لماذا ننزعج من القرآن ولا ننزعج من الغناء ؟
#######################
أيها المسلم الحبيب:
هذا سؤال محير ، وظاهرة تحتاج إلى تدبر ،لكي نقف على الأسباب الداعية لذلك ، فهي حقيقة ما ينبغي أن نخفيها أو نرددها ، فواقع الناس طافح بذلك الأمر – أليس كذلك؟!!.
والناس في أحوالهم العادية قد اعتادوا على الاستماع للقرآن مع بداية يومهم ، فهذا صاحب المحل ، وهذا صاحب المقهى ، وهذه عيادة الدكتور ، بل نجد أن التلفاز إذا ابتدأ البرامج لا يبدؤها إلا بالقران ، ولا ينهيها إلا بالقران ، حتى سائق السيارة سواء الخاصة أو العامة إن كان لديه الكاسيت في سيارته إن بدأ يبدأ بالقرآن ثم يحول المؤشر بعد ذلك إلى الغناء .
أيها المسلم الحبيب:
هل فكرت ، هل سالت ما سبب تحول الناس عن القران إلى الغناء ؟، أهو المرض في حواسهم ؟، أهو لعدم استطابة الإنسان للطيب ، كحال المريض عندما يتذوق العسل يراه مراً ؛ لفساد الحواس لديه بسبب مرضه ؟.
هل فكرت ما نفعله عند نزول الكارثة أو النازلة ، أو أذا حل الموت بأحد أقاربنا ، فما هو تصرف الناس عند ذلك ؟.
ألا تراهم يهرعون لقراءة القران ، ويسألون بلهفة وشفقة : هل قراءة القران على الميت تنفعه ؟، وهل يصل ثوابها إليه ؟.
وما وجدناهم يسألون عن الغناء ، بأن الميت كان محباً لأغنية كذا ، وأنه كان كثيراً ما يرددها عن ظهر قلب ، أو أنه كان محبا لهذا المطرب ، أو هذا الممثل ، أو لتلك المغنية ، ما سمعناهم يقولون ذلك !!.
لحظة تأمل وتفكر وروية ، نقول :
ما السبب أنهم يهرعون في تلك اللحظات للقرآن ، ولا يفكرون تماماً في الغناء ؟!.
فلمن يهرعون عند النازلة ...... إلى الله وحده ، أليس كذلك ؟.
وهذا حال وصفه لنا ربنا تبارك وتعالى : ? هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ? [يونس :22].
ولكن الإنسان يوصف بالبغي والطغيان، فإذا نجاهم الله تعالى ، عل تراهم يوفون بما عاهدوا الله عليه ؟!.
لا والله لكنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى .
? فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ? [يونس :23].
انظر إلى حال الإنسان إذا أصيب بمكروه!!.
? وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا ? [يونس :12].
لا يفتر الليل والنهار عن دعاء ربه ، ويأخذ على نفسه المواثيق الغليظة والعود أنه لو كتب له النجاة من هذا الكرب ، وكشف عنه الغمة ليكونن من حاله كذا وكذا !.
ولكن أتراه يصدق ؟!.
? قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ? [يونس :12].
عجيب أمر هذا الإنسان !!.
? وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ? [يونس :21].
? كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6)أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ? [ العلق : 6 ، 7].
فنقول لك : احذر أيها الإنسان ولا تغتر بحل الله عليك .
? إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ? [ العلق : 8].
ونقول لك أيها الإنسان :
? إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ?[ يونس : 23].
فنقول لهؤلاء :
هل فكرت ، وهل سألت نفسك : أنت تحولت من حال إلى حال ، كيف كان الابتداء ، ثم كيف كان الانتهاء ؟
هل عندما تدير هذا المؤشر ، أنت تحولت من طيب إلى خبيث أم من خبيث إلى طيب ؟
قد نقول كما يقولون : (( ساعة ساعة)).
قلنا لك صدقت فيما قلت : ((ساعة لربك وساعة لقلبك)).
ولكن هل تظن أن الساعة التي تكون لقلبك يكون مسموحاً لك فيها أن تخرج عن أن تكون عبداً لله تعالى ؟
أأنت أجير عند الله ، وانتهت ساعات الأجازة ، فلك أن تتصرف في وقتك بعد ذلك كما ترى دون تدخل من الله ؟
أم أن الساعة التي لقلبك هي لمعاشك بما لا تخرج عن أطار العبودية ؟
أيها المسلم الحبيب:
أتظن أن هناك بعض الفترات الزمنية التي يسمح لك فيها أن لا تكون فيها عبداً لله تعالى ، فلا تُأمر فيها ولا تُنهى ، ولكن لك مطلق الحرية أ تتصرف في هذا الوقت وتلك الفترة الزمنية بما تريد وبما تشتهي ، والله تعالى ليس له سلطان علينا في هذه الفترات ؟.
أهذا ظنك بربك ؟!.
أيها المسلم الحبيب:
أي الرجلين أنت عندما تستمع للقرآن ؟.
فإما أن تكون من عباد الله الصالحين .
أو كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ؟!.
فما هو حال عباد الله الصالحين عندما يستمعون الى القران ؟.
? إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ? [مريم:58].
منقول