اكتئاب ما بعد الولادة... كيف تتخلّصين منه؟سواء تعلّق الأمر باضطراب نفسي عابر ما بعد الولادة أو بحالة اكتئاب حقيقي بعد الولادة، ما الحلول بالنسبة إلى الأم والطفل؟ إليكِ تفسير علم النفس.
ما الذي ينبغي القيام به لمساعدة النساء اللواتي يعانين منه؟
في حال المعاناة من الاضطراب النفسي العابر، تُحل هذه المسألة في العادة من تلقاء نفسها، ويتم اجتياز هذه المرحلة بسرعة أكبر كلما حظيت المرأة بالدعم وبتواجد المحيطين بها إلى جانبها لمساعدتها في تخطّي هذه المرحلة. فضلاً عن ذلك، إذا كانت المرأة مطلعة على هذا الاضطراب، حتى إن كانت تعاني منه، ستعرف أن هذه المشكلة عابرة.
عندما تعاني النساء من الاكتئاب يواجهن صعوبة كبيرة في طلب المساعدة. يشعرن بالعار لأنه بذلك يكون دور الأم المثالية على المحك وهو دور راسخ جداً في عقولنا، حتى أنه من الصعب جداً علينا الاعتراف بعدم القدرة على ذلك.
كذلك، تخرج النساء اللواتي يلدن للتو من المستشفى بعد أيام قليلة، أي في أسوأ اللحظات، عندما يبدأ الطفل بالتعبير عن حاجاته، فيعبّر مثلاً عن جوعه ويكون على الأم أن تعدّ له قنينة الحليب، تحممه، تبدل له حفاضاته... وغالباً ما يكون من المبكر جداً اكتشاف صعوبة نفسية. في بلدان الغرب، تستطيع النساء الولادة في المنزل، أو الخروج من المستشفى في وقت مبكر جداً لكنهن يحظين بعناية في المنزل مرات عدة يومياً. نحن بعيدون جداً عن ذلك.
أسمع بانتظام النساء يقلن، {بما أنني من بيئة اجتماعية جيدة، اعتقدت أنني سأتدبر أمري جيداً. فلم يعرض علي الطبيب أو المستشفى مساعدة ممرضة في المنزل...}. وهكذا غرقت الأم في الاكتئاب. وتتمثل المشكلة في أننا عندما نعاني من الاكتئاب لا نشعر بالرغبة في طلب المساعدة، لذلك من الجيد أن يقترح أحدهم المجيء إلى المنزل بغية اكتشاف أي مشاكل. فنحن الاختصاصيين لا نستطيع التدخّل لمساعدة المرأة والطفل إلا في حال التبليغ عن المشاكل.
لماذا من الخطير عدم معالجته بسرعة؟
لا تشعر المرأة التي تعاني من الاكتئاب بالتعاطف مع طفلها؛ فلا تلبي حاجاته. يكون مهملاً وعليه أن يتدبر أمره بنفسه. وهذا ما يزرع في الطفل نقصاً عاطفياً ويسبب له مشاكل في النمو على المدى الطويل. لذلك فالوضع خطير بالنسبة إليه، وبالنسبة إلى الأم أيضاً لأنه يسبب لها معاناة فظيعة.
ينبغي التصرف بسرعة حيال ذلك، لأن اللقاءات ومراحل التواصل الأولى بين الأم والطفل ترسي الركائز الأساسية للعلاقة بينهما. إذا كانت هذه اللقاءات الأولى صعبة، قد يمهد ذلك الطريق لعلاقة من المعاناة المتبادلة. وقد تترسخ هذه العلاقة مثلاً إذا لم تشعر الأم بأن ابنها يتعرف إليها، فقد يشيح بنظره عنها. من هنا لا بد من تطبيق علاج على الأم والطفل في مرحلة مبكرة لعدم السماح بانغلاق أحدهما على الآخر.
في حال شخِّصت المعاناة منه، ما هو العلاج؟
لا بد من اللجوء إلى اختصاصي في الطب النفسي. في حال كان الاكتئاب عميقاً، يرفق الطبيب العلاج النفسي بعلاج بالأدوية. في شتى الأحوال ينبغي التصرّف بسرعة. يباشر الطبيب أولاً بعلاج نفسي للأم والطفل لمساعدتهما في بناء الصلة بينهما. يساعد الأم على التماهي مع طفلها لمعرفة حاجاته. يراقب الطفل، الطريقة التي تحمله أمه أو تنظر إليه فيها.
ثم يقيّم كيفية تقدّم العلاج النفسي. أحياناً يطبق العلاج على الأم وحدها إذا كانت مستعدة لمساءلة نفسها. وفي أحيان أخرى يمر العلاج عبر الطفل.