(( (المخدرات ) من فعل: خٌدِرٌ وخٌدٌرٌا .نقول : خُدٌر العضوُ . إذا أصابه( الخٌدٌر) ؛ والخدر تٌشٌنُّج يصيب العضو فلا يستطيع الحركة . وإذا أصابه الكسل والفتور .. وعندما ندخل مجال الطب ( الخدر ) يعني أن جسم الإنسان قد توقف عن الحركة وفقد الإحساس . وبتعبير لي هو (( توقف أغلى جوهرة في الإنسان - العقل - عن العمل )).. ومما لاشك فيه أنه بالعقل يكون الإنسان إنسانا .. والمخدرات قريبة في مفهومها اللغوي من مفهوم الخمر ؛ سمي كذلك لكونه يستر العقل .
لقد أصبح إدمان المخدرات واحدا من أشهر الأمراض - الجسمية - - النفسية - - الاجتماعية - في العصر الحديث في بعض بلادناوفي غيرها من بلدان العالم حتى لم تعد هناك بقعة في العالم إلا وقد تعاطى بعض شبابها المخدرات ..!!.
وأخطر ما في المخدرات أنها تجعل متعاطيها غير قادر على التحكم والسيطرة على عقله ، كما تجعله غير قادر على كبح جماح نفسه عن تعاطي المخدرات ذاك السم الزعاف ، لدرجة الإدمان عليها ، وبالتالي صعوبة الإقلاع عنها ..
وهي أصناف كتبت دراسات وأبحاث كثيرة عنها ، وعن أضرارها ؛ كتبها علماء البيولوجيا - علم تشريح الأعضاء - . والمتخصصون في دراسة المخدرات . ومع ذلك فإن تدخينها أو تعاطيها بشكل من أشكال التعاطي قد انتشر بشكل وبائي في جميع أنحاء المعمورة ..!!
وللحقيقة والإنصاف فقد نظمت وتنظم حملات بحت فيها أصوات العلماء والآباء ورجال التربية و... الكل يؤشر على خطورة هذا الفيروس المركب / الخطير / القاتل .. لكن النتيجة تظهر كأن هذه الأصوات - الناصحة بصدق - لم تبرح أفواه أصحابها .. والسبب في نظرنا يرجع إلى دخول المخدرات إلى مجال التجارة .. واحتراف عصابات الشر لهذه التجارة ( المربحة ) ( !!! ) المتاجرة بعقول أبناء آدم - عليه وعلى نبينا أزكى سلام - .. وقد وجدت أن ما يدفع الناس / الشباب خاصة إلى المخدرات :
1 ) عدم الاهتمام بتربية الأبناء من جانب الآباء .
2 ) ضعف الوازع الديني عند الآباء ولأبناء أنفسهم .
3 ) انشغال المجتمع - والآباء من المجتمع - بما هو مادي .
وقد حسم ديننا الحنيف ( الإسلام ) أمر هذا الداء العضال وذلك على هذه الصورة :
لم تكن المخدرات موجودة في عصر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) . ومن الطبيعي ألا يتحدث القرآن عنها ولا عن أنواعها . وهي غير معروفة عند العرب ، ولكن ينطبق عليها ما ينطبق على الخمر من تحريم .. وهي أولى بالتحريم لما ثبت من خطورة بعض أنواعها علميا وطبيا - الماريخوانا مثلا - لكونها تفتك بالجسم ، وتؤثر على الأجنة . كما أن متعاطيها قد يرتكب الكثير من الجرائم ؛ كالسرقة ، والرشوة ، وماشابه ذلك من أجل توفير المال للحصول عليها ..
وهي تؤدي إلى عكس ما يريده الإسلام للإنسان من تكريم واحترام لعقله ، وتنميته بالنافع مما أطلقوا عليه ضبطا ( الثقافة ) ؛ وما هو عندنا : القرآن والسنة واجتهادات سلفنا الصالح ... واالعلوم ، والفنون ، والديانات ، والفلسفات ، والآداب . وكلها مما تنضبط به الحياة ؛ حياة المسلم .. ناهيك عن كونها عمل من عمل الشيطان يحرم تداوله ، وبالأحرى تعاطيه في بلاد المسلمين . ويكفي تبرير ذلك أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة !!.
ولقد نبهنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أن هناك أقواما يتعاطون أنواعا من الخمور ويسمونها بغير اسمها خداعا لأنفسهم ولكنها في حقيقة الأمر وفي جوهره خمر لها مفعول الخمر ولها حكمها . يقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : (( يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يضرب على رؤوسهم بالمعازف والقينات يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم القردة والخنازير )) *.
وقانا الله شرور المخدرات .. وحفظ بلدي وبلدك - أخي القارئ أختي القارئة - .. وحفظ أمتنا الإسلامية من طاعون المخدرات .. كما نبتهل إلى الباري تعالى أن يوقظ الضمائر ويهدي إلى طريق الرشاد حتى ندرك ونوازن بين الربح والخسارة فيما يلحق الإنسان المسلم من أذى هذا الوباء ...