العِشَـارَ لمن أتاهم = إذا لم تُحسبِ المِئَـةُ الوليدا
وقالت تحرض بني سليم وعامر على غطفان بعد قتله معاوية وكان قاتله هاشم بن حرملة المرّي ( من الطويل ) لا شيء يبقى غيرُ وجه مليكنا = ولست أَرَ شيئاً على الدهر خالدا ألا إنّ يوم ابن الشريد ورهطه = أباد جفـاناً والقدورَ الرّواكـدا هُـمُ يمـلأون لليتيم إنـاءه = وهم ينجـزون للخليل المواعِدا ألا أبلغا عني سُليماً وعـامرا = ومن كان من عُلْيَا هوازن شاهدا بأن بني ذبيان قد أرصدوا لكم = إذا ما تلاقيتـم بأن لا تعـاودا فلا يقربنّ الأرض إلا مُسَارقٌ = يخاف خميسا مطلع الشمس حاردا على كل جرداء النُّسَالَةِ ضامرٍ = بآخِرِ ليلٍ ما ضُفِـرنَ الحدائدا فقد زاح عنّا اللوم إذ تركوا لنا = أرومـاً فـآراماً فمـاءً بَوَارِدَا ونحن قتلنا هاشمـاً وابن أختـه = ولا صلح حتّى نستفيد الخرائدا فقد جَرَتِ العادات أنّا لدى الوغى = سنظفر والإنسان يبغي الفوائدا
ولها أيضا وأول هذه الأبيات ليس في الديوان ( من البسيط ) ضاقت بي الأرض وانقضّت مخَارِمُهَا = حتى تخاشعت الأعلام والبيـدُ وقائلـين تَعَـزَّيْ عـن تذكّـره = فالصبر ليس لأمر الله مردود ُ يا صخر قد كنت بدراً يستضاءُ به = فقد ثوى يوم متَّ المجد والجودُ فاليوم أمسيتَ لا يرجوك ذو أمل = لمّا هلكتَ وحوضُ الموتِ مورودُ ورُبَّ ثغرٍ مهـولٍ خضت غمرته = بالمقرَبَاتِ عليها الفتيـة الصِّيدُ نصبت للقوم فيه فصل أعيُنِهمْ = مثل الشّهابِ وهى منهم عباديد
وروى بعضهم أن الخنساء حضرت الموسم في عكاظ فكانت تسوم هودجها في الموسم وتعاظم العرب بمصيبتها بأبيها وأخويها وتقول : أنا أعظم العرب مصيبة ، فعرفت لها العرب ذلك إلى أن كانت معركة بدر الكبرى وقُتِلَ عتبة وشيبة أبناء ربيعة والوليد بن عتبة فأقبلت هند بنت عتبة ترثيهم وبلغها ذلك فقالت : أنا أعظـم العرب مصيبة ، وأمرت بمحملها أن يقرن بمحمل الخنساء بسوق عكاظ فقالت لها الخنساء : من أنت يا أُخَيَّـةَ فقالت : أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة ، وقد بلغـني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمين أنت ؟ قالت : بأبي عمرٍو بن الشّـريد وأخوي صخر ومعاوية ، فبم أنت تعاظمين قالت : بأبي عتبة وعمي شيبة بن ربيعة وأخي الوليد ، قالت الخنساء أو سواء هم عندك .؟ قالت هند : نعم ثم أنشدت . ( من الطويل ) أبكي عميد الأبطحين كليهما = ومانِعَهَا من كل باغ يريدها أبي عَتْبَةَ الخبرات وَيْحَكِ فاعلمي = وشيبةُ والحامي الذِمارَ وليدُها أولئك آل المجـد من آلِ غـالب = وفي العز منها حين يُنْمَى عديدها
فقالت الخنساء تجيبها ( من الطويل ) أبكي أبي عَمْـرأ بعين غزيرة = قليلٍ إذا نام الخليّ هُجُودَهَا وَصِنْوَيَّ لا أنسى معاوية الذي = له من سَرَاةِ الحـرَّتين وُفُودُها وصخرا ومن ذا مثل صخر إذا غدت = بسـاحته الآطال قزمٌ يقودها فـذلك يا هنـد الـرّزيّة فاعـلمي = ونيرانُ حربٍ حين شُبَّ وقودها
وقالت أيضا ترثي صخرا وهذه القصيدة مما ندر من شعر الخنساء وقد غنّى بن سريح في بعض أبياتها ( من البسيط )
قَذًى بعينكِ أم بالعين عُـُوَّار = أم ذَرَّفَتْ إذ خلت من أهلها الدّار كأن عيني لذكراهُ إذا خطرت = فيضٌ يسيلُ على الخدّين مدرارُ تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت = ودُونه من جديد الترب أستارُ تبكي خناس فما تنفكّ ما عَمَرَتْ = لها عليـه رنينٌ وهـي مفتـار تبكي خناسٌ على صخر وحق لها = إذ رابها الدّهر إن الدّهر ضرّار لا بدَّ من ميتـة في صرفهـا عبر = والدّهر في صرفه حولٌ وأطوارُ قد كان فيكم أبو عمرو يسُودُكُمُ = نِعْـمَ المُعَمَّمُ للـدّاعين نَصَّـار صَلْبُ النَّحِيزَةِ وهّابٌ إذا منعوا = وفي الحروب جريء الصدر مِهْصَارُ يا صخـر ورّاد ماء قد تَنَاذَرَهُ = أهـل المـوارد ما في ورده عـار </B></I> |
|
| |
أيمن عبد القوى الأعلامى مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 2865 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8652 ترشيحات : 32
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 16:59 | |
| ( جميل المعاني في حلو القوافي )
كان
هذا هو
المكتوب على
الدعوة الكريمة من
أخي الحبيب وأستاذي العزيز
الشريف حسن الغالبي والتي عطرها
بالمسك والعود ووزعها على كل مرتادي هذه
الصفحة الأصيلة ليعود بالذوق العربي إلى سابق عهده .
شكراً أستاذنا على
هذه الصفحات الأصيلة |
|
| |
عبير عبد القوى الأعلامى نائب المدير الفني
عدد الرسائل : 9451 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17867 ترشيحات : 33 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 17:45 | |
| أستاذى الشريف حسن الغالبى
كل الشكر على اثراءك لعقولنا
اختيار مبدع متفهم لمعنى الكلمة
وسلمت يمناك
وبارك الله فيك
وجزيت عنا كل الخير
دمت متألقا أستاذى
تقبل مرورى
ووافر تقديرى واحترامى |
|
| |
حسن الغالبي مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1075 بلد الإقامة : الطـــائف احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6869 ترشيحات : 39 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 18:36 | |
| - اقتباس :
- ( جميل المعاني في حلو القوافي )
كان
هذا هو
المكتوب على
الدعوة الكريمة من
أخي الحبيب وأستاذي العزيز
الشريف حسن الغالبي والتي عطرها
بالمسك والعود ووزعها على كل مرتادي هذه
الصفحة الأصيلة ليعود بالذوق العربي إلى سابق عهده .
شكراً أستاذنا على
هذه الصفحات الأصيلة أيمن عبد القوي الشيء بالشيء يذكر وهذا الصرح يتطلب منا بذل الكثير من الجهد والعناية لكي يليق بصاحب الإسم يرحمه الله الشاعر المبدع عبد القـوي الإعـلامي لك الشكر على مرورك البهـي العـطـر كما لك الشـكـر على مشاعــرك النبـيـلـة تحياتي وتقديري وأطيب تمنياتي دمت بخير . |
|
| |
حسن الغالبي مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1075 بلد الإقامة : الطـــائف احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6869 ترشيحات : 39 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 18:44 | |
| - عبير عبد القوى كتب:
- أستاذى الشريف حسن الغالبى
كل الشكر على اثراءك لعقولنا
اختيار مبدع متفهم لمعنى الكلمة
وسلمت يمناك
وبارك الله فيك
وجزيت عنا كل الخير
دمت متألقا أستاذى
تقبل مرورى
ووافر تقديرى واحترامى أستاذة عبير كنت من المحظوظين حين وجدت نفسي بين من يحملون كل هذه المشاعر النبيلة والحفاوة التي أسعدتني وهذا ليس غريبا على مصر وعلى أبناء مصر لك الشكر على مرورك البهي العطر كما لك الشكر على مشـاعـرك النبيلة تحياتي وتقديري وأطيب تمنياتي دمت بخير . |
|
| |
محمد سيد 1 عضو نشيط
عدد الرسائل : 205 بلد الإقامة : مصر العمل : نقاط : 5883 ترشيحات : 0
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 18:54 | |
| الأستاذ حسن الغالبى شكرا لك على اتحافنا بهذه الروائع |
|
| |
زين العابدين عضو جديد
عدد الرسائل : 27 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6058 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 19:05 | |
| مشكور أخى الفاضل على القصيدة |
|
| |
الوتر الحزين شخصيات هامة
العمر : 57 عدد الرسائل : 18803 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 32784 ترشيحات : 121 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 20:23 | |
| الأخ الفاضل
حسن الغالبي
دائمـآ تطـرب مسـامعنـآ
آنني استمتع هنـا كثيرآ في متصفحك الراقي
فضلآ وليس آمرآ انثرعلينـا الكثير والكثير
آني في الاننتظار |
|
| |
حسن الغالبي مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1075 بلد الإقامة : الطـــائف احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6869 ترشيحات : 39 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 21:44 | |
| - محمد السيد كتب:
- الأستاذ حسن الغالبى شكرا لك على اتحافنا بهذه الروائع
محمد السيد شكرا لمرورك العطر ولك الشكر على ثنائك الحسن تحياتي وتقديري وأطيب تمنياتي . |
|
| |
حسن الغالبي مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1075 بلد الإقامة : الطـــائف احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6869 ترشيحات : 39 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: { الخنساء } 7/3/2010, 21:50 | |
| - زين العابدين كتب:
- مشكور أخى الفاضل على القصيدة
زين العابدين شكرا لمرورك العطر تحياتي وتقديري وأطيب تمنياتي . |
|
| |
|