عبير عبد القوى الأعلامى نائب المدير الفني
عدد الرسائل : 9451 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17868 ترشيحات : 33 الأوســــــــــمة :
| موضوع: قراءة في كتاب الشعر الحديث في منطقة الخليج د.الرشيد 1/3/2010, 10:47 | |
| عن "دار الفكر" بدمشق، صدر الكتاب المعنون بـ " الشعر العربي الحديث في منطقة الخليج " لمؤلفه الدكتور الرشيد بو شعير، وذلك في مفتتح العام الميلادي 1998، في طباعة ممتازة، وتأتي أهمية الكتاب من كونه إسهاماً يسد فراغاً واضحاً في المشهد الشعري العربي المعاصر- في العصر الحديث- وهو الأمر الذي يتجاهل أهميته جل الدارسين المؤرخين للحركة الشعرية الحديثة في الوطن العربي، ناهيك أن الدكتور الرشيد أعاد النظر في كثير من الطروحات التي تتعلق بتقييم هذا الشعر وتاريخه. فضلاً عن كون الكتاب محاولة جادة للتأريخ لهذا الشعر وتحليل العوامل المؤثرة في تشكيل التيارات الكبرى فيه ومثير لأسئلة شتى تطارد القارئ. والمرتبطة بخصوصية هذا الشعر وأصالته وقضاياه اللافته للنظر.
وقد لخص الدكتور الرشيد في مفتتح كتابه الأسباب التي دفعته لإنجاز هذا الكتاب بقوله:
"من الأسباب التي دفعتني إلى البحث، قلة المؤلفات التي تتناول الأدب الحديث في الخليج العربي ورغبتي في الإطلاع على الشعر الخليجي الذي لا يصلنا منه في المغرب العربي إلا النذر اليسير، فضلاً عن إحساسي بضرورة تصحيح بعض المسلمات- التي يكاد يجمع عليها مؤرخو الأدب العربي الحديث على هناتها وضعفها من مثل مسألة الريادة في الشعر الخليجي الحديث وقضية الأصالة".
وقد قسم المؤلف كتابه إلى بابين، يدرس في الأول، الذي يتوزع على فصلين، عوامل النهضة في الخليج العربي وأثرها في الشعر بمنطقة الخليج العربي وأثرها في الشعر بمنطقة الخليج العربي جغرافياً، وفي الفصل الأول عرض المؤلف لهذه العوامل وفق العناوين التالية: (الحركة التعليمية- الحركة الاصلاحية- الحركة الاقتصادية والتجارية- الحركة الصحافية- البعثات التعليمية والزيارات- الاحتكاك بالأوربيين- حركة التأليف والنشر).. وتفيد الدراسة الواردة في الكتاب- من خلال ما تناولها العناوين، إلى أن هذه الحركة شكلت بتضافرها أرضية جديدة لحياة اجتماعية ثقافية متميزة تحظى ذاتياً بما يمنحها خصوصية بنائه " إذْ أسهمت هذه العوامل في إذكاء شرارة النهضة في الخليج العربي".
بينما استعرض- المؤلف- في الفصل الثاني، آثار عوامل هذه النهضة في الشعر من خلال تناوله العناوين التالية: (أثر الحركة الإصلاحية في الشعر- الأثر الفكري الاجتماعي- الأثر الأدبي- طبيعة الحياة الاجتماعية والثقافية- أثر الاحتكاك بالأوربيين في شعر الخليج) حيث يكشف لنا الباحث الدكتور الرشيد عن محطات شعرية مجهولة تحمل إرهاصات فكرية وفنية مهمة لم تزل مجهولة بالنسبة للدارسين والمتابعين ولا سيما وأن هناك قصلئد مرتبطة وجدانياً وفنياً بامتيازات البيئة الخليجية وخصوصيتها، ويخلص المؤلف في استبصاره لإرهاصات التكوين الحداثي للشعر في الخليج إلى أنه " إطلاع الشعراء الخليجيين على النصوص الشعرية الغربية المتأثرة بالمذاهب الأوربية هو الذي أدى في الأخير إلى إيجاد تربة ممهدة لاستقبال طبيعة الشعر الحر.. "
وفي نحاولتنا تحديد أهم التيارات الشعرية الحديثة في منطقة الخليج، نلاحظ أن الباحث بذل المزيد من الجهد للتغلب على بعض المشكلات من تحديد العصور الشعرية بسبب تداخلها، ولا سيما أن هذه الصعوبة لا تنحصر في الجانب الزمني وحسب وإنما في الجانب المساحي أو في جانب الحدود الجغرافية المكانية.. ومع ذلك تمكن الباحث- مؤلف الكتاب- من رصد التيارات وفق ستة فصول:
1ـ الفصل الأول: التيار الأول هو التقليدي.
2ـ الفصل الثاني: التيار الثاني هو الاتباعي المحافظ.
3ـ الفصل الثالث: التيار الثالث هو الاتباعي المجدد.
4ـ الفصل الرابع: التيار الرابع هو الرومانسي.
5ـ الفصل الخامس: التيار الخامس هو الواقعي.
6ـ الفصل السادس: التيار السادس هو الحداثي.
فالتيار التقليدي يمتد من نهاية العصور الوسطى حتى منتصف القرن الثامن عشر، وهو يستحق جمالياته وخصائصه الفنية وأغراضه من الشعر العربي في عصور الانحطاط والعقم الشعري، فشعراء هذه الفترة يغرقون في المحسنات البديعية ويعالجون موضوعات مستهلكة ميتة تكاد تنحصر في المدح والرثاء المفتعلين، والأخوانيات، والمناسبات، والتأريخ، والألغاز،.. بينما شعراء التيار الثاني- التيار الاتباعي المحافظ- أمثال: عبد الجليل الطباطبائي، ماجد بن صالح الخليفي، ابن عثمين، حميد بن محمد بن زريق، يحاكي الشعر العربي في عصور قوته واودهاره من العصر الجاهلي حتى العباسي من حيث الأغراض والأدوات الفنية، ولكنهم نادراً ما يلتفتون إلى بيائتهم فيتناولون قضاياها الاجتماعية.
ولنا هنا ملاحظة: " أن عدداً من شعراء هذا التيار ظلوا يكتبون ضمن التيار الأول- التقليدي- دون أن يشكل ظاهرة عامة من جهة، ولسنا مع المؤلف بأن كل شعر التيار التقليدي مستهلك ميت- على حد قوله- إذ أن التعميم خاطئ والحكم يظل نسبياً وليس مطلقاً ومن شعرائه القشري وابن عرابة والدرامكي.. الخ ".
ويؤكد المؤلف الدكتور الرشيد، أن شعراء التيار الاتباعي المجدد، لم يختلفوا عن أسلافهم من الاتباعيين المحافظين، إلا من حيث الأغراض الجديدة التي طرقوها، بوصفها من مظاهر التطور في الحياة الاجتماعية والسياسية والحضارية، أما من حيث الأداء الفني فإنهم لم يختلفوا عنهم إلا بقدر يسير، ومن شعراء هذا التيار- الثالث-: صقر الشبيب، خالد الفرج، إبراهيم محمد الخليفة، محمد بن عيسى الخليفة.
وفي حين يوضح " بو شعير " مدى تأثر شعراء التيار الرابع- الرومانسي- بالثقافة الأدبية العربية والأوربية الحديثة، وأهم ما يميز هذا التيار هو النزعة الذاتية الوجدانية والشكوى والإحساس المحض بالشرط الوجودي المؤلم، وهو يهتم بوصف الطبيعة والمرأة والتأمل والتجارب الذاتية العاطفية والهروب إلى الماضي، وصوره الشعرية ذهنية وليست حسية، ومعجمهم الشعري يتسم بكثير من العذوبة والرقة والرشاقة، كما ندعوا في أوزانهم وقوافيهم ولم يلتزموا بنظام القصيدة، إلا أن المؤلف يؤكد على ظاهرة فريدة مميزة هي توظيف القصة في أشعارهم، ومن شعراء هذا التيار: غازي القصيبي، فهد العسكر خلفان بن مصبح، صقر بن سلطان القاسمي، … وغيرهم
ويتناول الفصل الخامس من الكتاب، واقع الحياة المعيشية من الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية نظراً لتأثر شعراء هذا التيار- الواقعي- بالظروف الموضوعية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية في منطقة الخليج العربي وسائر الوطن العربي، لدرجة عبروا عن إدانتهم للمدنية الجديدة، أمثال: أحمد مشاري العدواني، علوان الهاشمي،.. وغيرهم.
ويختتم الباحث بو شعير كتابه بآخر تلك التيارات وهو التيار الحداثي، وقد أحسن صنعاً، إذْ ميز بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، كما أوضح أن المراد بهذا التيار هو قصيدة النثر.. وأن حركة الشعر الحداثي " ولدت نتيجة المثقافة، والتأثر بالغرب تأثراً مباشراً ولم تولد نتيجة تطور في بنية الثقافة العربية.. " أما خصائص هذا التيار، إن تجارب شعرائه ذاتية غير متجانسة مع تجارب الآخرين.. وكما يطلق شعراء هذا التيار العنان للأفكار والصور تتدفق في تلقائية على غرار كتاب الرواية، لدرجة تفقد اللغة عندهم قدرتها التواصلية ومعانيها المألوفة وتصبح غاية في حد ذاتها، وورهم الشعرية غاية في الغرابة والتعقيد والذهنية، والغموض هو النتيجة لكل ما سبق …
ويؤكد المؤلف أن الشعر الخليجي كان في مجمله متميزاً أو أصيلاً في ارتباطه ببيئته المحلية والعربية، ويستشهد على ذلك بتعبير الشعر عن حياة الغوص على اللؤلؤ والبحر ورصده لإفرازات التطور الكبير الذي مس المجتمعات الخليجية في ظل النقلة السريعة من حياة البداوة إلى حياة المدنية والاستقرار الحضاري الذي وفره استثمار النفط، ناهيك إلى تميزه في بعض الأشكال الفنية، من مثل شكل المذكرات الشعرية، والشعر القصصي على ألسنة الحيوانات.
ولعلني أتساءل: " كيف يمكن للمتابع أن يتخيل كتاباً يدرس من الشعر الحديث في الخليج ويتجاهل تجارب مهمة رسخت موقعاً متقدماً في حركة الشعر العربي الحديث من مثل (قاسم حداد- سيف الرحبي- علي الشرقاوي- سعاد الصباح- ميسون القاسمي … الخ) ".
ومع ذلك يبقى السؤال الأهم، ما هي مدلولات الشعر الحديث في هذه الدراسة أو إلى أي حد خرجت هذه الدراسة بالعموم من العرض إلى الدراسة والتحليل.. واسئلة أخرى تطارد القارئ في هذا الكتاب، مما يجعلني أدعوكم لقراءة الكتاب.
ليلى محمد محمد نشر بتاريخ 01-02-2007
|
|
|
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| |